مأمون غرىب رحل عن دنيانا المفكر الفنان الدكتور ثروت عكاشة الذي قدم الكثير جدا لمجتمعه، عندما تولي وزارة الثقافة، ومازالت بصماته وفضله علي الثقافة موجودا حتي اليوم، بجانب ماقدم من مؤلفات وترجمات أضافت الكثير إلي المكتبة العربية. والدكتور ثروت عكاشة كان أحد الضباط الأحرار الذين قاموا بثورة 32 يوليو بقيادة الزعيم جمال عبدالناصر. ولقد قرأت الكثير من مؤلفات الدكتور ثروت عكاشة، ولايزال عالقا بذهني ترجمته الرائعة لكتاب عالم النفس التجريبي الشهير (هنري لنك).. (العودة إلي الإيمان) والذي يتناول فيه رؤية هذا العالم الذي حصل علي الدكتوراه من جامعة بيل الأمريكية عام 6191، وآثر أن يتفرغ لأبحاثه المعملية ودراساته لحالات الآلاف من الناس، وأنفق خمسة عشر عاما في هذه الدراسات التي ختمها بإصدار كتاب (العودة إلي الإيمان) الذي أقبل علي قراءاته عشرات الآلاف من الناس في أمريكا وأوروبا. وفي مقدمة هذه الترجمة، يحدثنا الدكتور ثروت عكاشة عن أهمية الإيمان في حياة الأفراد والمجتمعات، وتعرض لذكر تجربته الشخصية للوصول إلي اليقين الديني، وكيف أرتاحت نفسه عندما قرأ هذا الكتاب، وما جاء فيه من دعوة إلي ضرورة الإيمان، مبنية علي أسس سوية، وهذا ماحدا به إلي ترجمته إلي العربية حتي يسهم بدوره في تبديد الشكوك التي قد تساور عقول البعض ويري الدكتور ثروت أننا سوف نعرف كما عرف مؤلف هذا الكتاب أنه لا مناص من أن نرتد إلي إيماننا القديم متجردين من شوائب الشك، طارحين شوارد القلق، بعيدين عن شطحات الجموح، كي ترتد إلينا راحتنا، ويرتد إلينا اطمئنانا، عندها سوف تقوي علي مستقبل الحياة وادعين، مطمئنين إلي الحق، مرتاحين إلي الخير، موصولين بالفضيلة، مستمتعين بالجمال، وعندها سوف نتقبل بأنفسنا بالمجتمع عن رضي بما تمليه روح الجماعة، وما تشيعه بين الأفراد من طمأنينة واستقرار. ويحدثنا الدكتور ثروت عكاشة عن تجر بة مؤلف الكتاب وهو من رجال علم النفس التجريبي المدونين، وكيف عاد إلي الإيمان، وكان للدين فعل السحر في شفاء المرضي المترددين عليه، فهو لم يجد وسيلة لمعالجة آلاف المترددين عليه إلا أن يعيدها إلي موازينها الجماعية بالدين والإيمان، وضروب من النشاط الاجتماعي وظل هذا دأبه، فإذا هو يجد نفسه تعود بدورها إلي الإيمان.. ويري الدكتور ثروت عكاشة أن الهزات التي اقتحمت العقائد هي أقرب إلي النزوات، وكما أن النزوة عرض يزول كلما عمقت التجربة، فكذلك هزات القلق في حياة الأفراد والجماعات، مصيرها إلي الزوال، وإفساح الطريق للإيمان بالله والمثل العليا، وكل ماهو جميل في الحياة.. رحم الله الفقيد العزيز، فقد أعطي الكثير وعمل في صمت، وقدم لمجتمعه كل مايليق بالعطاء الممتاز وستظل إنجازاته في مجال الثقافة محل تقدير وإعزاز.