ثلاثة أيام حاسمة أمام المعارضة السورية.. بعد قرار مجلس الجامعة العربية علي المستوي الوزاري تعليق مشاركة الوفود السورية في اجتماعاتها والتهديد بالاعتراف بالمجلس الوطني السوري ودعوة المعارضة بكل أطيافها لرسم تصور للمرحلة الانتقالية بسوريا.. القرار العربي الذي رآه البعض خطوة علي الطريق الصحيح ضد نظام قتل شعبه.. رأي البعض الآخر أنه امتحان صعب أمام المعارضة السورية ومدي جهازيتها لتقديم مشروع سياسي بديل لمرحلة انتقالية جديدة في سوريا .. فيما خشي آخرون مما تضمنه بعض بنود القرار من أنه يكون بداية لتدويل الأزمة السورية ونقلها إلي الأممالمتحدة وإعادة استنساخ السيناريو الليبي وهو مايرفضه الجميع.. فإلي أين تتجه الأزمة السورية بعد قرار الجامعة العربية؟ السفير إبراهيم يسري مدير الإدارة القانونية بوزارة الخارجية سابقا يري أن القرار صائب وخطوة علي الطريق بعد أن كتب النظام السوري وثيقة نهايته.. لأنه لايمكن استمرار نظام هاجم شعبه وقتله بقوة آلة الجيش. لكنه يري أن القرار غير كاف وأنه لابد من متابعة الأمر وتوقيع عقوبات قاسية علي سوريا من الجانب العربي قبل اللجوء إلي المحافل الدولية. ويكمل وإذا كنا نأمل أن يتجه النظام السوري إلي بداية حوار جاد وأن يلتزم بتنفيذ بنود المبادرة من سحب الدبابات من الشوارع والإفراج عن المعتقلين السياسيين وأن يأخذ المبادرة إلي ذلك إلا أنه في اعتقادي أن المسألة قد انتهت ولايمكن أن نتصور أن يرجع هذا النظام في خطته لأنه ببساطة لو رجع عن أعماله فسيتعرض المسئولون إلي محاكمات جرائم ضد الإنسانية وهو ما لايمكن أن يقبله هذا النظام. تدويل الأزمة وحول المخاوف مما جاء في قرار الجامعة من اتصال أمينها العام بالمنظمات المعنية العربية وكذلك مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأن تكون تلك الخطوة بداية لتدويل الأزمة السورية ونقلها إلي الأممالمتحدة .. قال السفير إبراهيم يسري هذه الخطوة لاتعتبر بداية لتدويل الأزمة ومازلنا داخل إطار الحل العربي لأن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مهمته فقط أن يقرر وجود اختراقات أو انتهاكات لحقوق الإنسان ولكن ليس له أن يتخذ إجراءات تنفيذية.. ويري أن إبلاغ مجلس حقوق الإنسان هو شيء طبيعي لأن معظم الجرائم التي تحدث في سوريا هي خرق صريح لحقوق الإنسان. أما حول آثار مثل هذا القرار التصعيدي علي المنطقة برمتها مع خصوصية الوضع السوري بكل تحالفاته .. فيري يسري أنه بالفعل هناك خوف علي منطقة الشرق الأوسط بأكملها لأنها تغلي وتتغير.. لكنه يري أن النظريات السابقة بأن الحكام العرب هم من يحققون الاستقرار مع صمت الغرب وتعاونوا معهم خوفا من صعود الإسلاميين إلي السلطة هذه النظرية قد سقطت والنزاع الآن أصبح حقيقيا وشعبيا داخليا.. وفزاعة الإسلاميين قد انتهت.. فهناك تطور متوقع في اليمن وكذلك سوريا وسوف يتغير وجه المنطقة حتي في دول الخليج. خلافات المعارضة إلا أن الشائك في الوضع السوري الراهن علي حد قوله هو وضع المعارضة وهي كما يراها نقطة سلبية خطيرة لم تحدث في ليبيا مثلا.. فالقرار وضع ثلاثة أيام أمام المعارضة السورية للتوجه للجامعة العربية برؤية موحدة عن كيفية إدارة مرحلة انتقالية فهل تستطيع المعارضة بصورتها الحالية أن تنبذ الخلافات والفرقة وأن يكونوا يدا واحدة في مواجهة النظام السوري؟ هذا هو السؤال الأصعب. ويتفق معه في هذا الرأي السفير هاني خلاف مندوب مصر السابق لدي جامعة الدول العربية .. حيث يري أن الأيام الثلاثة التي حددها قرار الجامعة هي أيام حاسمة في تاريخ المعارضة السورية إذا ما كان لديها مشروع سياسي بديل حتي يمكن التحرك حوله ومناقشته داخل أمانة الجامعة العربية.. لأن المعارضة بشكلها الحالي ودعوتها فقط لحشد أطراف لإسقاط النظام دون أن تطرح بديلا سياسيا ديمقراطيا وطريقة لإدارة العدالة الاجتماعية في سوريا ووضع تصور لمشكلة المؤسسة العسكرية السورية في النظام السياسي الجديد وكيفية إيجاد صيغة للوحدة الوطنية بين كل طوائف ومذاهب الشعب السوري فهذا امتحان حقيقي أمام المعارضة السورية الآن. رد الفعل السوري فيما رأي السفير هاني خلاف أن الهجوم السوري علي القرار من خلال ماقدمه السفير السوري يوسف الأحمد في مؤتمره الصحفي عقب الاجتماع الوزاري العربي ووصفه لقرار الجامعة بأنه غير قانوني.. رأي أن هذا الهجوم الشرس كان ذا طابع تهجمي ولم يرق إلي مستوي مناقشة مضمون القرار لأن القرار في حد ذاته لم يصل إلي مسألة شرعية النظام السوري ولا الاعتراف بشرعية أخري بديلة.. كذلك لم يحدد بشكل محدد ونهائي وقف عضوية سوريا في الجامعة العربية وإنما فقط حدد تعليق مشاركة الوفود السورية وهو ما يتفق مع النظام الداخلي للجامعة.. ولفت إلي أن الجامعة مازالت تدخر في المرحلة القادمة مزيدا من القرارات التصعيدية إذا لم يستجب النظام السوري لوقف العنف لأن تفعيل القرار يبدأ من 16 نوفمبر فمثلا هناك منظمات ومكاتب للجامعة داخل دمشق مثل البرلمان العربي الانتقالي والهيئة العربية لتنمية الصحراء ومكتب المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل كل هذا لم يتحدد الموقف منه بعد وهل ستبقي هذه المنظمات داخل دمشق أم لا .. لذلك أعتقد أن القرار هو يعبر عن مرحلة وسيطة لما تابعته الجامعة بشكل شفوي عن مدي التزام النظام السوري بتنفيذ المبادرة العربية الصادرة في 11/2 .. لذلك فالقرار ليس نهائيا وحاسما. مخاطبة الجيش السوري وأشار خلاف إلي ما اعتبره نقلة نوعية في قرار الجامعة العربية بمخاطبة الجيش السوري بعدم التورط في قتل مدنيين.. حيث خاطب طرفا آخر داخل النظام السوري لذلك فهذه النقلة النوعية تحمل دلالة قد يلتفت إليها السوريون.. فهناك أمل لدي الجامعة العربية والدول العربية ال 18 التي أيدت القرار أن يتحرك الجيش السوري ويأخذ زمام المبادرة أسوة بما حدث في مصر ويجنب سوريا أي تدخل خارجي .. لذلك أعتبر هذه النقطة في القرار هو خطاب سياسي هام للجامعة العربية. إلا أنه لفت إلي نقطة هامة وهي أن الجامعة العربية منذ تعاطيها مع الأزمة الليبية والآن سوريا قد دخلت في إشكالية مرحلة جديدة من العمل العربي بدون أن تؤهل لإطار قانوني جديد لحق تدخلها في الشئون الداخلية في الدول العربية.. ودعا الأمين العام للجامعة الدكتور نبيل العربي لإعادة النظر في المواد القانونية التي تسمح بمعاودة النظر في مفاهيم السيادة الوطنية في حال حق التدخل في الحالات الإنسانية الحرجة. مصداقية الجامعة العربية فيما وصف وائل مرزا أمين سر الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري بالقاهرة قرار الجامعة العربية أنه جاد ويعبر عن أمرين هامين: الأول أن النظام العربي يبدي احتراما وتفهما لما بذله الشعب السوري من تضحيات. الثاني أن مثل هذه القرارات تحفظ للجامعة العربية مصداقيتها حيث صدر القرار بنوع من الإجماع بعد أن وافقت 18 دولة رفضت ثلاث (سوريا ولبنان واليمن) وامتنعت العراق عن التصويت.. حيث أمهلت الجامعة النظام السوري