بات استبعاد محمد أنور السادات، من البرلمان، مسألة وقت ليس أكثر، بعد موافقة اللجنة التشريعية علي توصيات لجنة القيم، التي أثبتت خلال التحقيقات مع النائب إرسال بيانات إلي منظمات دولية تتناول الأوضاع الداخلية للمجلس، وما انتهت إليه بثبوت الواقعة وتوصيتها بإسقاط عضويته. ووافقت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان، برئاسة المستشار بهاء أبو شقة، علي التوصية الصادرة عن لجنة القيم بالمجلس، بإسقاط العضوية عن النائب السادات، علي خلفية الاتهامات الموجهة إليه في واقعة تزوير توقيعات النواب علي مشروعي قانوني الإجراءات الجنائية والجمعيات الأهلية. جاء قرار لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، بأغلبية 38 عضوا، مقابل رفض 3 نواب، وامتناع 3 آخرين عن التصويت. وأكد المستشار بهاء أبوشقة، أن رسائل النائب محمد أنور السادات إلي اتحاد البرلمان الدولي تضم تحريضا ضد المجلس. بدأت حكاية نهاية السادات في برلمان 30 يونيو، عندما خاض الانتخابات علي المقعد الفردي في دائرته في محافظة المنوفية، واستطاع اقتناص المقعد ودخل البرلمان، وفي 23 أبريل 2015، أعلن فوزه برئاسة لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب. في 30 أغسطس 2016، وقبل انتهاء دور الانعقاد الأول، أعلن السادات استقالته من رئاسة لجنة حقوق الإنسان، وأرجع ذلك إلي عدم تعاون هيئة مكتب البرلمان معه، ومع بداية دور الانعقاد الثاني، كان السادات في انتظار مفاجأة، وهي شكوي موجهة من وزيرة التضامن غادة والي، إلي رئيس البرلمان، تشكو النائب فيها، وتتهمه بأنه سرب قانون الجمعيات الأهلية لجهات أجنبية وسفارات، قبل مناقشته في مجلس النواب، ما زاد من حالة عدم الرضا عن أداء السادات لدي قيادات البرلمان. لم يفق السادات من أزمته مع وزيرة التضامن، حتي وقع في مطب آخر، وهو اتهامه بتزوير توقيعات عدد من زملائه النواب علي مشروع قانون الجمعيات الأهلية، الذي تقدم به للبرلمان، الاتهام الذي أكد أن أزمة النائب لم تعد تقف عند حد اختلافه مع أداء المجلس، وتكرار هجومه عليه، إلا أنه أصبح مصدرا للقلق والأزمات تحت القبة، خصوصا أن اتهامات تزوير التوقيعات وصلت إلي البرلمان بشكل رسمي من عدد من النواب. وكان السؤال، الذي تقدم به النائب محمد أنور السادات عن شراء 3 سيارات لرئيس البرلمان بقيمة 18 مليون جنيه، هو القشة التي قصمت علاقة البرلمان بالنائب، فأحدث هذا السؤال حالة كبيرة من الغضب داخل المجلس، لما تسبب فيه من هجوم شديد علي البرلمان، رغم إعلان الأمانة العامة للمجلس تفاصيل الواقعة كاملة، وأن عملية الشراء تمت قبل تشكيل البرلمان في 2015. هنا وجد البرلمان نفسه أمام اختيار إجباري، وهو تفعيل قرار التحقيق مع النائب في كل الوقائع والتهم السابقة، وإحالة أمره إلي لجنة القيم، التي أوصت في تهمتين بإسقاط العضوية عنه، بتصويت كل الأعضاء، ليحسم أمر النائب، الذي بدأ رحلته مع المجلس في يناير 2016 كأحد أهم كوادره، ثم تحول إلي أحد أكبر مشاكله، التي سعي المجلس لحسمها قبل انتهاء فبراير 2017. أزمة السادات بدأت تتكشف بشكل أوضح، في خطاب أرسله اتحاد البرلمان الدولي إلي مجلس النواب، أكد أنه لا تربطه بالسادات أي تعاملات رسمية أو علاقات عمل، ورغم ذلك يرسل لهم بيانات لم يطلبوها، مشددا علي أن الاتحاد لا يحتاج لوسطاء للحصول علي أي بيانات، وأنهم يتعاملون من خلال القنوات الرسمية. الخطاب كشف تلاعب النائب بالألفاظ القانونية، وأنه أكد في التحقيقات ما هو علي خلاف الحقيقة، مدعيا أنه لم يرسل بيانات للجهات الدولية، لكن الاتحاد البرلماني الدولي يوافي البرلمان بصور وتواريخ مراسلات السادات، وبعضها لم يرد في التحقيقات، وأكد البرلمان الدولي استلامه عدة رسائل من السادات في أغسطس وسبتمبر وأكتوبر 2016، تتناول أوضاعًا داخلية تخص البرلمان، وبعضها لم يكن تحت بصره. وكشف البرلمان الدولي، رسميا، كذب