د. عبدالمنعم أبوالفتوح يري نفسه مرشحاً محافظاً لا إسلامياً.. ويتعهد برفاهية تامة للشعب خلال 10 سنوات الأوطان لا تدار ب"الأونطة" ولا ب"البكش" السياسي.. لم يجد القيادي الإسلامي الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، المرشح لانتخابات الرئاسة القادمة، أبلغ من تلك الكلمات صاحبة الدلالة في القاموس الشعبي المصري، ليؤكد علي أن تولي أرفع منصب قيادي في الدولة إنما يتطلب برامج عمل وخطط تحديث محكمة لبناء مصانع ومدارس وجامعات ومستشفيات وإسكان لزواج الشباب، وغير ذلك من عوامل النهضة الاقتصادية والاجتماعية، بل والسياسية أيضاً.. بدلاً من شغل الناس بأمور عاطفية أو مطاطة كالحديث عن تطبيق الحدود ومدي حرمة السياحة لتناول الأجانب للخمر وما شابه..مؤكداً أن "الرئيس يجب أن يظل خادماً لهذا الشعب لا سيده".. وأن "الشعب هو الضامن الوحيد لثورته والحارس الأمين عليها.. وبتضحياته لن يسرقها أحد.. لا في الداخل ولا في الخارج". مجموعة من الرسائل المهمة حرص الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح علي أن تكون راسخة في أذهان الجميع فيما يخطو أولي خطواته في سباق صعب وطاحن نحو قصر العروبة.. كانت البداية من ثورة 52يناير، حيث أكد أن الثورة لم تكتمل بعد، ودماء الشهداء يوجب علي الجميع إكمالها ومواجهة أعدائها في الداخل والخارج، وتقديم التضحيات من أجل تحقيق كافة أهدافها المتمثلة في ترسيخ الحرية والعدالة والكفاية لجميع أبناء الشعب. محذراً من أن أي محاولة للاستقواء بالخارج أو انتظار الدعم منه ستكتب كلمة النهاية للانتفاضة المصرية، بينما بدا علي يقين تام أن الثورة ستبدأ في تحقيق أهدافها بعد عامين فقط يحتاجهما الاستقرار السياسي، وأن الشعب يحتاج لأقل من عشر سنوات ليتمتع بالرفاهية. الدكتور أبوالفتوح، وهو مفصول مؤخراً من جماعة الإخوان المسلمين علي خلفية إصراره علي خوض انتخابات الرئاسة بالمخالفة لقرارها، كان واضحاً في التأكيد علي أن الأزمة الاقتصادية هي تحدي المصريين الأكبر حالياً، وعليه كانت رسالته التحذيرية لحكومة الدكتور عصام شرف من محاولة تجاوز هذه المشكلة بواسطة الاقتراض الخارجي، مؤكدا علي أهمية تعليق الاحتجاجات الفئوية المشروعة لعودة عجلة الإنتاج لحركتها، إلي جانب تشجيع الاستثمار العربي وحمايته من الفساد وتذليل عقبات البيروقراطية من أمامه كسبيل لمعالجة الأزمة. وحسب رؤية أبوالفتوح فإن تنشيط السياحة، لاسيما السياحة الداخلية، أداة مهمة لمواجهة الأزمة الاقتصادية: »أقدر السياحة كمصدر رزق، غير أنها في أي بلد محترم تعتمد علي 80 أو90٪ علي المواطنين المحليين، وحالياً المنتجعات في مصر مقصورة علي الأجانب فقط".. وبمنطقه المحافظ يطمئن المتربصين بالسياحة من أنصار التيارات الإسلامية بزعم إفسادها لأخلاقيات المجتمع: "حين يجد هؤلاء السائحون أن المصريين موجودون في الأماكن والمنتجعات التي يزورونها فسيلتزمون بقواعد المجتمع المصري وتقاليده«. وفي الاتجاه ذاته يري أبوالفتوح أن هناك تهويلا متعمدا لمسألة الانفلات الأمني ما يؤثر بالسلب علي الأوضاع الاقتصادية، جازماً بأن نسبة هذا الانفلات بسيطة للغاية ويمكن لأي وزارة داخلية أن تسيطر عليها.. ومن ثم دعا اللواء منصور العيسوي إلي أداء واجبه في إعادة الأمن بدلاً من الاستقالة أو أن يحاكم سياسياً بتهمة التقصير في أداء واجبه: "ليس من المنطقي أن يقول إنه لا يستطيع فصل ضابط شرطة متقاعس".. منوهاً إلي خطورة تواجد وزراء في الحكومة الحالية يمثلون