يقولون: وراء كل عظيم.. امرأة ولكن وراء كل مخلوع.. امرأة أيضا.. تدفع به لأضواء السلطة والمال والقوة والنفوذ ثم تهوي به بعد أن تحيطه بحاشية فاسدة ودائرة من المنافقين والفاسدين وأهل الحظوة والثقة من الأقارب والأصدقاء والأمثلة عديدة بدأت منذ ثمانينيات القرن الماضي في الفلبين وساحل العاج ثم جاءت إلينا مؤخرا في تونس وانتهت في مصر.. وفي الطريق سوريا وبنفس السيناريو تقريبا.. والمصير المحتوم. وسوزان مبارك.. ليست الوحيدة التي تطبق عليها ذلك القول.. وإن كانت أشهر النماذج الآن.. لسبب واحد هو أنها الأخيرة في عنقود النساء اللاتي قدن أزواجهن الحكام للخلع.. حتي الآن علي الأقل والتي كانت لها طموحاتها منذ سن ال15 حينما كانت رئيس قسم الباليه بمدرستها وتمارس السباحة وحققت فيها عدة بطولات وكانت تجيد التنس والعزف علي البيانو وقراءة القصص البوليسية وتتمني أن تكون مضيفة جوية. وسوزان صالح ثابت وهذا اسمها.. ولدت في مطاي بالمنيا عام 1941 ووالدها دكتور صالح ثابت ووالدتها ممرضة بريطانية من ويلز واسمها ليلي بالمز.. تعرفت بوالدها حينما كان يدرس الطب في انجلترا بجامعة كارديف وتزوجا وأنجبا أولادهما: سوزان التي حصلت علي شهادة الثانوية من مدرسة سانت كلير بمصر الجديدة وعلي درجة البكالوريوس من الجامعة الأمريكية بالقاهرة وعلي درجة الماجستير في علم الاجتماع من نفس الجامعة بعد وصول زوجها لرئاسة مصر، وحسب صحيفة »الجارديان« البريطانية التي اهتمت كثيرا بالموضوع.. فإن سوزان كان لها نفوذها النافذ في الدولة المصرية خلال ال30عاما الماضية. وكانت لها كلمتها في اختيار وتعيين الوزراء والوزيرات في الحكومات المصرية المتعاقبة. وكان نشاطها الملحوظ في المجالات الاجتماعية والخيرية. وكانت من أوائل المؤسسين لجمعية الرعاية المتكاملة التي تأسست عام 1977.. وترأست المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة واللجنة القومية للمرأة المصرية وجمعية الهلال الأحمر المصري. وكانت صاحبة فكرة مشروع القراءة للجميع الذي ظهر للنور عام 1993. وبجوار ذلك كله.. كانت الرئيس الفخري لأندية الروتاري ونالت زمالة بول هاريس من الروتاري عدة مرات لأنشطتها المتعددة والخيرية. كما نالت العضوية الفخرية للروتاري مع ابنها جمال في مايو 2001، كما كان شقيقها منير ثابت محافظا للمنطقة 2450 للروتاري والتي تضم دول: مصر والأردن ولبنان والسودان والبحرين وقبرص والإمارات وأرمينيا وچورچيا. كما أسست حركة سوزان مبارك الدولية. والمهم هنا أن سوزان مبارك استغلت ذلك كله في بسط نفوذها والحصول علي المكاسب من ورائه وللعائلة.. ولترسيخ مبدأ التوريث لابنها جمال مبارك في السنوات القليلة الماضية وهو السبب الرئيسي الذي أدي للتعجيل برحيل وخلع مبارك مع أسباب أخري. والغريب.. كما يعرض هنا ديان دوكري صاحب كتاب زوجة الديكتاتور العظيم الذي صدر في يناير الماضي.. أن فكرة السيدة الأولي بدأت في الظهور مع نهاية القرن الماضي وبالتحديد مع ثمانينياته وبعد سقوط النظم الشيوعية في العالم وفي أوربا الشرقية بوجه خاص.. وبروز هامش وفراغ ديمقراطي أرادت عدة نظم ملأه ليس عن طريق رأس الدولة ولكن عن طريق زوجته السيدة الأولي للبلاد.. وهنا ظهرت شخصيات مثل: إيميلدا ماركوس في الفلبين وهي شخصية مثيرة للجدل.. ولدت عام 1929 داخل أسرة ثرية وقانونية فقد كان والدها أستاذا للقانون. ولكن الابنة اختارت أن تدرس