ادعاءات النائب محمد أنور السادات، حول عدم إرساله لبيانات عن البرلمان، مستنكرا مخاطبة النائب لتشويه صورة مجلس النواب المصري، مؤكدا أن البيانات المرسلة من السادات تُرسل دون طلب، ومن جانب واحد. وأضاف البرلمان الدولي أنه لا تربطه بالسادات أي تعاملات رسمية أو علاقات عمل، وتابع: "رغم ذلك يرسل لنا بيانات لم نطلبها"، مؤكدا أنه لا يحتاج إلي وسطاء للحصول علي أي بيانات، لأنهم يتعاملون من خلال القنوات الرسمية. السادات حاول الدفاع عن نفسه، في الأسبوع الماضي، عندما تقدم ببلاغ ضد نفسه إلي النائب العام، للمطالبة بفتح تحقيق معه، فيما يخص الاتهامات الموجهة ضده، التي أحيل بسببها للجنة القيم بمجلس النواب. وقال السادات في نص البلاغ: "السيد المستشار نبيل صادق، النائب العام، أرجو التكرم باتخاذ ما يلزم لسماع أقوالي في الادعاءات التي وردت في أثناء التحقيق، الذي تم معي بمعرفة لجان البرلمان، فيما يخص تسريب قانون الجمعيات الأهلية لبعض السفارات، وأيضا تزويري لتوقيعات بعض من النواب علي اقتراح بقانون، وجمعي وإرسال معلومات في شكل شكوي للاتحاد البرلماني الدولي، ونظرا لأن هذه الادعاءات تمثل مساسًا بكرامتي وسمعتي كممثل للشعب، أرجو من سيادتكم سرعة مخاطبة البرلمان لرفع الحصانة عني، واتخاذ الإجراءات اللازمة طبقًا للدستور، لإظهار الحقيقة أمام الرأي العام المصري". وقالت مصادر برلمانية، لملحق "برلمان ونواب"، إن السفير السويسري في القاهرة، زار المجلس، والتقي بهيئة المكتب وعددٍ من الأعضاء، وتحدث السفير عن السادات والتحقيقات الدائرة معه داخل البرلمان، وطلب عدم توقيع أي عقوبات علي النائب، والعفو عنه نظرا لخدماته. ومن جانبه، قال النائب مصطفي بكري، عضو مجلس النواب، ل"برلمان ونواب"، إن السفير السويسري زار البرلمان، وطلب من رئيسه التوقف عن الإجراءات، التي اتخذها المجلس ضد السادات، مشيرا إلي أن لجنة القيم، وافقت بالإجماع علي إسقاط عضوية النائب، بعد تقديم بلاغ من وزيرة التضامن ضده في قضية تسريب مشروع قانون المنظمات المدنية لبعض السفارات. ومن الواضح أن السادات لم يكتب له البقاء في أي من البرلمانات التي دخلها، فإسقاط عضويته هذه المرة لم تكن الواقعة الأولي، حيث سبق وأسقطت عضويته في 29 مايو 2007، وذلك في جلسة ساخنة، احتشد فيها نواب الأغلبية ببرلمان 2005، ووافق مجلس الشعب برئاسة الدكتور أحمد فتحي سرور، علي إسقاط العضوية عن النائب محمد أنور عصمت السادات، لصدور حكم نهائي بإشهار إفلاسه، وسقطت عضويته بعدد أصوات وصل وقتها ل316 نائبا، في ظل رفض 80 عضوا. وفشلت محاولات السادات وقتها بتأجيل التصديق علي إسقاط عضويته لمدة 48 ساعة، حتي يتم البت في الطلب، الذي تقدم به لمحكمة الاستئناف، لإعادة النظر في الحكم، إلا أن الدكتور سرور قال إن اللائحة لا تجيز ذلك، وبعد انتهاء التصويت وقبل إعلان النتيجة تحدث السادات قائلا: "أنا أعلم أن ما يحدث هو قرار سياسي، وحزبي لا علاقة له بالمسائل القانونية، أنا مسامح في حقي، ويكفيني إنني لم أستغل موقعي كنائب للتربح، لقد وقع عليِّ ظلم، ولكني سأعود مرة أخري للمجلس". ومن برلمان 2005 - 2010 إلي برلمان 2012 "برلمان ما بعد ثورة يناير"، الذي خاض السادات انتخاباته وأصبح عضوا به، إلا أن عضويته لم تكتمل بسبب حل هذا المجلس. ووفقًا للمادة 388 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب، فإن اللجنة التشريعية تُقدم تقريرها النهائي إلي رئيس المجلس بعد موافقة أغلبية ثلثي عدد أعضائها عليه، كما تلزم المادة البرلمان بعرض التقرير في أول جلسة تالية، ما يشير إلي عرضه في جلسة، الثلاثاء الماضي، والمجلة ماثلة للطبع، حال إرسال التقرير النهائي ل"التشريعية"، لنكون أمام نص جديد في المادة 389 من اللائحة الداخلية، بأن يُأخذ الرأي في تقرير اللجنة عن إسقاط العضوية نداء بالاسم، ولا يصدر قرار المجلس بإسقاطها إلا بموافقة ثلثي عدد أعضائه.