«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



8 آلاف مريض مصري يبحثون عن "الحبة السحرية"
"الوهن".. يصيب عضلات الشباب
نشر في آخر ساعة يوم 02 - 02 - 2016

يُحاول الشاب الثلاثيني محمد اللحاق بحافلة نقل عام. ما أن يتشبث بها حتي يبدأ في الشعور بالتراخي والضعف وصعوبة في الرؤية، وتدريجياً يبدو كأنه علي وشك السقوط أرضاً. يلاحظ أحد الركاب حالته فيعرض مساعدته. يشكره محمد لكنه بالكاد يُخرج الكلمات من فمه المجهد. هنا يسخر منه بقية الركاب ويصفونه بأنه مدمن علي المخدرات، لكن الحقيقة أن محمد يعاني من مرض نادر يسمي "وهن العضلات" يصيب من 30 إلي 80 شخصاً من بين كل مليون إنسان، أي أن مصر يتراوح عدد المصابين فيها ما بين 3 إلي 8 آلاف مريض بالوهن العضلي.
مأساة محمد تبدو غريبة، لكنها تطال بالتأكيد آلاف المصريين، الذي بدأ هذا المرض في التوغل إلي أجسادهم منذ سنوات، ويرتبط غالباً بالشباب، حيث إن عشرات الحالات التي التقتها "آخرساعة" بشكل مباشر، وغيرهم كثيرون من محافظات الجمهورية المختلفة، ممن تواصلنا معهم عبر الهاتف أو الإنترنت غالبيتهم في ربيع العمر وريعان الشباب، تجمعهم كلهم صدمة واحدة هي أن "وهن العضلات الويبل" أو Myasthenia gravis، لا علاج له حتي الآن، لكن الصدمة الأكبر تكمن في اختفاء الدواء الذي يساعد المرضي علي التخلص من أعراض المرض، سواء الصنف المستورد أو المحلي الذي توقف إنتاجه في مصر لأسباب غير واضحة.
مع اختفاء أقراص "مستينون" المستوردة أو بديلها المصري "بيستينون" تحولت حياة مرضي الوهن العضلي إلي جحيم، ورحلة بحث لا تنتهي في كل صيدليات مصر عن "الحبة السحرية" كما يسمونها، فعبوة "المستينون" المستوردة (150 قرصاً)، البالغ سعرها 190 جنيهاً، أضحي الحصول عليها ضرباً من الخيال، بينما تضاعف سعر عبوة "البيستينون 60 مجم" محلية الصُنع (20 قرصاً) من خمسة جنيهات إلي 11 جنيهاً ثم وصلت فجأة إلي 22 جنيهاً، قبل أن تختفي هي الأخري تماماً من الأسواق، ويدور حديث عن توقف الشركة المنتجة لها عن إنتاجها.
علي مدار أكثر من شهر استطاعت "آخرساعة" التواصل مع عدد كبير من مرضي وهن العضلات، ساعدتنا في ذلك صفحات لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، دشنها مرضي علي موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لعرض معاناتهم علي الرأي العام، ومحاولة الوصول إلي حل لأزمة "شُح الدواء" التي تواجههم، وتهدد بمفارقتهم الحياة في أي لحظة لا تتوافر فيها هذه الأقراص.
شكاوي بلا رد
المحاولات اليائسة لطرح الأزمة عبر صفحات التواصل، جاءت بعد سلسلة محاولات مماثلة للوصول إلي المسئولين في وزارة الصحة، لكنها باءت بالفشل، آخرها شكوي أرسلها أحد المرضي إلي وزير الصحة في 20 ديسمبر الماضي، يطلب فيها توفير الدواء، إلا أنه لم يتلق رداً حتي الآن.
