العميد قطري: الأكمنة بلا قيمة ولا بد من إلغائها مصدر أمني: الداخلية تعيد تقييم "الأكمنة" وتقارير سرية توصى بعدم الاعتماد عليها لا شك في أن وزارة الداخلية تبذل جهودًا مضنية، في توفير أعلى درجات الأمن والأمان للمواطنين، من خلال التواجد الأمني المكثف في الشوارع والميادين، وسرعة الوصول إلى أماكن البلاغات، فضلا عن التصدى لكافة أنواع الجرائم وبث رسائل طمأنينة للمصريين من خلال الدوريات المتحركة ووحدات الانتشار السريع، غير أن الأكمنة والارتكازات الثابتة في الشوارع والميادين، أصبحت صيدا سهلًا في مرمى نيران الإرهابيين كى يمطرونها بالرصاص، أو يفجرونها بالعبوات الناسفة، ليسقط من فيها من رجال الشرطة ما بين شهيد ومصاب، والمتابعة الدقيقة للأحداث الإرهابية التي شهدتها البلاد منذ ثورة 30 يونيو، تؤكد أن تلك الأكمنة لم تحقق النجاح المطلوب، بل كانت عرضة للتفجيرات الإرهابية، والتي كان آخرها الحادث الذي استهدف كمينا في منطقة الهرم، وأسقط 6 شهداء من رجال الشرطة، فيما أصيب 3 آخرون، فإلى متى تستمر مديريات الأمن -خاصة القاهرة الكبرى- في نظرية الأكمنة الثابتة لتكون صيدًا ثمينًا للإرهابيين، وهل هناك آليات لحمايتها؟ وما طبيعة مهمة الكمين؟ هذه التساؤلات وغيرها يجيب عنها محقق "فيتو" في السطور التالية. في البداية أكد مصدر أمني، أن وزارة الداخلية منذ ثورة 30 يونيو2013، عكفت على توسيع نطاق تواجدها في الشوارع من خلال استحداث وحدات التدخل السريع التي تجوب الشوارع، وأقوال أمنية ثابتة، وتعزيز أفراد الأكمنة الأساسية في نطاق كل دائرة قسم شرطة بمختلف المحافظات، خاصة القاهرة والجيزة والقليوبية، لزيادة الأمان لدى المواطنين والتصدى لتظاهرات الجماعة الإرهابية، فضلا عن تضييق الخناق على العناصر الإرهابية بمنع التسلل واستهداف المنشآت الحيوية أو اغتيال الشخصيات العامة، وبالنسبة للأكمنة الثابتة، فإن الهدف منها هو التواجد الأمني المكثف والمستمر في الشارع، وتسهيل الوصول بأقصى سرعة لمكان البلاغ، بالإضافة إلى بث الطمأنينة في نفوس المواطنين. ويتم تحديد مكان الكمين الثابت وفقا لدراسة أمنية دقيقة لطبيعة المنطقة، وما إذا كانت تحتاج للكمين أم لا، وغالبا ما يتم إنشاء الكمين عقب وقوع حادث كبير أو في ضوء المتغيرات الأمنية، فمثلا تم تدعيم منطقة الشروق بعدد من الأكمنة الثابتة، بعد مقتل الطفلة "فريدة"، واختطاف رجل أعمال، وإصابة ضابط شرطة، أيضا مناطق الهرم والطالبية والعمرانية، تم تدعيمها مؤخرا بعدد من الأكمنة الثابتة، والارتكازات الأمنية، لتضييق الخناق على مرتكبى الجرائم المختلفة. المصدر أوضح أن الكمين الثابت يتكون من سيارتى شرطة، و12 شرطيا بينهم ضابطان وأمينا شرطة، و8 مجندين، وفى بعض الأحيان تضاف للكمين سيارة نجدة بها 3 شرطيين للتنسيق مع غرفة عمليات النجدة والأقسام والقطاعات الأخرى، وطلب المساعدة إذا استدعى الأمر ذلك، وفى بعض الأوقات يضم الكمين سيارة واحدة بها ضابط وأمينا شرطة و3 مجندين، وهناك أكمنة أكبر وهى عبارة عن بنايات خرسانية صغيرة، لا يتجاوز ارتفاعها الطابق الأرضي، مكونة من