العنف ظاهرة عالمية استشرت في المجتمعات كافة بمنتصف التسعينيات من القرن الماضي رغم وجوده منذ بدء الخليقة.. كانت سلسلة أفلام العنف والقتل التي صدرتها الولاياتالمتحدةالأمريكية للعالم وأعجب بها الشباب قبل الصغار والكبار سببا في زيادة العنف بالمدارس والجامعات وأثناء مسرح الشباب أحيانا.. وبعد سنوات تنبه العالم للعنف الذي تحول لظاهرة خطيرة سعت علي أثرها رابطة المحامين الأمريكية في إطار حقوق الإنسان لبحث ما يخلفه من آثار سلبية علي المجتمع وهو لم يقف عند الأولاد أو المراهقين فقط.. إنما امتد للأسرة والمرأة وفئات المجتمع بصفة عامة. وللأهمية التي تحظي بها الظاهرة أجريت إحدي الدراسات الميدانية شملت سبع محافظات استهدفت تعريف مفهوم العنف وواقعه في مصر ولأنه كظاهرة تعد من أهم القضايا المجتمعية التي لا تخص المرأة وحدها إنما يعد انتهاكا خطيراً لحقوق الإنسان ولكل من يتعرض له كان لابد من الاهتمام العالمي والمصري لوضع استراتيجية قومية لتقليل العنف ومحاولة الوصول للقضاء عليه من خلال إطار قانوني يحكمه التعاون بين المجتمع المدني والحكومة.. فالعنف يحدث في الأساس من الثقافة المجتمعية السائدة التي ترسخ مفهوم الضرب والتعنيف بين الرجل والمرأة ومن ثم ينتقل إلي الأولاد وممارستهم داخل المدرسة والجامعة وبالمجتمع عامة.. وأصبح من الضروري تغيير العادات والموروث الثقافي الذي يساعد علي استمرار هذه الظاهرة. التربية الفنية والعنف جاء مؤتمر كلية التربية الفنية الدولي الثالث »التربية الفنية ومواجهة العنف« كمحاولة لإلقاء الضوء حول دورها في مكافحة العنف والحد منه بتوضيح أهمية التربية والفن في تهذيب النفوس والسلوك علي خمسة محاور هامة رأس المؤتمر الدكتور محمد إسحق عميد الكلية والأمانة العامة للدكتور بلال مقلد وأمانة الدكتورة عبلة حنفي، أوضح رئيس المؤتمر في كلمته للباحثين أهمية التربية كإحدي وسائل التعبير وتربية الوجدان وتوطيد القيم في المجتمع تسهم في تحقيق التوافق الاجتماعي عندما تجد مكانها فيشعر المجتمع بأهميتها في بناء الإنسان.. والتربية الفنية ليست عملية لممارسة وإنتاج الفن بل هي قيمة لو أدركها المجتمع لأوجد لها مساحات أكبر في بناء الإنسان وعلي القائمين في الدولة تأصيل دور التربية الفنية في تحقيق تكامل الشخصية المصرية ونبذ صور العنف والسلوك الهدام. توافق وعنف »العلاقة بين التوافق النفسي والعنف الأسري وطرق التعبير عنه« عنوان البحث المقدم من الدكتورة سهام بدر الدين سعيد بقسم علم النفس بالكلية حيث قالت: العنف الأسري بداية من قابيل وهابيل وأن العلماء قد عرفوا العنف بأنه سلوك مشوب بالقسوة والعدوان والقهر والإكراه وهو عادة سلوك بعيد عن التحضر والتمدن وتستثار فيه الدوافع والطاقات العدوانية ويمكن أن يكون فرديا يصدر عن فرد تجاه جماعة أو جماعيا عن طريق هيئة أو مؤسسة تجاه جماعات كبيرة وهو فعل مادي أو معنوي يقوم به بعض الأشخاص تجاه الآخرين بقصد الإيذاء وإلحاق الضرر بهم والمعاناة وقد يقوم به