الموسيقي والغناء وأن تدخل مسابقات ملكات الجمال وبالفعل تتوج ملكة للجمال وعمرها 81عاما فقط.. قبل أن تتعرف علي زوجها فرديناند ماركوس وتقوده للأمام وحتي تصل به لمقعد الرئيس العاشر للبلاد عام 5691 وليستمر علي مقعده حتي العام 6891 حينما تمت الإطاحة به بعد عمليات غش وتلاعب بالأصوات وقتل المعارضين الرئيسيين له. وايميلدا تولت عدة مناصب خلال مشوارها الطويل حتي العام الماضي فقط.. فقد كانت أما ل4 أولاد ووزيرة وسفيرة مفوضة فوق العادة وعضوة بالبرلمان.. والأهم من ذلك صاحبة نشاط اجتماعي وتطوعي كبير وعدة مشاريع قومية كان أبرزها: مشروع تنظيم الأسرة والثورة الخضراء الذي كان يهدف لزراعة الخضراوات والفواكه في حدائق منازل الفلبين.. وعندما سقط زوجها واقتحموا منزله أو قصوره.. عثروا هناك علي العديد من التحف والآثار والأموال والمجوهرات وبلغ ما تم حصره فقط بعد هروب إيميلدا وزوجها لجزر هاواي: معاطف فرو وألف حقيبة يد ثمينة و3 آلاف زوج من الأحذية و0057 طن من الذهب وطائرات خاصة لها ولزوجها و571 قطعة فنية نادرة لفنانين أبرزهم: مايكل أنجلو؟! وثروة قدرت وقتها بنحو 53مليار دولار. والغريب أنه وبعد وفاة زوجها في المنفي بعد خلعه عادت للبلاد وحاولت أن تخوض الانتخابات البرلمانية بل وكانت وراء فوز أحد المقربين السابقين لزوجها وهو الرئيس السابق جوزيف استرادا الذي وجهت إليه هو أيضا اتهامات بالفساد بعد ذلك. واللافت للنظر.. أن معظم الحالات تأتي من بلدان نامية أو أفريقية مثل ساحل العاج.. والسيدة سيمون جباجبو زوجة الرئيس السابق للبلاد والذي تم خلعه بالقوة بعد أن زور الانتخابات الرئاسية الأخيرة لصالحه في مقابل منافسه الحسن وتارا الذي أعلن فوزه هو الآخر.. وقامت حرب أهلية انتهت بخلع جباجبو هو وزوجته ومغادرتهما القصر الرئاسي.. وسيمون التي كانوا يطلقون عليها »هيلاري كلينتون أفريقيا في إشارة لشخصيتها القوية علي زوجها وفي بلدها. ولدت عام 9491 ولها 5 أولاد وكانت مناضلة ماركسية سابقة وعضوة بالبرلمان وبحزب الجبهة الشعبية الإفواري مع زوجها منذ نشأة الجبهة.. ووالدها كان ضابط شرطة محليا. دخلت مع زوجها السجن أكثر من مرة وخاضت حروبا أهلية ضد خصوم لزوجها ولمعتقداتها.. حتي وصل زوجها لكرسي الرئاسة بالتزوير وشراء الأصوات ليجلس عليه من أكتوبر عام 0002 وحتي رحيله عن السلطة في 11 أبريل الماضي. وخلال هذه الفترة تم اتهامها مع زوجها والمقربين لهما بارتكاب جرائم حرب وخطف واغتصاب وحالات اختفاء لبعض الخصوم السياسيين. وحاليا تعد عدة جهات دولية منها: محكمة العدل الدولية ومحكمة جرائم الحرب.. ملفات عديدة تمهيدا لاستدعائها هي وزوجها للمثول أمامها بسبب هذه الجرائم. وبالقرب منا.. وبالتحديد في تونس لم يختلف الأمر كثيرا عند سيدة اسمها ليلي الطرابلسي زوجة الرئيس التونسي السابق بن علي. وليلي لها قصة تستحق أن تحول لفيلم سينمائي.. فقد جاءت من أسرة قليلة الحال وانتهت هي وأسرتها لشبكة من الفساد والتدخل السافر في شئون الدولة.. بل وحكموا تونس حكما فعليا وخاصة بعد تدهور صحة بن علي مؤخرا. ولدت ليلي عام 7591 في عائلة كان والدها يعمل بائعا للخضراوات والفواكه. وحصلت علي شهادة الابتدائية قبل أن تلتحق بمدرسة لتعليم تصفيف الشعر لتعمل »كوافيرة«.. ولكنها لم تستمر طويلا فقد تعرفت علي شخص يدعي خليل معاوي وهي في سن ال81 فقط.. وتزوجته قبل أن ينفصلا بعد ذلك ب3سنوات. وتزوجها