إيطاليا تتجه لحظر النقاب بعد فرنساوبلجيكا يبدو أن حمي حظر النقاب عادت لتظهر من جديد في إيطاليا وأخذت في الانتشار بعدة دول أوروبية أخري بعد فترة وجيزة من اجتياحها فرنساوبلجيكا لتنتهك بهذا كل المواثيق والأعراف الدولية. فمجدداً يعلو صوت القارة العجوز بالتمييز والعنصرية.. منادية "لا للنقاب ولا وجود للمنقبات في مجتمعاتها" متجاهلة بذلك حقوق الإنسان والحريات التي ظلت لسنوات طويلة تنادي بها وتتخفي وراء شعارات من هذا القبيل. فاليوم وضعت روما الصيغة النهائية لنص القانون المقترح بشأن حظر النقاب في الأماكن العامة كما هو الحال في أسبانيا والنمسا وهولندا وسويسرا اللاتي تطالبن باتخاذ تدابير مماثلة، إلا أنه مازال هناك جدال واسع تشهده هذه الدول حتي الآن ورفض تام من منظمة العفو الدولية وحقوق الإنسان. فعلي خطي الفرنسيين والبلجيكيين، سارت الأحزاب السياسية الإيطالية الكبري ووافقت الأسبوع الماضي، بعد عام ونصف من المشاورات والمداولات، علي مشروع قانون حظر النقاب بعد النظر في التعديلات التي أجريت عليه والذي سيتم إقراره في سبتمبر المقبل مع بداية انعقاد البرلمان الإيطالي، لتكون إيطاليا بذلك الدولة الثالثة في الاتحاد الأوروبي التي تقر منعه في الأماكن العامة مع عدم السماح للمنقبات بدخول البلاد. وينص هذا القانون علي عقوبات لمن يخالفن هذا الحظر بغرامة 4.5 ألف دولار بينما يعاقب الطرف الثاني الذي يكرههن علي تغطية الوجه والسجن لمدة عام. ويستند المطالبون بحظر ارتداء النقاب في إيطاليا إلي قانون مكافحة الإرهاب الصادر عام 1975 والذي يمنع ارتداء الأقنعة التي تجعل من المتعذر التأكد من هوية الذين يرتدون هذه الأشياء. ويذكر أن مشروع القانون تبنته سعاد السباعي، وهي برلمانية إيطالية مغربية الأصل في حزب شعب الحرية المحافظ، التي تري أنها بذلك القانون تساعد النساء المسلمات علي التخلص من هذا التمييز العنصري، علي حد وصفها، والتخلص من هذا الإذعان وللاندماج أكثر في المجتمع الإيطالي. ووفقا لإحصائيات الحكومة الإيطالية فإن عدد المسلمات اللاتي يرتدين النقاب لا يتجاوز المائة امرأة ، في حين أن عدد المسلمين يقدر بنحو مليون ونصف مليون مسلم. ولم تنتظر إيطاليا إقرار القانون من البرلمان بينما أخذت في تطبيقه أكثر من عام ففي سابقة هي الأولي من نوعها حكم لأول مرة علي مسلمة تونسية في إيطاليا بدفع غرامة قدرها 700 دولار لارتدائها النقاب، مخالفة بذلك أمرا أصدره رئيس بلدية نوفارا، شمال إيطاليا. حيث أصدرت البلدية مذكرة تحظر النقاب في الأماكن العامة في نهاية يناير عام 2010 بمفردها دون وجود قانون عام يمنع ذلك. ويري وزير الداخلية الإيطالي روبرتو ماروني أن بلاده تدرس مسألة فرض حظر علي ارتداء النقاب شبيه بما سعت فرنسا لتطبيقه، ولكن بعكس باريس التي تطالب بحظره لدواعي مخالفته القيم العلمانية للدولة فإن روما تسعي لحظره لدواع أمنية، فقد اعتبر ماروني أن النقاب يمثل تهديداً للأمن، كما اعتبر كذلك أنه قد يكون الإشارة الأولي إلي رفض المهاجرات المسلمات تقاليد وعادات البلد المضيف، ورفضهن الاندماج فيه. ومما يذكر أن القوانين المشابهة التي سبق أن طبقت في فرنسا منذ أبريل الماضي وفي بلجيكا في 23 من يوليو الماضي أثارت في حينها اعتراضات شديدة ولا سيما من التجمعات المسلمة والمهاجرة. ففي باريس، سجلت الشرطة الفرنسية منذ ذلك التاريخ نحو مائة مخالفة، وينص القانون الفرنسي حظر النقاب في الأماكن العامة علي معاقبة المرأة التي ترتديه بغرامة تصل إلي 214 دولارا أو حضور "دورة في المواطنة" بدلا من دفع الغرامة، وكما ينص علي معاقبة من يجبر امرأة علي ارتداء النقاب بالسجن عاماً وغرامة 43 ألف دولار. وكانت الشرارة الأولي لهذا القانون انطلقت من رغبة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في إصدار قانون يحظر ارتداء النقاب علي الأراضي الفرنسية في يونيو عام 2010 وهي رغبة عبر عنها مراراً وآخرها كانت في 24 من مارس من نفس العام في بيان أعقب هزيمة حزبه الثقيلة في انتخابات المناطق. وأكد ساركوزي حينها أن المشكلة تكمن في أن النقاب لا يشكل رمزاً دينياً، بل هو دلالة علي فقدان المرأة لحريتها وكرامتها، وإذلالها وعدم مساواتها بالجنس الآخر. أما بلجيكا، فأثار هذا القانون، الذي دخل حيز التنفيذ منذ أكثر من أسبوعين، العديد من الهيئات والمؤسسات المعنية، والتي جاء علي رأسها منظمة العفو الدولية والتي انتقدت ما قامت به بلجيكا وقالت في بيان صادر لها إن كل شخص له الحق في حرية التعبير عن رأيه أو الإفصاح عن ديانته أو معتقداته وإن هذه الحريات يكفلها الميثاق الدولي لحقوق الإنسان بما في ذلك حرية المرء في اختيار ملابسه . وعارض أيضاً رئيس شئون سياسة حقوق الإنسان بالبرلمان الألماني توم كونيجس مع أول يوم بتطبيقه، واصفاً قرار بلجيكا بمنع النقاب عاملاً أساسياً لازدياد ظاهرة المعاداة للاسلام والمسلمين في أوروبا وخرق واضح لمواثيق اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية التي تعتبر بلجيكا من بين الدول الموقعة علي ميثاق حقوق الإنسان. كما أعرب عن قلقه إزاء ازدياد ظاهرة العداء للاسلام في أوروبا واتهام المسلمين بعدم التسامح واتهامهم أيضا بوقوفهم وراء عمل إرهابي فور وقوعه أحد العوامل الرئيسية لمناقشة منع ارتداء المرأة المسلمة الحجاب أوالنقاب. وأكدت كلاوديا روت زعيمة حزب الخضر الألماني المعارض أنه لن يكون في ألمانيا أي قرار لمنع النقاب والبرقع إذ إن الدستور الألماني يقر بحرية المرء في ارتداء الزي الذي يريده، ويرفض أغلبية أعضاء البرلمان أي مناقشة حول النقاب في البلاد. وعلي صعيد الدول الأخري في أوروبا التي تدرس حظر النقاب فإن كلا من أسبانيا وهولندا تعتزم إصدار قانون مماثل.