الطرف الأقوي ضد الطرف الضعيف بهدف فرض السيطرة وإنزال الأذي والعدوان وهو أسوأ صور العدوان وأكثرها تطرفا.. وتوجد مجالات متعددة للعنف منها الشخصي والأسري والاقتصادي والمدرسي والاجتماعي ولكل منها مظاهر كثيرة منها اللفظي والجسدي والجنسي والنفسي وما يهمنا من أنواع العنف الأسري الذي يمارسه أحد الزوجين علي الآخر أو علي الأبناء وطرق تعبير الأطفال عنه ويقصد بالعنف ضد الأطفال كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والأهمال والمعاملة المنطوية عليه أو سوء المعاملة بشكل عام بما في ذلك الإساءة الجنسية عن طريق استخدام القوة.. ويشكل العنف الأسري خطورة كبيرة علي حياة الفرد والمجتمع فهو يصيب الخلية الأولي في المجتمع بالخلل ويساعد علي وجود أنماط سلوك وعلاقات غير سوية وتأثيره علي الأطفال لا ينتهي بل يصحبهم في مراهقتهم ورشدهم ويؤثر علي أدائهم داخليا وخارجيا. تحديد المشكلة حددت الباحثة أهمية الدراسة ومشكلاتها في كونها محاولة لتسليط الضوء علي هذه الظاهرة ومخاطرها النفسية علي الأطفال ومدي توافقهم النفسي مع التعرف علي العلاقة بين العنف والتوافق النفسي لدي الأطفال وكذلك طرق تعبيرهم عنه لزيادة نسبته علي المستويين العربي والعالمي (ضد المرأة والطفل والفئات المهمشة) وهدفت الدراسة للتعرف علي أسباب هذه الظاهرة وطرق التصدي لها والعلاقة بين التوافق النفسي والعنف الأسري الخفي ومستوي درجاته وذكرت الباحثة كيف يتشابه مفهوم العنف مع عدد من التعاريف الأخري منها (الإساءة والعدوان) فالإساءة هي تبعا لتعريف الجمعية الدولية للوقاية من الإساءة للطفل والإهمال أنها جميع أشكال المعاملة السيئة البدنية أو العاطفية أو كلاهما والإساءة الجنسية والإهمال والاستغلال التجاري وغيرها من الممارسات المؤدية إلي إيذاء حقيقي أو محتمل يؤذي صحة الطفل وبقاءه وتطوره وكرامته والعدوان هو سلوك يؤدي إلي إيقاع الأذي بالغير أو بالذات أو ما يرمز إليها وهي مصطلحات تؤدي نفس المعني في إيذاء الغير بطريقة مقصودة تؤدي إلي وجود بعض الانفعالات والسلوكيات للعمل علي الحد من هذا السلوك لكي تتم عملية التوافق النفسي مع الذات والبيئة المحيطة.. واستعرضت الباحثة آراء الباحثين منهم حيدر البصري علي ثلاثة دوافع للعنف الأسري هي أولا: دوافع ذاتية التي تنبع من ذات الإنسان ونفسه وتكونت نتيجة ظروف خارجية من قبيل الإهمال وسوء المعاملة والعنف الذي تعرض له الإنسان منذ طفولته مما يؤدي إلي تراكم نوازع نفسية مختلفة تمخصت بعقد نفسية قادت في النهاية إلي التعويض عن هذه الظروف باللجوء للعنف داخل الأسرة وثانياً دوافع اقتصادية فيها يلجأ الأب لاستخدام العنف تفريغا لشحنة الخيبة والفقر وثالثة اجتماعية تتمثل في العادات والتقاليد التي اعتادها مجتمع ما والتي تتطلب من الرجل حسب مقتضيات هذه التقاليد قدرا من الرجولة بحيث لا يستطيع قيادة أسرته بغير العنف وهذا النوع من الدوافع يتناسب طرديا مع الثقافة التي يحملها المجتمع وخصوصا الثقافة الأسرية.