بين خمس ممثلات مرشحات لجائزة الجولدن جلوب عن أفضل دور أول في فيلم دراما، يبرز اسم نيكول كيدمان عن أدائها الرائع في فيلم "حفرة الأرنب" للمخرج جون كاميرون ميتشل، أما بقية المرشحات فهن "هال بيري" عن فيلم"فرانكي وأليس"، وجينيفر لورنس عن فيلم"عظام الشتاء" وميشيل ويليامز عن فيلم" الفالنتين الحزين"و"نتالي بورتمان" عن الفيلم التحفة "البجعة السوداء" وهو الفيلم المرشح بقوة لجائزة أفضل فيلم، وغالباً سوف ينال ترشيحا للأوسكار! ومن الملاحظ أن اسم نيكول كيدمان قد ابتعد كثيرا عن قوائم الترشيحات للأوسكار والجولدن جلوب خلال الثمانية أعوام الأخيرة، حيث نالت أوسكار أفضل ممثلة عن فيلم "ساعات"HOURS الذي قدمته في عام 2002 وكان من الممكن أن تكون فرصتها كبيرة هذا العام في الحصول علي الجولدن جلوب، لولا وجود فيلم البجعة السوداء لنتالي بورتمان التي تعتبر منافسه قوية جدا هذا العام، لبقية المرشحات! فيلم حفرة الأرنب، وضع له السيناريو"دافيد ليندساي اباري"، وتبدأ أحداثه بعد ثمانية أشهر من وفاة طفل صغيرفي حادث مؤلم، أصاب والديه بحالة مستمرة من الحزن والوجوم، وتبدو الأم "بيكا" أو نيكول كيدمان، وكأنها تحاول أن تسيطر علي أحزانها، فتقوم بزارعة حديقة منزلها، بعناية، تلك الحديقه التي كان يلعب فيها طفلها الراحل، والتي مر خلالها مخترقا البوابة وهو يجري خلف الكلب الذي كانت الأسرة تقوم بتربيته، يحدث هذا في نفس لحظة مرور سيارة مسرعة يقودها شاب مراهق، تصدم الطفل وترديه قتيلا في الحال، قبل أن تستوعب والدته ماحدث!السيناريو لم يقدم مشاهد الحادثة، ولكن المتفرج يعرف تفاصيل ما حدث من روايات الآخرين، ومن خلال بعض التفاصيل الدقيقة، وبعض جمل الحوار، وذلك عندما يقول "هاري" الممثل "آرون إيكهارت" لزوجته، أريد عودة الكلب للمنزل، فلم يكن مسئولاً عن وفاة الولد، إنه مثل كل كلاب الدنيا يمكن أن يجري عندما يشاهد سنجابا، وكان لابد للطفل أن يجري خلفه، ماحدث كان قدرا محتما، أريدك أن تعيدي الكلب للمنزل فأنا أفتقده جدا وكان ابننا يحبه، ولاأوافقك في محاولة التخلص من كل مايذكرنا بأنه كان لدينا طفل صغير، إنك تتخلصين من ملابسه ولعبه وأشيائه الصغيرة، وكأنه لم يكن هنا بالمرة! ❊❊❊ يذهب الزوجان إلي جلسة علاج نفسي جماعية، تضم بعض الآباء الذين فقدوا أطفالهم، يتحدث كل منهم عن تجربته مع غياب طفله أو طفلته، ويشارك الآخرين آلامه، ولكن تبدو "بيكا" او نيكول كيدمان غير مقتنعة بجدوي تلك الجلسات، بل تسخر من حالة الاستسلام التي يبدو عليها الآباء وتصل سخريتها حداَ لايطاق يدل علي توترها النفسي، عندما تقول إحدي الأمهات، محاولة تهدئة نفسها لقد أخذ الله طفلتي لتنضم للملائكة، فتقول نيكول كيدمان، ولماذا لايخلق الله ملائكة آخرين، بدلا من أن يأخذ أطفالنا؟ وتقرر ألا تعود مرة أخري لحضور تلك الجلسات، التي لم تغير حالة الاكتئاب التي تعيشها طوال ثمانية أشهر!بل إنها تزداد شراسة في معاملة الآخرين ، ومنهم أمها التي تتذكر وفاة شقيقها وتقول لها لقد مرت سنوات علي وفاة شقيقك وأنا أحتمل غيابه، الأمر يكون في البداية قاسيا ولكن بعد ذلك يستطيع الإنسان أن يتعايش، فتصرخ فيها نيكول كيدمان، وتقول لها لاتقارني ابنك بابني ، فلقد مات ابنك وهو في الثلاثين من عمره نتيجه تعاطيه للمخدر، بينما مات ابني وهو طفل لايزيد عمره علي أربعة أعوام ولم يفعل شرورا أو آثاما، ولكن الأم تقول في هدوء مهما يكون مافعله شقيقك فهو ابني علي كل حال! والغريب في الأمر هو ماحدث بعد ذلك فقد أخذت "بيكا" أو نيكول كيدمان تطارد شابا مراهقا، وتتبعه عند ذهابه للمدرسة أو عودته منها، وقد لاحظ الشاب المراهق ذلك، وقررمواجهتها في يوم ما، وسألها هل تريدين التحدث معي؟ ❊❊❊ تلتقي "بيكا" مع هذا الشاب المراهق وتجلس معه في حديقة عامة، تبدو هادئة رقيقة مهتمة لأمره، تسأله عن مدي تقدمه في دراسته، وعن هواياته فيخبرها أنه يقوم بإعداد كتاب يتضمن رسومات"كوميكس"، ويبدو عليها أنها متحمسة لمتابعة مايتضمنه الكتاب، الذي يحمل اسم "حفرة الأرنب "، فيخبرها أنه يدور حول حكاية متخيلة عن عالم قام بعمل ثقوب تقود الي مجرات مختلفة، وعندما يموت هذا العالم يبحث عنه ابنه الطفل من خلال تلك الثقوب أو الحفر، فلا يجده لأنه قد مات ولكنه يجد آخرين يشبهونه، إنه مايسمي بالواقع البديل، هذا الشاب المراهق الذي تحرص الأم نيكول كيدمان علي لقائه والاهتمام بأمره، هو نفس الشاب الذي كان يقود سيارته بسرعة وتسبب في موت طفلها! تلك السيدة التي تعامل كل الناس بمن فيهم زوجها بقسوة وتحاول أن تلقي اللوم علي الجميع ، تتحول إلي شخص آخر مع الشاب الذي تسبب في موته، بل تبدو متعاطفة معه، وكأنها تحاول أن تريحه من عذاب الضمير وتساعده علي أن يبدأ حياته من جديد، وهو الأمر الذي يراه زوجها تصرفا غريبا وبعيدا عن المنطق، ولكنه كما يبدو من أحداث الفيلم كان السبيل الوحيد لراحة تلك الأم المكلومة التي وجدت في قاتل ابنها الواقع البديل! ❊❊❊ الفيلم مليء بالمشاعر الإنسانية الصادقة وقد برعت نيكول كيدمان في التعبير عن الحالات النفسية المختلفة لتلك السيدة الشابة التي فقدت طفلها، فاختل توازنها النفسي، ولكن دون أي مبالغة في الأداء ولاصراخ ولاعويل، كيف تعبر عن المشاعر الداخلية المضطربة، هو درس في الأداء يمكن أن يكون مفيدا لبعض ممثلاتنا اللائي يعتقدن أن التمثيل هو الصراخ والتشنج والنحيب.