هي بالفعل مستمرة رغم صخب الأصوات المترصدة الساعية لحجب صوت الثوار.. ورغم محاولات التشويه التي لا تكف عن استهدافهم والنيل منهم.. وأمام استفزازات وألاعيب وحيل لاتتوقف لإجهاض الثورة ووأد آمالها.. مستمرة رغم حرب الاستنزاف التي يتعرض لها الثوار ورغم محاولات الإنهاك والتي تسعي لإجهاضها.. مستمرة وسط سياسات متخبطة عجزا أو عمدا.. ومخططات للهدنة لا تسعي سوي لكسب المزيد من الوقت للتمكن من الإجهاز تماما علي ما تبقي من المعتصمين القابضين علي حجر الثورة الرافضين لفض الاعتصام حتي تلوح في الأفق أمارات علي حسن النوايا وبشائر لإرادة وعزيمة حقيقية لتحقيق أهداف الثورة. هؤلاء لا يقبلون أنصاف الثورات.. ويأبون التفريط في معجزة صنعوها من أجل أوهام ووعود وأحلام علي الرمال ليس هناك دليل واحد علي صدق تحويلها إلي واقع. هو ليس تعنتا منهم ولا ديكتاتورية حمقاء ولا حتي رومانسية ثورية لكنها صدق وإرادة وعزيمة علي استكمال الثورة. وهي أيضا عدم ثقة في الجميع.. فالكل خذل الثوار.. والكل أعطي ظهره للثورة.. ولكل طريقته ومبرراته وأهدافه وله أيضا شعاراته التي يرفعها ليختفي وراءها عن أعين الميدان. خذلت القوي السياسية والنخب الثوار.. طمع بعضهم في السلطة وسعي آخر لكسب رضا العسكر.. وتراجع ثالث خوفا من فتنة.. جري البعض وراء الجزرة وخشي آخرون من العصا.. وحجم غيرهم دوره خشية أن يأخذ الثورة معه لسكة اللي يروح ميرجعش. وخذل المجلس العسكري الثورة بقرارات وقوانين ومتاهات لا تصب في صالحها. فضلا عن محاولات لا تنتهي لتشويه الثوار والنيل من نبل أهدافهم. تعاملوا بخشونة وعنف معهم بينما عاملوا بتدليل كل العناصر المضادة لثورتهم سواء من في السجون أو رافعين رايات آسفين ياريس أو المنادين بالمشير رئيسا. خذل المجلس العسكري الثورة دهسا بمدرعاته.. وضربا ببياداته.. وتحايلا بقراراته وبطء تحركاته. وخذل الشعب أيضا الثوار بالسلبية والتملل والتعجل لجني الثمرات واستمراء تصديق الأكاذيب واللهاث وراء أمان مؤقت زائف وكأن سنوات القهر والديكتاتورية لم تكف لحثهم علي التمسك بالثورة حتي تنجح في خلق واقع جديد. وخذلت الحكومة الثورة منذ بداية تشكيلها واستمرارا لأدائها وطريقة تحركها الذي لا يخرج عن إطار وشكل ونمط تحركات كل حكومات مبارك. وعود وتصريحات باهتة لم تعد تنطلي علينا.. حملات أمنية تعصف بالباعة الجائلين ولا توفر لهم أماكن بديلة لكسب الرزق الحلال.. وقوات جسورة للقبض علي البلطجية والمجرمين ومسجلي الخطر لا تكفي لإشعارنا بالإطئنان علي أن سياسة الداخلية أصابها التغيير وأنها لن تلجأ يوما لهؤلاء البلطجية لتستخدمهم سلاحا ضد الثوار والمعتصمين والمتظاهرين.. فهل تغيرت العقلية الأمنية لقيادات الداخلية كيف نفترض ذلك وكيف يحدث بين ليلة وضحاها.. ربما كان يمكننا أن نفتح صفحة جديدة ونصدق بسرعة حسن نواياهم وجديتهم لو أن أول قرار اتخذه وزير الداخلية استهدف معاقبة قتلة الثوار وقناصي العيون.. لم نسمع حتي الآن عن ضابط واحد تمت محاسبته ومعاقبته فكيف لغضب الثوار أن يهدأ. كيف يثقون في حكومة كان أول تصريح لرئيسها استعراضا للقوة والقدرة علي فض الاعتصام في ربع ساعة تصريحا يحمل تهديدا صريحا وإن غلف بكلمات تجمله توحي برغبة في مد جسور الصلة مع الثوار والاستماع لهم والاستجابة لمطالبهم.. فالعبرة ليست بالوعود ولا بالإعلان عن إنشاء مجلس لرعاية المصابين وتقديم المساعدات لأسر الشهداء.. كيف يثق الثوار بالحكومة وهي تعلن عن تردي الأوضاع الاقتصادية بينما لم تتخذ قرارا سريعا لوضع الحد الأقصي للأجور.. لم تعد الوعود تصدق ولا التصريحات تؤتي ثمارها فهناك جدار عازل من عدم الثقة علي أولي الأمر تحطيمه حتي يجدوا آذانا صاغية وحتي يتحقق ذلك ستظل الثورة مستمرة في قلوب المعتصمين القابضين علي حجر مبادئهم وأحلامهم.. وفي أرواح الشهداء التي تحثهم علي القصاص.. ستظل أيضا الثورة مستمرة في عيون دفعها أصحابها مهرا لتري عيوننا مصر أجمل.. ستظل مستمرة في عزيمة النشطاء في مواقفهم.. ستظل مستمرة مادام هناك علاء عبدالفتاح وزملائه.. العازمون علي استكمالها.. الرافضون للمحاكمات العسكرية.. المصريون علي انتزاع حقوقهم مهما كلفهم الأمر من عناء ومشقة وسجن واعتقال.. فهذه السجون لن تكسر إرادتهم.. الثورة مستمرة في نبض الشباب القابض علي جمر مبادئه ومستمرة في التحالف الذي يحمل اسمها.. ومستمرة مادامت إرادتهم حرة رغم أنف السجانين.