ظاهرة خطيرة تطل برأسها الآن.. هي زواج الشباب المصري من شابات أوروبيات لكن الذي يدفع هذه المرة هو الشاب المصري نظير حصوله علي الجنسية ويتراوح المبلغ مابين ثلاثة وأربعة آلاف يورو، ومع هذه الظاهرة تنامت أخري أشد خطورة علي أمننا القومي وتؤدي إلي ضياع الأنساب وهي عمل الشباب المصري في وظيفة »أب تحت الطلب« فهناك أوروبيات يرغبن في الإنجاب فيتزوجن من شباب مصري وبعد الإنجاب يتم الطلاق مقابل أن تترك الفتاة راتبا شهريا بقيمة خمسة آلاف فرنك سويسري يحصل عليها من الدولة الأجنبية. من أجل ذلك تدق آخر ساعة ناقوس الخطر لأن هؤلاء الأطفال يتم إنجابهم من آباء مصريين، ويسهل بذلك علي الأوروبيات أن يحصلن لهم علي الجنسية المصرية، وهذا يمثل تهديدا لأمننا القومي لأن هذا الطفل لأب مصري قام بهذا العمل كوظيفة وليس كحياة وأسرة.. ولأن هذه الظواهر خفية ولم تظهر بعد بوضوح ولايشعر بها المجتمع كان هذا التحقيق لمتابعة التفاصيل. وزارة القوي العاملة والهجرة ووزارة الخارجية لا ينفيان وجود هذه الظواهر في مصر، ويريان أنها ليست مسئوليتهما، فالوزارة أو الحكومة لا تستطيع منع الشباب من الزواج بأجنبية أو السفر لأي دولة يرغبها طالما الدستور والقانون يمنحه هذا الحق، لكن الخطورة تنشأ من التلاعب الذي يتم بسبب التحايل علي القانون. رامي محمد (82 عاما) يعمل »بودي جارد« يقول منذ أربعة أشهر كنت أعمل »مدير أمن وحراسات خاصة« بإحدي القري السياحية بمدينة شرم الشيخ.. التقيت هناك بفتاة أجنبية »روسية الجنسية« عمرها 32 عاما ونشأت بيننا علاقة صداقة لمدة ثلاثة أشهر، فوجئت بعدها بأنها تعرض عليّ الزواج منها مقابل مبلغ مادي أدفعه لها قيمته »ثلاثة آلاف يورو« تساعدني من خلاله في الحصول علي جنسية بلدها، »بصراحة« اندهشت من حديثها عن الزواج فأنا أعلم جيدا أن الفتيات الأجنبيات لا يفضلن الحديث عنه، وتأكدت بالفعل أنها تسعي للاستقرار في مصر وهذا العرض يمثل بالنسبة لها استثمارا.. مضيفا »فكرة الزواج بفلوس مكملتش الحوار«، بمجرد سماعي لهذا العرض لم أشعر بالأمان، وقلت كيف أستطيع أن أحقق الأمان للآخرين وأنا أفتقده، ورفضت عرضها تماما، بالإضافة إلي أنني لم أملك هذا المبلغ في ذلك الوقت. أما صديق هاني جرجس فيقول: هاني كان يعمل في أحد المطاعم بإيطاليا، ذات يوم نشبت مشاجرة عنيفة بينه وبين أحد العاملين هناك، فقام ضابط الشرطة بكتابة تقرير ضده، وتحرير محضر عنه ثم قامت السلطات الإيطالية بترحيله إلي مصر، ضاقت الدنيا في وجهه ولم يعرف ماذا يفعل بعد أن خسر عمله وكل شيء. تعرف خلال هذه الفترة علي فتاة إيطالية تعيش في مصر عرضت عليه الزواج فوافق فورا وشهد علي عقد زواجه أحد أصدقائه. برغم أن الكنيسة ترفض الزواج المدني بل وتطلب من الشاب المهاجر إحضار (شهادة خلو موانع من الزواج نهائيا من إيطاليا).. وبرغم من أن صديقي يعلم جيدا أن هؤلاء الفتيات هدفهن »بزنس« وليس الزواج، إلا أنه وافق علي الزواج منها وهي الآن زوجته ويعيش معها في إيطاليا. وعندما سألنا علاء عوض، المستشار الإعلامي لوزير القوي العاملة عن هذه الظاهرة أكد لنا أن هناك ظواهر أكثر خطورة، وقال عندما قابلنا مجموعة من دول شمال أفريقيا منهم علي سبيل المثال »شاب مغربي« سألناه عن وظيفته وأجاب »بشتغل أب«، قلنا له ماذا تعني بكلمة »بشتغل أب«، قال هناك فتيات أجنبيات يطلبن الزواج