من أجمل ما تمخض عنها ثورة الشباب المناداة بأن تسود مصر ديمقراطية حقيقية، يشعر فيها المواطن بحريته وكرامته، وأنه قادر علي أن يأتي بحاكم من صميم الشعب ليحكم الشعب كمواطن سوف يؤدي واجبه في الحكم لعدة سنوات محدودة، ثم يتخلي عن الحكم لغيره ليقود سفينة الوطن، ومن هنا يتلاشي الحاكم الديكتاتور.. الحاكم المتسلط الذي يتصور أنه نصف إله، وبالتالي تختفي الكثير من الصور الكئيبة التي عرفناها طوال حكم الفراعنة وعانينا منها الكثير، وسنظل لسنوات طويلة نعاني من آثارها الكئيبة التي عششت في أعماقنا، وأصبحت تسكننا كجينات تفرض علينا آثار سنوات طويلة من الظلم والفساد بلا مبرر من منطق، ولا سبب يجعلنا ننسي كل هذه السنوات من الامتهان وتحمل مالا يطاق.. والديمقراطية في أبسط معانيها هي أن يحكم الشعب نفسه بنفسه. صحيح أن للديمقراطية بعض السلبيات، مما حدا بفيلسوف مثل أفلاطون أن يكرهها، لأنه في ظل هذه الديمقراطية حكم علي استاذه سقراط بالإعدام، فشرب السم ومات، متهما الذين حكموا عليه بالغوغائية، وعدم التعمق في الأمور، ولكن هذا لا ينفي أن مزايا الديمقراطية أكبر بكثير من سلبياتها، وأنه في ظل الديمقراطية تعيش المجتمعات في أمن وأمان، وتباشر حريتها في اختيار من يتولي أمورها، وأنه في ظل الديمقراطية يشعر كل مواطن بأنه يستطيع أن يختار من يتولي أموره وأنه باستطاعته محاسبته إذا ماحاد عن الطريق السليم. وقد تغيرت أشكال الديمقراطية علي مر العصور، وإن بقي جوهرها لايتغير، وهو أن يحكم الشعب نفسه بنفسه. ومن رأي الدكتور أحمد زكي وهو يتحدث عن الديمقراطية أن الخبرة الإنسانية لاتزال جارية، وقد اختلفت في بقاع من الأرض كثيرة، وبصرف النظر عن الوسائل نحن نحمد الغاية ماكانت إسداء للخير إلي كل الناس، فرصا للعمل وإحسانه متساوية، وأقساما من ثمرات العيش متقاربة، إن اختلفت فعلي قدر الجهد المبذول والعرق المصبوب إلا أن يكون عجز، أو يكون مرضا، أو تكون شيخوخة، فهذه تكفلها الدولة بحسبانها إما راعية، تدفع عن أبنائها جميعا، نكبات الزمان؟ وأهلا بالديمقراطية التي تعيد إنسانية الإنسان وإحساسه بأنه مواطن كريم في وطن كريم.