تخيل عندما تستيقظ في الصباح تنزل إلي شارعك، تري القمامة تحيطك في كل مكان، والحوائط متسخة، والنوافذ متهالكة.. تخيل لو كل هذا تغير، لو استيقظت ورأيت شارعك نظيفا ومنظما، حوائط بناياته لوحات فنية مبهجة مفعمة بالألوان والحياة.. "حكاية جدار" هي المبادرة التي أطلقها مجموعة من شباب الفنانين التشكيليين لتحويل شارع سيد عبيد في عزبة الصعايدة بإمبابة إلي لوحة فنية كبيرة. الشارع يسكنه ناس بسطاء، أراد هؤلاء الفنانون إدخال لون مختلف علي حياتهم. المشروع أطلقه عدد من الفنانين المنتمين ل"ائتلاف الفنانين التشكيليين". هو ائتلاف من نوع جديد، ليس سياسياً ولا حزبياً، لكنه ائتلاف فني هدفه الارتقاء بالفن التشكيلي وتقريبه أكثر إلي الناس. وتقول شيماء مجدي إحدي الفنانات المشاركات في الائتلاف "في المرحلة الحالية الكل يحاول أن يساهم في تطوير البلد من خلال مجاله، نحن كفنانين هذا ما نستطيع أن نقدمه، أن نساهم في تغيير حياة الناس من خلال الفن، وتحويل المحيط الذي يعيشون فيه إلي مكان أجمل وأكثر قابلية للحياة" "حكاية جدار" ليس مجرد مشروع لوضع بعض الرسومات علي الحوائط والجدران، لكن هي مبادرة تضع في اهتماماتها تراث وتاريخ منطقة عزبة الصعايدة لكي تكون اللوحات المرسومة ذات علاقة بالمكان وتاريخه وسكانه وراء كل بناية ووراء كل جدار في هذه المنطقة قصة وحكاية، هنا كان شهيد الثورة، هنا يعيش الكاتب وهنا الفنان، هنا الرجل النوبي وهنا الموظف والعامل والفلاح. هنا كان يتقابل "كبار الحتة" لكي يتشاوروا ليجدوا حلولا لمشاكل الناس. ويقول مصطفي البنا (منسق المشروع): "قبل أن نبدأ العمل في الشارع جلسنا مع أهل المنطقة لأسبوعين، سمعنا منهم حكاياتهم وذكرياتهم التي من خلالها استوحينا أفكار اللوحات التي رسمناها. وحاولنا أن نربط هذه اللوحات ببعضها في شكل جدارية تصل كل البيوت مع بعضها" ويضيف: "هناك دائماً حاجز بين الفنون التشكيلية والناس. نحن أردنا أن نكسر هذا الحاجز، والناس بطبيعتهم يحبون الفن ويحبون الجمال والدليل أن جميع أهالي المنطقة كانوا سعداء باللمسة الجمالية التي أضفناها للمنطقة". ويتذكر مصطفي أول يوم نزلوا فيه الشارع كان واضحا علي الناس الاستغراب من التجربة، لكن بعد ذلك كل شيء اختلف "كانت هناك نظرة قلق عند بعض الناس، كان بعضهم يقول لنا لا تلونوا هنا وهناك... لكن في اليوم التالي تغيرت الصورة تماماً، الناس صارت تسألنا حتلونوا عندنا إمتي؟ ماجيتوش عندنا ليه؟ إشمعني لونتوا عندهم ومالونتوش عندنا؟... خلقنا نوعا من الود والألفة مع الناس، حتي أنهم صاروا أصدقاءنا وفي كل مرة نكون فيها هناك يصرون علي أن نتناول الغداء معهم ويعدون لنا مائدة كبيرة وسط الشارع نجلس معهم فيها". ولن يتوقف ائتلاف الفنانين التشكيليين عند تجميل عزبة الصعايدة فقط، بل ينوون تكرار التجربة في أكثر من منطقة شعبية خاصة بعد أن حصلوا علي دعم من قطاع الفنون التشكيلية التابع لوزارة الثقافة الذي قرر أن يمدهم بالأدوات والألوان التي يحتاجونها.