من أي شاب عربي، وبمجرد الحمل منه تنفصل عنه تماما.. ولأن هذا الطفل طفل شرعي تستخرج له شهادة ميلاد.. فالأجنبية تقوم بإغراء الشباب العربي بهذه المهنة مقابل أن يحصل علي راتب »خمسة آلاف فرنك سويسري« من الحكومة ولكن بشرط أن يتنازل عن ابنه تماما ولا يسأل عنه مطلقا.. ويضيف المستشار الإعلامي أن الدستور لا يمنع أحدا من حرية التنقل أو حرية السفر، كما أنه لا يمنع شخصا من حرية العمل سواء كان عمله »زوجا أو أبا«، لذلك لا توجد لدينا آلية لمنع هذه المهن، ولكنني أذكر لكم هذه القصة كي نقدم توعية للآباء والأمهات الذين يوافقون علي سفر أولادهم. السفير أحمد راغب، مساعد وزير الخارجية لشئون المصريين في الخارج يؤكد لنا وجود هذه الظاهرة ويقول إنها وصلت إلي منزله »فالسفرجي« الذي يعمل في منزله الخاص يقوم هذه الأيام بإنهاء الأوراق المطلوبة منه استعدادا لسفره إلي (رومانيا) للزواج من الفتاة الرومانية التي أحبها هناك. ولأن مشكلتنا من وجهة نظر السفير هي الشباب المصري وليس الفتاة الأجنبية فيثير حيرته ما الذي يدفع الشباب لذلك مؤكدا أنه: لابد أولا أن نعرف لماذا يفكر هؤلاء الشباب في السفر من مصر ومهما كانت الوسيلة (سفر غير شرعي أو زواج أجنبية.. أو غيرهما)، ثانيا: يجب أن نحتضن هؤلاء الشباب ونوفر لهم ما يبحثون عنه من خلال مشروعات قومية تجعله يجلس في بلده ويشعر بالانتماء إليها.. مضيفا أن الوزارة علي استعداد أن توفر لهؤلاء الشباب أفكارا لمشروعات جيدة داخل مصر تساعدهم كثيرا في الاستقرار بداخلها. أما عبدالله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق والمرشح المحتمل للرئاسة: فيري أن المشكلة لن تحل إلا بوجود حكومة قوية لديها قدرات جيدة ومقدرة علي الابتكار تساعد علي تغيير وجه الحياة في مصر.. مضيفا هذه الممارسات تحايل علي واقع تعيشه مصر وهو جفاف منابع الرزق.. الشباب لا يشعر بفارق بين النظام الحالي والنظام السابق »الفاسد«، الفقير مازال فقيرا، »العاطل مازال عاطلا« واليائس مازال يائسا.. الشباب بعد أن استشعر خيرا بعد أحداث الثورة المصرية.. عاد مرة أخري لكل الممارسات السابقة (الغرق في البحر والزواج من أجنبيات)، ويتساءل لماذا يتحايل هؤلاء الشباب علي القانون والدين للحصول علي الجنسية والهروب من الجحيم، لأنه يشعر أنه لا يزال في جحيم، وأن »فلول الفساد« علي حد تعبيره لا تزال تسيطر علي الدولة. دعارة مستترة أما هؤلاء الفتيات الأجنبيات صاحبات مصالح شخصية وبيزنس فهن يمارسن الدعارة تحت ستار الزواج، ونحن لا نملك فيهن شيئا لأنهن يتحايلن علي قانون الدولة الأجنبية فهي التي يجب أن تعاقبهن وليس نحن.. مضيفا فيما عدا الفتيات الإسرائيليات هذا شيء عادي ولا توجد منه مشكلة بل بالعكس هذا باب رزق لهؤلاء الشباب. وعن آراء علماء الاجتماع والنفس في تحليل هذه الظاهرة وهل »زواج مقابل الجنسية« ظاهرة أم حالة استثنائية؟. يقول: د.