نجت أمريكا مما كان متوقعاً أن يكون أسوأ الأعاصير في تاريخ الولاياتالمتحدة بعد أن عبر اعصار ايرين مدينة نيويورك بأمان وانخفاض قوته إلي 120 كم ليصل إلي مستوي الأعاصير الأول بعد مخاوف من بلوغه المستوي الخامس الذي كان من الممكن أن يتسبب في وقوع خسائر مادية وبشرية هائلة وغرق مدينة نيويورك بالكامل في الفيضانات، وهي المخاوف التي دفعت أكثر من 370 ألف من سكان المدينة لترك منازلهم فيما التزم باقي السكان بالبقاء. رغم أن الإعصار ايرين قد أحدث عدداً من الخسائر في بعض الولايات كنيوجيرسي وكارولينا وتسبب في قطع الكهرباء عن أكثر من مليون شخص في مدن الساحل الشرقي وتسبب في وفاة 11 شخصاً علي الأقل. إلا أن استياء عارماً قد ساد الأوساط الشعبية الأمريكية، خصوصاً في مدينة نيويورك بعد أن تحول اعصار ايرين الذي كان من المتوقع أن يضرب المدينة إلي مجرد عاصفة استوائية قوية خلفت بعض الخسائر البسيطة، واعتبر عدد كبير من المراقبين أن الإعلام الأمريكي أثار الفزع في قلوب المواطنين بلا داع وأنه هول من الأحداث بشكل كبير إلا أن التقارير الإعلامية بالغت بشدة في تقديراتها لقوة ونتائج اعصار ايرين، وطبقاً لما قالته وسائل الإعلام، فإنه كان من المتوقع أن يتسبب ايرين في إغراق شوارع نيويورك بمياه البحر لأول مرة منذ عام 1983 لكن بعد مرور الإعصار علي المدينة اتضح أن كم التهويل لقصة الإعصار كان هائلاً، لدرجة أن وسائل الإعلام وصفته بأنه إعصار من الدرجة الخامسة وهي أعلي درجات التصنيف للإعصار وبدت هذه القنوات وهي تصور الأحداث وكأن ايرين قد يكون يوم الهلاك والقيامة لمدينة نيويورك. وكانت القنوات المختلفة قد وضعت قصة الإعصار علي صدارة نشراتها وتقاريرها متجاهلة تماماً أي قضية أو قصة أخري سواء داخل أمريكا أو خارجها. وكانت تنقل استعدادات الشوارع في المدن والولايات المختلفة لمواجهة الفيضانات وركزت في صور الناس وهي تغلق بيوتها وتحاول حماية ممتلكاتها من الكارثة المحتملة.ونتيجة لتعدد القنوات الإخبارية والتنافس علي جلب المشاهدين سقطت كل القنوات في فخ التهويل الشديد للأحداث، وانضمت اليها الصحف والمواقع الإلكترونية التي كانت تكتب عناوين دراماتيكية رغم أن الإعصار كان بالفعل قد قلت درجة خطورته ربما لأن الإعصار كان متجهاً لمدينة نيويورك الشهيرة، مصدر الأخبار الأهم في الولاياتالمتحدة، هو ماجعل الاهتمام الإعلامي كبيراً إلي هذا الحد خصوصاً أننا اقتربنا بشدة من ذكري الحادي عشر من سبتمبر الأليمة وهي الذكري التي خلقت فرصة لربط الأحداث التي وقعت في 2001 بالدمار الذي كان من الممكن أن يحدث بسبب ايرين.. كما ساهم في تهويل الأحداث أيضاً المسئولون وخاصة كريس كريستي عمدة نيويورك الذي كان يظهر في التلفزيونات ليل نهار، متحدثاً عن حالة الطوارئ ومطالباً المواطنين بالابتعاد عن شاطئ البحر وبعض السكان بإخلاء منازلهم. وربما يكون هؤلاء المسئولون معذورين لأنهم بحكم مناصبهم لابد أن يضعوا في اعتبارهم اسوأ السيناريوهات لكنهم أيضاً ليسوا من المفترض أن يصيبوا الناس بالذعر والخوف، كما أن للقضية أيضاً بعداً سياسياً واضحاًً، فالمسئولون يريدون أن يظهروا أمام الرأي العام أنهم يتابعون الأوضاع لحظة بلحظة ويفعلون أقصي مابوسعهم. حتي أوباما ظهر علي الشاشات وساهم أيضاً في موجة المبالغة والتهويل بإعلانه فرض حالات الطوارئ في أكثر من ولاية شرقية تعرضت للإعصار. وقد اعتبر الأدميرال ويليام لي من قوات خفر السواحل المكلفة بمراقبة الإعصار أن هناك مبالغة كبيرة في تقدير مخاطر الإعصار ايرين حيث أكد أن الخسائر المسجلة حتي الآن أقل بكثير من أعاصير أخري مثل "فريدريك وأندرو" ولايمكن مقارنتها بالخسائر الفادحة التي خلفها اعصار كاترين الشهير، وأكد "أن كل ما حدث هو سقوط عدد قليل من الأشجار، وبعض الفيضانات الصغيرة" ورغم وجود قتلي إلا أن معظمهم لقوا حتفهم بسبب سقوط الأشجار أو فروعها عليهم أو سقوط أشياء أخري بسبب الرياح الشديدة . وشهدت ولاية "نورث كارولينا" وحدها خمس حالات وفاة ، بينما وقعت ثلاث حالات وفاة في ولاية "فيرجينيا" وحالة واحدة في كل من ميرلاند وفلوريدا. فيما انقطع التيار الكهربي عن أكثر من مليون منزل بسبب الأضرار التي ألحقتها العاصفة بخطوط الكهرباء. وفي خضم التوتر والرعب الذي عاشته أمريكا، كان عمدة نيويورك قد دعا سكان المدينة الي ملازمة منازلهم. وتوقع ارتفاع منسوب المياه في شكل كبير خلال يوم الإعصار، ناصحا سكان نيويورك بعدم الاقتراب من نوافذهم. وتوقفت حركة المطارات ووسائل النقل العام في نيويورك لمواجهة الاعصار. وبدت المدينة مساء السبت أشبه بمدينة أشباح وخصوصا بعد اغلاق المطاعم والحانات في منهاتن والغاء العروض المسرحية في برودواي فيما غادر السياح ساحة تايم سكوير. وتلقي 370 الف شخص أمر رئيس البلدية باخلاء المناطق التي ستتعرض للاعصار مساء السبت. وغادر بعضهم المدينة فيما لجأ آخرون الي أقرباء او توجهوا الي فنادق او لجأوا الي مائة مركز استقبال اقامتها البلدية. وفي نيو جيرسي المجاورة تم اجلاء أكثر من مليون شخص من المناطق الساحلية. وفرغ القسم الاكبر من مدينة كاب ماي السياحية من سكانه. أما ولاية كارولينا الشمالية وفرجينيا المجاورة، فقد انقطعت الكهرباء عن نحو 900 الف منزل وفق إحصاء لشركات الكهرباء.