كعادتهم السنوية، كان الجميع "كُتاب، وقُراء، وناشرين"، يتأهبون لاستقبال معرض القاهرة الدولي للكتاب، المقرر إقامة دورته ال48 الشهر الجاري، إلى أن جاء قرار تحرير سعر الصرف مطلع نوفمبر الماضي، وما ترتب عليه من ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، وبالتالي ارتفاع القيمة الإيجارية بالمعرض، الأمر الذي تسبب في اعتذار عدد من دور النشر عن المشاركة في المعرض، وتقليل البعض الآخر للمساحات الخاصة بهم. ولا تعتبر أزمة أرتفاع القيمة الإيجارية بالمعرض هي المشكلة الوحيدة فهناك ازمات كبيرة أدت إلي زيادة أسعار الكتب بشكل كبير. أزمة ورق وبحسب بيانات غرفة تجارة القاهرة في شهر ديسمبر الماضي ، تحتاج مصر إلى ما يعادل 450 ألف طن من ورق الكتابة والطباعة المستخدم في إنتاج كتب الدراسة والكتب الخارجية والكشاكيل والكراسات ، يتم تدبير 200 ألف طن منها سنويًا عن طريق 22 مصنعًا ، بينها مصنعان حكوميان هما إدفو وقنا لصناعة الورق ، واستيراد ما يزيد على 250 ألف طن، و150 ألف طن من الورق الخاص بإنتاج الصحف سنويًا ، وبسبب تحرير سعر الصرف وأرتفاع سعر الدولار في مقابل الجنية أدي إلي أزمه كبيرة في الأوراق اللازمة للطباعة. ويبلغ عدد دور النشر الأعضاء في اتحاد الناشرين المصري 500 دار ، وفقًا لبيانات الاتحاد. رفع قيمة الإيجار بالمعرض وارتفعت قيمة إيجار الجناح الواحد بسبب قرار التعويم ، فأصبح للناشر العربي أو الأجنبي 1700 دولار ، ومع التجهيزات والعمالة ستصل إلى حوالي 5 آلاف دولار ، أما الناشر المصري فسيصل الجناح نحو 100 ألف جنيه. وقال "طارق محمد فاروق" ، مدير مكتبة ودار نشر "دار المعارف" ، يتوقع "عدم مشاركة العديد من دور النشر التي تشارك كل عام في المعرض". كما أكد علي "تأثر دار النشر كثيرًا بأزمة الدولار، وأحجم الجمهور بشكل غير عادي عن شراء الكتب وأصبحنا نعاني خسائر كبيرة". وعن دورة المعرض المقبلة يتوقع "فاروق" ، أن تتخذ وزارة الثقافة قراراً بإلغائه ، ليس فقط بسبب ارتفاع أسعار الكتب التي زاد سعرها 50% عن العام الماضي ، بل بسبب أزمة أكبر ستواجه المشاركين ، وهي ارتفاع أسعار إيجار أماكن العرض لدور النشر داخل المعرض. كما أكد أن الجمهور لا يملك أن يدفع 200 أو 250 جنيهًا في الكتاب الواحد ، فضلًا عن ارتفاع بلغ 150% في سعر الكتاب المترجم ، وهو الذي يكون الإقبال عليه كبيرًا في المعرض ، فقد قفز متوسط سعره بعد التعويم من 200 إلى 460 جنيهًا ، فكيف يتحمل الناشر كل هذه الأعباء. وأكد "طارق الجمال" مدير عام المعارض بالهيئة العامة للكتاب ، أن هيئة المعارض قررت رفع قيمة الإيجار بنسبة 20% هذا العام ، ومن ثم اضطرت هيئة الكتاب لرفع قيمة الإيجار 10% على الناشرين المصريين. وأوضح الناشر "شريف رزق" مدير "دار التنوير" ، أن الدار حجزت في العام الماضي، 32 مترًا بأرض المعارض ، و قلصت مساحتها في الدورة الحالية إلى النصف مقابل قيمة إيجارية تصل 23 ألف جنيهًا ، نتيجة ارتفاع الأسعار بهذا الشكل. كما أكد "عادل المصري" رئيس اتحاد الناشرين المصريين ، إن التمثيل العربي من قِبل دور النشر الخاصة سيكون أقل من كل عام ، لأن الناشر العربي الآن يعاني من ارتفاع الإيجار وسعر الكتاب عندما يحوله لجنيه مصري ، بخلاف تكلفة السفر وشحن الكتب والإقامة ، مضيفًا أن دور النشر الأردنية اعتذرت عن المعرض هذا العام. اختفاء الكتاب "أبو جنيه" ويؤكد أصحاب بعض دور النشر ، أن "الكتاب أبو جنيه واحد سيختفى من المعرض تمامًا" ، وهذه النوعية من الكتب كانت تصدر عن جهات حكومية مثل "الهيئة العامة للكتاب" و"مكتبة الأسرة" ، وكان لها جمهور كبير من الطلبة ومحبي القراءة. وبدأ مشروع مكتبة الأسرة عام 1994 ، ثم تطور إلى مشروع "القراءة للجميع" وكان يبيع الكتب التاريخية والعلمية وغيرها بجنيه مصري واحد.