الرياضة المصرية حملت مؤخراً شعار (قْص والزق !) لا قانون يحكمها بعد تجميد القانون القديم ..وعدم صدور قانون جديد تم إعداده سراً دون عرضه علي الحوار المجتمعي ..وأدي ذلك إلي صدور تقرير من الفتوي والتشريع بمجلس الدولة يحمل 34 مخالفة بالقانون ..آخر ساعة تكشف أزمة القانون الجديد ورحلته مع الفشل وخطورة وضع الرياضة المصرية الفترة القادمة. ألغي الحافز الرياضي ..التمييز بين الأندية يطبق شعار (الدنيا زي المرجيحة) بين الأندية القانون الجديد للرياضة أُسس علي تقسيم الأندية الرياضية إلي نوعين، النوع الأول أندية أوليمبية .. والثاني أندية غير أوليمبية ويصل عددها تقريباً حوالي ألف نادٍ .. وهي ليست عضوية عاملة بالجمعية العمومية للاتحادات الرياضية.. وتتبع مباشرة لوزارة الشباب والرياضة وهي (أي الوزارة) المسئولة عن وضع لوائحها.. أما النوع الثاني فقد اعتبرها القانون الجديد أندية أوليمبية وعددها 300 نادٍ تقريباً.. وهي الأندية التي تحمل عضوية عاملة بالجمعية العمومية للاتحادات الرياضية..لذلك جعل هذه الأندية تتبع اللجنة الأوليمبية مباشرة ..وتقوم هذه الأندية بوضع اللائحة الخاصة بها عن طريق جمعيتها العمومية.. قرار أن تكون تبعية النادي إلي اللجنة الأوليمبية إذا كان يشارك ويحقق نتائج في اتحاد لعبة رياضية ويصبح عضواً بالجمعية العمومية ..فهي مواد تشبه لعبة المرجيحة أو كما غنت المطربة الشعبية بوسي (الدنيا زي المرجيحة من تحت لفوق) .. فمثلاً نادي الزمالك لو حقق نتائج وشارك في اتحاد الملاكمة يتم تقييمه بالنقاط ولو حقق المستوي المطلوب يصبح عضواً في الجمعية العمومية للملاكمة وبالتالي يصنف كنادٍ أوليمبي.. وفي العام التالي لم يحقق نتائج يصبح فاقداً لعضويته العاملة بالاتحاد ويتحول لنادٍ غير أوليمبي وتابع للوزارة والجهة الإدارية.. وهنا المفارقة أنه سيكون في عام من حق جمعيته العمومية وضع لائحتها والعام التالي مجبر أن تضع الجهة الإدارية لائحته ..بالذمة ده كلام ..نادي رايح جاي ..أوليمبي اه ..مش أوليمبي اه في القانون الجديد تم تجاهل وإغفال ..وعلي أيهما يوفق أوضاعه كنادٍ. فرض القانون الجديد علي الأندية أن تضع ثلاثة بنود خاصة بالمنازعات الرياضية والاستثمار والرقابة المالية..وهي بمثابة إقرار الجمعيات العمومية لهذه الأندية للبنود الثلاثة فرضاً ورغماً ..وهي بنود أشبه بالألغام.. فلو بدأنا ببند الاستثمار فقد وضع بند إشهار الأندية تأسيس شركات للاستثمار الرياضي..رغم أنه لم يقم بالتنسيق مع الجهة المختصة بالاستثمار وهي وزارة الاستثمار وجعلها شركات بلا صاحب ..لذلك طالبته إدارة الفتوي والتشريع بمجلس الدولة بالتنسيق والعرض علي الوزارة المسئولة عن الاستثمار . أما مادة المنازعات الرياضية فهي حكاية لها العجب والدهشة ..فقد قرر عدم الذهاب بالنزاع الرياضي إلي القضاء الإداري والمحكمة الإدارية ..ولكن أي نزاع يذهب إلي لجنة فض المنازعات التي تتشكل من أحد القضاة ..ومندوب الهيئة المتنازع بها.. والمتنازع معه..وإذا لم يرض المتنازع عن الحكم ..يمكنه اللجوء إلي لجنة فض المنازعات العليا المشكلة من سبعة قضاة ولا يسري قرار اللجنة إلا باعتماد من اللجنة الأوليمبية المصرية ..لذلك رفضت الفتوي والتشريع إقرار هذا البند ..خاصة أن تنفيذ الحكم يستلزم الحصول علي صيغة تنفيذية من محكمة استئناف القاهرة ..وبذلك تعود الرياضة ومنازعاتها إلي ساحة القضاء ..ولا يصح أيضاً أن يصبح سبعة قضاة تحت وصاية واعتماد اللجنة الأوليمبية في الوقت نفسه نجد أن المادة 84 من الدستور تنص علي جملة طبقاً للمعايير الدولية والمادة 190 تنص علي أن المنازعات الإدارية حق أصيل لمجلس الدولة دون غيره ..في الوقت نفسه نجد أن لجنة فض المنازعات انتزعت اختصاصات مجلس الدولة مما يخالف نص الدستور .. والأطرف أن لفظ منازعة رياضية لفظ مطاط وليس محدداً ..