في الزمن الماضي هي ملهمة المخرجين مثل صلاح أبوسيف وكمال الشيخ وعلي بدرخان وحسن الإمام ومحمد خان وغيرهم.. وكان ذلك من حُسن حظ الجيل الماضي عكس مايحدث الآن.. فإنه لم يعد هناك كتاب كبار مثل نجيب محفوظ وفتحي غانم وإحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي ويوسف إدريس ومن حبي لأعمال نجيب محفوظ خصصت مكانا في مكتبتي لكل أعماله.. ونجيب محفوظ هو أول أديب تحولت رواياته إلي أفلام سينمائية.. وتحول خيالي قبل أن أشاهدها إلي صور علي الشاشة. لم يكن نجيب محفوظ يعرف السيناريو.. ولكن صلاح أبوسيف دفعه لكتابة السيناريو فمعظم رواياته ماهي إلا سيناريوهات.. وكان صلاح أبوسيف هو أول من قدم أفلامه علي الشاشة في فيلم »بداية ونهاية«. وقد قدمت بحثا عن نجيب محفوظ في الجامعة الأمريكية وقارنته بالكاتب العالمي تشارلز ديكنز فمعظم أفلامه تدور في الحواري والأزقة الشعبية.. فالمكان في أفلامهما هو شخصية حية بما له من تاريخ وتقاليد وأثرها علي الأحداث والشخصيات.. وهذا ماكان يقدمه تشارلز ديكنز في رواياته. ❊ ❊ ❊ وحين بدأت العمل بالصحافة كنت مشتاقة لأن أري هذا الكاتب العظيم.. وذهبت إليه في مكتبه بوزارة الثقافة فقد كان يعمل موظفا بها.. رجل تشعر من أول وهلة أنك قابلته وأنك تعرفه من قبل يقابلك بابتسامة طيبة.. متواضع إلي أقصي الحدود.. أما المرة الثانية فقد ذهبت إليه في مقهي الفيشاوي الذي اعتاد أن يجلس فيه مع مجموعة من المثقفين.. وكل الناس هناك يعرفونه ومنهم هذا الرجل الضرير الذي يحمل مجموعة من الكتب وينادي »أنا ببيع الأدب« وأخذناه أنا والمصور لنجول في الأماكن والأحياء الشعبية التي كتب عنها وعشناها في رواياته.. منها »زقاق المدق« و»قصر الشوق« و»خان الخليلي« وصورناه وهو يشرب الشيشة وهي صورة مشهورة ونشرناها علي غلاف »آخر ساعة« في ذلك الوقت. ❊ ❊ ❊ اكتب كل هذه المقدمة بمناسبة مانشره الناقد والباحث السينمائي محمود قاسم الذي سبق أن قدم من قبل قاموس السينما العربية منذ بدايتها وحتي هذه الايام. الكتاب اسمه »نجيب محفوظ بين الفيلم والرواية« يتناول فيه الفارق بين الروايات والأفلام وهي 63 فيلما.. وماذا فعل المخرجون الذين قدموا هذه الأفلام.. حقيقة أن المخرج من حقه أن يقدم الفيلم من وجهة نظره فمثلا هو الذين يختار شخصية البطل في الفيلم مثل سناء جميل في »بداية ونهاية« الذي قدمه صلاح أبوسيف يقول محمود قاسم في كتابه إن أبوسيف اختصر حوالي 21 فصلا من الرواية دون أن يمس بالجوهر فكانت مشاهد الفيلم هي قراءة أمينة للغاية مع اختلاف إيقاع الفيلم.. وقد لفت الفيلم نظر المخرجين الذين قدموا بعد ذلك معظم أعماله.. وكل مخرج منهم له أسلوبه في الإخراج فمثلا حسن الإمام الذي أخرج معظم رواياته الرائعة.. فقد أدخل عليها أسلوبه في الرقص والغناء ليضفي شيئا من المرح والبهجة علي عالم نجيب محفوظ القاتم. أما كمال الشيخ في »ميرامار« فكان أهم مايميزه الحوار الشيق بين شخصيات مختلفة أثناء حكم عبدالناصر.. وقد حذف الشيخ مشهدا واحدا فقط هو