علي مدار يوم كامل، رافقت »آخرساعة» مدير أمن سوهاج اللواء مصطفي مقبل وعدداً من القيادات الأمنية بوزارة الداخلية خلال حملة الشرطة المتواصلة علي قرية »البلابيش» بمحافظة سوهاج، المستمرة منذ نحو أسبوعين، ورصدنا حملات استهداف المطاريد في الجبال، وسط ترحيب من الأهالي. تحيط قرية البلابيش التابعة لمركز دار السلام بمحافظة سوهاج مئات الأفدنة من زراعات القصب والموز التي تخفي معالم القرية، يحدها من الشمال قرية البلابيش الجديدة ومن الغرب نهر النيل ومن الشرق طريق قنا ذ سوهاج الشرقي والجبل الشرقي ومن الجنوب نجع القوصة، يتجاوز سكانها 9 آلاف نسمة، حيث تضم أكثر من 100 عائلة ينتمون في الأصل لقبيلة الهوارة، وانتشار التجارات المحرمة جعل أبناءها المثقفين يتركون البلدة التي تحولت إلي مأوي للخارجين علي القانون والهاربين من أحكام جنائية تصل إلي الإعدام، وذلك عقب أحداث 25 يناير 2011 وما صاحب البلاد من حالة انفلات أمني. فشلت محاولات دخول الشرطة القرية أكثر من مرة في السنوات السابقة بسبب حجم الأسلحة الثقيلة في القرية ورفض الشرطة الدخول معهم في مواجهة بالأسلحة خوفاً علي أرواح الأبرياء من الأهالي، لكن في هذه المرة تم إعداد خطة محكمة ومختلفة تحت إشراف مباشر من وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار، وقادها مساعد أول وزير الداخلية لقطاع مصلحة الأمن العام اللواء جمال عبدالباري ونجحت الشرطة في دخول القرية، وبذلك اقتحمت الشرطة أخطر البؤر الإجرامية التي لم تستطع دخولها منذ 6 سنوات. تعددت بلاغات سرقات السيارات بالإكراه والقتل وتجارة الأسلحة والاستيلاء علي أملاك الدولة بالبلابيش أمام اللواء عبدالباري الأمر الذي جعله يعد تقريراً مفصلاً عن تلك القرية بعد التأكد من تلك المعلومات بتحريات ميدانية لرجال البحث الجنائي بإشراف مدير الإدارة العامة للمباحث الجنائية في وزارة الداخلية اللواء هشام نصر، حيث توصلت التحريات إلي وجود 25 عنصرا إجراميا يتاجرون في السلاح، حصلت »آخرساعة» من مصادر أمنية علي صحيفة الحالة الجنائية لأبرز هؤلاء المجرمين حيث جاء علي رأس القائمة محمد وحيد محمد سليمان (38 سنة، عامل زراعي) مطلوب في 4 أحكام جنايات، وسليمان وحيد محمد سليمان (41سنة) يعمل سائقا مطلوب القبض عليه في 4 أحكام جنايات، ومن أبرز من شملتهم القائمة أيضاً ضاحي مصطفي جاد الرب (52 سنة، مزارع) وسبق اتهامه في 5 قضايا قتل وحيازة أسلحة نارية ، ومعروف ضاحي محمد سباق (41 سنة) ومطلوب لتنفيذ 15حكم جنايات بعضهم محكوم فيه بالإعدام، ومحمد الضبع محمد سباق وشهرته محمد حبيشة (43سنة) ومطلوب في 4 أحكام جنائية. وبعرض معلومات هؤلاء المجرمين علي وزير الداخلية أمر القيادات الأمنية باقتحام تلك القرية واستمرار التواجد الأمني فيها حتي تطهيرها، حيث وجه مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن المركزي اللواء هشام عباس بمشاركة قوات العمليات الخاصة في الحملة وتم الدفع ب30 مدرعة و35 مجموعة قتالية أثناء المداهمة. وفي بداية يوم الحملة، تفقد مدير أمن سوهاج اللواء مصطفي مقبل، القوات المتمركزة في القرية ووجه باليقظة الكاملة، ثم التقي عددا كبيرا من أبناء القرية من شباب وكبار العائلات وأئمة المساجد وذلك بحضور نائب مدير أمن سوهاج الجديد اللواء عمر عبدالعال، ومدير إدارة الأمن الوطني بسوهاج العقيد أشرف أبوالمكارم ومدير الإدارة العامة لمكافحة الأسلحة والذخائر غير المرخصة ورئيس فرع