قبل أسبوع من حلول الذكري السادسة لثورة 25 يناير 2011 التي أنهت حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، مازالت الشرطة - التي يحل عيدها السنوي في اليوم ذاته- تتحسب لأي محاولة تقوم بها عناصر إرهابية أو تخريبية لتعكير صفو المشهد العام في البلاد، التي بطبيعة الحال مازالت تواجه حرباً ضروساً مع الإرهاب وضغوطاً اقتصادية تقودها قوي إقليمية ودولية بهدف تركيع مصر. عودة سريعة بالذاكرة المصرية إلي الوراء ست سنوات، تكشف حجم الأحداث الجسام التي مرت بها البلاد، والتي تفاقمت مع اعتلاء جماعة الإخوان سدة الحكم، وانفجار الأوضاع في أعقاب ثورة الشعب مُجدداً في 30 يونيو 2013 لإطاحتها واقتلاع جذورها إلي غير رجعة، ليبدأ المصريون عهداً جديداً بقيادة الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسي، وتموج حرب شعواء تستهدف إضعاف الدولة والنيل من مقدراتها والتضييق عليها دولياً، ما بدا واضحاً علي مستويات عدة وجبهات مختلفة داخلية وخارجية، ورغم الصعوبات الاقتصادية التي تعيشها مصر راهناً إلا أن رهان القيادة السياسية علي تحمل الشعب كشفت عن معدن أصيل لأحفاد الفراعنة، وبقيت العقبة العاتية هي الحرب الصعبة التي يخوضها المصريون جميعاً ضد قوي الشر، معولين علي الأجهزة الأمنية في تجاوز المرحلة، والقضاء علي العناصر الإرهابية، وحفظ الأمن وتحقيق الأمان. »آخرساعة» اختارت هذا التوقيت تحديداً لقضاء يوم كامل مع قوات أمن العاصمة، لتعيش مع قياداتها وضباطها وأفرادها إيقاع يومياتها الحافل بالعمل وقررنا أن نرصد استعدادهم لأي محاولات تخريبية في يوم »25 يناير» الذي يعز علي كل مصري، واخترنا أن نبدأ معهم بجولة ميدانية في شوارع القاهرة وتابعنا مهام عملهم في الارتكازات الأمنية قرب المدن الجديدة، حيث انتقلنا برفقة قوات التدخل السريع والوحدات خفيفة الحركة التي تم استحداثها لتنضم إلي الأسطول الأمني التابع لوزارة الداخلية. بعد تكرار عمليات السطو المسلح علي السيارات في المدن الجديدة في شرق العاصمة، وزيادة معدلات الجرائم بها، قامت مديرية أمن القاهرة بتعزيز خدماتها في نطاق تلك المدن، حيث أنشأت وحدات للمواجهة الأمنية، أطلقت عليها اسم »وحدات خفيفة الحركة» لمشاركة وحدات التدخل السريع التي تجوب المدن الجديدة علي مدار 24 ساعة، وفق خطوط سير محددة تقوم بتغييرها وفقاً للمستجدات الأمنية، وقد نجحت هذه الوحدات في تحقيق الردع العام للعناصر الإجرامية التي تتخذ من المناطق الجبلية المتاخمة لتلك المدن أوكاراً لمزاولة أنشطتها، فبعد استمرار تواجد الوحدات قام المجرمون بتغيير خريطة أنشطتهم الجنائية، حتي لا يتم اصطيادهم من قبل قوات الشرطة. وفي ضوء توجيهات وزير الداخلية، اللواء مجدي عبدالغفار، بتطوير أساليب المواجهة وسرعة الانتقال إلي مكان الحادث، قام مساعد الوزير لقطاع أمن القاهرة اللواء خالد عبدالعال بعرض مذكرة علي الوزير طلب خلالها إنشاء وحدات للمواجهة الأمنية تحت اسم »وحدات المواجهة الأمنية خفيفة الحركة»، فتمت الموافقة وأنشئت بالفعل منذ أربعة شهور تقريباً، وتتكون كل وحدة من سيارة نجدة ومدرعة صغيرة لسهولة التحرك بها في الأماكن الضيقة ولسرعة الوصول. ومن مكونات الوحدة أيضاً سيارة مسلحة بها مجموعة من المجندين المدربين علي أعلي مستوي، بالإضافة إلي ضابط وفرد بحث جنائي وضابط وفرد نظام، كما أن هذه السيارة مجهزة بالمعدات اللوجستية التي تستخدم أثناء عمليات القبض والتفتيش مثل الأصفاد »الكلابشات» والأقماع الفوسفورية وسدادة مسمارية يتم فردها علي الطريق لقطعه وبدء عملية تفتيش مثلاً، ويكون دور ضابط البحث تحقيق حالات الاشتباه، فهذه الوحدات لها خطوط سير محددة مسبقاً، وذلك طبقاً لمجريات الأحداث. قائد إحدي وحدات المواجهة قال لنا إن هذه الوحدات كان لها مردود جيد جداً، وأري أنها بديل لعسكري الدرك »أبو صفارة»، الذي كان يخاف اللص من صوت صافرته فيبادر بالهرب سريعاً، واليوم نتيجة وجود أسلحة قوية مع المجرمين