علي نهج "أبو الخير" - في فيلم مراتي مدير عام - الذي يحتفظ في جيبه بقصيدة مديح يتلوها أمام رئيسه الجديد في العمل (أيّا كان الرئيس) سار أباطرة المنافقين في مصر علي الطريق، فالوجوه التي كانت ترفع مبارك إلي مرتبة الأنبياء والصديقين هي نفسها التي تقول نفس الكلام للسلطة الآن سواء المجلس العسكري أو الإخوان المسلمين. وكتاب "المنافقون في عصر مبارك" أشبه بوثيقة عن الطابور الخامس الذين عاثوا في الأرض فسادا، وملأوا الدنيا ضجيجا، واستمرأوا الكذب والخداع والتلفيق طوال سنين القهر الماضية. يحتوي الكتاب علي أشهر المقالات، التي كتبها هؤلاء المنافقون، خلال الثلاثين سنة الماضية، فاستطاعوا تزوير الحقائق، وتغييب وعي الجماهير. يستعرض العمل فيما كتبه أو صرح به ساسة، وإعلاميون، وأكاديميون، ورؤساء أحزاب، وقادة معارضة، وبرلمانيون، ودبلوماسيون، ووزراء، ومحافظون، ورجال قضاء، ومحامون، ورجال أعمال، ومهندسون، وأطباء، وعمال نقابات، وجمعيات نسائية، وفنانون، ورياضيون، وغيرهم ممن رفعوا شعارت تتغني بحكم المخلوع. ويقول صلاح حسن رشيد مؤلف العمل في مقدمة الكتاب: لأن فترة مبارك طويلة زمنيا، فقد كثر فيها النفاق، علي كافة الأصعدة، واستفحل فيها هذا الداء الوبيل. ويضيف: كان منهجي في الكتاب التركيز علي أسوأ العناصر وأخطرها، وأجرمها في حق الشعب المصري، والتي عربدت وأفسدت، وعرف عنها النفاق كطبع أصيل في الحياة السياسة والاجتماعية بصفة عامة. ويؤكد الكاتب أن هؤلاء المنافقين أشد خطرا بعد قيام ثورة يناير لأن مصائبهم وشرورهم مازالت باقية، فمنهم من قام بتغيير جلده بتأسيس أحزاب جديدة، تدعو لشعارات براقة وخادعة، وبعضهم أنشأ قنوات فضائية تبث سمومها صباح مساء، وبعضهم أصبح من زعماء المعارضة، وفريق منهم أنشأ مراكز بحثية، تهتم بحقوق الإنسان والمواطنة، وهم أبعد ما يكونون عن ذلك. ويعلل رشيد إصدار الكتاب في هذا الوقت بالتحديد بقوله: حتي لا يركب هؤلاء المنافقون الموجة، ويتصدرون المشهد السياسي في المستقبل ويضيف: قمت بجمع مادة الكتاب من بطون الصحف والمجلات والكتب، التي تم تخصيصها لأعياد ميلاد مبارك، وخطبه، وإنجازاته المزعومة، التي تكشف عن تغلغل ثقافة النفاق والدجل، وتغييب وعي الأمة. وخوفا من اعتلاء هؤلاء الحلبة السياسية، فقد جمعت أكبر قدر منهم ليكون الكتاب بمثابة العزل السياسي الحقيقي وشهادة وفاة لهم من الحياة السياسية التي استخرجها وأصدرها سجلهم الملطخ بالدماء. ويعترف المؤلف بأنه خلال رحلة البحث والجمع وجد مقالات لبعض الشخصيات التي لم يعرف عنها النفاق – كطبيعة فيها – ولم تجرم في حق الشعب وحرصا منه علي مكانة هؤلاء الذين وصفهم ب " المحترمين" تم إسقاطهم من الكتاب بجانب رجال الدين المسلمين والمسيحيين احتراما كما يقول لمكانة الدين ووقاره، كما تلافي الكاتب أسماء من رحلوا عن الدنيا لأنهم يقفون أمام محكمة قدسية الأحكام والميزان. ولا يستنكف الكاتب وصف كتابه بالصفعة علي وجه المتزلفين والطامعين في احتلال أدوار جديدة في المشهد السياسي القادم، ويعتبره عاصفة تعيق مسيرة هؤلاء المنافقين للعودة مرة أخري بوجوه مختلفة بعد إجراء عمليات التجميل للظهور بمظاهر مباينة لتاريخهم الأسود الذي أفسد الحياة السياسية في العقود الثلاثة الأخيرة. ويستطرد: الكتاب روشتة علاج أضعها أمام السياسيين ودوائر صنع القرار والفاعلين في الحياة السياسية، والمخططين لبرامج الإصلاح، ويوصد الباب أمام صعود مثل هذا التيار ويقدم للساسة الجدد قائمة بالأسماء المحروقة سياسيا وإعلاميا ممن تسببوا في خراب مصر ونهبها وبيعها بالمجان. اختار المؤلف الأحرف الأولي مع ذكر المنصب كإشارة لأصحابها مع كتابة اسم الصحيفة أو المجلة أو الكتاب أو البرنامج الذي نقل عنه "نصّا" الأقوال. وافتتح العمل بكلام أ- أ ( أبرز أقطاب الدعوة السلفية) من خلال برنامج القاهرة اليوم بقوله: سئل الشيخ: ما حكم المظاهرات؟ فأجاب: هي غير مشروعة، وعلي ذلك سار علماؤنا.. وقد علمنا بالتجربة أن المظاهرات لا قيمة لها.. ولا أرجعت حقا مغصوبا. وأقول بصراحة – والكلام علي لسان الشيخ – هذه المظاهرات (جاية) من الخارج، وهي من الأمراض التي ضربت الأمة، وكل فتنة وقعت في الأمة سببها الخروج علي الحكام. ومن خلال 300 صفحة يتنقل المؤلف بين العديد من الأسماء التي صنفها بترتيب أبجدي وانطلقت ألسنة أصحابها أو أقلامهم في الدفاع المستميت عن حكم الرئيس السابق ومديحه بكافة العبارات.