غرفتين، تحاصرها حواجز حديدية وكتل خرسانية، تحدد حرم «الكمين» الممتدة إلى الطبقة الأسفلتية في نهر الطريق، يعلو البناية لوحة تعلن عن الكمين والجهة التابع لها داخل وزارة الداخلية، ويعمل به ضابطان على الأقل بصفة مستمرة، ويعلوه برج معدنى خاص بشبكة وحدة اللاسلكي، وبه سلاح ثقيل تحسبا للتعرض للاعتداء، وسيارة بوكس حديثة جاهزة للتحرك ودراجة نارية لاستخدامها في أعمال المطاردات، فيما يتواجد مجند أعلى البناية، وآخرون على طرفيها من الأسفل، والباقى في منتصف الكمين، وجميعهم يرتدون الصديرى الواقى من الرصاص، وتنتشر هذه الأكمنة على الطرق السريعة ومداخل ومخارج المحافظات. ومن مهام تلك الأكمنة: فحص سلامة الأوراق لقائدى المركبات "مرور"، وتوسيع دوائر الاشتباه السياسي والجنائي، وتطبيق القانون على كافة العناصر الجنائية وحائزى الأسلحة النارية والمتاجرين بالمواد المخدرة ومتعاطيها والهاربين من تنفيذ أحكام قضائية والصادر بشأنهم قرارات بالضبط والإحضار، وأفراد الكمين يتلقون دورات تدربية مكثفة بصفة مستمرة داخل معسكرات قوات الأمن التابع لكل مديرية، على الفنون القتالية واستخدام الذخيرة الحية وكيفية المواجهة والتعامل مع الأحداث الطارئة. المصدر الأمني أضاف: "بعد تكرار استهداف الأكمنة الثابتة، حرصت الأجهزة المختلفة بوزارة الداخلية على وضع خطط جديدة، تهدف إلى تطوير تلك الأكمنة بعد إعادة تقييمها، بحيث تكون جاهزة للتصدى لأى محاولات من شأنها الاعتداء على قوات الكمين، من خلال تدعيمها بأحدث المعدات والأسلحة، فضلا عن قيام خبراء المفرقعات بالتمشيط الدوري للأكمنة والاستعانة بالكلاب البوليسية في عملية التأمين تحسبًا لزرع أي أجسام غريبة بمحيطها. ونصحت تقارير أمنية عرضت على وزير الداخلية، بضرورة الاعتماد على الأكمنة المتحركة أكثر من الأكمنة الثابتة حتى لا يسهل على العناصر الإجرامية رصدها واستهدافها، بالإضافة إلى تدعيم قوات الأكمنة بكل المعدات اللازمة وارتداء الأفراد الصديرى الواقى طول مدة الخدمة، واختيار نوع السلاح المستخدم في الكمين وفقا للطبيعة الجغرافية لمكانه، فإذا كان الكمين حدوديا يتم تزويد القوات بأسلحة ثقيلة، أما إذا كان داخل المدن يكون أسلحة خفيفة تكتيكية، فضلا عن استخدام السيارات متطورة، في الأكمنة بحيث تكون تلك السيارات قادرة على تقليل حجم الخسائر في حالة حدوث انفجار مثل ما حدث في استهدف دورية سيارة متطورة في جسر السويس لم تسفر عن إصابة أي شرطى لقوة وصلابة السيارة، فضلا عن مطاردة العناصر الاجرامية والإرهابية وملاحقة الجناة ومنع هروبهم عقب ارتكاب أي جريمة أو اعتداء على القوات. "بلا قيمة ولا تحقق أي نجاحات أمنية ولا بد من إلغائها".. بهده الكلمات وصف الخبير الأمني العميد محمود قطري، الأكمنة الأمنية الثابتة المنتشرة في مصر، وقال: "إنشاء الأكمنة الثابتة جاء بقرار استثنائى ولمدة معينة، غير أن قيادات الداخلية استمرت في العمل بهذا القرار، ومع الوقت أصبحت الأكمنة من أساسيات العمل الشرطى وهى تتبع مديريات الأمن مباشرة، وتنتشر في الشوارع والميادين المختلفة، وفى كثير من الأحيان