"السعادة مش بس فلوس" تلك هي الفكرة الأساسية للسعادة كما يراها طلاب كلية الهندسة والفنون الجميلة، المتطوعون لعمل الخير، في "مشروع السعادة"، فهم يرفعون شعار "إحنا بفرشة وألوان، هنلون كل مكان، ونوزع فرحة في كل بيوت، القادر والغلبان". يجوبون المحافظات ويلونون حواري وشوارع القري ويرممون المدارس ويعلمون الأطفال الرسم وجد هؤلاء الشباب أن السعادة ليست في المساعدات المادية فقط، إنما في الحالة النفسية التي تساعد الأطفال والبسطاء علي كسر الإحساس باليأس والإحباط والأمل في غد أفضل، وتبعث فيهم شيئًا من الراحة، ومن هذا المنطلق، ولما لديهم من القناعة الكافية لقدرتهم علي تغيير الواقع بأنفسهم قرروا النزول إلي المناطق الشعبية لينظفوا شوارعها، ويرمموا أسقف بيوتها، ويلونوا جدرانها بألوان السعادة. تخيل مثلًا أنك تمشي في شارع تملؤه الكآبة، من منظر العمارات فيه، مظلمة، حزينة، ليس فيها عنصر "مفرح"، أغمض عينيك لحظة، لتفتحهما علي دنيا من الألوان في كل مكان، فبدلًا من الرصيف المليء بالأتربة ستجد كل حجر بلون مختلف، واستبدل واجهات العمارات "المطفية" و"المشققة"، بجماليات في التصميم المُطعم بالألوان "المبهجة"، واسرح بخيالك لتنطبق هذه الفكرة علي كل الشوارع وحتي الحواري الضيقة في الأحياء الشعبية. انطلق فريق "مشروع السعادة"، من داخل أروقة قسم الهندسة المعمارية بجامعة مصر الدولية، بفكرة هاشم رأفت، وبخطوة أولية كمنت في "تلوين" أحد جدران منطقة درب سعادة في باب الخلق، ودراسة تأثير التغير "السيكولوجي" علي الأطفال والمارة، لتتطور الفكرة بشكل تدريجي إلي "مبادرة" خيرية واسعة، لنشر البهجة ب"فرشة وحبة ألوان"، وحاز مؤسسوها علي جائزة "العمارة والطفل"، من الاتحاد الدولي للمعماريين والمجلس الأعلي للثقافة، لتستمر الفكرة في النمو بشكل أوسع عبر "حشد" السوشيال ميديا"، فبدلًا من "حيطة" واحدة تحول الأمر لتلوين شارع بأكمله بحارة الجداوي، ثم انطلقوا لتلوين مناطق وقري بأكملها فطالت فرشاتهم بيوت جزيرة هيسا بالنوبة، وقرية أبو كبير بالشرقية، وأسوار مدرسة ابتدائية بالفيوم، ومدرسة لاجئي جنوب أفريقيا بالمعادي، بجانب العديد من أزقة حي الجمالية، ووصلوا إلي صحراء نويبع، وقاموا بالرسم علي 10 من البيوت الموجودة هناك، كما أقاموا بجانب المنازل مساحة ثقافية للسكان، ليتنفس قلب الصحراء بالألوان. وعن سر اهتمامه بتنفيذ هذا المشروع يقول، هشام رأفت: "شعرت أن هناك حاجات أهم بكثير من دوري كمهندس أستطيع أن أساعد بها بلدي وأغيرها للأفضل، لذا لم أهتم كثيرًا بصعوبة تنفيذ الفكرة بقدر اهتمامي بمساعدة البسطاء، وعندما كنت أري السعادة بعيونهم كنت أشعر بقوة تجعلني أتحدي كل الدنيا حتي أحافظ علي تلك النظرة". الأساس الذي يختار عليه الفريق الأماكن التي يذهب إليها، هو المكان الذي يحتاج إعادة إحياء، والأماكن الشعبية، ويشير محمد إلي أن اختيار الألوان لكل منطقة يتم بناء علي دراسة المكان وأصوله وتاريخه وطبيعة سكانه، فمثلًا عندما نلون حارة في باب الخلق فبالتأكيد اختيارنا سيكون مختلفا تمامًا عنه عندما نلون فصول محو الأمية في قرية بالشرقية، ولكننا في كل الأحوال نختار ما ينعكس علي نفسية سكان المنطقة بالإيجاب ويبعث فيهم الأمل. ويقوم علي مشروع السعادة العديد من الجهات لخدمته، فتدعمه إحدي شركات الدهان بالخامات مقابل الإعلان لها، وتساعده بعض المؤسسات التنموية، أما أعمال التلوين فتكون بشكل تطوعي من الشباب المشاركين، ويتم الموضوع بشكل قانوني، فيأخذ تصريحاً أولاً من الجهات المعنية قبل البدء في الرسم والتلوين، ولم يتوقف نشاط مشروع السعادة علي تلوين الجدران فقط بل يقوم بتعليم الأطفال الرسم والتلوين علي الجدران وفن الكاريكاتير لزرع الفكرة بداخلهم منذ الصغر فتصبح مفهومًا مترسخًا في المجتمع لسنوات مقبلة.