بن علي بعد طلاقه من زوجته الأولي نعيمة التي أنجبت له 3بنات هن غزوة ودرصان سيرين.. قبل أن تنجب له ليلي الطرابلسي: سرين وحليمة وابنه محمد زين العابدين. وبعد أن نجحت ليلي في الدفع بزوجها لخلافة الحبيب بورقيبة في رئاسة تونس.. بدأت في تأسيس شبكة من العلاقات الداخلية والخارجية مستعينة في ذلك بأشقائها وأقاربها بل وأمها أحيانا.. فكان شقيقها الأكبر بالحسن يستحوذ علي أكبر شركة طيران تونسية واستحوذ عدد آخر من أسرتها علي قطاعات هامة في خدمات التليفون المحمول والبنوك والتعليم الخاص. وفي كتاب صدر عام 9002 لمؤلفيه نيكولا بو وكاترين كراسيه اسمه: »حاكمة قصر قرطاج بيد مبسوطة علي تونس« يذكر المؤلفان سطوة ليلي الطرابلسي علي العديد من المنظمات الاجتماعية والخيرية والاقتصادية في تونس هي وأسرتها وصهر الرئيس الماطري.. ومن هنا كانت واجهتها الاجتماعية برئاستها جمعية بسمة للاندماج الاجتماعي وتوفير فرص العمل للمعاقين.. بجانب جمعية تأسست عام 0102 فقط وهي جمعية سيدة لمكافحة السرطان لتحسين أوضاع مرضي السرطان في تونس.. و»ليلي« كانت مغرمة بالذهب والمجوهرات وقيل حسب صحف فرنسية وكويتية إنها قامت بتهريب 5.1طن من الذهب وهي هاربة مع زوجها المخلوع من تونس للسعودية. أما في سوريا.. فالطريق ممهد لحدوث نفس الشيء مع الرئيس بشار الأسد.. ومن ورائه زوجته أسماء التي تملك نفوذا لا بأس به هي وأسرتها في البلاد.. يؤهلها وبجدارة لتكون سببا رئيسيا في خلع زوجها المتوقع عن الرئاسة. وأسماء ولدت عام 5791 وتنحدر من مدينة حمص السورية ومن الطائفة السنية. وكان مولدها في بريطانيا. وهناك درست في إحدي مدارسها وحصلت علي درجة البكالوريوس في علوم الكمبيوتر من كينجز كوليدج التابعة لجامعة لندن عام 6991.. ثم قامت بالتدريب علي العمل المصرفي في نيويورك وعملت في عدة بنوك أشهرها البنك الألماني دويتشه بنك ومؤسسة چي بي مورجان المالية الشهيرة. وبالإضافة لذلك فهي تتقن الإنجليزية والفرنسية والأسبانية بجانب العربية. ويقال إن بشار التقي بها ما بين عامي 29 4991 حينما كان يعمل مع والدها الطبيب في مستشفي واحد. وبالفعل تزوجا في ديسمبر عام 0002 وأنجبا 3 أولاد. ولأسماء مشاريع عديدة في سوريا لتفعيل دور الشباب وفي المجالات الاجتماعية والثقافية والإنسانية والاقتصادية.. ويقال إنها قليلة الظهور إعلاميا فيما يري آخرون العكس تماما فهي شخصية تعشق الموضة وتنفق عليها ببذخ واضح في طريقة ملبسها، كما أن لوالدتها وهي سحر العطري نفوذا ملحوظا في سوريا وكانت تعمل بالسابق بالسفارة السورية في لندن. وحاليا لها نشاط اجتماعي وتقوم بعدة أنشطة كما لو كانت السيدة الأولي في سوريا؟! بل إن لها ساحة شهيرة تحمل اسمها في مدينة حماة تسمي: ساحة سحر العطري تمجد لجهودها في المجالات الاجتماعية والنسائية ولتبرعاتها للجمعيات الخيرية. كما أن هناك انتقادات توجه لوالد أسماء د.فواز الأخرس الذي يتنقل بصورة دائمة بين دمشقولندن. كذلك لأفراد أسرتها الذين يتسع نشاطهم داخل وخارج سوريا بصورة ملحوظة يسيء لها وللرئيس كثيرا وأبرزهم: زوج خالتها غياث وأولاد الدباغ أولاد خالتها ورامي مخلوف أحد أولاد خالتها.. والذين يحتكرون عدة قطاعات: في السياحة والطيران وتجارة السيارات عن طريق المنطقة الحرة.. وهو ما قد يعجل بنهاية بشار الأسد في سوريا.. ومن خلفه »ليدي ديانا السورية«.. كما يطلق السوريون علي أسماء الأسد.