يتم إنشاؤها دون دراسة أمنية متكاملة، وهذا أدى إلى وجود أكمنة في مناطق لا تستحق، وحرمان مناطق أكثر احتياجا للتواجد الأمني". قطرى أكد أن الأكمنة الثابتة لا تضيف جديدا لمنظومة الأمن، بل على العكس فإنها تخلق نوعا من "الضغينة" بين الشرطة وبين المواطنين، خصوصا أنها تقتطع جزءا من الطريق، وتتسبب في اختناقات مرورية، فضلا عن أن بعض المتواجدين بها من رجال الشرطة، يتعامل مع المارة بنوع من التعالي. وأضاف: "عندما يكون الكمين ثابتا ومعروفا مكانه، فمن السهل جدا على أية جماعة إرهابية أو متطرفة، أن تجمع عنه كافة المعلومات، مثل أعداد الضباط والأفراد المتواجدين فيه، وأنواع الأسلحة التي يستخدمونها، والسيارات والدراجات النارية الموجودة به، ومن ثم يمكن إعداد خطة لاستهداف الكمين بسهولة، أيضا فإن وضوح الكمين، يعطى الفرصة للعناصر الإجرامية، كى تمر بعيدا عنه حتى لا تقع في قبضة رجال الأمن، وبالتالى لا تضبط الأكمنة أيا منهم، وكل ما يحدث هو استهدافها بعبوات ناسفة، أو إطلاق النار بشكل مباشر، ويسقط من فيها شهداء". العميد محمود قطرى أشار إلى أن الأجهزة الأمنية ما زالت تتعامل بنفس الآليات القديمة، ولم تطور إستراتيجيتها، وفقا لما حدث من تطور نوعى في العمليات الإرهابية خلال السنوات الأخيرة، وعلى الجانب الآخر نجد أن العناصر الإرهابية، تخطط جيدا لعملياتها، وغالبا ما تختار الكمين المراد استهدافه، وفقا لعوامل محددة منها ضعف التسليح، وعدم وجود تجهيزات مناسبة به، وقلة عدد أفراده، ووجود طرق للهرب بعد تنفيذ العملية، ويتم جمع هذه المعلومات على مدى أيام، وقبل التنفيذ تمر مجموعة من الإرهابيين من أمام الكمين لترصد الأوضاع داخله، ثم تتولى مجموعة أخرى تنفيذ العملية، سواء بإطلاق النار المباشر أو زرع عبوات ناسفة وتفجيرها عن بعد. وأكد أن عمل "الأكمنة" روتينى جدا، فالسيارات تصطف بجوار بعضها، والأفراد يتجمعون مع بعضهم البعض في مكان واحد، وكل ما يهمهم هو الانضباط فقط أثناء مرور مفتش الداخلية عليهم، وبعد انصرافه يعودون إلى حالة الفوضى. وعن تطوير الأكمنة قال قطرى: "من وجهة نظرى، أرى أنه لا بد تفعيل منظومة الأمن الوقائى، والتوسع في الاعتماد على الشرطة السرية، في تتبع خطوات العناصر الإرهابية ومطاردة المجرمين، وإعادة النظر في الأكمنة الثابتة، والعمل على تطويرها بشكل يمكنها من التصدى للهجمات الإرهابية، وتفعيل دورها في مواجهة كافة أشكال وصور الخروج على القانون، وتدريب الضباط والأفراد المتواجدين بها على كيفية التعامل مع أي خطر قد يتهددهم، لأن الأكمنة بصورتها الحالية، بلا قيمة وتعد إهدارا للمال العام ولجهد رجال الشرطة". في سياق آخر دشن بعض ضباط الشرطة حملة على صفحات التواصل الاجتماعى تحت عنوان (لا للكمائن الثابتة)، يعبرون من خلالها عن غضبهم من استمرار الأكمنة الثابتة في الشوارع والتي يسهل استهدافها من قبل الإرهابيين، وطالب الضباط بضرورة الاعتماد على الأكمنة المتحركة وخاصة المناطق التي يتواجد بها المنتمون إلى الجماعة الإرهابية الذين يسعون طول الوقت إلى هدم وتعطيل مؤسسات الدولة عن العمل.