في تطور سريع.. توسعت المظاهرات والاحتجاجات في نحو 70 مدينة إيرانية في يومها الخامس، وهي التي بدأت يوم الخميس الماضي في 3 مدن فقط، احتجاجا علي رفع الأسعار والفساد وسياسات الحكومة التعسفية ضد الفقراء والمهمشين، ثم ما لبثت أن انتشرت إلي نحو 15 مدينة أخري في ليلة وضحاها، ثم تطورت لتشمل أكثر من 30 مدينة كبري في يومها الثالث، وفي بعض المناطق خاصة في العاصمة طهران ومدن كبري مثل: مشهد وتبريز وأصفهان وشيراز وكرمان، حدثت مواجهات عنيفة بين المتظاهرين والأمن، وتعرض المحتجون للضرب بالعصي والهراوات، أما أحدث التطورات فكان إعلان الحرس الثوري الإيراني استعداده التام لمواجهة الاحتجاجات بالدم والنار.. علي حد تصريحات قادته. والاحتجاجات المرشحة للاشتعال بصورة أكبر.. تعرضت لرصاص الشرطة الحي وهو ما أسفر عن سقوط نحو 6 قتلي في روايات غير رسمية بينما أقر التليفزيون الرسمي سقوط قتيلين في اليوم الأول.. ومع توسع المظاهرات.. هناك دعوات إيرانية خاصة من الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، للخروج من أكثر من 70 مدينة تشمل التراب الإيراني، وبمواعيد لتلك الاحتجاجات وأماكن انطلاقها وتجميعها، وهو الأمر الذي يوحي.. كما تقول وكالة سبوتنيك الرسمية.. إلي توسيع نطاق تلك الاحتجاجات يوما بعد يوم، وهو الأمر الذي دعا وزارة الخارجية الروسية.. وفي إجراء غير مسبوق.. لدعوة رعاياها في العاصمة طهران وباقي المدن الإيرانية الكبري، لتوخي الحذر والتزام بيوتهم وعدم الخروج للشوارع. وتمثل تلك الاحتجاجات.. أعنف احتجاجات منذ مظاهرات عام 2009 والتي امتدت لمعظم المدن الإيرانية، وقابلتها السلطات والحرس الثوري الإيراني بالقمع والقوة المفرطة في ذلك الوقت، وهو الأمر الذي أدي لوأدها في بدايتها نتيجة لذلك وكانت رفضاً لفوز الرئيس نجاد بولاية ثانية رئاسية وقادها وقتها الإصلاحيون.. أما هذه المرة.. فإن الأمور تؤكد علي الأرض.. كما تقول شبكة يورونيوز.. إلي ارتفاع أعداد المتظاهرين بل وخروج بعض المناطق عن سيطرة النظام الإيراني، وسيطرة بعض المحتجين.. ربما للمرة الأولي.. علي مراكز ومقرات ودوائر حكومية، وبعض المناطق والأحياء التي باتت تحت قبضتهم وخارج سيطرة الشرطة أو المحليات الإيرانية أو حتي قوات الحرس الثوري وبالتحديد منذ مساء السبت الماضي. وهو الأمر الذي دعا محافظ طهران العاصمة لعقد عدة اجتماعات للطوارئ، للسيطرة علي الاحتجاجات المتصاعدة والتي طالت عدة مناطق وميادين وشوارع رئيسية في العاصمة أبرزها: شارع انقلاب إسلامي أي الثورة الإسلامية وولي عصر والجمهورية، وتجريش وهي مناطق معروفة لكل من زار إيران. والاحتجاجات التي أعادت للأذهان.. احتجاجات الحركة الخضراء عام 2009، كلها ضد سياسات الرئيس روحاني وحكومته الاقتصادية، كما أنها شملت وللمرة الأولي رفع شعارات وهتافات للطلبة في المدارس والجامعات وكلها ضد الإصلاحيين ومنهم الرئيس روحاني، والأصوليين ومنهم مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي.. كما ظهر شعار "الموت للديكتاتور" في إشارة للمرشد الإيراني وسياساته خاصة تلك المتعلقة بالفساد في مؤسسات الدولة والأجهزة المحلية. كما ظهر شعار ردده الطلبة ضد المرشد يقول: »كل هذه الاحتجاجات والمظاهرات.. قامت ضدك فضيلة المرشد».. وهو تحول جديد في إيران تقوده بصفة خاصة مجموعات من الطلبة والشابات الإيرانيات، الذين ينادون بالمزيد من الحرية في الرأي والملبس.. إضافة لاعتراضهم علي سياسات اقتصادية أخيرة للحكومة برفع أسعار الوقود والسلع الأساسية طالت الطبقات الإيرانية خاصة في أحياء العاصمة الفقيرة وباقي المدن المهمشة طائفيا.. وبالذات هؤلاء