صاحب الشكوي، منصور هيكل محمد (29 عاماً) قال ل"آخرساعة": "أعاني من مرض (وهن العضلات) منذ أواخر العام 2011، وكتب لي الأطباء المعالجون (مستينون60)، لكنني اكتشفت أنه غير متوافر في الأسواق، وعلمت من معظم الصيدليات أن هذا الدواء توقف استيراده، وحتي البديل المصري اختفي تماماً هو الآخر".
منصور الذي تابع حالته في عدد كبير من المستشفيات أضاف: أعلم جيداً أن مرضي بلا علاج، لكن علي الأقل يجب أن توَّفر الدولة ممثلة في وزارة الصحة العلاج للمرضي، خاصة أن عدم تناول الدواء يعرضني لمتاعب صحية خطيرة، حيث تضعف عضلات جسمي تماماً وأحياناً أنطرح أرضاً في الشارع أو أصاب بارتخاء في جفن العين أو صعوبة في التنفس أو المضغ أو البلع أثناء تناول الطعام، ما يعرضني لمواقف كثيرة محرجة، وقد يتهمني البعض بأنني مدمن علي المخدرات، نظراً لثقل لساني وعدم قدرتي علي التكلم بشكل واضح، فيما لو أن أقراص المستينون متوافرة تجنبني هذه الأعراض.
تجاهل الوزارة
تجاهل وزارة الصحة للأزمة، وعدم اكتراثها بالشكاوي التي وصلت إليها في هذا الصدد، كان أمراً صادماً إلي حد كبير، تأكدت منه "آخرساعة" حين تواصلت هاتفياً مع المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور خالد مجاهد، فحين شرحنا له الأزمة للتعليق عليها فوجئنا برد غير متوقع لخصه في عبارة واحدة: "لم أسمع عن هذا المرض من قبل"!
وأملاً في أن تغير وزارة الصحة استراتيجيتها في التعامل مع المرضي الباحثين عن الدواء، بادرنا بإرسال تفاصيل المشكلة إلي الدكتور خالد مجاهد، الذي بدوره وعد بالاطلاع عليها وطلب منا مهاتفته في اليوم التالي للتعليق علي الأزمة، لكنه وعلي مدار أسبوع لم يرد علي اتصالات المجلة! ليثبت بالدليل القاطع أن التجاهل هو الأسلوب الذي تتبعه الوزارة في التعامل مع الأزمات.
عملية فصل البلازما
لا تُشكل الأعراض التي تصيب مرضي "وهن العضلات" جراء عدم تناول الدواء جل معاناتهم، بل يمتد الأمر حسبما قالت غادة أحمد (39 عاماً) إلي اضطرار المريض إلي إجراء "فصل بلازما" قبل وبعد إجراء أي جراحة، ومن بينها عملية استئصال الغدة الصعترية "Thymus" - غدة صماء تقع علي القصبة الهوائية أعلي القلب- التي تصاب بخلل نتيجة هذا المرض المناعي؛ لذا فإن غالبية المصابين بهذا المرض أجروا هذه الجراحة إما بطريقة شق الصدر أو بالمنظار.
المشكلة كما توضح غادة أن أعراض المرض عصيِّة علي التشخيص، فكل المرضي يخوضون جولة طويلة بين أطباء في تخصصات مختلفة، إلي أن ينجح طبيب ماهر في تحديد نوع المرض، كون ظهور أعراض علي المريض مثل ارتخاء جفن العين تجعل طبيب الأعصاب يُشخِّص المرض بأنه "التهاب في العصب السابع"، بينما قد يري أطباء آخرون أن الأعراض سببها نفسي، لكن الحقيقة أن الأمر يتطلب طبيب أعصاب، وهو ما حدث معي بعد فترة معاناة طويلة أُدخلت فيها إلي قسم العناية الفائقة لمدة 10 أيام، كدت خلالها أفقد حياتي لولا عناية الله.
مأساة شقيقتي
وجدان هي شقيقة إحدي الحالات، فضَّلت أن تتحدث بالنيابة عن أختها المريضة من دون ذكر اسمها، خشية أن يُهدِّد مرضها مركزها الوظيفي، فبعض جهات العمل مثلما هو دارج - قد يلجأ إلي تسريح مريض من هذا النوع، من منطلق عدم قدرته علي مزاولة عمله باعتباره "غير لائق طبياً".
