تواجه صناعة الكتاب وصناعة المطبوع عموما في مصر أزمة هي الأقسي منذ سنوات، إذ أثر قرار تعويم الجنيه سلبا علي هذه الصناعة المعتمدة علي الاستيراد بشكل كلي، لتتوالي توقعات بانخفاض المبيعات بصورة قياسية مع ارتفاع أسعار الخامات من ورق وأحبار وأدوات طباعة إلي نحو الضعف ما يعني زيادة سعر الكتاب بأكثر من 100%، وهي عوامل بحسب أصحاب دور نشر ستؤدي إلي تراجع المبيعات بشكل يهدد استمرار هذه الصناعة التي تشكل وجه مصر الحضاري الأبرز. ورغم وجود أكثر من 500 دار نشر مسجلة في اتحاد الناشرين المصري، والعشرات غيرها تعمل بطريقة غير شرعية، فإن وجود هذه الدور بات مهددا، إذ تعتمد صناعة الكتاب علي استيراد الورق بشكل أساسي، فاحتياجات السوق من الورق تبلغ 600 ألف طن من الورق سنويا، موزعة علي 250 ألف طن يتم استيرادها من الخارج من النوع الفاخر وتستخدم في الكتابة وطباعة الكتب بأشكالها المختلفة سواء الكتاب العادي أو الكتب الدراسية والكشاكيل والكراسات، فيما يتم استيراد 150 ألف طن من الورق الخاص بإنتاج الجرائد والمجلات، بينما يتم إنتاج نحو 200 ألف طن محليا، أي أن الإنتاج المحلي لا يكفي إلا نحو ثلث استهلاك السوق المحلي سنويا. تأثير تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار، في ظل اعتماد صناعة النشر المصرية علي الاستيراد، جاء بنتائج سلبية علي صناعة الكتاب ونشره وتوزيعه، ما عبر عنه صراحة، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، عادل المصري، قائلا ل »آخر ساعة»: »التأثيرات السلبية واضحة للجميع، فأزمة الدولار أدت لارتفاع كلفة طبع الكتاب ونشره من ناحية، في وقت تراجعت القوة الشرائية للمصريين بصورة عامة، ما أثر علي مبيعات دور النشر، لأن الكتاب في النهاية يأتي في آخر اهتمامات المواطن المعيشية».. وحذر المصري من أن استمرار الأزمة دون أفق للحل، قد يؤدي إلي خروج دور نشر من السوق، في ظل سعي الجميع لضغط النفقات وتقليل التكلفة، مضيفا: »لا بد من تدخل الدولة لدعم الناشرين في ظل هذه الأزمة الصعبة، فرزمة الورق زادت من 60 جنيها إلي 260 جنيها، وارتفاع سعر طن الورق من 8.6 آلاف إلي 18 ألف جنيه، ما أدي إلي ارتفاع كلفة الكتاب الواحد ب 160%، وهي أرقام ستؤدي إلي ارتفاع سعر الكتب بشكل يجعل عملية بيعها من الصعوبة بمكان». وتابع المصري: »علي الدولة ممثلة في وزارة الثقافة التدخل لمساندة الناشر في مواجهة ارتفاع أسعار مستلزمات الطباعة، في ظل توقف دور النشر الصغيرة عن نشاطها، فهناك 60 دارا للنشر توقفت بالفعل عن العمل، بينما لجأت دور النشر الكبري إلي رفع أسعار الكتب وخفض عدد النسخ المطبوعة لمواجهة الأزمة». »صناعة النشر تمر بأزمة قاسية ونحن في موقف لا نحسد عليه»، هكذا قالت مؤسسة وصاحبة دار »العين»، الدكتورة فاطمة البودي، ل »آخر ساعة»، مضيفة: »الأسعار زادت بشكل جنوني فتكاليف الطباعة زادت بنسبة 40%، والورق بنسبة 100%، والنقل 100%، في حين انخفضت القيمة الشرائية للقارئ بسبب انخفاض القيمة الشرائية للجنيه. أزمة دور النشر تعبر عن أحد مستويات الأزمة، إذ يشتكي أصحاب المطابع الخاصة من ارتفاع أسعار الورق الذي أثر سلبا علي نشاطهم، فيقول رئيس شعبة الكتاب بغرفة الطباعة باتحاد الغرف التجارية، أحمد حسام: إن أسعار الورق زادت سواء المستورد والمحلي بسبب تعويم الجنيه، ما أدي إلي ارتفاع إجمالي تكلفة الطباعة سواء للكتاب العادي أو الكتاب الثقافي، فسعر طن الورق المستورد ارتفع لنحو 12 ألف جنيه، بدلا من ستة آلاف جنيه، وأشار إلي أن هذه المتغيرات أدت إلي ارتفاع أسعار عملية الطباعة بنسبة لن تقل 100%. ويبدو أن أزمة الورق ستتخطي في تأثيرها عالم الكتاب لتضرب بلاط صاحبة الجلالة، فالعديد من الصحف الخاصة بدت مهددة مع ارتفاع تكليف الطباعة بنسبة 80%، وقالت مصادر مطلعة: إن الأزمة بدأت في الفعل تضرب سوق الصحافة المصرية كامتداد لما تعيشه الصحافة العالمية والعربية من أزمة مستحكمة.