الأمن العام بسوهاج العقيد منتصر عبدالنعيم، ومدير الإدارة العامة للأمن المركزي بجنوب الصعيد اللواء توفيق أبوالخير، واللواء علي الكاشف مساعد مدير أمن سوهاج للأمن العام والعميد خالد الشاذلي مدير مباحث مديرية أمن سوهاج والعقيد أحمد شمندي مأمور مركز دار السلام وعدد من القيادات الأمنية بالمديرية. طالب اللواء مقبل الأهالي في اللقاء الذي استمر لأكثر من 3ساعات متواصلة بالتعاون مع الشرطة، مؤكداً أن القوات لن تغادر القرية حتي تطهيرها بالكامل من العناصر الخطرة، وطلب منهم إبلاغ المطلوبين من أقاربهم بتسليم أنفسهم أفضل من استمرارهم مطاردين في الجبال، مشيراً إلي أن الشرطة جاءت البلدة لإعادة الاستقرار الأمني إليها، مشدداً علي أن الأجهزة الأمنية استعادت قوتها وكان من السهل إبادة زراعات القصب والموز التي يختبئ بها المجرمون لكن الشرطة لا تريد التخريب وترويع الآمنين وملتزمون بأقصي درجات ضبط النفس حتي يتم القبض علي كل المطلوبين أو يسلموا أنفسهم. وطرح اللواء مقبل علي الأهالي مبادرة وزارة الداخلية فيما يتعلق بتسليم الأسلحة مؤكداً أن من يبادر بتسليم سلاحه غير المرخص لن تحرر له قضايا، متعهداً بسلامة من يقوم بتسليم نفسه من المطلوبين ونصحهم بعمل إعادة لإجراءاتهم حيث سيتم إعادة النظر في الأحكام الصادرة بشأنهم من خلال النيابة العامة والمحكمة ، وأنهي كلامه قائلاً : »جئنا لخدمتكم ونسعي لتكون البلابيش خالية من الأسلحة»، ورداً علي سؤال أحد الأهالي بشأن وجود أسماء بعض الأهالي ضمن المطلوبين كتجار سلاح وهم لا يعلمون شيئا عن ذلك قال »اللي شايف نفسه مظلوم يسلم نفسه والتحريات هتثبت صحة كلامه من عدمه والنيابة صاحبة القرار النهائي، ولن أقبل بظلم أي شخص». قامت »آخرساعة» بجولة داخل القرية التقت خلالها عدداً من الأهالي الذين رفضوا تصويرهم وطلبوا عدم ذكر أسمائهم خوفاً علي حياتهم، حيث أكدوا أنهم سعداء بحملة الشرطة، ووجهوا الشكر إلي وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار علي هذه الحملة، يقول ( ع . م - 43 سنه مزارع) »ماكناش نقدر نتكلم ولا نرفض أي أوامر لتجار السلاح الذين انتشروا بشكل كبير في القرية بعد ثورة يناير 2011، فمن كان يرفض أوامرهم كان مصيره القتل». يلتقط منه طرف الحديث (خ. ش 22 سنة، طالب) أكثر جريمة كانت منتشرة في القرية وتتم في العلن دون خوف هي تجارة السلاح التي حولت القرية لتكون أخطر من جزيرة النخيلة في أسيوط، حيث كانوا يتفقون علي صفقاتهم علي المقاهي دون خوف ولا يجرؤ أحد علي رفض أوامرهم وأخطرهم يدعي معروف ضاحي هارب من الإعدام هو ملقب ب»الخط» لأنه من أباطرة تجارة السلاح كان يتزوج أي فتاه تعجبه لدرجة أنه أعجب بفتاة عمرها 12 سنة وتزوجها بالإكراه ولم يستطع أهلها الرفض.. ويكشف رئيس مباحث مديرية أمن سوهاج العميد ماجد مؤمن ل»آخرساعة» حصيلة مضبوطات الحملة قائلاً: » نجحنا حتي الآن في ضبط 253 قطعة سلاح متنوعة ما بين بنادق آلية وجرينوف وخرطوش و39عنصرا من شديدي الخطورة و303متهمين هاربين من أحكام بإجمالي 1328حكما بينهم 70 متهما في جنايات و7سيارات تستخدم في نقل الأسلحة وتم تنفيذ 46قرار إزالة للمباني المخالفة والتعديات. أكد مساعد وزير الداخلية لمنطقة وسط الصعيد اللواء هشام لطفي أنه تم إعلاء قيم حقوق الإنسان في حملة البلابيش وذلك من خلال عقد لقاءات متعددة مع شيوخ وعواقل عائلات القرية لإشعارهم بأن التواجد الأمني هدفه تأمينهم والعمل علي نمو القرية.