كثيرا.. ليكون الحل من البوابة العربية ولكننا حريصون علي ذلك.. لكن النظام السوري يتلاعب ويناور ويكذب علي النظام العربي بشكل فيه إهانة للنظام العربي وإلا لماذا لم يحضر وزير الخارجية السوري وليد المعلم هذا الاجتماع الهام جدا علي مستوي المجلس الوزاري للجامعة. وحول الأيام المتبقية علي بداية تنفيذ القرار بتعليق مشاركة سوريا والذي يبدأ في 16 نوفمبر قال مرزا إن النظام السوري الذي لم ينفذ أي عنصر من عناصر المبادرة العربية علي مدار أسابيع وبل وأقدم علي خرق كل عنصر في هذه المبادرة فكيف نتوقع منه أن يلتزم بها خلال الأيام المتبقية إذا اعتبرنا أنها مهلة له. أما عن إمكانية توحد المعارضة السورية قبل اجتماعها بالجامعة العربية في الأيام المقبلة.. فقال إن المعارضة السورية (علي حد تعبيره) مجتمعة حول إسقاط النظام وإقامة سوريا الجديدة.. مسترشدا بما ذكره الأمين العام للجامعة حين قال في المؤتمر الصحفي عقب الاجتماع الوزاري بأن أمانة الجامعة اجتمعت مع كل أطياف المعارضة السورية وأن هذا القرار جاء بعدما سمعنا من المعارضة بما يؤكد أن المعارضة السورية متوافقة.. أما ماحدث أمام مقر الجامعة في الأسبوع الماضي حين منع المعتصمون السوريون أمام مقر الجامعة أعضاء هيئة التنسيق السورية (معارضو الداخل) من دخول مقر الجامعة واعتدوا عليهم بالضرب، وهو ما ماوصفه مرزا بأنه تصرف متسرع لمجموعة من الشباب السوري المتحمس.. أما أن تضخم القضية وتوصف بأنها انشقاق في صفوف المعارضة السورية فهذا غير صحيح. حماية المدنيين وحول ما إذا كان مثل هذا القرار يمكن أن يلزم النظام السوري بحماية المدنيين أم أنه مجرد قرار سياسي لايستطيع تغيير الواقع علي الأرض لتنفيذ أهم بند في المبادرة العربية وهو وقف العنف وتوفير الحماية للمدنيين .. يقول وائل مرزا.. نحن من اليوم الأول للجوئنا للجامعة العربية نطالب بحماية المدنيين وهناك طرق معروفة استخدمها النظام الدولي والنظام العربي من قبل فهناك تجربة في لبنان وتجربة في كوسوفو.. تحت مظلة مجلس حقوق الإنسان لذلك نحن لانرفض تدخل منظمات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وكذلك المنظمات العربية المعنية لمشاهدة ومراقبة الوضع في سوريا علي الأرض.. لأن مايحدث في سوريا هو مذبحة حقيقية نريد وقفها. فيما وصف أحمد رمضان عضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري بالقاهرة القرار العربي بأنه انتصار للشعب السوري علي جلاديه عندما وقف النظام العربي بالإجماع معنا.. وقال نحن نرحب بالقرار لأننا في كل لقاءاتنا بالأمين بالجامعة العربية كنا نطالب بتجميد عضوية النظام السوري وفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية عليه.. والعمل علي توفير حماية للمدنيين ويري رمضان أن القرار كان واضحا في هذا الاتجاه وهو توفير الحماية للمدنيين بالتعاون مع منظمات دولية. وأشار إلي أن الأمر ليس كما يتصوره البعض في يد المعارضة السورية.. وإنما كما يراه هو للحراك الشعبي السوري والذي له برنامج سياسي يتمثل في إسقاط النظام السوري بشكل شخصي والثاني هو رفض الحوار مع هذا النظام.. لذلك أصدر المجلس الوطني بيانا دعا فيه كل الشخصيات الوطنية السورية إلي أن تنضم إلي هذا البرنامج السياسي .. لذلك نريد تضامن جميع القوي السياسية مع المجلس الوطني الذي يضم 80٪ من القوي المعارضة السورية.. حيث أكدنا ونؤكد أن المجلس الوطني السوري هو من يمثل الشارع السوري ويحمل مطالبه وأنه ملتزم بهذه المطالب.