تابعت: مريض الوهن يعتبرونه "مُتمارضاً" كونه يظهر طبيعياً أمام المحيطين به، لكن الحقيقة أن ذلك مرتبطاً فقط بتناوله الدواء حسب الجرعة التي يحددها الطبيب، التي تتراوح بين قرصين إلي 4 أقراص وقد تصل في بعض الحالات إلي عشرة أقراص يومياً أو يزيد، وفي ظل عدم توافر الدواء سواء المستورد أو المحلي فإن الحالة تتدهور وتظهر أعراض خطيرة تصيب كل عضلات الجسم بالارتخاء باستثناء عضلة القلب، ما قد يُعرِّض المريض إلي السقوط أرضاً فجأة أو الدخول في غيبوبة، أما أبسط الأعراض فهي ارتخاء الجفون الذي تعاني منه شقيقتي حتي الآن.
صعوبة التشخيص
في حين تقول شيماء الشيخ (33 عاماً) إن أعراض المرض بدأت تظهر عليها بعد ولادتها طفلها الأول عام 2006، وتراوحت بين عدم القدرة علي الحركة والكلام وصعوبة البلع والتنفس، وبعدما فشل أطباء كُثر في تشخيص حالتي، نجح في ذلك طبيب في مركز طبي بسيط، وعرفت أنها مصابة بالوهن العضلي، ثم أجرت عملية "فصل بلازما" لتنقية الدم من الأجسام المضادة التي تهاجم الجسم، علي أمل أن تتحسن حالتها، لكن حالتها الصحية ازدادت سوءاً، قبل أن تُكرر العملية في مستشفي آخر وتتحسن حالتها نوعياً.
تتابع: سافرت بعدها إلي السعودية وهناك أجريت جراحة لإزالة الغدة الصعترية، التي يُشبته في أنها سبب ظهور هذه الأعراض وإن كان سبب الإصابة بهذا المرض غير معروف وأخذت مجموعة حقناً تسمي IVIG مجاناً، رغم أن سعرها في مصر حوالي 70 ألف جنيه، وهي ضرورية لمرضي الوهن وفي بعض الأحيان يتطلب الأمر أن يأخذها المريض أكثر من مرة.
شيماء تؤكد ضرورة اهتمام الدولة بمرضي الوهن العضلي وتوفير الدواء لهم باعتبار ذلك حق كفله الدستور، مضيفة: أتمني أن يتم إنشاء جمعية لمرضي الوهن العضلي، تكون بمثابة صوت هؤلاء المرضي، الذين يحتاجون إلي رعاية خاصة، كما يجب توفير فرص عمل في وظائف حكومية بنسبة محددة تراعي ظروفهم الصحية، عبر سن تشريع برلماني يتيح ذلك، علي غرار نسبة ال5% المقررة قانونياً لذوي الاحتياجات الخاصة.
تركيز الدواء
"لا غني عن هذا الدواء". قالت ريهام حسني (33 عاماً) ذات الوجه المشرق الذي لا تغيب عنه الابتسامة، والتي ربما تخفي وراءها الكثير من المعاناة بسبب مرضها، وأضافت: "وصل الأمر معي في بعض الأوقات إلي حد عدم قدرتي علي رفع يدي لتمشيط شعري أو ربط لفة الرأس، فعضلات جسمي لا تقوي علي القيام بأبسط مجهود".
أما بالنسبة لمشكلة نقص الدواء أو بالأحري اختفائه فتقول ريهام: عبوة "المستينون ذات ال150 قرصاً كانت تُباع ب190 جنيهاً وفجأة اختفت تماماً، وبعد فترة ظهرت عبوة 20 قرصاً ب125 جنيهاً، لكنها لم تعد متوافرة هي الأخري.
