اسمها زينت خليل إبراهيم.. خرجت من قاع المجتمع إلي عالم الشهرة والأضواء.. ولدت في إحدي قري بني سويف في الصعيد.. كان والدها قد تزوج من امرأتين.. ثم انتقل إلي القاهرة ليقيموا في حي شعبي بالأزهر الذي كان يستقبل النازحين من الريف.. لها أشقاء أكبر وأصغر منها سنا.. وتوفيت أمها وهي في الثامنة من عمرها.. ثم رحل والدها بعدها بسنوات قليلة.. وكانت زوجة أبيها تعاملها كخادمة.. ولكن كان يعوضها ويسعدها الاستماع إلي الراديو من المقاهي المنتشرة في المكان. وانتقلت »زينب« من بيت والدها إلي بيت أختها فاطمة في السيدة زينب هناك تأثرت بإنشاد المداحين والصوفيين.. وكانت أختها أيضا تعاملها كخادمة.. وتركتها لتعمل في مشغل خياطة.. هناك التقت بأحد أقاربها من رواد شارع عماد الدين.. وهو شارع الأضواء في ذلك الزمن وأثناء الاحتلال الإنجليزي.. والملئ بالملاهي والكازينوهات والمسارح وصالات الرقص.. وعن طريق قريب »الخياطة« عملت في إحدي الكازينوهات لتبدأ مشوارها الطويل من القاع إلي القمة. ❊ ❊ ❊ في البداية إنضمت إلي راقصات المجاميع اللاتي يشكلن ديكورا لبطلة الاستعراض الراقص.. شاهدتها بديعة مصابني صاحبة الكازينو الذي تخرج منه معظم النجوم لتقدمها في رقصة منفردة.. لكن زينب ارتبكت وفقدت القدرة علي التحكم في جسدها.. وتعالت صرخات السكاري لتطغي علي الموسيقي.. وانسحبت زينب إلي الكواليس.. فعهد إليها مدير الكازينو بمجالسة الزبائن فاتحات الزجاجات المسئولات عن مؤانسة الزبائن.. لكنها لم تقتنع بهذا العمل فتركت الكازينو لتلتقي بمدرس باليه »إيساك« الذي كان يدير مدرسة كي يعلمها كيف ترقص علي أطراف أصابعها برقة ورشاقة وتبدو كفراشة خفيفة منطلقة تسيطر تماما علي جسدها وأن تظل مبتسمة وهي ترقص .. وكان ذلك مقابل المبلغ الضئيل الذي إدخرته من العمل في الكازينو.. وعندما وقفت في دائرة الضوء لتقدم رقصة فردية جذبت إليها الأنظار.. وغيرت اسمها من »زينب خليل« إلي »سامية جمال« وعن طريق ريچيسير ظهرت لأول مرة عام 2491 في السينما في لقطة عابرة ضمن المجاميع في فيلم عبدالوهاب »ممنوع الحب« أخذت لها لقطة وهي تجلس علي ذراع كرسي عبدالوهاب.. ثم ظهرت ككومبارس في أفلام أخري.. ولاحظ مهندس الديكور ولي الدين سامح في فيلم »رصاصة في القلب« ما تتمتع به من حضور علي الشاشة فأسند إليها بطولة أول أفلامها »أحمر شفايف« مع نجيب الريحاني عام 6491 أما الدور فيتناول قصة موظف بسيط يعمل في مصنع مشروبات.. ويعيش في أسرة بسيطة يجمعها الحب.. يلتقي بفتاة لعوب ابنة أخت أحد السعاة الذي يبحث لها عن عمل.. فيلحقها لتعمل خادمة في منزله.. وتمارس ضغوطها العاطفية عليه حتي يحدث مرة أن تملأ منديله بحبر أحمر ظنته الزوجة أنه أحمر