في اجتماع القوي العظمي والإقليمية المهتمة بالشأن الليبي، الذي عقد مؤخراً في العاصمة النمساوية «فينا». أقر المجتمعون بالإجماع بدء تخفيف الحظر المفروض علي تسليح الجيش الليبي، مع تقديم كل الدعم لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، والسؤال هنا: كيف سيتم رفع هذا الحظر أو حتي تخفيفه في بلد أصبح مقسماً بين حكومتين وميليشيات حتي الآن؟ إضافة إلي وجود تنظيمات إرهابية تنهش في الجسد الليبي أبرزها داعش.. ناهيك عن سطوة تقاليد القبائل المسلحة والنزعات الانفصالية التي تدعو لليبيا ممزقة ل3 أقاليم. والسؤال طرحه موقع "روسيا اليوم الإخباري". الذي أشار فيه إلي أن بيان القوي التي اجتمعت في "فينا" أقرت تخفيف الحظر بعد موافقة مجلس الأمن بقرار دولي أي أن ما قرره المجتمعون ما هو إلا توصية فقط، لن تدخل حيز التنفيذ إلا مع إقرار مثل هذا القرار، إضافة إلي أن ما قصده المجتمعون هو تسليح القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، وليس لقوات أخري علي التراب الليبي ومنها قوات اللواء "خليفة حفتر" القائد العسكري الليبي التي تتمركز في شرق ليبيا بصفة خاصة، وتخوض معارك طاحنة شبه يومية مع معارضيها، ومع قوات من تنظيم داعش، وتدعو لحرب شاملة ضد التنظيم تصل أحياناً لمدينة "سرت" أحد معاقل التنظيم في البلاد. وليس كذلك قوات برلمان طرابلس في الغرب الليبي.. التي يدعم أغلبها جماعات شبه متطرفة أبرزها جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، أو قوات أخري مازالت تحارب في نفس الجبهة الغربية ومنها ميليشيات تابعة لقوات فجر ليبيا، أو غرف المقاومة في سرت أو صبراتة أو أجدابيا أو في مدن مثل الزنتان ومصراتة ودرنة وطبرق، وكل تلك القوات تتصارع فيما بينها ولا يربط بينها إلا الصراع علي نيل القطعة الكبري من الكعكة الليبية. وهنا - كما تقول صحيفة "الواشنطن بوست" الأمريكية- تبرز أهمية تصارع تلك القوات في مناطق هامة اقتصادياً وسياسياً وأبرزها: الهلال الذهبي النفطي الذي يضم مناطق في الشرق الليبي، ومعظم الثروات النفطية للبلاد، إضافة لعدة موانئ يمكن تصديره للخارج من خلالها. ولا يخلو الأمر من حدوث بعض الصفقات بين شخصيات وقوي دولية، لضمان موطئ قدم لها فوق الأراضي الليبية، ومن هنا كان حرص كل من أمريكا وفرنسا وإيطاليا بالذات، علي تحقيق توازن ما لمصالحها فوق الأرض، باستقطاب شخصيات مثل رئيس حكومة الوفاق الوطني، أو رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، أو حتي التفاوض مع بعض القوي الإسلامية، وتقليص نفوذ بعض القوي الأخري ومنها خليفة حفتر. والوضع.. كما هو عليه الآن.. معقد للغاية مع وجود تكتلات وتنظيمات تعمل بالفعل بالداخل، خاصة في الوسط والجنوب الليبي، حيث لا توجد أي سيطرة من أي حكومة علي هذه المناطق، التي تتنازعها عدة قبائل أو مجموعات مسلحة أو متطرفة وكلها لا تعترف بنفوذ أي جهة أخري أو حكومة يتم تشكيلها بين حين وآخر. خطورة أخري تنبه إليها صحيفة الجارديان البريطانية- وهي من يضمن أنه في حال تخفيف أو رفع الحظر علي تسليح الجيش الليبي، أياً كان مسماه- أنه لن يقع في أيدي المتطرفين المسلحين، وبخاصة تنظيم داعش، أو أنه سيكون من نصيب من يدفع أكثر في النهاية؟ وهذا ما تخشاه دول الجوار مع ليبيا، ففي هذه الحالة يمكن أن يشكل هذا السلاح في أيدي مثل تلك الجماعات تهديداً لتلك الدول بشكل مباشر، ولو في المستقبل القريب. خبراء قالوا للجارديان أيضاً، إن هناك تحركات لقوات خاصة أجنبية منذ فترة علي الأراضي الليبية وأن منها قوات بريطانية وأمريكية، وبعضها يعمل بالفعل منذ شهور علي الأرض، ويقوم بتدريب بعض الميليشيات العسكرية هناك، وفي حال رفع أو تخفيف الحظر للتسليح في ليبيا، فإن مثل تلك القوات يمكن أن يكون لها دورها البارز في إدخال السلاح لجماعات أو ميليشيات غير مرغوب فيها، ولهدف واحد وهو تأجيج الصراع هناك، وللوقت الذي تريده القوي الكبري هناك، وهو ما حدث ومازال يحدث في اليمن والعراق وسوريا بصورة أو بأخري. وهو ما قد يؤدي إن آجلاً أو عاجلاً، لطلب تدخل القوي الكبري عسكرياً وبرياً للأراضي الليبية، إما لحسم الصراع عسكرياً وبقوات برية لازمة لذلك، أو لمواجهة الإرهاب - الشماعة الجاهزة لأي تدخل بالمنطقة - أو لبسط النفوذ والتواجد بقوة في بلد يعوم فوق بحيرات من النفط!