زيارة الأخت الريفية لأختها التي تعمل خادمة في بنسيون بعد ثورة 2591.. ففي فيلم »الكرنك« الذي أخرجه علي بدرخان.. والذي عرض عام 5791 بعد ثورة التصحيح وأفرج عنه فهو يمثل مدي وحشية رجال المخابرات أثناء تولي صلاح نصر رئاسته من اغتيالات وتعذيب وصلت إلي حد الاغتصاب.. لم يغير كاتب السيناريو والمخرج كثيرا من أحداث الرواية سوي أنه أبرز أنواع التعذيب البشعة التي احتلت جزءا كبيرا من الفيلم.. وهو يدين حكم عبدالناصر. أما فيلم »القاهرة 03« فهو يتناول مصر أيام حكم الانجليز فقد قام صلاح أبوسيف بتسييس الفيلم والمواقف الوطنية التي قام بها الشباب المجاهد والفساد الذي حل في طبقة السلطات الحاكمة والمطالبة بالدستور. ❊ ❊ ❊ هذه ثلاثة نماذج من بين 63 فيلما قدمها محمود قاسم في كتابه »نجيب محفوظ« بين الرواية والسينما.. لقد استمتعت جدا بقراءة الكتاب الذي عشت أجواءه في زمن مضي . وفي رأيي أن هذا الكتاب من أهم الكتب التي تضاف إلي أرشيف السينما.. كما يضاف لمكتبة عشاق السينما والنقاد والصحفيين. ومحمود قاسم يتمتع بأسلوب سهل ليسهل علي القارئ قراءته في وقت قصير ويذكره بعالم نجيب محفوظ صاحب جائزة نوبل. عزيزي هاني شاكر قلبي معك.. وماذا أقول لك.. فإن أي كلام يقال لن يطفئ النار التي في قلبك.. فأنا أعلم جيداً أن ابنتك هذه جزء منك.. كنت أدعو دائماً لها بالشفاء.. ولكن الله أراد.. وأنا أعرف جيداً هذا الألم الذي عانته حبيبة قلبك.. فقد مررت بمثل ظروفك حين أصيب إنسان عزيز جداً هو أخي ومدي الألم الذي كان يعاني منه.. ألم لا يحتمل.. وكان قلبي يتمزق بداخلي وأنا أري الألم في وجهه.. ومررنا بأطباء ومستشفيات.. لدرجة أني طلبت من الله أن يريحه بالطريقة التي يراها.. وحدث.. ورحل أخي بعد أن كان يضفي علينا سعادة غامرة.. وهو لا يزال شاباً. عزيزي هاني: لقد عاصرتك منذ كنت طفلاً في برامج "ماما سميحة" وأيضاً علي المسرح.. وقلت بإحساسي.. أن هذا الطفل سيكون له مستقبل باهر.. وقد تحقق ظني.. وفرحت بك فيما بدأت تغني.. وبالرغم من المعاناة التي عانيتها في مرحلة البداية.. ومن حاولوا الهجوم عليك لصالح مطربين آخرين.. لكنك لم ترد عليهم سوي بتقديمك الأعمال الجيدة.. لم تتنازل يوماً لتقدم أغاني هابطة وهي الأغاني التي ظهرت في السبعينات وانتشرت انتشاراً كبيراً وحققت النجاح في ذلك الوقت.. ثم اختفت بعد ذلك ونسيناها تماماً.. لذلك أطلقوا عليك "أمير الغناء" فأنت فعلاً أمير بأعمالك ودماثة أخلاقك.. لم تهاجم مرة أحد الذين هاجموك في البداية.. ولم تسع للانتشار في وسائل الإعلام.. ولكن الانتشار هو الذي سعي إليك.. ولم نسمع عنك أي إشاعة تشينك. عزيزي هاني: لا أنصح ولا أعظ فأنا أعلم جيداً أن هذا الكلام ليس له أي معني يطفئ نار القلب.. ونطلب من الله أن يخففها عنك مع مرور الوقت.. وأن تغني بعد أن طلبت منك الحبيبة الغالية ذلك ووعدتها.. وأيضاً حينما تري حفيديك اللذين تركتهما يكبران أمامك ويرثان أخلاقك وطباعك ياصاحب الفن الرفيع.. ياأقرب الناس إلي قلوبنا.. الله معك.