يتميز المصريون بسمات خاصة لا أعتقد أن هناك شعبا آخر يملكها: يجلدون أنفسهم بذكاء ومهارة يحسدون عليها، ولديهم القدرة علي أن يصوروا لأنفسهم وللآخرين أنهم يعيشون في مجتمع سييء، وفيه كل أوجه النقص والقصور، حدث بسيط يمكن أن يحدث في أي مجتمع، يبادر إعلامنا الهمام في وصفه علي أنه ظاهرة ابتلي بها المصريون عما عداهم من شعوب العالم، لنصبح فرجة أمام الدنيا كلها. ومن سمات المصريين أنهم يعشقون العشوائيات: التخطيط غائب من حياتهم، والأمثلة كثيرة، عندما يتولي أي وزير منصبه، يستمر سنوات ليعرف ماذا يريد أن يقدمه، وعندما يغادر ينتظر الناس من الوزير الجديد أن يمسح بأستيكة كل ما فعله سابقه، لا توجد رؤية ولا خطة كما في الدول المتقدمة حيث تسير الأمور بسياسة واضحة المعالم، واسترتيجية دولة تعرف ماذا تريد للمستقبل، و المسئولون سواء كانوا وزراء أو غير ذلك، هم فقط منفذون، وأعتقد أننا لم ننس بعد أن كل شيء كان يتم في العهد البائد حسب تعليمات سيادة الرئيس. ولننظر علي أرض الواقع لنتاكد من حبنا الشديد للعشوائيات: شيدت مناطق مصر الجديدة ووسط البلد والزمالك وجاردن سيتي والمعادي، قبل مناطق ومدن كثيرة نعرفها أنا وأنت، شاهد الفرق في فن العمارة والتنسيق الحضاري، أنظر إلي نهر النيل، المصريون القدماء تركوا لنا الكثير من النصوص التاريخية التي تدل علي أهمية نهر النيل في حياتهم، أما نحن الأحفاد، فنتعامل مع النيل علي أنه مرتع للنفايات، أنظر إلي أسطح المنازل والعمارات، وما أدراك ما بهذه الأسطح من كراكيب لا نحتاج اليها، غير أننا لا يمكن أن نستغني عنها. هل تغير شيء من ذلك بعد ثورة يناير التي أذهلت العالم: لم يحدث أي تغيير مازلنا نعشق العشوائيات ونتلذذ بجلد الذات ربما أكثر من قبل، ولذلك أقول لمن يهيلون التراب علي رؤوسهٍم، وعلي المجتمع، وعلي الثورة، وعلي من قام بها، وعلي من حماها، تذكروا أننا دولة تدخل في سباق مع الزمن، وعجلة التنمية لابد وأن تدور للأمام، وأن أي تراجع أو تقصير سوف يكلفنا الكثير، واعلموا أن مصر بخير ولو أردنا أوادعينا بأنفسنا غير ذلك.