موسيقي الكلمات كتاب جديد صدر عن دار طيبة للنشر من تأليف الشاعر الكبير أحمد غراب يقدم من خلاله دراسة تحليلة في علم العروض للشعر العمودي والشعر الحر. وفي مقدمة الكتاب يقول المؤلف: لا أستطيع أن أضع تعريفا للشعر بالرغم أني أحد رعايا هذه القبيلة المقدسة، التي تسكن المدينة الزرقاء تلك التي بيوتها من القيم وشوارعها من الوهم، وحدودها إلي ما وراء المحال. وقوله إنه لا يستطيع أن يضع تعريفا للشعر يذكرني بقول جان كوكتو: »الشعر ضرورة.. وآه لو أعرف لماذا؟« والبعض يري أن الفن عموما وسيلة لإيجاد التوازن بين الإنسان والعالم الذي يعيش فيه.. وإذا كان من الصعب أن يحدث هذا التوازن بين الإنسان والعالم فهذا يعني أن الفن سيظل باقيا ما بقيت الحياة. والشعر كما يري الدكتور محمد مندور لابد أن يثير فينا إحساسات جمالية وانفعالية ووجدانية، وإلا فقد صفته، ولتحقيق هذه الأهداف هناك عدة وسائل أو خصائص لابد من توافرها فيه كالوجدان في مضمونه والصور البيانية في تعبيره وموسيقي اللغة في وزنه.. ولأن الشاعر يولد شاعرا بالفطرة، ويصقل هذه الموهبة بقراءة عيون الشعر في مختلف العصور، إلا أنه يتعين عليه أن يعرف أوزان الشعر، وقواعد علم العروض.. فهناك من الشعراء من يقول الشعر ولم يدرسوا أوزانه.. ومن هنا نري أهمية هذا الكتاب للشعراء بصفة خاصة ومتذوقي الشعر بصفة عامة. ويقول لنا أحمد غراب إن العروض قواعد يعرف بها صحيح الشعر وقد وضع أسس هذا العلم الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي (شيخ سيبويه) للتمييز بين الشعر والنثر، ووضع الفوارق التي تحول دون اختلاط البحور ولضمان السلامة من كسر الوزن أو الإخلال فيه.. ويبحر بنا المؤلف عبر هذا العلم، ويسوق نماذج من شعره وشعر الآخرين لتقريب هذه الدراسة للاذهان. وبنشر هذا الكتاب يكون المؤلف قد حقق حلم حياته بأن يضع بين يدي عاشقي الشعر كتابا سهلا مبسطا. ورغم أن دراسة علم العروض تحتاج إلي عقلية رياضية وروح شاعر لاستيعابه، رغم ذلك فقد امتعتني قراءة هذا الكتاب الممتاز، الذي يسد فراغا في المكتبة العربية، ويكون في نفس الوقت خريطة طريق لفهم عالم الشعر وأسراره، وما فيه من لمسات الفن وإيقاع الجمال.