الرسائل التي تم بثها مؤخراً كانت قد خرجت للنور عقب تأكد صحيفة الجارديان من مضمونها، خاصة أنها تستخدم حسابات بأسماء وهمية سام »بشار« وعالية كيالي »أسماء«. ([email protected]@alshahba.com) إلا أنها أوضحت ورود اسمي بشار وأسماء الحقيقيين في أكثر من موضع بالرسائل، خاصة تلك المتبادلة مباشرة بينهما. ففي نوفمبر الماضي كان هناك رسالة مستشارة الرئيس الإعلامية من "هديل العلي" تقول فيها إلي المدعو "سام" وفيها تخبره هديل عن صفحة الفيسبوك لأحد الطلاب الناشطين أجري معه مقابلة لقاء ضمن مجموعة من الطلاب. كما أن الثلاثة آلاف رسالة، التي يتزامن مضمونها مع الأحداث، مليئة بالمعلومات الخاصة بالأسد وعائلته بما في ذلك صور وفيديوهات لهم، كشف عنها المجلس الأعلي للثورة السورية، بعد اختراقه البريد الالكتروني الخاص بالأسرة الرئاسية منذ مارس الماضي، بمساعدة أحد موظفي الحكومة، الذي تمكن من الحصول علي الكلمة السرية للبريد، وبعدها سربها وسيط إلي الصحيفة البريطانية. وأشار ناشطون إلي أن شركة "الشهباء"، ومقرها في دبي، والتي ينتمي إليها الحسابان الألكترونيان، هي الممر للأعمال التجارية الحكومية لسوريا، والمشتريات الخاصة بأسماء الأسد. كما أن العناوين الإلكترونية التي نسبهما معارضين إلي الأسد وزوجته كانا علي تواصل مع أفراد آخرين من عائلتهما. وقد تمكنت الجارديان من التحقق من مصداقية هذه الرسائل عن طريق تدقيق المعلومات الواردة فيها والاتصال بالجهات والأفراد التي تظهر عناوينهم في هذه الرسائل، وصحة الحسابات الألكترونية لبعض أفراد "عائلة الأخرس"، صهر الأسد وآخرين مثل شهرزاد الجعفري، ابنة السفير السوري لدي الأممالمتحدة، وهي في بداية العشرينات من عمرها، وأحد المقربين من الأسد وأعلي مستشاريه الإعلاميين. وأيضا هديل العلي المستشارة الصحافية للأسد، ولونة الشبل المذيعة بالإضافة إلي حسين مرتضي، رئيس قناة العالم التلفزيونية الإيرانية. واستطاعت الصحيفة الاتصال بعدد منهم "توماس ناجروسكي" مدير التغطية الدولية بقناة ABC الأمريكية الذي كان علي اتصال لتأمين لقاء "باربرا والتر" مع بشار الأسد، والسفير البريطاني السابق في سوريا "أندرو جرين" عضو الجمعية السورية البريطانية، وغيرهم من المقربين من أسماء وزوجها فبعضهم رفض الحديث، وعلي رأسهم "فواز الأخرس" طبيب القلب والد أسماء الأسد، حيث حاولت الصحيفة التقرب منه عن طريق بعض الوسطاء لدعوته للتعليق علي الأمر، إلا أنها لم تجد منه ردا. وتكشف تلك الرسائل أنه في الوقت الذي تتعرض فيه مدينة حمص لنيران كثيفة من مدفعية النظام السوري، ويجوع أهلها، يرسل الأسد إلي زوجته أسماء أشعاراً غزلية للشاعر الإنجليزي بليك شيلتون. كما يهتم الأسد بجهازه آي باد، وتنزيل النغمات من موقع آيتيون. وتظهر الرسائل أيضاً لمحات مختلفة من حياة أسماء حيث أوضحت إحدي الرسائل إنفاق السيدة الأولي آلاف الدولارات عبر المواقع الإلكترونية مقابل التسوق وشراء التحف الأثرية والمجوهرات النفيسة والأثاث من متاجر "هارودز" الفاخرة في لندن، ومن باريس، في الوقت الذي يتعرض السوريون لنقص الغذاء وقصف وقمع دموي. وعكست الرسائل أيضا جانبا آخر، هو معاناة أسماء في التأقلم مع الأوضاع النفسية الضاغطة حول أسرتها، نظرا للهجوم الشديد الذي يواجهه بشار. وعلي الصعيد السياسي، أظهرت الرسائل عن عرض قطري لإنهاء الأزمة تسلمته أسماء، ويتضمن إمكانية أن تكون الدوحة مكانا للزعيم السوري لطلب اللجوء هو وعائلته، حيث قالت الصحيفة إن