علاج السرطان والضوء تختلف أساليب العلاج التي يتلقاها المرضي، فهناك العلاج التقليدي بالدواء وهناك التدخل الجراحي إلي جانب تقنيات أخري، في حين ظهر خلال الفترة الأخيرة العلاج بالضوء وهو وسيلة متبعة للعلاج عن طريق التعرض لموجات ضوئية باستخدام الليزر، حيث يعرّض المريض للضوء لفترة معينة من الوقت يقوم الطبيب بحسابها بدقة، وفيما يعد ثورة جديدة للعلاج أصبحت هذه التقنية الجديدة تستخدم لعلاج مرض السرطان وأمراض أخري عديدة. تنوعت الطرق التي تستخدم للعلاج بالضوء مع مرور الوقت، ففي البداية كان يستخدم ضوء الشمس كنوع من العلاج بالضوء، ثم كان يعرّض المريض للضوء المنبعث من المصابيح محتلفة الألوان أو المصابيح شديدة السطوع إلي أن تطوَّر الأمر وأصبح العلاج بالضوء يتم باستخدام أجهزة معينة إلي جانب أشعة الليزر. ويعتبر السرطان من الأمراض التي دائما يبحث لها العلم عن طرق جديدة للعلاج، وحسب تقارير منظمة الصحة العالمية يتسبب السرطان بوفاة 9 ملايين شخص سنوياً حول العالم ومن أكثرها سرطان المعدة 723000 حالة ، وسرطان المريء 40 ألف حالة، وسرطان القولون 694 ألف حالة، وخاصة بالدول النامية أي أنه يعاني عدد لا بأس به من السرطان بالإضافة إلي معاناتهم اليومية بالتعرض للعلاج الكيميائي والإشعاعي، وهو ما يدعو إلي استخدام تقنية جديدة لعلاج السرطان تعتمد علي العلاج الضوئي الذي يعتبر بالنسبة للمرضي طوق نجاة من العلاج الكيميائي الذي تتعدد آثاره الجانبية. يوضح طارق صقر أستاذ الجراحة العامة والأوعية الدموية وأستاذ بالمعهد القومي لعلوم الليزر أن الضوء يُستخدم في علاج السرطان عن طريق المستحثات الضوئية وهي عبارة عن مواد كيميائية يتم إعطاؤها للمريض حيث تتركز المستحثات الضوئية في الخلايا السرطانية وتمتصها، في حين تتخلص منها الخلايا الطبيعية بسرعة، أي أن المستحثات الضوئية تعطي للمريض ومن ثم يتم انتظار المريض لفترة من الوقت فتتخلص الخلايا الطبيعية بجسمه من المستحثات الضوئية بعد فترة من الوقت، وتمتصها فقط وتحتفظ بها الخلايا السرطانية وعند تسليط أشعة الليزر علي هذه المادة يحدث تفاعل كيميائي يعمل علي تدمير الخلايا السرطانية، ويعتبر علاج السرطان بالضوء علاجا فعّالا عن الطرق المتبعة في علاج السرطان كالعلاج الكيماوي أو العلاج بالجراحة، وفي بعض الحالات يتم العلاج بالمستحثات الضوئية مع الاستئصال الجراحي خاصة مع أورام المخ . يضيف في حالة العلاج بالضوء يمكن إدخال العلاجات الأخري معها كالعلاج الكيماوي أو التدخل الجراحي والإشعاعي، كما يتميز العلاج بالضوء بعدم تكلفته كغيره من أساليب العلاج المختلفة كما أنها آمنة من حيث عدم تأثيرها علي الخلايا المحيطة بالورم وإثارته للخلايا السرطانية، كما أنها ليس لها آثار جانبية كالعلاج الكيماوي والإشعاعي ويُستخدم في حالتي التشخيص والعلاج، ويُستخدم علاج السرطان بالضوء مع الأورام السرطانية في المخ والمعدة والمريء، وسرطان الجلد والمثانة والحنجرة والفم. كما أنه من المعروف أن سرطان الرحم من أكثر أنواع السرطانات انتشاراً، ويبدأ سرطان الرحم بتحوُّر في الخلايا المبطنة للرحم، وكان يعتبر استئصال الورم سواء بالنسبة لمرض سرطان الرحم بالإضافة إلي السرطانات الأخري هو الحل ولكن ذلك كان قبل استخدام أشعة الليزر، إلا أن التقدم العلمي أدخل استخدام أشعة الليزرالذي أنقذ كثيرا من السيدات من المعاناة، وهي كانت خطوة أولية لاستخدام الضوء في معالجة السرطان، مشيراً إلي أن هناك سعياً إلي تطبيق هذه التقنية الجديدة في العلاج كما تم انتشارها بالدول الأخري . علي جانب آخر يُستخدم الضوء في علاج الكثير من الأمراض الأخري كأمراض الجلد والأمراض النفسية علي رأسها الاكتئاب وذلك باستخدام نفس التقنية عن طريق الأشعة فوق البنفسجية المنبعثة باستخدام الليزر أو المصابيح ذات الأضواء الساطعة، أو الصمامات الثنائية الباعثة للضوء، ومن جانبه يوضح محمد المهدي استشاري الأمراض النفسية أن العلاج بالضوء له استخدامات عديدة فهو علاج فعّال لحالات الاكتئاب