نعم إنها صورة سيئة ومبتذلة ومهينة لمصر وشعبها غير معقولة ولا مقبولة وخاصة بعد ثورة يناير العظيمة التي أشاد بها العالم كله والتي عكست حضارة وعظمة هذا الشعب العريق شعب ال 0007 سنة. إن ماجري خلال الأسبوع الماضي منذ بدء إعلان الترشح لمنصب رئيس الجمهورية وماشاهدناه بالصورة والصوت علي شاشات الفضائيات بشأن أعداد ونوعيات ومستويات المتقدمين للترشح لهذا المنصب الرفيع منصب »رئيس جمهورية مصر« والذين بلغ عددهم حتي يوم الخميس الماضي حوالي 007 مرشح يعد بحق مسرحية هزلية بل وإهانة بالغة ليس فقط لمصر وشعبها وإنما أيضا لهؤلاء المرشحين الذين من المتوقع أن يصل عددهم عند إغلاق باب الترشح يوم 8 إبريل القادم إلي أكثر من ألفي مرشح.ونحن لسنا ضد أن يترشح لهذا المنصب الهام جدا خباز أو نجار أو مكوجي أو حتي تربي كما شاهدنا واستمعنا علي شاشات الفضائيات وعلي صفحات الجرائد فكلهم مواطنون شرفاء لديهم مشاعر وطنية جارفة ومخلصة ويريدون مزاولة هذا الحق الذي كفله لهم الدستور.. ولكن ألم يكن من الأجدي والأصوب أن تضع اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية المعايير الحاكمة والمواصفات العلمية الجادة والحكيمة لكل من يريد الترشح من المواطنين لهذا المنصب الرفيع حتي نحفظ له كرامته وهيبته ومكانته اللائقة أمام المواطنين بل وأمام العالم كله.. إن منصب رئيس الدولة في كل دول العالم هو بكل تأكيد منصب عظيم رفيع المستوي وخاصة في دول علي مستوي مصر يتطلب قدرات فائقة ومواصفات عالية وخبرة كبيرة في مختلف المجالات الأخلاقية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وتاريخا مشهودا له في العمل السياسي وخدمة الجماهير وأن يكون شخصية محترمة موثوقاً فيها قوية حاسمة وحازمة حتي يقود البلاد إلي الأمام من أجل تقدم ورقي هذا الوطن وتحقيق الأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعية ومستوي أفضل لكل أبناء الوطن وذلك من خلال التعامل والتعاون بحكمة وحنكة مع كافة سلطات ومؤسسات الدولة البرلمانية والقضائية والتنفيذية في إطار دولة مدنية حديثة يحكمها القانون والدستور ومبادئ حقوق الإنسان. لقد وضعنا شروطا علي كل من يرغب من المواطنين في الترشح لهذا المنصب وهي ضرورة حصوله علي تأييده من 03 عضوا من أعضاء مجلسي الشعب والشوري المنتخبين أو 03 ألفا من المواطنين من 51 محافظة علي الأقل.. ويقيني أنه كان لابد أن نضع شروطا أخري لكل من يريد الترشح حول مستواه الصحي والثقافي والفكري وقدراته الصحية التي تساعده علي القيام بمهام وظيفته. أما الشيء الغريب حقا والذي مازال مثيرا للجدل السياسي والقانوني فهو أننا الآن بصدد قبول أوراق الترشح لمنصب الرئيس ومازال الدستور الذي هو خطة الطريق للعمل السياسي خلال المرحلة القادمة والذي سيتم عليه الرئيس الجديد لم يتم إعداده حتي الآن ومازالت الجهود تبذل من أجل تشكيل اللجنة المنوط بها إعداد الدستور الجديد وكيفية تشكيلها وأسلوب عملها والقواعد التي ستلتزم بها في اختيار أعضاء اللجنة والتي يجب أن يمثل أعضاؤها جميع أطياف وفئات المجتمع وإن كانت هناك آراء لبعض خبراء القانون الدستوري الذين يرون أنه من الحكمة ومن الصواب أن لايكون من بين أعضاء لجنة إعداد الدستور أعضاء من البرلمان أو أي مؤسسة أخري من مؤسسات الدولة القضائية أو التنفيذية ذلك أن الدستور سيوضع لينظم ويراقب عمل هذه المؤسسات وبالتالي فإنه لايجب أن يكون لأي منها تأثير أو نفوذ في إعداد الدستور الجديد كما يرون أنه من الخطأ أن