كان علي الدولة أن تقول للمجرمين أنا الأقوي، وبالتالي كان لابد من عودة عسكري الدرك في شكل أكبر وأقوي وتحولت الصافرة إلي مدرعة لردع العناصر الإجرامية وبذلك يتحقق الهدف المنشود وهو الردع العام. وعن خطوط سير تلك الوحدات يشير إلي أن وحدة الشرق علي سبيل المثال تسير في جسر السويس ومنطقة عين شمس، وهذه المنطقة من الأماكن التي تحدث بها دائماً جرائم متكررة وكانت هناك شكاوي متكررة من سكانها بسبب عمليات البلطجة والسطو المسلح، لدرجة أن الأهالي استقبلوا الوحدات بالزغاريد فور انتشارها هناك، حيث نجحت في تحقيق ردع عام للصوص وتراجعت معدلات الجريمة هناك بشكل كبير. ولعل هذه النتائج الإيجابية التي تحققت ترجع إلي عدة أسباب أهمها أن هذه الوحدات تم تسييرها في البداية من الساعة العاشرة مساء حتي السابعة صباح اليوم التالي، ونتيجة فاعليتها وتحقيقها الأهداف المطلوبة منها وجه اللواء خالد عبدالعال مدير أمن القاهرة، باستمرار عملها علي مدار الأربع والعشرين ساعة، بحيث تتحرك في خط سير رئيسي، لكن إذا اقتضي الأمر تحريكها في اتجاه آخر يتم بالفعل تغيير خط سيرها، طبقاً لمجريات الأحداث من خلال غرفة عمليات الإدارة المزودة بأحدث أجهزة الاتصال والخرائط، كما تم تطوير غرفة العمليات وعمل خرائط حديثة لكل قطاع جغرافي بمديرية أمن العاصمة مع تحديد الأهداف الهامة والحيوية عليها بشكل واضح، وكذلك أماكن الشخصيات الهامة بكل قطاع حتي يمكن تحديد أقرب نقطة تحرك في حالة وقوع أي حادث مفاجئ. أما وحدات التدخل السريع فهي عباره عن سيارات جيب »رانجلر»، والوحدة تتكون من سيارتين إحداها بها ضابط يكون رئيساً للوحدة والأخري فيها فرد وكل سيارة منهما بها مجموعة مسلحة، ولهم زي خاص، ويتلقون تدريبات خاصة بهم ويتم تزويدهم بنوعية من أحدث الأسلحة، ويتضح من اسمها أنها أسرع وحدات للانتقال إلي الحدث والتعامل معه، لدرجة أنها تتعامل مع الحدث أثناء وجودها في نطاق الخدمة، فعلي سبيل المثال إذا تلاحظ للوحدة أي عمل يخل بالأمن العام فإنه يقوم بالتعامل معه فوراً بعد إخطار غرفة العمليات، وهذه الوحدات صدر قرار وزاري بإنشائها ونتيجة قوة المهام الموكلة إليها فإن عناصرها محددة في السن بحيث لا يزيد علي 35 عاماً حتي يكون من السهل إعطاؤه جرعة تدريبية عالية، كما يتم انتقاء أفضل العناصر من الضباط والأفراد والمجندين للعمل بتلك الوحدات، حيث يحصلون علي فرق تدريبية في الألعاب القتالية لصقل مهاراتهم وتنميتها. يواصل قائد إحدي هذه الوحدات حديثه ل»آخرساعة»: هذه الوحدات تقوم بجهود متميزة وتحقق الردع بمجرد سيرها في الشارع أو تواجدها في التمركزات، كما أنها تتولي تأمين العديد من الشخصيات الهامة والوزراء والعديد من المستشارين، التي تشير التقارير الأمنية إلي أنهم مستهدفون، حيث يطلبون مجموعات التدخل السريع بالاسم لتأمينهم ثقة في أدائها. وهذه الوحدات موزعة علي القطاعات الجغرافية لمديرية أمن القاهرة ويكون لها خط سير، بحيث تمر في المحاور الرئيسية للقطاع، وتكون أقرب الوحدات للحدث، لذلك تم دعمها بوحدات المواجهة الأمنية خفيفة الحركة، بحيث تتعاون معها في حالة التوجه إلي أي واقعة بها تعامل بالأسلحة، وتكون هناك كثافة في إطلاق الرصاص، بحيث تكون الوحدتان داعمتين لبعضهما البعض، حتي تتم السيطرة علي الموقف. أبرز المواقف التي كان لوحدات التدخل دور جيد فيها، كان منذ أسابيع، حيث نجحت إحدي وحدات التدخل المتواجدة في منطقة عبدالمنعم رياض بوسط العاصمة من إحباط سرقة سيارة، حيث تلاحظ لرئيس الوحدة أن أحد العناصر قام بفتح إحدي السيارات عنوة وقفز بداخلها وحاول سرقتها فقام بالتدخل بشكل سريع وضبط الجاني وأُعيدت السيارة إلي صاحبها قبل الإبلاغ عن سرقتها. ومن أشهر الوقائع التي تدخلت فيها الوحدات كان في مدينة »قباء» في منطقة »جسر السويس»، حينما تمت مداهمة خلية إرهابية كانت تخطط لعمليات إرهابية وتم تصفية اثنين من الإرهابيين نتيجة مبادرتهم بإطلاق النار علي قوات الشرطة.