إن خالد يوسف عقلية ثورية منظمة.. ولم لا؟ فهو التلميذ النجيب للمخرج العالمي يوسف شاهين أجرأ شخصية جلست معها دون أي تحفظ ليهاجم النظام.. ويوجه شتائمه للرئيس وابنه. خرج خالد يوسف مع الثوار من الشباب وظل مقيما معهم في ميدان التحرير ليدب فيهم روح الحماس.. وصرخ حينما خرج المسجونون من السجن وبلطجية الحزب الوطني حينما بدأوا يحرقون المباني خوفا علي المتحف المصري من المخربين وأعداء الوطن صرخ.. ووجه نداءاته واستغاثاته لقوات الأمن من خلال القناة العربية بالتليفزيون لإبداء تخوفه من أن تصل النيران المشتعلة في أحد المباني الملاصقة للمتحف وتسرق محتوياته.. تسرق تاريخ مصر. ❊ ❊ ❊ اشترك في البداية بكتابة السيناريوهات مع يوسف شاهين .. في أفلام »المهاجر« و»المصير«.. و»الآخر«.. وعمل مساعدا له.. وقد اشترك في الإخراج مع يوسف شاهين في آخر فيلم له »هي فوضي« حين بدأ المرض يدب في جسده النحيل.. وهو الفيلم الذي ينفس عما كان يشغله بما يحدث في البلد وقيادات الشرطة من ممارسات إجرامية مع المواطنين الأبرياء.. أليس هذا ماكان يحدث في عصر الرئيس السابق من فساد وعنف للأبرياء الغلابة من تعذيب وإجرام واغتصاب. ❊ ❊ ❊ استطاع خالد يوسف أن يخرج من عباءة يوسف شاهين بذكاء ليصنع لنفسه دنيا أخري بعيدة عن دنيا الأستاذ يوسف شاهين. وخالد مخرج وطني ثائر.. عرفنا هويته منذ أول فيلم من إخراجه وهو فيلم »العاصفة«.. فهو فيلم يمس الجرح العربي حينما حاولت العراق غزو الكويت.. وحين قامت الحرب بينهما لمحاولة احتلال العراق للكويت.. واحتل الشقيقان الصفوف الأمامية.. كيف يواجه الأخوان كل منهما الآخر أليس هذا مايمس الأشقاء في الوطن العربي وفاز أول فيلم من إخراجه بالجائزة الدولية الخاصة »الهرم الفضي« في مهرجان القاهرة. ❊ ❊ ❊ إن خالد يوسف يمارس السينما بحب نادر.. سينما ترتبط بآلام وأوجاع الشعب المصري وممارسات العنف من قبل الشرطة.. وهو الشيء الذي حدث في عهد الرئيس السابق لمدة ثلاثين عاما.. والفيلم هو »حين ميسرة« واختار خالد يوسف أماكن العشوائيات التي يسكنها الغلابة وتجار الحشيش والبلطجية.. وكان الفيلم حالة صادقة في النهاية حينما اقتحمت الشرطة المكان بالبلدوزارات لتقضي عليه نهائيا وعمل مشروع مكانه وتلقي بالناس في الشوارع دون مأوي.. وهو أيضا ماحدث في أيام الرئيس السابق الذي كان يوزع الأراضي بالفدادين لكبار رجاله من الأقارب ورجال السلطة.. لبناء القصور والمشروعات التي تخدمهم ويلقون بالشعب الجائع في الشوارع!! ❊ ❊ ❊ أما فيلم »دكان شحاتة« وهو فيلم يرجع به خالد يوسف إلي الوراء إلي أول تولي حكم مبارك.. لتعرف ماكان يحدث طوال رئاسته.. الفساد والصراعات بين الأشقاء.. بين شحاتة وإخوته بعد أن قسم الأب ثروته عليهم.. لدرجة أن أحدهم تزوج بحبيبة أخيه.. وآخر أدخله إخوته السجن.. هذا غير الكذب والرشاوي وماكان يحدث في ذلك العصر. أيضا فيلم »الريس عمر حرب« الذي يدير ملهي ليليا للقمار ويذل موظفيه المحتاجين لكي يعيشوا.. بينما يرتدي الجلابية والطاقية ويمسك بيده السبحة ويصلي الفروض. ❊ ❊ ❊ وخالد يوسف بالرغم من عقليته الثورية وحبه للوطن فلا تخلو أفلامه السايسية من الكوميديا.. وذلك في فيلم »جواز بقرار جمهوري« وهو فيلم سياسي كوميدي حين تحلم إحدي فتيات الحارة بإرسال رسالة إلي الرئيس لكي يحضر حفل زواجها.. وهي تعيش مع عائلتها وجيرانها في أحد الأحياء الفقيرة.. ويوافق الرئيس علي حضور الفرح.. لكن مشاكل تحدث بين الخطيبين اللذين يحاولان فسخ خطوبتهما قبل الفرح.. لكن المسئولين من رجال الرئيس يحكمون عليهما بالزواج.. وكم من الطلبات الموجهة للرئيس من هؤلاء الغلابة لكي ينصفهم.. ومن أموالهم القليلة يقدمون كل مالديهم لتجميل المكان من طلاء من الخارج للمنازل والسجاد الذي سيمشي عليه الرئيس والمكان المزدحم بالورود.. وأبسط من ذلك حين حضر الرئيس المخلوع لزيارة أخبار اليوم.. فقد نظف شارع الصحافة من أوله إلي آخره وفرشت السجاجيد الحمراء ووضعت النباتات الجميلة والورود الزاهية.. وبمجرد خروج الرئيس من مبني أخبار اليوم وصلت عربات النقل لتحمل النباتات والزهور والسجاجيد ليعود المكان لما كان عليه من قبح! ❊ ❊ ❊ كل هذه الأفلام التي قدمها خالد يوسف كانت تعكس حال البلد .. وما يتعرض له من سلطة الحاكمة.. لكنها أيضا كانت أحد أسباب قيام ثورة 25 يناير.