تشرح وتضخ الأمثلة بتدفق وإلحاح حتي تستوعب الطالبات المعني واستخداماته فتشرق وجوههن بالمعرفة، هنا تلتقط أنفاسها فرحا وتنتقل لإضافة جديدة .. تخرج من الحصة راضية مرضية لأنها أضافت حجرا في بناء العقول ونسيجا إنسانيا .. وبالتدريج أصبحت جارتي تتجاهلني لتتجنب سلامي !.. أبادرها ب "صباح الخير" فتجيبني صياحا بتكشيرة وعيون مغمضة " وعليكم السلام" !!.. ولهذا أؤيد المعلمين المضربين في تطهير التعليم فقط!. وأيضا ذكرني اعتصام المعلمين بالشارع لرفع الحد الأدني لأجورهم إلي ثلاثة آلاف جنيه!! - مع أن مايحصدونه من الدروس الخصوصية يراه الأعمي - .. ذكرني بمحمد الشاب النشيط الذي ظل يعمل سايساً بالجراج طوال سنوات دراسته في كلية التربية بعد نزوحه من قريته .. كان مثالا للأدب والأخلاق واستحق التفوق بدرجة جيد جدا .. طلب كارت توصية بتعيينه في القاهرة فلم نتردد، وفاز بالتعيين في أحسن المدارس القومية بمصر الجديدة .. بعد شهرين فقط طلب بكل صراحة كارت توصية للعمل بمدرسة نموذجية لمضاعفة حصيلة الدروس الخصوصية!!. وقبل نهاية العام ترك الجراچ وانتقل بالبدلة لمقر سكنه ودروسه الخاصة، ونسي الماضي.. لأن الوباء استفحل والقانون وهن! أكره المقارنة بحال أساتذتنا الأفاضل زمان .. أيام كانت المدرسة الخاصة والدرس الخصوصي للبليد فقط ويلجأ له الأهل بخجل.. فأصبح عبئا إجباريا علي الجميع، يغتصب بلا رحمة للطالب .. كيف تدني الحال بالمعلم أن يعطل الدراسة ويقطع الطريق، ويعطل مصالح البلد كلها لزيادة أجره!!.. أي قدوة وأي مبدأ يغرسونه في التلامذة !..وهل سيزهو المعلم منتصرا لو انتزع من الحكومة أجرة حصة واحدة لمجموعة طلبة في سنتر، أو حتي في حوش المدرسة !!.وكيف نأمن علي أولادنا من معلم عطل الدراسة ونشر الفوضي وحول التعليم من خدمة نبيلة الي سلعة صيني من معلم غاضب وساخط وربما حاقد علي الطالب المتفوق عنه ماديا !!.. تصورت أن يثور المعلمون غضبا علي تخلفهم ومدارس الحكومة تكنولوجياً تجنبا لسخرية التلامذ الصغار.. أوطلبا لدورات تدريبية في الداخل والخارج لتحديث عقولهم ، لابتكار أفكار خلاقة لتطوير التدريس للحد من التسرب مللا ويأسا من تعليم يختم بالشمع الأحمر علي العقل وينتج قطعانا كالجراد. تعطيل الدراسة في أي دولة أسبابه إما كارثة طبيعية أو وباء قاتل أو حرب.. فما هو تصنيف مايحدث في مصر!!.. وماهي عقوبة المحرض والمشارك!!.. ومتي يتسلط سيف القانون في مصر!!. ولماذا تزامن إضراب سائقي أتوبيسات الغلابة بالنقل العام– وإن كنت أتعاطف معهم عكس المدرسين وهو ذكاء من المخططين – مع إضراب المعلمين!.. هل لأن المخطط والمحرض واحد؟.. الإجابة نعم وكلنا، شعب وجيش وأجهزة أمن، عارفين ومتأكدين .. والإعلام العاجز مازال يدور بنا في طاحونة بلا طحين، لا تصدر إلا ضجيجا يسد الآذان ويسمم البدن.. وأغلبنا يطمئن نفسه بوهم أن أجهزة أمن الشرطة والجيش تركت الإخوان المسلمين يخططون وينفذون.. لكن الانتظار طال، والهدم اتسع، وكاد الخوف يتملكنا.. تركتهم يؤسسون نقابات مستقلة موازية للنقابات كبيرة العدد، في الإعلام ثم لعمال النقل وأخيرا للمعلمين.. ليحتشدوا فورا بهتاف واحد للنقيب.. مثلما أعلنت غرفة عمليات الإخوان علي لسان رئيسها أشرف الجمل أن معلمي الإخوان سيطروا علي أكثر من 07٪ من مقاعد العضوية علي مستوي الجمهورية – خمسة آلاف مقعد بينها 913 رئيس لجنة نقابية من أسوان الي كفر البطيخ – وأن هناك محافظات نسبتها 001٪.. وأصدر أيمن البيلي وكيل نقابة المعلمين المستقلة هذا البيان.. " يا معلمي مصر يابناة الوطن، إضرابنا ملحمة تاريخية، لتكن مليونية السبت 42/9 تتويجا لنضالنا الشريف من أجل حقوقنا .. لنعد عدتنا، وننظم أنفسنا، ولنشكل لجاننا التنظيمية في كل مدرسة في مصر، لنزحف الي القاهرة لنجهض الصفقات الملوثة بين الوزارة وجماعات الظلام .. و.. المجد للشهداء، عاش نضال المعلم المصري ".!! هل أضحي تعطيل الدراسة وإغلاق الشوارع والنضال والشهادة في مصر من أجل زيادة مرتب بجنيه أضعف معلم من حصيلة يوم دروس خصوصية !!. لذلك أطلب من وزير التعليم عدم التفاوض مع الممتنعين عن التدريس .. وإعلان أسمائهم في كشوف العار.. واستبدالهم فورا بشباب الثورة وبقدامي المعلمين المحالين علي المعاش، وخريجي الجامعات، وطلبة السنوات النهائية بكليات التربية .. ياوزير التعليم افتح باب التطوع لانتظام الدراسة .. وامنع كل معلم شارك في الإضراب من مزاولة هذه المهنة التي يجب ألا ينال شرف الانتماء إليها إلا من يستحقها .. تاج الكرامة للمعلم هي في نجاحه في رسالته المقدسة .. هي في حصيلة العقول التي جاهد لشحنها علما وأدبا وقيما وأخلاقا وإبداعا وابتكارا، وقدمها بافتخار وفرح هدية للوطن ليواصل انفراده بالحضارة الإنسانية العظيمة ويبشر بالحياة الكريمة، وليس في الشهادة وإرهاب الوطن من أجل المال .. وليس في نهب 06٪ من دخل الفقراء للدروس الخصوصية .. لن يعود الأمن الا بسيف القانون، وبإيقاظ الإعلام الوطني النائم هربا في الكهف والغارق في مستنقع الدنانير .