قرار مجمع البحوث الإسلامية بمنع تجسيد شخصيات الأنبياء والصحابة، هل تتوقف حدوده عند الدراما المصرية فقط ؟ خلال السنوات الأخيرة ظهرت أعمال سورية وإيرانية تتجاوز الخطوط الحمراء التي أجمع عليها الفقهاء ورجال الدين، ولم تنجح المطاردات القانونية في منع البث علي شاشات الفضائيات، وآخرها مسلسل الحسن والحسين الذي مازال يسجل موجات من الغضب والاحتجاج داخل قاعات المحاكم وبين قطاعات كبيرة من رجال الدين والمشاهدين، وقد انتقل الجدل لمساحات التواصل الاجتماعي من خلال الإنترنت حيث ظهرت حملات علي الفيس بوك تدعو للمقاطعة وعدم مشاهدته وتدعو أيضا لجمع مليون توقيع للمعترضين علي ظهور الحسن والحسين رضي الله عنهما وفي المقابل ظهرت حملات أخري تؤيد بث المسلسل. الدراما الإيرانية لم تترك شيئا، قدمت يوسف الصديق في مسلسل شد أنظار وانتباه العالم الإسلامي أجمع وكذلك النبي سليمان ومريم المقدسة، ومؤخرا تم الإعلان عن تجاوز كل الخطوط الحمراء، بأنتاج مسلسل يجسد الرسول ([)، والدراما السورية قدمت خالد بن الوليد والأسباط والعديد من المسلسلات الدرامية التي لاقت إقبالا كبيرا وعرضت علي كافة الفضائيات العربية والمجمع لايزال متمسكا بقرار المنع.. آخر ساعة ناقشت القضية وتأثيراتها السلبية علي تطور الدراما الدينية، وجدوي استمرار قرارات المنع، في ظل السموات المفتوحة. الكاتب محفوظ عبد الرحمن يري أن بعض القرارات الرسمية تحد من الإبداع فالكاتب له خياله والأهم من ذلك أنه خسارة شديدة للأديان لأن الدراما تقدم هذه الشخصيات بإجلال ومحبة كونها رموزا دينية عظيمة لها مكانتها وفي هذا نصل للعلاقة الحميمة بين الشخصيات والدين ذاته.. ويؤكد أن المنع ليس له مبرر خاصة أن هذه الشخصيات كانوا بشرا يسيرون بين الناس وشاهدهم من كانوا في زمانهم فهل نحن نختلف عن الذين عاصروهم ورأوهم.. ويضيف أن حلمه ظل طوال عشرين عاما أن يكتب عن الحسين بن علي حبا وعشقا.. هذه الشخصية التي عاشت مأساة تراجيدية. ونوه بأن المنع كان في البداية اقتداء بمنع ظهور الرسول والخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين بالجنة ثم امتد لجميع الصحابة.. وهم كلمة مختلف عليها فهل هم من رأي الرسول أم من كافحوا معه أم تخضع لأي معايير.. ويفترض إعادة النظر في المنع لمصلحة الدين والفن والناس لأنه في أوروبا الشخصيات الدينية تقدم بمنتهي البساطة.. بالنظر لأن الدراما الدينية تكسب قلوب الناس وظهور الشخصية مجسدة أفضل لأن رؤية العين تصل للقلب بسرعة وببساطة.. وهذا لا يمنع من وضع قواعد كأن تكون حقائق موثقة وكذلك المراجعة المعتمدة لكن أن يمنع تعسفيا فأنا ضد ذلك. وعلي النقيض.. يري الدكتور طه أبو كريشة عضو مجمع البحوث الإسلامية أن ما انتهي إليه العلماء ليس فيه تغيير لأنهم انتهوا إليه بأدلة وبراهين والأصول التي اعتمدوا عليها ثابتة فهل يصح مثلا تغيير مواقيت الصلاة أو عدد ركعاتها بالطبع لا لكن ما يصح التغيير فيه هي الأمور العصرية المستجدة.. وأقول لكل من يجادل في قرار منع تجسيد هذه الشخصيات الالتزام برأي العلماء ولا ينظرون للمكاسب المادية فقط. ولعلم الاجتماع وجهة نظر وسط بين الرفض والقبول حيث توضح الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس أننا طوال عمرنا نعرف أن تجسيد هذه الشخصيات ممنوع.. لأنه عندما يجسد ممثل شخصية نبي نظل متعلقين به ويصبح الممثل جزءا من هذا التجسيد.. وعندما جسدنا شخصية صلاح الدين الأيوبي ويأتي ذكره يطل علي ذاكرتنا مباشرة الفنان أحمد مظهر الذي جسد دوره ونحن متعلقون به حتي الآن. وأضافت أنه لا مانع من تجسيد شخصيات مثل صلاح الدين الأيوبي أو الصحابة أو حتي الخلفاء الراشدين لكن لا يمكن تجسيد شخصيات الأنبياء مثل سيدنا محمد ([) والمسيح لأن الرسول اختير من الله تعالي ولا يساويه ممثل يقوم بدوره فهناك خطوط حمراء لا يمكن القفز عليها لأن صورة الممثل ترتبط بالنبي لأجيال طويلة قادمة فالفيلم يمكث طوال العمر وبالتالي لا مبرر لذلك حتي إذا كان هذا التجسيد مهما لتوصيل المبادئ والأفكار بشكل أوضح.