مازلت أؤكد ان الأشهر الثلاثة القادمة ستكون أخطر فترة في حياة مصر, وقد زاد من ايماني بهذا الشعور ما حدث اخيرا من صدام بين مجلس الشعب والحكومة بسبب قضية التمويل الأجنبي وحالة الاستنفار التي شاهدتها لدي معظم أعضاء مجلس الشعب قبل بداية هذه الجلسة بعدة أيام بالاستعداد لذبح حكومة الجنزوري وطلب سحب الثقة منها تمهيدا لتشكيل حكومة برلمانية ائتلافية تمثل الأحزاب الموجودة بالبرلمان بنسبها المختلفة كما أعلن كثير من ممثلي الأحزاب المختلفة داخل البرلمان حيث يرون أن حكومة الجنزوري ليست حكومة الأغلبية, والأغلبية الموجودة في البرلمان والممثلة في حزب الحرية والعدالة يليه حزب النور لا يوجد لهما حكومة تمثلها وكانت الحجة الأولي للإجهاز علي حكومة الجنزوري من جانبهم هي اتهامها بضعف بيانها أمام مجلس الشعب وانه ليس به جديد, وانه لم يقدم حلولا لقضايا مصر الكبري التي تعيشها الآن والتي فشلت في حلها كل الحكومات السابقة, وتناسي الجميع ان حكومة الجنزوري حكومة إنقاذ وطني عمرها شهور قليلة وباق في عمرها أيضا شهور أقل وأن تركيزها الأساسي في العمل علي عودة الأمن ومساعدة البلد في الوصول إلي بر الأمان حتي يتم الانتهاء من انتخابات الرئاسة وإطفاء الحرائق التي تشتعل في كل مكان بفعل فاعل من الطلبات الفئوية المختلفة واعتصامات واضرابات وقطع طرق.. إلخ, واستغل البرلمان قضية التمويل الأجنبي ليكمل ذبح حكومة الجنزوري ويتاجر بها أمام الشعب لتنفيذ المخطط المرسوم للإعلان مبكرا عن توجه الأحزاب داخل هذا البرلمان بأن يتم تشكيل الحكومة علي أساس النظام البرلماني قبل أن يتم إقراره في مشروع الدستور الذي سيتم اعداده وبالتالي فرض أمر واقع علي المجلس العسكري, وبدأ الهجوم داخل البرلمان علي الحكومة بطريقة تجعل أي حكومة تحترم نفسها تقدم استقالتها فورا بعد أن وصل الهجوم إلي حد اتهامها بالعمالة وعدم الاحساس وانها تخون الله ورسوله!! وكأن هذه الحكومة جاءت من دولة معادية وأصبح الهدف هو كيفية الوصول إلي الحكم من قبل التيارات الموجودة في البرلمان في كل المؤسسات الدستورية والسيطرة عليها بأي شكل بأي وسيلة في أسرع وقت. وهذا خطر عظيم علي مستقبل مصر السياسي قد يحدث صداما بين تيارات شتي قد تضر كثيرا بمصر بصورة قد نحزن عليها جميعا لكن البرلمان يجب أن يعرف أن الدستور لا يتيح له سحب الثقة من الحكومة, ولا داعي لوضع المجلس العسكري في موقف الصدام مع البرلمان الذي يصر علي تهميش دوره في الفترة المقبلة مع انه الحاكم الفعلي للبلاد وهو الذي حماها وحمي الثورة طوال هذه الفترة, وأرجو أن يفيق السادة أعضاء البرلمان الجدد من غفوتهم لأن الدستور يعطي المجلس العسكري إمكانية حل هذا البرلمان وليس العكس. كما صدمت أيضا للانشقاقات بين التيارات المختلفة داخل البرلمان عند الحديث عن تشكيل الجمعية الدستورية التي ستضع مشروع الدستور واصرار أعضاء البرلمان علي أن يتم تمثيلهم بهذه الجمعية بنسبة لا تقل عن30% أو40% بل إن بعضهم طلب أن يكون تشكيل هذه الجمعية من البرلمان بالكامل, وكنت أتمني أن ينأي البرلمان بنفسه عن التمثيل داخل هذه الجمعية ويفعل مثلما فعل برلمان فرنسا عند وضع الدستور هناك عندما قرر تشكيل لجنة لتتولي هي تشكيل هذه الجمعية من كل طوائف المجتمع وبعد وضع مشروع الدستور يناقشه البرلمان أما أن أكون أنا المشارك في وضع مشروع الدستور وفي نفس الوقت أناقش ما شاركت في وضعه, أي أقوم بنفسي بانتخاب نفسي في هذه الجمعية فهذا يقلل من ضمان الموضوعية في وضع الدستور ويجعله يعبر عن رأي الأغلبية البرلمانية الحالية التي قد تكون أقلية بعد سنوات قليلة ونعود مرة أخري لوضع دستور جديد. أما القلق الثالث فقد لمسته عندما وجدت مئات الأفراد المغمورين يتقدمون لسحب استمارات الترشح لمنصب رئيس الجمهورية وكأنهم ذاهبون للوقوف في طابور جمعية استهلاكية ودون النظر إلي أهمية هذا المنصب الرفيع وجلالته لدرجة انني شككت أن كثيرا من هؤلاء المتقدمين هم أفراد غير طبيعيين وليسوا في قواهم العقلية بعد أن وجدت أن عدد المتقدمين منهم لسحب استمارات الترشح خلال ال48 ساعة الأولي أكثر من300 فرد وقد أدخل هذا جمهورية مصر العربية الحديثة في موسوعة جينيس العالمية في عدد المتقدمين لسحب استمارات الترشح لمنصب رئيس الجمهورية لتتفوق علي كل دول العالم في عدد المتقدمين للترشح لهذا المنصب وقد جعلنا هذا التصرف أضحوكة أمام العالم عند التقدم لهذا المنصب الرفيع, وتحول التقدم له إلي ما يشبه المهزلة, طبعا كان هدف معظم هؤلاء المتقدمين هو الشو الإعلامي فقط حتي أن معظمهم كان عندما يخرج بعد سحب استمارة الترشح يظل يبحث عن القنوات الفضائية التي ستسجل معه ومع يقيني أن كل هذه الأعداد والأسماء المغمورة ستختفي تماما عند الاصطدام بشرط الحصول علي موافقة30 ألف مواطن من الناخبين في15 محافظة علي الأقل أو علي موافقة30 عضوا بالبرلمان أو موافقة أي من الأحزاب التي لها تمثيل في البرلمان ولن يتبقي من هذه الأعداد سوي1% منها علي الأكثر ليدخل حلبة الترشح لكنها في النهاية مهزلة تستحق الدراسة وتستحق التعجب والتندر علي واقع مصر الآن والذي سيتحدد شكله النهائي خلال الشهور الثلاثة القادمة.. وربنا يستر.