الزيارة التي قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي للعاصمة البرتغاليةلشبونة علي مدي الثلاثة أيام الماضية اكتسبت أهمية كبيرة باعتبارها أول زيارة لرئيس مصري للبرتغال منذ 24 عاما، كما أنها أول زيارة منذ تنصيب الرئيس البرتغالي »مارسيلو ريبلو دي سوزا« في مارس من العام الماضي، وهي الزيارة التي جاءت في إطار حرص الدولتين علي تطوير العلاقات الثنائية والارتقاء بها إلي آفاق أرحب خلال المرحلة المقبلة. وجاءت زيارة الرئيس السيسي للبرتغال في إطار جولة هامة للقيادة السياسية حيث انتقل الرئيس السيسي من البرتغال إلي مالابو عاصمة غينيا الاستوائية للمشاركة في أعمال قمة التعاون العربي الأفريقي التي سوف يصدر عنها إعلان يحدد الخطوط العريضة التي تحكم المسار العربي الأفريقي في المرحلة المقبلة. ومشاركة مصر في هذه القمة علي هذا المستوي الرفيع تعكس مدي حرص مصر كدولة أفريقية محورية علي دعم فرص التعاون العربي الأفريقي ودفعه للأمام. مباحثات مكثفة خلال زيارته الهامة للعاصمة البرتغاليةلشبونة التقي الرئيس عبدالفتاح السيسي مع كل من الرئيس البرتغالي «مارسيلو دي سوزا» ورئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء وعمدة لشبونة بالإضافة إلي ممثلي المؤسسات العلمية والأكاديمية ومجتمع الأعمال البرتغالي. وقد تركزت مباحثات القمة المصرية البرتغالية في لشبونة علي سبل تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية وفي مجالات البحث العلمي والدفاع وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين وتشجيع القطاع الخاص علي الدخول في شراكات تجارية. وقد أشاد الرئيس عبدالفتاح السيسي في تصريحات لوكالة أنباء البرتغال بمواقف البرتغال المتوازنة والمتفهمة لمجريات الأحداث في مصر ولتطورات الأوضاع بالشرق الأوسط.. كما هنّأ الرئيس السيسي الشعب البرتغالي بمناسبة اختيار «أنطونيو جويتريس» لمنصب سكرتير عام الأممالمتحدة الذي دعمته مصر منذ البداية معربا عن ثقته من تمكنه من قيادة المنظمة الدولية بنجاح في ضوء ما يتمتع به من خبرات ومؤهلات شخصية كبيرة، وأكد الرئيس السيسي علي وجود آفاق رحبة لتعزيز التعاون بين مصر والبرتغال في المجالات التجارية والاقتصادية، مشيرا إلي أن العام الماضي شهد زيادة في معدل التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 38٪. وتشير الإحصاءات الصادرة عن جهاز التمثيل التجاري التابع لوزارة التجارة إلي أن حجم التبادل التجاري بين مصر والبرتغال زاد خلال العام الماضي بنحو 14 بينما ارتفع حجم الصادرات المصرية إلي البرتغال خلال العام الماضي ليبلغ91 مليون يورو مقابل87 مليون يورو عام 2014 وبلغ حجم الواردات المصرية من البرتغال103 ملايين يورو. ويقدر حجم الاستثمارات البرتغالية في مصر بنحو مليوني يورو تتركز في قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والملابس الجاهزة والطاقة الجديدة والمتجددة. وقد شهدت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للبرتغال بحث تأسيس مجلس أعمال مصري برتغالي مشترك لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري وتفعيل الشراكة بين القطاع الخاص في البلدين والاستفادة من الموقع الجغرافي المتميز لكل من مصر والبرتغال لتكون مصر البوابة لصادرات البرتغال إلي الدول العربية والأفريقية. تنسيق المواقف المشتركة وقد أكدت سفيرة البرتغال في القاهرة مادالينا فيشر أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلي لشبونة تعزِّز إلي حد كبير التعاون الثنائي والتنسيق بين البلدين في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية واصفة العلاقات بين مصر والبرتغال بالعلاقات التاريخية، وأكدت سفيرة البرتغال حرص بلادها في تعزيز العلاقات بين مصر وتجمع الدول الناطقة بالبرتغالية الذي تأسس عام 1996ويضم في عضويته البرتغال والبرازيل وأنجولا والرأس الأخضر وغينيا الاستوائية وموزمبيق والسنغال كمراقبين. وقد عكست المباحثات المكثفة التي أجراها الرئيس السيسي في العاصمة البرتغالية مع الرئيس البرتغالي وكبار المسئولين وغيرهم حرص كل من الدولتين علي تنسيق المواقف المشتركة تجاه جميع القضايا المطروحة في المحافل الدولية كالأممالمتحدة ومن بينها سبل