نحن نعرف أن الجنرال الفرنسي »مينو« في حملة نابليون بونابرت علي مصر تزوج من فتاة مصرية من رشيد، ولكن لانعرف علي وجه الدقة مصير هذا الزواج.. وقد قرأت دراسة طريفة للمؤرخ الكبير عبدالرحمن الرافعي وهو يتحدث عن هذه القصة في كتابه (مصر المجاهدة في العصر الحديث) نعرف من خلال هذه القصة أن الجنرال الفرنسي مينو عندما كان حاكما علي رشيد أراد أن يتقرب من أهلها، فأعلن إسلامه، وكان حريصا علي الصلاة في مساجد رشيد، بل كان حريصا علي صلاة التراويح في شهر رمضان الكريم، وأراد أن يزداد قربا من الناس واتجه ببصره إلي الزواج من ابنة الشيخ الجارم، ولكن يظهر أن الشيخ كما يقول الرافعي تورع عن هذه المصاهرة، وأراد أن يسد الطريق أمام الجنرال مينو، فلم يكد يسمع بهذه الرغبة حتي بادر بتزويج كريمتيه الاثنتين إلي اثنين من الأهليين ليتخلص من مصاهرة الجنرال الفرنسي، أما الجنرال فعندما علم بعزم الشيخ بعدم تزويجه من إحدي ابنتيه، طلب الزواج من أخري تدعي (زبيدة) كريمة السيد محمد البواب أحد أعيان رشيد. ويحدثنا الرافعي عن هذا الزواج الذي تم في وثيقة شرعية تضمنت اعتناقه الإسلام وزواجه من السيدة المذكورة، وتسمي »مينو« في وثيقة الزواج باسم (عبدالله باشا مينو).. وهذه الوثيقة مؤرخة في 52 رمضان سنة 3121 (الموافق 2 مارس 9971) وسجله في دفتر خانة محكمة رشيد الشرعية وموجودة بها حتي الآن. ونعرف من خلال الدراسة التي كتبها عبدالرحمن الرافعي أن الجنرال الفرنسي قد رزق من زوجته ولدا أسماه (سليمان مراد جاك مينو) وكانت ولادته في شهر شعبان سنة 5121 ه (يناير سنة 1081) وأقامت السيدة زبيدة مع زوجها برشيد، وبقيت بها بعد أن تولي القيادة العامة للجيش الفرنسي، وظلت بها إلي أن احتلها الأتراك والانجليز فخرجت في صحبة أخيها لأمها السيد علي الحمامي وانتقل بها إلي الرحمانية. وبعدها انتقلت إلي القلعة بالقاهرة، وعندما تم جلاء الفرنسيين عن مصر أذن قائد الجيش الانجليزي لها بالسفر إلي الإسكندرية لتلحق بزوجها، ورحلت من الإسكندرية إلي فرنسا. ويقول الرافعي إنه يؤخذ من الوثائق والمراجع الصحيحة، أن »مينو« قد أساء معاملة زوجته المصرية، وتنكر لها، وهجرها في تورينو بإيطاليا، وأبدل بها بعض الراقصات، واتخذهن خليلاته، وتركها تعاني غصة العيش، وغضاضة الهجر، إلي أن توفيت بها.