امتدادا للعهد الماضي. وعن محاولات وأد التجربة الديمقراطية الوليدة في مصر عبر جر النخبة لجدل طاحن حول شكل خارطة الطريق السياسية للبلاد بوضع دستور جديد قبل الانتخابات البرلمانية أو العكس، قال أبو الفتوح بحسم:"كنت من مؤيدي أن يكون الدستور أولاً، لكن جاءت نتيجة الاستفتاء الأخير وحسمت الأمر، فمن العيب أن ننقلب علي أول تجربة ديمقراطية بعد الثورة، وعلينا أن نتدرب علي احترام الإرادة الشعبية". ولم ينس في هذا الشأن أن يلفت إلي خطورة ما وصفه »بالتزوير القبلي« في الانتخابات، وهو شراء الانتخابات من قوي داخلية وخارجية، مؤكدا أن الولاياتالمتحدة ودول الخليج يمكنهم شراء الديمقراطية في مصر لصالح من يريدونهم ويحقق مصالحهم وأهدافهم التي هي بالأحري لن تكون أهدافا أو مصالح وطنية. وتبقي الرسالة الأجرأ لأبوالفتوح في تقديم نفسه بصفته الأحق بحكم مصر بين كافة المرشحين المتقدمين لماراثون الرئاسة نظراً لسابق دفعه لضريبة السجن والاعتقال سنوات طويلة، شأنه في ذلك شأن السياسي الناصري، حمدين صباحي.. حيث خاطب جموع الحاضرين في مؤتمره الجماهيري الأول الذي عقد مطلع الأسبوع الجاري في أحد أشهر المناطق الشعبية بالقاهرة، حي المطرية، قائلاً: »من ذاق الظلم ومرارته لا يمكن إلا أن يكون عادلا«.. يأتي هذا فيما بعث أبوالفتوح بعدد من الرسائل التطمينية التي تخاطب كتلا تصويتية متباينة، فوصف مسألة تعدد المرشحين الإسلاميين لمنصب الرئاسة بالظاهرة الصحية، واعتبرها فرصة لإنهاء ظاهرة التخويف من الإسلاميين التي اعتمد عليها النظام السابق طوال سنوات حكمه. لكنه وفي المقابل دعا أي مرشح يجد أنه يصلح أكثر في الدعوة وخدمة الإسلام إلي الانسحاب والاكتفاء بهذا الدور، مشيرا إلي أنه سينسق مع المرشحين الآخرين في الوقت الحاسم.. وزيادة في بث أجواء الطمأنينة تحفظ علي وصف عدد من المرشحين وهو منهم بالإسلاميين: "الإسلام لا يمكن أن يوصف به فئة من المرشحين دون غيرهم، فهو المظلة التي تظلل الجميع".. مقترحا استبدال وصف الإسلاميين ب»المحافظين«. وانطلاقاً من حرص أبوالفتوح وحملته الانتخابية ( تقوم علي مجهود عدد من شباب الإخوان العنيد الذي تحدي جماعته ويواجه شبح الفصل منها لانحيازهم له) علي التوجه للرأي العام في ثوب مرشح وطني أعلن قبوله أن يكون له نائب قبطي أو امرأة.. غير أنه رسخ نقطة نظام في هذا الشأن: "كلامي هذا ليس من باب الدعاية الانتخابية، فالوطن لا يبني بالشعارات بل بالإخلاص و العمل الجاد، والاختيار يجب أن يكون علي أساس الكفاءة". الحديث عن موقفه من الأقباط يفتح مجالاً أرحب للحديث عن الحدود، بالتالي كان أبوالفتوح حاضراً بسيناريو محكم: »الحدود لا تخيف ولها ضوابط وشروط، لكنني أقول إذا غاب الفقر والبطالة عن الشعب المصري لن يوجد من تطبق عليه الحدود«. فيما تحدث عن موقفه من إسرائيل بنفس هادئ بالتأكيد علي أن الدفاع عن القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين المشروعة يعد أحد الثوابت المصرية، لكنه أشار إلي أن تحرير فلسطين يبدأ ببناء مصر الحرة الديمقراطية: »لا محل للمزايدة في ذلك ولن ندخل في حرب مع إسرائيل علي حساب مصر وأمنها القومي«. وفي الأخير كانت رسالته الجامعة بأن"عهد التخويف من انتخاب الإسلاميين والليبراليين واليساريين وغير المسلمين قد انتهي لأن كل هؤلاء مخلصون للوطن".. قبل أن يخاطب المصريين بمختلف طوائفهم: "علي جثثنا أن نستعبد مرة أخري، بشرط أن نذهب جميعا لصندوق الانتخابات للمشاركة في تقرير مصيرنا".