يسيطر حزب أو تيار ما علي إعداد الدستور بإشارة إلي مقترح حزب الحرية والعدالة أن يكون 04٪ من أعضاء اللجنة من نواب البرلمان والباقون من خارج البرلمان وذلك علي اعتبار أن الأغلبية في البرلمان في عصمتهم.. لقد كان من الخطأ أننا أجرينا انتخابات مجلس الشعب قبل إعداد الدستور وهو ما أدي إلي العديد من المشاكل والبلبلة خلال هذه المرحلة الانتقالية ونأمل ألا نقع مرة أخري في نفس الخطأ ونجري انتخابات الرئاسة قبل وضع الدستور. عندما أعلن قبل شهرين 51 من أكفأ القيادات والشخصيات السياسية والقانونية أمثال منصور حسن وعمرو موسي ود.عبدالمنعم أبوالفتوح وسليم العوا والمستشار البسطويسي والمستشار مرتضي منصور عن رغبتهم في الترشح لمنصب رئيس الجمهورية كنت أتألم وأشفق علي جموع الناخبين من أبناء مصر والمتوقع أن يصل عددهم إلي حوالي 05مليون ناخب فما بالك إذا ما وصل عدد المرشحين إلي 0002 مرشح طبقا لمعدلات الأسبوع الأول من فترة الترشح.. والسؤال هو هل سيصاب الناخبون بحالة من عدم الاهتمام والفتور مثلما حدث في انتخابات مجلس الشوري أم أن انتخابات الرئاسة وما سيصاحبها من تفتيت في الأصوات يمكن أن تؤدي إلي أن يصل إلي هذا المنصب أقل المرشحين كفاءة وقدرة.. ولقد حزنت من بعض برامج التوك شو في الفضائيات التي حرصت ودأبت علي تقديم نماذج المرشحين البسطاء كنوع من الاستهزاء والسخرية المستترة وذلك بدلا من معالجة الأمر بمزيد من الأهمية والجدية لتوضيح أبعاد هذا الموضوع الهام أمام الناخبين حتي يكونوا علي بينة من أمرهم عندما يذهبون إلي صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس مصر المرتقب. وكم كنت أتمني أن تتاح فرصة أطول للدعاية الانتخابية لتمكين المرشحين من عرض برامجهم الانتخابية بإسهاب ووضوح حتي يتمكن الناخب من استيعاب كل برنامج واختيار البرنامج والمرشح الذي يراه قادرا وصالحا علي القيام بهذه المهمة الجسيمة خدمة للوطن والمواطنين وتحفيزهم علي المشاركة بإيجابية في هذه الانتخابات التي تعد أول انتخابات حرة لمنصب رئيس الجمهورية منذ إعلان النظام الجمهوري في مصر.. وينبغي علي الإعلام والنخبة الحقيقية أن يبذلوا مزيدا من الجهد والصدق للحفاظ علي أمن مصر القومي وسلامة ووحدة أراضيها وخاصة بعدما اتضح من التحقيقات مع بعض منظمات المجتمع المدني الأجنبية في القاهرة من وجود مستندات وخرائط تقسم مصر إلي أربع وويلات مثلما حدث في السودان وحدث الآن في ليبيا.. كما أن أطراف البلاد في سيناء والصحراء الغربية علي الحدود الليبية وفي أقصي الجنوب غير آمنة.. كما تحاول بعض الأطراف الخارجية والداخلية زعزعة الأمن والاستقرار من خلال تهريب الأسلحة من ليبيا وافتعال مشاكل أمنية عديدة في سيناء وفي مناطق عديدة علي امتداد أرض الوطن بهدف ترويع المواطنين ومحاولة إسقاط الدولة المصرية بأجندات خارجية وهو ما ثبت من وجود خرائط لمصر بدون حلايب وشلاتين. إننا الآن أمام مرحلة مصيرية غاية في الأهمية يتم خلالها وضع دستور يحدد خريطة الطريق لمصر خلال المرحلة القادمة ينبغي أن يكون توافقيا يشارك في صياغته جميع أطياف المجتمع دون سيطرة لأي فصيل أو تيار سياسي.. كما أننا بصدد انتخاب رئيس جديد للبلاد من خلال انتخابات يجب أن تكون حرة ونزيهة وتمثل الإرادة الحقيقية لكافة أبناء هذا الوطن.. ولهذا فنحن نناشد كل مواطن حر وطني شريف أن يشارك بفاعلية وإيجابية وأمانة في هذه الفعاليات التاريخية والمشاركة في بناء مصر الحديثة القوية لتأخذ مكانها اللائق بها بين الدول.