لم يعد رهانها بأن تكون المرأة حاضرة فقط في مجال الطب البشري، بل أصبحت تتوق إلي أن تكون صاحبة مسئولية قيادية لا تقارن في عملها.. تمنحنا صورة مشرقة تحمل بعداً اجتماعياً وإنسانياً في إيجاد صياغة لمستقبل العلاقة بين الطبيب والمريض، وقد ساعد عشقها لوطنها وإيمانها بسلاح العلم والتقنيات الحديثة علي أن تنهل من مشاربه معاني وقيماً وطاقة إنسانية فياضة حتي أصبحت أستاذة طب الأطفال الدكتورة أمل نور الدين، صاحبة تجربة متخصصة ومتميزة في عالم طب الأطفال تمتلئ بالصدق والبساطة في التعامل والطموح إلي المزيد من العطاء الدائم في رحاب ساحة الإبداع الطبي. تقول الدكتورة أمل: إن الطب مهنة إنسانية من الدرجة الأولي تعتمد في التفاعل مع البشر مباشرة فيما يتعلق بصحتهم وسلامتهم وتستهدف بالأساس إسعاد المجتمعات وزيادة فاعليتها وإنتاجيتها، إذ إن المجتمع السليم صحياً أكثر إنتاجية وأكثر رخاء وسعادة، والأطباء أدري بمشاكل المجتمع ومسبباته وهم أعلم بالعادات السيئة والخاطئة التي تؤدي لانتشار الأمراض ولهذا يستطيعون تشخيص الأمراض ومعرفة أسبابها الحقيقية فيكون تشجيعهم في الغالب أقرب إلي الصواب، وأؤكد أن الأطباء والطبيبات الذين يتولون إدارة الأقسام الطبية بعد حصولهم علي الدراسات العليا سواء في مصر أو في الدول المتقدمة أبلوا بلاء حسناً، الأمر الذي يعطينا مؤشراً طيباً وجيداً حول إمكانية توفير الخدمات الصحية بمستوي عالٍ ويدفعنا إلي ذلك العلم الذي نهلنا منه وإحساسنا بمسئولية الواجب الوطني والإنساني لرد الجميل للوطن الذي أتاح لنا الفرص العلمية لنصل إلي ما وصلنا إليه علمياً ومهنياً. وتعود الدكتورة أمل بالذاكرة للوراء وتشير إلي أنها نشأت داخل أسرة مترابطة يجمعها والدها وهو عميد طبيب صيدلي بالقوات المسلحة وأم تعشق التفوق، وهي التي أشعلت بداخلي كل معاني الإرادة والتحدي لأحقق حلمها وأكون من أوائل الثانوية العامة علي مستوي الجمهورية حيث حصلت علي نسبة 99.5 % وكنت علي رأس قائمة لوحة الشرف في مدرستي القومية الثانوية بمنيل الروضة، ثم التحاقي بكلية الطب في جامعة القاهرة. تتابع: لا أنسي مقولة أمي التي كتبتها لي علي باب غرفتي (من طلب العلا سهر الليالي) ونفس الشيء كانت تقوله لأشقائي الثلاثة وهم أشرف ويعمل الآن محاسباً في السعودية، وأكرم مهندس بترول في الإمارات وأيمن أستاذ بكلية الصيدلية في أمريكا ولا أنسي أيضاً أنه بعد تخرجي عام 1981 فزت بفرصة عمل بعد اجتيازي الاختبارات بمركز بحوث الطاقة النووية بهيئة الطاقة الذرية وحرصت علي أن أسير علي خط التفوق الذي زرعته والدتي وحصلت علي درجتي الماجستير عام 1986 والدكتوراه عام 1990 في تخصص طب الأطفال وبعدها تم ترشيحي للسفر والعمل في أرقي مستشفيات الرياض بالسعودية، وهناك ساهمت في عمل طفرة في الوسط الطبي جعلت المرضي والناس يمتثلون للعلاج لإحساسهم بالأمان مع الطبيب المصري وعندما عدت لمصر سارعت باستكمال وتطوير أبحاثي حول حساسية الصدر وأمراض المناعة والنمو عند الأطفال، وافتتحت عيادتي الخاصة لعلاج كل الحالات حتي النادرة في طب الأطفال لغير القادرين قبل القادرين استناداً لكوني أجد متعة إنسانية خاصة في علاج الأطفال لأنهم لا يستطيعون التعبير عن مواطن ونوع الألم بداخلهم.. وفي هذا السياق لا أتواني عن حضور كل المؤتمرات والأبحاث العلمية الحديثة بدول أوروبا حتي أمتلك بامتياز تأشيرة الإبداع في علاج أمراض الأطفال الصغار. وتؤكد أنها تنعم بالسعادة مع زوجها الدكتور أحمد السلماوي زميل دراستها الذي اختار تخصصاً آخر لنفسه وهو الآن أستاذ ورئيس قسم الأنف والأذن والحنجرة بكلية طب قصر العيني، وتعترف بفضله في الوقوف بجانبها حتي حصلت علي أعلي الدرجات والمناصب العلمية.. وكلاهما صنع حياة وردية مع ابنتهما "دينا" المدرس المساعد بطب قصر العيني وتستعد لمناقشة الدكتوراه في قسم الفسيولوجيا العصبية وأختها "نانسي" طبيبة الأسنان. والاثنتان من أسعد الزوجات في حياتهما.. ويأتي الحفيد الجميل "عمر" ابن الدكتورة دينا علي رأس تلك الأسرة حاملاً عنوان "صانع السعادة للجميع". وتشير الدكتورة أمل إلي أنها حصلت علي جوائز كثيرة لكن حب الناس وتواصلها مع الجانب الإنساني هو أهم الجوائز في حياتها، وتعتبر أن هذا التواصل ظل معها منذ البداية وحتي الآن وتعتبر هذا نعمة كبري، وتؤكد أن الصدق والبساطة في التعامل مع الآخرين وأن تعمل ما تحب؛ هو أهم صفة تحرص عليها لذلك ارتبطت بالطب ووهبت نفسها لعطائه الإنساني وتعتقد أن صدق ووفاء الطبيب مع نفسه أولي خطوات النجاح. وتضيف أنها تعشق المغامرة المحسوبة خاصة في المجال العلمي وتقول إن من لم يغامر لا يمكن أن يأتيه الحظ.. ودائماً ما تكون سعيدة عندما تسعد من حولها.. وعن أمنياتها التي تنشدها تقول: أطمح إلي المزيد من العطاء الدائم في رحاب الإبداع الطبي.. ولا تنكر أيضاً أنها متفائلة حيث التفاؤل يدفعها إلي مواصلة الحياة والنجاحات والتغلب علي كل الصعاب.. خاصة أن المعطيات الآن تدعو للتفاؤل ومصر تسير في طريق التقدم.