المنتمون للمذهب السني في إيران الشيعية. وحسب الأخبار الواردة من إيران.. فإن المحتجين هاجموا مقرات للحرس الثوري الإيراني في مدينة بندر عباس وهي إحدي المدن الإيرانية الكبري، وفي المقابل قامت السلطات بمنع خدمة الإنترنت بالمدينة ومدن أخري، بدعوي أن دعوات التظاهر تأتي أساسا من مواقع التواصل الاجتماعي.. كما قام محتجون بتمزيق صور أحد رموز الحرس الثوري الإيراني وهو قاسم سليماني في مدينة شيراز، وامتدت التظاهرات لتشمل مدناً سنية في أغلبيتها ومنها: الأهواز التي تعاني من التهميش اقتصاديا وسياسيا في البلاد. وفي المقابل.. خرجت مظاهرات مؤيدة للنظام في العاصمة طهران وحسب وكالة تسنيم الإيرانية.. فقد امتدت تلك المظاهرات لشمل مدن: مشهد وأصفهان وشيراز وتبريز وكرمنشاه وقزوين ورشت والأهواز وخورمشهر إضافة لمدينة قم المقدسة في جنوب العاصمة، وحملت التظاهرات شعارات لتجديد البيعة والعهد لنظام الجمهورية الإسلامية ولولاية الفقيه وقائدها المرشد الأعلي للثورة الإسلامية علي خامنئي.. وهذه المظاهرات التي جاءت ردا علي الاحتجاجات ضد الحكومة والمرشد، قالت إن ما يحدث الآن هو استمرار لفتنة عام 2009 ضد النظام الإيراني، والتي كانت فتنة حقيقية أرادت الإطاحة بالنظام وتشويه الحقائق وأنها تسعي لقلب الحقائق ولها أهداف خبيثة داخلية وخارجية، وأنها جاءت مدعومة من أقطاب نظام الهيمنة والصهيونية والخيانة ومن أعداء الجمهورية الإسلامية. وما حدث ومازال يحدث وينبئ بالمزيد من التصعيد.. أثار التساؤل الهام وهو: هل تؤدي تلك التظاهرات والاحتجاجات في نحو 70 مدينة إيرانية للإطاحة بنظام الملالي كما حدث مع نظام الشاه عام 1979؟ والإجابة.. إن تلك التظاهرات التي قامت ضد سياسات اقتصادية وشعارات مثل: "لا للغلاء" لم تقتصر علي ذلك فقط، بل ظهرت خلالها شعارات مثل: الموت لحزب الله أو استحي أيها المرشد وأترك الحكم أو التحق بشعبك أيها الإيراني الفقير أو لا نريد جمهورية إسلامية أو غادروا سوريا وفكروا فينا أو الشعب يستجدي والحكومة تتأله إشارة لآيات الله.. وهي أمور قد تؤدي لتحول تلك التظاهرات لانتفاضة حقيقية تأكل الأخضر واليابس، أو علي الأقل تحيي انتفاضة 2009، والتي تم قمعها يومها بعد أن استدعي النظام عناصر من الأمن الداخلي الخاص المعروف باسم "الباسيج" وهي ميليشيات خاصة لقمع انتفاضة الحركة الخضراء في ذلك الوقت، والتي كادت تطيح بالنظام لولا القوة المفرطة ضدها وحملة الاعتقالات التي طالت الآلاف.. وهذه المرة.. لن تستطيع السلطات الإيرانية تجاهل ما يحدث لأيام، بعد أن امتدت التظاهرات للعديد من المدن الكبري إضافة للعاصمة طهران ومدينة قم المقدسة، وبعد أن بدأت وسائل الإعلام الإيرانية ذاتها في الدعوة لتوخي الحذر والهدوء في مواجهة تلك التظاهرات، ودعا بعض أعضاء مجلس الشوري الإيراني للتروي وبحث العديد من القرارات الاقتصادية الخاطئة وإلا.. وهي دعوة صادقة للنظر في سياسات روحاني وحكومته الفاشلة التي أدت إلي ارتفاع نسبة البطالة لأكثر من 15 بالمائة، ونحو 70 بالمائة تحت خط الفقر من الإيرانيين، إضافة لضعف مردود الإنتاج الزراعي وهو ما أثر علي الفلاح الإيراني وفاتورة الاستيراد للسلع الأساسية والتي أدي ذلك لرفع أسعارها بصورة متصاعدة، ويضاف لذلك سياسات الحكومة التي أدت لتفشي الفساد والمحسوبية، وبالطبع سياساتها غير الرشيدة في التدخل في شئون وسياسات دول مجاورة مثل: لبنان والعراق وسوريا، وإرسالها قوات وعتاداً إيرانياً لليمن في حرب لا ناقة للإيرانيين فيها ولا جمل.. حسب اعتقادهم.. الأمور مرشحة للتطور وقد تتطور.. إذا تصاعدت للإطاحة بالنظام ذاته ولكن بمزيد من الأرواح وإراقة الدماء.