فتحي الشرقاوي، أستاذ علم النفس السياسي، كلية الآداب جامعة عين شمس: أولا الهدف من وراء هذه الظواهر (الهجرة غير الشرعية أو الزواج من أجنبيات) هو الهروب من الظروف الضاغطة التي عاني منها المجتمع المصري ولايزال يعاني منها حتي الآن، الأمر الذي دفع الشباب إلي التفكير بكل السبل التي يمكن من خلالها الهروب من وطأة الواقع المؤلم المعاش.. فالشاب يقول إذا كنت مهانا ولا أستطيع أن أحصل علي لقمة عيش أو الحد الأدني من الحياة الكريمة، فما أسهل أن أكون »مهانا مدفوع الأجر« حتي لو كان العمل في وظائف متدنية، للأسف هو لا يعلم أنه بذلك يهان مرتين مرة بسبب الوظيفة »الوضيعة« ومرة بسبب نظرة الآخرين له ولجنسيته. من هنا تتعدد أساليب الحصول علي الوظائف بداية من الزواج بأجنبيات كبيرات السن يتطلعن إلي الإشباع والشبق الجنسي من الشباب سواء في مصر أو غيرها مقابل أن تتاح لهم الإقامة والجنسية بل وإفساح المجال لبعض الأعمال هناك. مضيفا أن الشيء الغريب هو أن بعض السيدات في الدول الأجنبية بدأت في نحت وظائف من وراء الهجرة غير الشرعية تتمثل في حصولهن علي مقابل مادي للزواج ثم الطلاق بمجرد الحصول علي العائد الذي يسعي الشاب لتحقيقه وهو حصوله علي الجنسية الأجنبية ثم سرعان ما تلجأ لصيد آخر وضحية أخري. وعن الآثار النفسية لهذه العلاقات يقول إن هذا يسبب استنزافا جسديا لهؤلاء الشباب.. بالإضافة إلي الأمراض التي يمكن أن تنتقل إليهم بسهولة ويسر نتيجة تكرار هؤلاء الأجنبيات لهذه القصة. السؤال هنا هل توجد مثل هذه الظواهر في مصر.. الإجابة قطعا نعم!.. نعيشها داخل المجتمع المصري.. ولكن الأضواء لم تسلط عليها خاصة من يعملون في مهنة السياحة (شرم الشيخ، أسوان، الأقصر) ولعل أبرز علاماتها الأموال الطائلة التي يمتلكها »معظم« الشباب والتجار هناك سواء (بازارات أو سلع سياحية) وعادة تكون الأجنبية هي صاحبة رأس المال سواء خارج الحدود أو داخلها.. هؤلاء الشباب يمارس إما بيعا للنفس أو بيعا للجسد. وفي النهاية يؤكد د.فتحي أن هذا يمثل امتهانا واضحا ووصمة عار لكل المسئولين عن توفير فرص عمل لهؤلاء الشباب.. أيضا هو شهادة إدانة أن مصر أصبحت عنصر طرد لأبنائها القادرين علي البناء والعطاء، لذلك لا تنازل عن احترام آدمية الإنسان وتلبية الحد الأدني من متطلباته المادية والفسيولوجية، لا يعقل أن يصل الشباب لعمر ال53 وهو لا يجد غرفة يعيش ويتزوج فيها. علاقات مريضة د.أحمد شوقي العقباوي، أستاذ علم النفس له رأي آخر وهو أن هؤلاء أقلية من الشباب وهذه حالات استثنائية لم تصل إلي حد الظاهرة.. نحن 08مليونا وهؤلاء لن يزيدوا عن ألف شخص.. وعن التحليل العلمي لهذه المشكلة يقول: وراء حكايات اللا أخلاق الفقر، دائما انحلال القيم مرتبط بالفقر الذي يتسبب في ميلاد علاقات مريضة، فهو الذي يجعل شابا يبيع جسده ليكسب أموالا أو يلقح فتاة ليحصل علي راتب من حكومة أجنبية لكن برغم أنها حالات استثنائية إلا أنها نموذج لكيف يؤثر الفقر فيذيب القيم ، الأخلاق.. وعن رأي القانونيين في التعقيدات القانونية التي تنشأ بسبب هذه الظواهر أو تنشأ نتيجة لها يقول عبدالله خليل، محامي القانون الدولي لحقوق الإنسان مستشار الأممالمتحدة: هذه عصابات متخصصة للهجرة الشرعية في أوروبا وتوجد بكثرة في الدول التي توجد فيها هجرة غير شرعية »مسلمة« مثل إيطاليا، مالطا، قبرص، وهي تتشابه مع ظاهرة بعض »الرجال المصريين« الموجودين في أوروبا الشرقية ويعطون تراخيص عمل لفتيات أجنبيات يهاجرن هجرة غير شرعية داخل مصر. تستغل هذه الفتيات وجود ثغرات في القانون فهي تقوم بالزواج من الشاب المصري »زواجا مدنيا« وليس زواجا رسميا أو دينيا ولكنه زواج تعترف به المحاكم الأجنبية وهي بذلك لا تجد صعوبة في التكرار، فمن الممكن أن تتزوج بأكثر من شاب بهذه الطريقة.