لم يكن أكثر المتشائمين تشاؤما يتصور أن تمر الثورة المصرية السلمية بتلك الأحداث المؤلمة والمؤسفة التي تعرض لها شباب مصر علي أيدي جحافل وتتار الداخلية الذين تصوروا أنهم يواجهون أعداء للبلاد .. ماهذه القسوة وما هذا الجبروت اللذان تمثلا في الضرب والسحل والقتل؟ أين الرحمة بين أبناء الوطن الواحد؟ ما هذه الوحشية في التعامل مع المتظاهرين؟ لماذا كل هذا الانفلات بضرب الرصاص لدرجة أن أحد المتظاهرين فقد كلتا عينيه في أحداث الثورة الأولي يوم 28 يناير والأخري في 19 نوفمبر .. لا أحد ينسي زهرة شباب مصر الذين أصيبوا جراء الاختناق بقنابل الغاز أو بالرصاص المطاطي والخرطوش وأيضا الرصاص الحي حتي بلغ عدد الشهداء 41 شهيدا بخلاف 6 آلاف مصاب ! ماذا يحدث فيك يا مصر؟ الغريب أن يصرح وزير الداخلية بأن قواته لم تطلق أي رصاص علي المتظاهرين وأنه تم تفريقهم بكل الطرق السلمية (!) إذن من أين جاءت الإصابات التي شوهت الأجساد بسبب الخرطوش وكذلك الشباب الذين أصبح كل منهم بعين واحدة؟! الأغرب من كل ذلك هو البيانات التي صدرت تشير إلي وجود عناصر إجرامية تطلق الرصاص علي المتظاهرين وأيضا قوات الأمن .. وإذا تحقق صدق هذه الرواية إذن من هؤلاء ومن الذي حرضهم علي مهاجمة قوات الأمن وضرب المتظاهرين لإحداث الوقيعة بينهما ؟ ألم يكن هؤلاء الذين شاركوا في أحداث ماسبيرو؟! أليس هؤلاء الذين تم ضبطهم في أحداث السفارة الإسرائيلية ؟! أليست هذه الرواية تتكرر مع كل الأحداث التي تهدد أمن مصر ؟!. إننا لا ننتظر تبريرات من وزير الداخلية فأشرطة الفيديو تكفي لإدانة جهاز الشرطة في قسوة تفريق المتظاهرين .. إلا أنني أتوقف عند مشهدين في منتهي القسوة أولهما التقرير الطبي الذي يشير إلي أن أحد الشباب استشهد ليس بسبب الرصاص أو الغاز ولكن بسبب الضرب المبرح علي الساق لدرجة أن إحدي ساقية تم تكسيرها إلي عدة أجزاء !! أما المشهد الآخر فهو للطبيبة رانيا التي تطوعت لعلاج المصابين في شارع محمد محمود المشئوم إلا أنها لم تستطع الفرار من أيدي جحافل الشرطة الذين أوسعوها ضربا حتي الموت! لا يسعنا إلا أن نقول : »ولاتحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون« صدق الله العظيم