تواصل ريهام سرد تفاصيل الأزمة، مؤكدة أنها تعيش مأساة حقيقية في البحث عن أقراص "مستينون" أو بدائلها، ما يضطرها إلي جلبها من خارج البلاد، مشيرة إلي أنها ونتيجة طلب الطبيب زيادة جرعة "المستينون"، كون تركيز الأخير 60 ملجم فقط، اضطرت إلي شراء بديل من ألمانيا يسمي Kalymin retard تركيزه 180 ملجم، وسعر العبوة 270 يورو، وتقول: "كنت آخذه مع (المستينون) ودواء كورتيزون، قبل أن أوقف الدواء الألماني".
فقدتُ عملي!
لا تختلف حالة محمد شعلان (32 عاماً) كثيراً، فبحسب روايته يقول: كنت رياضياً، وبدأت تنتابني أعراض المرض منذ 15 سنة تقريباً، مثل الحول وسقوط الجفن والشعور ب"تخدل" العضلات، وبسبب هذه المشكلة فقدت عملي حيث كنت أمتلك ورشة دوكو سيارات، وكنت "صنايعي شاطر" بشهادة الجميع، لكنني بمرور الوقت شعرت أنني لم أعد أقوي علي مواصلة العمل، ووصل بي الحال إلي حد التحرك بعكازين واضطررت إلي تغيير مهنتي بأخري لا أبذل فيها جهداً بدنياً.
يتابع: استمرت معاناتي نحو ثلاث سنوات تنقلت فيها بين أطباء الرمد والباطنة العامة وجراحة المخ والأعصاب وظللت حوالي شهرين محجوزاً في مستشفي حكومي إلي أن عرفت حالتي المرضية، ثم أجريت جراحة لإزالة الغدة الصعترية بطريقة المنظار، وانتظمت في جرعات الدواء قبل أن أفاجأ باختفائه تماماً من جميع الصيدليات، لذا أطالب المسئولين في وزارة الصحة بتوفيره فوراً لإنقاذ مئات وربما آلاف الحالات في مصر.
حالة وفاة
عدم توافر "مستينون" أو بديله أدي إلي حدوث حالات وفاة في صفوف مرضي وهن العضلات، إحداها علي الأقل حالة مؤكدة، لمريض يُدعي محمد سعيد من محافظة الإسكندرية، قال صديقه منصور حمدي الذي يعمل في إحدي المؤسسات الدوائية الكبري في مصر، إن صديقه فقد حياته بسبب اختفاء الدواء منذ شهرين، سواء المستورد الذي تجاوز سعره 250 جنيهاً أو المحلي.
وأضاف: قرص المستينون يعد بمثابة الحياة لمريض وهن العضلات، ومن دون تعاطيه يتحول المريض إلي جثة هامدة علي السرير، وقد تستمر حالته في التدهور حتي يتوفاه الله، مثلما حدث مع صديقي، ما يتطلب أن يتم استيراده مجدداً أو أن تتولي وزارة الصحة دعمه وتوفيره للمريض بسعر مناسب، كون الأخير لا يستطيع الحياة بدونه.
علبة ب800 جنيه
من جهة أخري وفي وقت أكد فيه عدد كبير من المرضي أن معلومات وصلت إليهم تفيد بتعطل شحنات دواء "المستينون" المستورد في مطار القاهرة، اعترف رئيس غرفة صناعة الدواء في اتحاد الصناعات الدكتور أحمد العزبي ، بأن الفترة السابقة شهدت بالفعل أزمة في "المستينون"، لكنه بات متوافراً منذ حوالي أسبوع في الأسواق بعد دخول دفعة جديدة منه تكفي لشهر واحد فقط تقريباً.
