هل حقيقي وكما يقول الخبراء والمحللون أن الحرب القادمة ستكون حرب من أجل المياه؟ وهل يمكن أن تنشب بيننا وبين دول المنبع السبع حربا بسبب مياه نهر النيل التي مازالت تتدفق منذ آلاف السنين تحمل الخير والنماء لكافة شعوب الدول التسع التي يجري في أراضيها. والحقيقة أن القضية ليست مشكلة مياه.. فهذه تنظمها اتفاقية عام 1929 بين كافة دول حوض النهر الذي يبلغ حجم مياهه حوالي 1660 مليار متر مكعب حصة مصر منها مازالت ومنذ توقيع هذه الاتفاقية 55,5 مليار متر مكعب أي 4٪ فقط وذلك بالرغم من الزيادة السكانية الكبيرة التي شهدتها مصر منذ ذلك التاريخ. وإنما هناك أهداف وأطماع سياسية لقوي لاتريد لهذه الدول وخاصة مصر والسودان أن تعيش في هدوء واستقرار حتي تتمكن من السيطرة عليها وسلب ثرواتها وتحجيم دورها. هذه الدول وعلي رأسها بالطبع إسرائيل لديها حسابات تقوم بتصفيتها مع مصر بسبب مواقفها المبدئية تجاه حرية واستقلال الدول الأفريقية الشقيقة وكذلك جهودها من أجل التوصل إلي حل عادل للقضية الفلسطينية. إسرائيل تريد أن تنتقم من مصر ووضعها في موقف حرج مع دول حوض نهر النيل بسبب رفضها أيضا توصيل مياه نهر النيل عبر ترعة السلام إليها.. وإذا كنا قد أغفلنا علاقاتنا الأفريقية لسنوات طويلة وتركنا الساحة أمام إسرائيل وغيرها من الدول ذات المصالح والنفوذ لكي ترتع فيها وتحاول وضع أسافين بين مصر وهذه الدول وتهديد مصالح مصر القومية في مياه النيل وغيرها فإنه قد آن الأوان لدعم وتوطيد العلاقات بين مصر وكافة الدول الأفريقية وخاصة دول نهر النيل في مختلف المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية والتجارية. إن أفريقيا هي بالتأكيد البعد الاستراتيجي لمصر وهناك آفاق واسعة للتعاون معها في المجالات الزراعية والاقتصادية وفتح مجالات للاستثمار في مختلف القطاعات بالتعاون مع رؤوس الأموال العربية والدولية، ولقد حققنا بالفعل نجاحات في دول مثل أثيوبيا وأوغندا وبوروندي وخاصة بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء أحمد نظيف وكذلك الزيارات المتتالية لوزيرة التعاون الدولي د. فايزة أبو النجا إلا أن الأمر يحتاج لمزيد من الجهد والمثابرة في مواجهة المد الإسرائيلي الخطير. إن عدم إحراز تقدم في محادثات شرم الشيخ الأخيرة لايعني فشلا وإنما مازالت هناك فرصة لحوارات عاقلة ومتأنية مع قادة هذه الدول لأن الأمر بالنسبة لنا قضية حياة أو موت.. ومصر، التي قادت بنجاح وحنكة معركة طابا مع أشرس عدو، قادرة كذلك علي أن تقود أيضا وبثقة قضية مياه النيل مع الدول الأفريقية الشقيقة. وكما فعلنا مع مشكلة طابا فلابد من الإسراع في تكوين لجنة قومية عليا تضم كافة الخبراء وأساتذة القانون والعلاقات الدولية لجمع المعلومات والوثائق وبحث المشكلة من جذورها بهدف التوصل إلي الحلول المناسبة التي ترضي وتحافظ علي مصالح جميع الأطراف ولابد أن تكون هناك اتصالات ومشاورات مع قادة هذه الدول علي أعلي مستوي. وإذا كنا قد تأخرنا كثيرا في احتواء دول المنبع سياسيا واستراتيجيا واقتصاديا فإننا ينبغي أن نبدأ وبأسرع ما يكون في ترشيد استخدام مياه النيل وخاصة فيما يتعلق بقطاع الزراعة وأن نهتم بأساليب وتكنولوجيا الري الحديثة وخاصة الري بالرش والري بالتنقيط والبحث عن مصادر أخري للمياه سواء الجوفية أو تحلية مياه البحر. كما أنه لابد من الاهتمام بحركة النقل مع دول حوض نهر النيل بريا عن طريق إنشاء شبكة سكة حديد وطرق برية سريعة وبحريا عن طريق تنشيط حركة السفن في البحر الأحمر وخاصة بعد إنشاء طريق سفاجا/سوهاج وهو الطريق الذي سيؤدي إلي تنشيط ميناء سفاجا تجاريا مع دول شرق أفريقيا استيرادا وتصديرا. وينبغي علي الدول الأفريقية وقادتها خاصة دول حوض نهر النيل ألا تنسي الدور الأخوي والأخلاقي الذي لعبته مصر علي مدي العقود الماضية وما قدمته من مساعدات وتضحيات حتي حصلت الدول الأفريقية كلها علي حريتها واستقلالها.. ولتعلم أن القوي الإمبريالية مازالت تتربص بها وبنا حتي تجهض كل ما حققناه من تقدم وحرية وتضعنا مرة أخري تحت وطأة سيطرتها الاقتصادية هذه المرة.
تحية إعزاز وتقدير لجنودنا الأبطال أبناء القوات المسلحة المصرية بقيادة الزعيم محمد حسني مبارك متعه الله بالصحة والعافية، وذلك بمناسبة أعياد سيناء الحبيبة وعودتها إلي حضن الوطن الأم.