مياسة، ابنة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، بعثت رسالة إلي أسماء مطلع هذا العام تقول فيها إنها تتابع آخر التطورات في سوريا، وبالنظر إلي تصاعد الأحداث الأخيرة، فإن بعض القادة يتنحون ويحصلون علي لجوء سياسي، وقادة آخرون يتعرضون للهجوم الوحشي" وطالبت من أسماء أن تقنع بشار باغتنام هذه الفرصة للتنحي من دون أن يواجه أي اتهامات، موضحة أن المنطقة تحتاج إلي استقرار، وتدعوهم للجوء للدوحة. وتشير الرسائل التي بعث بها وتلقاها الرئيس السوري وزوجته بين نهاية مارس 2011 وفبراير 2012 إلي أن الأسد تلقي نصائح من إيران حول سبل قمع الثورة التي تستهدف الأطاحة بنظام حكمه. نصحت بأن علي النظام أن يقوم بتسريب معلومات أكثر عن قدرات الجيش بهدف إقناع الرأي العام بأنهم قد يواجهون تحدياً عسكرياً، ونصائح أخري باستخدام لغة القوة والعنف وإظهار التقدير للدعم الذي يتلقاه من أصدقاء النظام. وأوضحت الرسائل أيضاً مدي تأثر الأسد بآراء مستشاريه، وبخاصة الذين ينتمون لإيران، ويظهر ذلك التأثر في رسائل أخري، والتي أشارت في نوفمبر الماضي إلي الوجود غير القانوني للصحافيين الأجانب في حمص، وطلبت إحكام القبضة الأمنية، وأن الحكومة يجب أن تكون مسيطرة علي كل المناطق العامة. كما تلقي الرئيس نصيحة من حسين مرتضي، وهو رجل أعمال لبناني ذو تأثير كبير وعلي علاقة وثيقة بإيران. حيث حثه مرتضي علي التوقف عن إلقاء اللوم علي القاعدة حينما حدث تفجير ثنائي لسيارات مفخخة في العاصمة دمشق، والذي حدثت قبل يوم من وصول بعثة المراقبين العرب التابعة للجامعة العربية إلي البلاد، قائلاً بأنه ليس من مصلحتهم أن يقولوا بأن تنظيم القاعدة يقف وراء هذه العملية، لأن هذا الادعاء من شأنه إعطاء الذريعة للإدارة الأمريكية والمعارضة السورية. وأكد مرتضي أن إيران وحزب الله متهمتان بتوفير الدعم علي أرض الواقع دعماً للحملة الأمنية، بما في ذلك إرسال جنود للقتال إلي جانب النظام وخبراء فنيين للمساعدة في تحديد الناشطين باستخدام شبكة الإنترنت. وكل من إيران وحزب الله ينفيان أن يكونا قد قدما أي شيء أكثر من الدعم المعنوي. وتظهر رسالة أخري تهكم الأسد من بعثة المراقبين العرب إلي سوريا، والتي زارت بعض المدن مثل دمشق وحمص، وذلك عبر مشاركته لمقطع فيديو. وأوضحت الصحيفة البريطانية أن رسائل الأخرس للأسد أثبتت أنه كان يعمل جاهدا علي إظهار النظام السوري بأفضل الصور الممكنة أمام المجتمع الدولي. فقدّم الأخرس نصائح عدَّة لصهره حول التعامل السياسي والإعلامي مع الوضع وتعامل النظام مع قمع الانتفاضة، خاصة مع الفيديوهات التي تحتوي علي صور تعذيب الأطفال بصورة وحشية من قبل القوات السورية. نصح الأخرس الأسد بالرد علي القناة البريطانية الرابعة التي عرضت فيلماً يوثق عمليات تعذيب المدنيين والأطفال في سوريا، وذلك بزعم أن هذا الفيلم ما هو إلا إثارة إعلامية تهدف إلي خلق فكرة الإبادة الجماعية في سوريا. وبدأت المراسلات بين الأخرس والأسد قبل أكثر من تسعة أشهر، والتي تظهر أن الأخرس كان قلقاً حول كيفية تقديم صورة عالمية أفضل عن إنجازات النظام. وفي رسالة أخري، قال الأخرس ان قناة BBC تتبع سياسة تشويه الحقيقة فهي تعمدت حظر مقابلة تقترح بأن الجيش السوري الحر يحظي بعدد صغير من المؤيدين. كما طالبه بالرد علي الإدانات الأمريكية بإثارة التعذيب الأمريكي لسجناء معتقل جوانتانامو وأبو غريب. وفي رسالة مع مطلع هذا العام، دعا الأخرس صهره إلي إطلاق شبكة أنباء إخبارية بالإنجليزية لتمكينهم من مخاطبة العالم حول قضيتهم بعقليتهم.