شفايف.. فتترك له المنزل وتصحب أبناءها.. وينتهي الفيلم باكتشاف الزوجة للحقيقة ثم النهاية السعيدة. ❊ ❊ ❊ استطاعت »سامية جمال« القادمة من القاع أن تتحول إلي الراقصة الفراشة باستعراضاتها علي المسرح وخطواتها المحسوبة في زمن كان الرقص الشرقي فيه يعتمد علي هز البطن والأرداف.. فحولته إلي استعراض جميل.. وتعتبر سامية جمال »مدرسة« رقص جديدة.. ونجمة معروفة.. بعد رقص »العوالم«. التقت سامية جمال بفريد الأطرش في قصة حب طويلة.. ولمعا معا كثنائي غنائي راقص في ستة أفلام ونجح لهما فيلم »حبيب العمر« لبركات عام 7491.. رقصت فيه أمتع استعراضاتها وغني فريد أمتع أغانيه »حبيب العمر.. حبيتك« و»يازهرة في خيالي«.. بعد ذلك مثلا فيلم »أحبك أنت« و»آخر كدبة«.. و»ماتقولش لحد«.. و»تعالي سلم«.. ثم أسند إليها كبار المخرجين مثل صلاح أبوسيف وغيره الكثير من الأفلام. ❊ ❊ ❊ رأيتها آخر مرة ترقص علي المسرح بعد اعتزالها الفن وهي ترتدي بدلة رقص لا تكشف عن جسدها.. قدمتها هدية لأحد مهرجانات السينما المحلية في القاهرة.. وبالرغم من أنها بلغت سن الاعتزال.. لكنها كانت متألقة كبرنسيسة. سألت فريد الأطرش مرة: هل أحببت »سامية جمال« قال: نعم قلت: ولماذا لم تتزوجها؟ قال: كنت أغار عليها من الملك! ❊ ❊ ❊ إن سامية جمال تحس وأنت تكلمها بأنها امرأة بسيطة واثقة من نفسها.. شيك في تصرفاتها فهي لا تتكلم عن زميلاتها إلا بالخير.. ومع ذلك استغلها البعض في أدوار الشر مثل دورها »زنوبة« الذي مثلت فيه بتلقائية بعد أن اكتسبت خبرة في مشوار حياتها.. ❊ ❊ ❊ بعد أن يئست »سامية« من زواجها بفريد الأطرش.. أرادت أن تنسي هذا الحب فتزوجت من أمريكي صايع بلطجي »عبدالله كنج« وسافرت معه إلي أمريكا.. وفشلت في زيجتها وعادت إلي وطنها نادمة.. وتزوجت للمرة الثانية بفتي الشاشة الوسيم »رشدي أباظة« واعتزلت الفن عام 2791 بعد أن فشل فيلمها الأخير »الشيطان والخريف« وتفرغت لرشدي أباظة لتعمل كزوجة وربة بيت تغسل وتطبخ.. وتفعل كل مايريده . وفي فترة زواجهما تزوجته المطربة صباح لمدة 42 ساعة فقط. وسألت صباح مرة: لماذا تزوجت رشدي أباظة وأنت تعلمين أنه متزوج بسامية جمال التي أحبته وأخلصت له؟ قالت لي صباح: كنت متصورة أن خلافا كبيرا كان بينهما.. وحين ذهبت لأحيي فرح أحد الأمراء العرب في تلك الليلة اتصلت بي أختي سعاد لتقول لي »تعالي بسرعة« إن الناس هنا متعاطفين مع سامية جمال وهذا سيقلل من نجوميتك ومعجبيك.. تعالي فورا لتطلقي رشدي أباظة من أجل سامية جمال وقد حدث فعلا.. وانفصلت سامية عنه في أواخر أيامه. ورحلت سامية جمال في صمت عام 4991 بعد مشوار طويل بدأته من القاع إلي القمة.. وتركت مدرسة للرقص الاستعراضي المبهر بعد رقص »العوالم«.