وتابع العزبي في تصريحات ل"آخرساعة": الدفعة الجديدة تقدر بحوالي ألفي عبوة، وهي مجرد دفعة أولي ستتبعها دفعة أخري تصل قريباً، مشيراً إلي أن أي مريض يواجه مشكلة في الوصول إلي الدواء عليه أن يتواصل معه شخصيا في أي وقت من خلال رقم هاتفه المتاح لدي "آخرساعة"، وقال: "علي الفور سيتم توجيه المريض إلي أقرب صيدلية يتوافر فيها المستينون"، مفسراً توقف بعض شركات صناعة الدواء المحلية، عن إنتاج أصناف معينة من الدواء ومن بينها "البيستينون"؛ إلي الخسائر التي منيت بها هذه الشركات.
وتعليقاً علي شكوي بعض المرضي من أن صيدليات شهيرة تحتفظ المجلة بأسمائها وصور من فواتير البيع الخاصة بها تستغل نقص الدواء وحاجة المرضي إليه، وترفع سعر علبة المستينون المستورد من 190 جنيهاً إلي أكثر من 800 جنيه، دون كتابة اسم صنف الدواء في الفاتورة، أكد العزبي أنه سيتابع بنفسه هذه المشكلة من خلال تواصله مع الصيدليات التي وردت شكاوي بشأنها في هذا الصدد.
النساء أكثر إصابة
الدكتور حسام الدين محمود استشاري طب الأعصاب قال ل"آخرساعة": وهن العضلات مرض يصيب المنطقة التي تصل العصب الحركي مع العضلات الإرادية، حيث يؤثر علي إفراز أو عمل مادة "الاسيتيل كولين"، التي يُفرزها العصب لتؤدي إلي العمل الطبيعي للعضلة.
ويوضح: سبب الإصابة بوهن العضلات، حدوث اضطرابات في الجهاز المناعي تؤدي إلي إفراز أجسام مضاده تؤثر علي عمل "الاسيتيل كولين" ما يؤثر بدوره علي تحريك العضلة، فيضعف قوة انقباضها وقدرتها علي استمرارية العمل بنفس الكفاءة، ويمكن أن يحدث المرض في كل الأعمار، لكنه غالباً يكون أكثر حدوثاً عند الإناث من عمر 15 إلي 30 عاماً، والرجال من عمر 50 إلي 70 عاماً، ومتوسط الإصابة بالمرض يتراوح بين ثلاث إلي ثماني حالات لكل مائة ألف شخص (نحو من 3 إلي 8 آلاف في المائة مليون).
يتابع: تتميز أعراض مرض وهن العضلات بأنها متفاوتة خلال اليوم الواحد مع المجهود وتعب العضلة، فتكون الأعراض لدي المريض بسيطة أو منعدمة عند الاستيقاظ وتزداد مع مرور اليوم وبذل الجهد، وأكثر الأعراض وضوحاً تهدل الجفون وازدواج الرؤية وصعوبة البلع مع ضعف بالصوت وحدوث تغير فيه، وقد تتأثر عضلات الأطراف مع المجهود، مثل صعوبة رفع الذراعين أو صعود السلالم، وتتفاوت حدة هذه الأعراض من حالة إلي أخري.
ويتمثل العلاج الرئيسي العرضي للحالة في زيادة مادة "الأسيتيل كولين" المتاح للعضلة بواسطة عقار "البيريدوستيجمين"، الذي يقلل من عمل إنزيم مسئول عن تكسيرها، فيزيد عملها علي العضلة ويقوي انقباضها واستمراريته تحريكها مع استمرار المجهود. وهناك مشكلة كبيرة حالياً في توافر هذا العقار سواء محلي التصنيع أو المستورد منه، وبذلك يتم حرمان المرضي من العلاج الرئيسي لهم لممارسة أنشطتهم الحياتية، وقد تتدهور حالتهم ويمتد التأثير إلي عضلات التنفس، ما يستدعي دخول المستشفي وقد يهدد الحياة، وتتمثل العلاجات الأخري في المثبطات المناعية التي تقلل من إفراز الأجسام المضادة مثل الكورتيزون وعقاقير أخري حسب الحالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.