لذلك تم استخدامه في قانون الرياضة ويسعي وزير الشباب والرياضة لاستخدامه للهروب من لفظ النزاعات الإدارية رغم أن كل منازعات الرياضة منازعات إدارية فقط والأمثلة عديدة وأي خلافات رياضية ما هي إلا منازعات حول أمور إدارية ولك في بطلان انتخابات الأهلي وأزمة الجونة وأزمة اتحاد الكرة في مباراة السنغال وشركة الرعاية وغيرها من المشاكل لا تسمي إلا نزاعاً إدارياً ..لذلك تم رفض البند أو المادة من الفتوي والتشريع أيضاًًً .. القانون الجديد ألغي وتجاهل المادة الخاصة بخصم 75٪ من فواتير المياه والكهرباء الخاصة بالأندية التي كانت موجودة بالقانون الجديد..وبذلك نجد أن الفواتير لا تكون خرافية فمثلاً حمام السباحة بأي نادٍ لن تقل فاتورته شهرياً عن 50 ألف جنيه ..وألغي الإعفاء الجمركي علي الأدوات الرياضية وعلي ضرائب الحفلات بالأندية وتذاكر المباريات ..مما يشكل أعباء مالية كبيرة علي الأندية في ظل الأزمات المالية الطاحنة التي تعيشها كافة الأندية المصرية بلا استثناء وقضي القانون الجديد علي الرياضة في المدارس ..بعد تجاهل الحافز الرياضي للبطولات المحلية والاكتفاء فقط بمنحه للفائزين بالبطولات الدولية استجابة لأوامر وتعليمات المجلس الأعلي للجامعات ووزارة التعليم العالي ..مما يفقد أبطال المدارس والمحليين طموحهم ورغبتهم في ممارسة الرياضة. وتأتي أزمة أندية الشركات والمؤسسات التي تجمع كافة المتناقضات والغرائب ..لأنها أندية مؤسسات أو شركات ليس لها جمعية عمومية ويتم تعيين مجالس إدارتها من شركتها ..ولائحتها ولا تتبع اللجنة الأوليمبية وأيضاً لا تتبع الجهة الإدارية ..فلمن تتبع هذه الأندية ؟..كما أنها تضم في عضويتها العاملين بهذه الشركات التابع لها النادي ..وبرسوم زهيدة ..ثم تقبل عضوية أحد المواطنين من غير العاملين بها.. ولكن برسوم عشرة أضعاف رسوم العامل بالشركة ..ومع ذلك ليس من حق العضو مراقبة أموالها ومتابعة الميزانية وأوجه الإنفاق ..وليس لهم حق عضو الجمعية العمومية ..كذلك لو تأملنا نادي دجلة وهو ناد خاص تابع لشركة لن تجد جمعية عمومية رغم أن العضو يدفع ما لا يقل عن 150 ألف جنيه للعضوية ..وأرض النادي حق انتفاع ..وفروع غير معترف بها وغير خاضعة لوزارة الشباب والرياضة قسم الفتوي والتشريع بمجلس الدولة تلقت القانون الجديد للرياضة ..ودونت 43 ملاحظة أو مخالفة داخل مواده ..وتم إعادته مرة أخري إلي وزارة الشباب والرياضة لإصلاحها وتغييرها لتتماشي مع الدستور والقانون .. القانون لم يقترب من أهم قضية تشغل وتهدد الرياضة المصرية منذ سنوات وهي روابط المشجعين المسماة بالأولتراس والوايت نايتس والجرين إيجلز وغيرها ولم ينص علي أن تقوم الأندية بإنشاء روابط مشجعيها وأن يكون مسئول عنها إدارياً وتنظيمياً ولها لائحة تحكمها..كذلك غاب قانون الشغب بالملاعب نهائياً ولم يعد أحد يتذكره رغم أنه الحل السحري الوحيد للقضاء علي ما يحدث بالملاعب من جرائم وتهديدات ولم يفكر أحد في وضعه وضمه لقانون الرياضة الجديد ..خاصة أنه عبارة عن ثلاث ورقات لاغير.. القانون الآن معطل ولا يعمل به ..وبعد انتهاء الدورة الأوليمبية بريودي جانيرو ..تنتهي مدة جميع الاتحادات الرياضية وتتم انتخابات جديدة تمهيداً لانتخاب لجنة أوليمبية جديدة محلياً ودولياً ..وهو ما لن يتم في مصر لأن قانون الرياضة المنظم للانتخابات لن يصدر من البرلمان قبل 15 شهراً علي الأقل إن لم يكن أكثر ..وهي أزمة كبيرة للرياضة المصرية. سبق لوزير الشباب والرياضة المهندس خالد عبد العزيز عرض مسودة قانون الرياضة علي بعض الخبراء الذين اختارهم بنفسه ..ثم تعدل القانون ..وللمرة الثالثة تم تعديل بعض مواده وأصبح سراً حربياً لا يطلع عليه أحد وأرسله لمجلس الوزراء ومنه لإدارة الفتوي والتشريع بمجلس الدولة ويود عرضه علي البرلمان دون أن يراه و يناقشه أو يقرأه أحد ..مما أدي لإعادته من الفتوي والتشريع حاملاً العديد من النقاط التي بها عوار.