الشديد ومعالجة الأرق والمشكلات النفسية، يضيف: أنه حتي الآن لم يتم التوسع في استخدام العلاج بالضوء في مصر، علي الرغم من انتشاره بالدول الأوربية وذلك لنتائجه الفعّالة إلا أنه موجود ببعض العيادات والمراكز المتخصصة للعلاج بالضوء . يوضح أنه كان يتم علاج الاكتئاب بالضوء عن طريق المصابيح والتعرض لضوئها لمدة معينة من الوقت يومياً مع مراعاة درجة الضوء المعيّنة وبعدها يشعر المريض بالتحسن بشرط الالتزام بالجلسات المحددة له، فالضوء يعتبر علاجا فعّالا للاكتئاب بدرجاته، كما أنه يعالج اكتئاب ما بعد الحمل، ويتميز العلاج بالضوء بعدم مصاحبة أي آثار جانبية له ولا يتحمله سوي الأشخاص شديدي الحساسية ضد الضوء . يوضح أن الأشعة الضوئية لها أطوال موجية معينة تتراوح بين 100 ميكرومتر إلي 100 نانو متر، وتتنوع الأشعة المنبعثة مابين أشعة حمراء وأشعة فوق بنفسجية وهي أضواء غير مرئية، وأضواء مرئية تتدرج ألوانها ما بين الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق، وتعتبر الأشعة فوق البنفسجية الأكثر استخداماً لعلاج حالات الاكتئاب فهي تحتوي علي محسِّنات للمزاج ومهدئات للجهاز العصبي . وعن الأمراض الجلدية التي تعالج بالضوء يقول د.أسعد إبرهيم استشاري الأمراض الجلدية: يمكن علاج الأمراض الجلدية عن طريق الضوء كالبهاق والصدفية والدرن والقرحات والإكزيما والحكة بمختلف أسبابها كما يساعد العلاج بالضوء علي التئام الجروح، حيث يعتمد العلاج بالأشعة الضوئية علي تخفيف الالتهابات الجلدية، ووقف نشاط الخلايا الملونة بالجلد في حالات البهاق، وفي بعض الحالات يتم إعطاء المريض أقراصا معينة عن طريق الفم لتحفيز خلايا الجلد قبل بدء جلسة العلاج بالضوء أو إعطاؤه دهانا موضعيا حسب الحالة لأن هناك أساليب مختلفة عند العلاج فقد يعرض الجزء المصاب من الجلد فقط للأشعة الضوئية، وفي حالات أخري يتعرض كامل الجسم للأشعة فيماعدا العينين حيث لابد من حمايتهما بنظارات واقية بالإضافة إلي تغطية الوجه إذا لم يكن مصاباً بالمرض الجلدي ، وتختلف المدة الزمنية لجلسات العلاج بالضوء حسب الحالة فقد تبدأ من دقيقة واحدة وتزداد تدريجياً، وتتراوح من بين جلستين إلي ثلاث بالأسبوع حسب الطبيب المعالج . يتابع يعد العلاج بالضوء آمنا وفعّالا عن الطرق الأخري التقليدية في العلاج، ولكن لابد من انتباه المريض لعدة أمور خلال رحلة العلاج بالضوء كالبعد عن تناول العقاقير الطبية غير الموصوفة من الطبيب المعالج إلا بعد استشارته أو تعرُّض الجلد لمستحضرات التجميل أو المواد المعطرة . ويشير إلي أن العلاج بالضوء أيضاً أصبح أداة علاجية بكثير من مراكز التجميل وإن كان استخدامه محدودا مقارنة بالدول الأخري ويعتبرونه طريقة جديدة وغير ضارة بالبشرة لمحاربة الشيخوخة والحبوب والبثور، والبقع والتصبغات والتخلص من العلامات والخطوط الرفيعة بالوجه من خلال تحفيز الخلايا لإنتاج الكولاجين الذي يحارب علامات الشيخوخة من خلال مرور الضوء النابض علي سطح الوجه . ويتم استخدام الألوان حسب العلاج الذي تحتاجه البشرة كالضوء الأخضر الذي يعالج التصبغات بالبشرة ، والضوء الأزرق لمعالجة حب الشباب والبثور، والضوء الأحمر لمعالجة البشرة المعرضة للشيخوخة وظهور التجاعيد والخطوط الرفيعة، وأعتقد أنها طريقة تلقي إقبال السيدات خاصة أنها تقيهن التعرض والخضوع للعمليات الجراحية . يقول زياد عبدالله أستاذ جراحة العيون إن العلاج الضوئي يُستخدم كوسيلة حديثة لتصحيح النظر وضعف القرنية في مجال طب العيون عن طريق العلاج الضوئي الكيميائي، وذلك بعد تشبيع قرنية العين بمادة كيميائية ومن ثم تسليط الأشعة فوق البنفسجية علي سطح القرنية ليحدث التفاعل بين المادة الكيميائية والأشعة فتزداد قوة الأنسجة بالعين مما يساعد علي تماسك القرنية وهو علاج جديد يُتبع بعدة دول . يضيف أنه مبني علي أسس واضحة ومن خلال أجهزة معينة لقياس درجة تماسك القرنية التي كشفت عن أهمية هذه التقنية الجديدة التي قضت بدورها علي العمليات الجراحية الصعبة التي كان يتجنبها المرضي.