مواجهة أزمة الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب وضمان استقرار منطقة البحر المتوسط بالإضافة إلي تنسيق المواقف المشتركة تجاه تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط ولاسيما الأوضاع المتردية في ليبيا وسوريا والتعاون مع الجهود الدولية الرامية إلي إيجاد حلول سياسية لتلك الأزمات بما يحفظ وحدة هذه الدول وسلامة أراضيها ويصون مؤسساتها الوطنية ومقدرات شعوبها. وكانت سفيرة البرتغال في القاهرة قد أوضحت أن أهمية الزيارة التي قام بها الرئيس السيسي للبرتغال تنبع من أهمية الدور المحوري الذي تلعبه مصر في منطقة الشرق الأوسط وقارة أفريقيا وأوضحت «مادالينا فيشر» أن هناك العديد من الشركات البرتغالية التي أبدت اهتمامها بالاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة بالسوق المصرية خاصة عقب القرارات الاقتصادية الأخيرة وفي مقدمتها تحرير سعر الصرف منوهة إلي أن مصر تمتلك العديد من المقومات الاستثمارية من بينها السوق الواسعة التي تضم نحو90 مليون مستهلك ووجود العديد من القطاعات ذات الربحية المتميزة وموقعها الجغرافي المتميز، مشيرة إلي أن إمكانات النمو والنهوض الاقتصادي في مصر كبيرة رغم التحديات الكبيرة الماثلة أمامها، وأوضحت أن اجتماعات اللجنة المشتركة بين مصر والبرتغال المقرر عقدها العام المقبل سوف تنال قوة دفع كبيرة من نتائج زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي الناجحة للبرتغال والتي سوف يترتب عليها المزيد من فرص التعاون المشترك في المجالات الاقتصادية والتجارية. قمة مالابو من منطلق حرص القيادة السياسية بدعم الدور المصري المحوري علي الصعيدين العربي والأفريقي تأتي مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة العربية الأفريقية الرابعة في مالابو عاصمة غينيا الاستوائية وذلك بعد افتتاحه لزيارته الهامة للعاصمة البرتغاليةلشبونة ولاسيما أن قمة مالابو ووفقا لتصريحات السفير أحمد بن حلي نائب الأمين العام للجامعة العربية سوف يصدر عنها إعلان هام يضع الخطوط العريضة الكبري التي تحكم مسار التعاون العربي الأفريقي في المرحلة المقبلة، ويتناول التعاون السياسي فيما يتعلق بتنسيق القضايا المشتركة علي المستوي العربي الأفريقي وعلي رأسها بؤر التوتر الأفريقية والعربية ومكافحة الإرهاب والقضية الفلسطينية وأعباء الديون المتراكمة علي الدول الأفريقية وتسوية النزاعات والوقاية منها والقضية الفلسطينية والتنسيق علي مستوي القادة العرب والأفارقة علي الصعيد الدولي. ومن الجدير بالذكر فإن الرئيس عبدالفتاح السيسي والزعماء العرب والأفارقة المشاركين في قمة مالابو سوف يبحثون المحاولات الأجنبية لاختراق القارة الأفريقية وتأثير ذلك علي التضامن العربي الأفريقي، ومما لاشك فيه أن القضية الفلسطينية هي قضية الكل بشكل واضح ولا خلاف عليها وهي مطروحة بقوة علي جدول أعمال القادة العرب والأفارقة في مالابو وهي محل اهتمام كافة المحاور العربية والأفريقية. التعاون الاقتصادي ومما لاشك فيه أن ملف التعاون الاقتصادي العربي الأفريقي له أهمية كبيرة ويتم التركيز عليه في قمة مالابو حيث يتم الاستثمار بين الجانبين في مجالات تكنولوجيا المعلومات والطاقة بالإضافة إلي الأمن الزراعي الذي يعدُّ من أهم القضايا التي تهم التعاون العربي الأفريقي. ومن الجدير بالذكر فقد قام الوزراء العرب والأفارقة بوضع مسار خطة خاصة للأمن الزراعي علي أن يكون عام 2025إنجازا عربيا وأفريقيا واضحا في هذا المجال. وفي إطار الرعاية المشتركة لقمة مالابو من قبل الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية فقد تم إعداد تقرير مشترك من قبلهما بشأن ما تم إنجازه من مقررات القمة السابقة التي انعقدت في الكويت عام 2013لبحث العوائق التي تعترض تنفيذ بعض القرارات التي لم يتم تفعيلها علي أرض الواقع. ومما لاشك فيه أن مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي علي رأس الوفد المصري في قمة مالابو تكون فرصة سانحة لعقد عدد من اللقاء الثنائية الهامة مع القادة العرب والأفارقة علي هامش أعمال القمة لدفع سبل التعاون الثنائي مع الدول المشاركة من الجانبين مما يضفي أهمية لعقد مثل هذه القمم علي المستويين الجماعي والثنائي.