السينما عالم تاني.. نهرب إليها من ضغوط الحياة، لنشاهد فيلماً يأخذنا إلي واقع افتراضي، والفيلم الحقيقي هو الذي ينسي الجمهور فيه بأنه يشاهد فيلماً، ويشعرك بأنك ضمن أحداثه، لكن هذا لم يحدث مع مشاهدة فيلم »البدلة»، لن تشعر بأحداثه من كثرة خفة دم تامر حسني، كوميديا مفتعلة، لتعبئة الفراغات في الفيلم، حيث لجأ صناع العمل لمشاهد لا قيمة لها، فقط لتقديم فيلم مدته ساعة و45 دقيقة، علما بأن القصة لا تحتاج سوي لساعة فقط. الفيلم تضمن العديد من المشاهد غير المبررة اعتراف من صناع الفيلم عبر التتر بأن الفيلم مقتبس من قصة هوليوودية، لكن لم يذكروا اسم الفيلم، لقد نقل صناع فيلم »البدلة» عن فيلم أنتج عام 2014 »Let's Be »ops» الذي لعب بطولته جاك جونسون وديمون وايانز، بحبكة شبه متطابقة ولكن »بنكهة مصرية». ومع ذلك، يصر البعض علي استعارة أو اقتباس أفكار الأعمال الغربية والعالمية، لاعتقادهم بأن النجاح سيكون موثوقاً ربما. لذلك خاف أيمن بهجت قمر الذي كتب سيناريو الفيلم، وأراد أن يرمي الكرة في ملعب تامر حسني عندما أشار في التتر إلي أن الفيلم فكرة تامر حسني حتي لا تطارده أقلام النقاد، لكن يبدو أن هناك سوء فهم في مصطلح »الاقتباس» إذ يعني الاستعانة بالقصة الرئيسية، وبناء أحداثها من الصفر، وهو ما لم يفعله صناع الفيلم. بداية احتوي الفيلم علي العديد من المشاهد المفتعلة التي لا تنتمي للواقع من هذه اللقطات مشهد ولادة الطفل »أكرم حسني» وخاله »تامر حسني» في اللحظة ذاتها، لم تكن لحظة الولادة بين »وليد» وخاله »حمادة» هي التي تشاركا فيها فقط، بل تشاركا أيضاً في لعبة الحظ نفسه، فكلاهما في فشل مستمر في حياتهما العلمية، رغم غشهما من ورقة امتحانات بعضهما. وكانت النتيجة فشلاً في حياتهما. ومن خلال أحداث الفيلم الكوميدي الأكشن، وبعد فشل »حمادة» (أكرم حسني) في تحكيم المباريات، انتقل للعيش مؤقتاً مع شقيقته (دلال عبدالعزيز) وابنها وليد (تامر حسني)، هربا من »علقة محترمة من جماهير أندية كرة القدم» وسط منزله. وبعد أيام قليلة، أثناء جلوسهما في غرفة نوم وليد التي تملؤها مكعبات »الليجو» التي يعشقها الأطفال، علم حمادة ووليد عبر دعوة فيسبوكية بوجود حفلة »تنكرية» قد تجمعهما بأبناء وبنات مدرستهما القديمة أيام الثانوية العامة، ولجأ الاثنان للملابس التي تقوم بتصميمها وخياطتها والدة وليد »دلال عبد العزيز»، واختارا بدلة ضباط الشرطة. ما إن وصل الاثنان إلي الحفلة حتي اكتشفا أنهما وقعا ضحية للغباء، ولم تكن الحفلة تنكرية، بل كانت »دش بارتي»، أي أن علي الجميع إحضار طبق ما إلي الحفلة. لكن بعد ظهورهما في الحفلة وهما يرتديان البدلة التي كان لها سحر خاص خصوصا أنها بدلة رجال الشرطة، التي إما أن يخاف منها المجتمع أو يحترمها. في الحفلة وجد وليد الاحتمال الثاني وهو الاحترام في أعين الحضور، وخاصة في عيون تلك الفتاة الرقيقة (أمينة خليل) التي كان معجباً بها أيام المدرسة حتي قرر أن يصدق الكذبة ويعيشها. قال لها »معاكي النقيب وليد جمال». »حمادة»، كان ضعيف الشخصية، لذلك حاول إقناع ابن شقيقته بالاعتراف بالحقيقة وكشف سوء التفاهم، إلا أن وليد أصر علي إكمال التمثيلية، ومن هنا بدأت الحبكة الدرامية في الفيلم، ينتحل الصديقان صفة ضابطي شرطة ويتورطان في مآزق كثيرة ورغم نجاح الضابطين المزيفين في القبض علي الجاسوس الإرهابي الذي قام بدوره ماجد المصري إلا أنه يتم معاقبتهما لأنهما انتحلا صفة ضابطي شرطة، من خلال أحداث الفيلم هناك »كيمياء» جمعت بين تامر وأكرم، رغم أن تامر هو من قام باختيار أكرم حسني، وليس منتج العمل وليد منصور، الفيلم يكشف لنا عن شخصية فنية رائعة هو أكرم حسني، هو كوميديان حقيقي، عفوي، لا يبذل جهداً لإضحاك الجمهور. الفيلم الذي أخرجه محمد جمال العدل وكتب السيناريو له أيمن بهجت قمر وأنتجه وليد منصور. وهو من بطولة تامر حسني، أكرم حسني، دلال عبدالعزيز، أمينة خليل، ماجد المصري الذي يلعب دور »القناص»، وآخرون، حقق أعلي إيرادات حتي الآن، إذ وصل إجمالي الإيرادات منذ عرضة في أول أيام عيد الأضحي المبارك حتي يوم 25 أغسطس إلي 18 مليونا و962 ألف جنيه، متفوقاً علي فيلم »الديزل»، لمحمد رمضان الذي قضي إجازة الصيف وهو يقهر الجماهير بأغنيته »نمبر وان»، و»أنا الملك»، محققاً نحو 14 مليونا و563 ألف جنيه (بفارق أكثر من 4 ملايين، ولكنه ليس »نمبر وان»!) عموما الجمهور كان متعطشا للمزيد من الكوميديا في هذا العيد ولذلك لجأوا لفيلم البدلة إذ تعتبر أول بطولة لأكرم حسني وتامر حسني معاً، وحتما لن تكون الأخيرة.