تُعاني صناعة الملابس الجاهزة في مصر من انهيار بسبب التحديات الكبيرة التي تواجه هذا القطاع، وأبرزها ارتفاع أسعار الدولار والطاقة، فضلا عن سياسات الحكومات المتتالية التي لا تقدم جديدا لهذه الصناعة، إضافة إلي هجرة العمالة من هذا القطاع، فضلاً عن القيود التي وضعها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مؤخراً علي استقبال شحنات التصدير المصرية الواردة علي طائرات الركاب مما ضاعف من خسائر القطاع. وفي ظل المنافسة الشديدة من الجانب الصيني والتركي فإن صناعة الملابس الجاهزة في مصر أصبحت غير قادرة علي المواجهة وفي طريقها نحو الانهيار الكامل. ووفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الأخيرة، حول "صناعة الملابس الجاهزة"، فقد انخفض إجمالي صادرات مصر من الملابس الجاهزة والسجاد والكليم إلي 5.9 مليار جنيه خلال الفترة من يناير وحتي يونيو مقابل نحو 6.4 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي. وأوضح الجهاز، في تقريره أن إجمالي صادرات مصر من الملابس الجاهزة خلال الفترة من يناير وحتي يونيو انخفضت إلي 4.6 مليار جنيه مقابل 5 مليارات جنيه خلال الفترة المناظرة من العام الماضي، وانخفضت أيضا خلال نفس الفترة صادرات السجاد والكليم إلي 1.2 مليار جنيه مقابل 1.4 مليار جنيه العام الماضي. مجدي طلبة، الرئيس السابق للمجلس التصديري للملابس الجاهزة، قال إن هناك تراجعا كبيرا في صادرات الملابس الجاهزة في مصر نتيجة تحديات كبيرة تواجه هذه الصناعة أبرزها ارتفاع أسعار العملة الصعبة، فضلا عن عمليات التهريب التي تتم للبضائع المستوردة مما ساهم في مزيد من الخسائر للصناعة، مما يتطلب جهودا حكومية كبيرة نحو صناعة الملابس الجاهزة لاستعادة عافيتها من جديد فضلًا عن عدم قيام المجلس التصديري بدوره في حل المشاكل، لذلك لابد من تفعيل دوره في حل مشاكل هذه الصناعة. وأشار إلي تراجع زراعة القطن في مصر مما أثر سلبا أيضا علي هذا القطاع، موضحا أن صناعة الملابس الجاهزة تحتاج إلي نظرة من الحكومة واهتمام حقيقي، مشددا علي أن صناعة الملابس المصرية تعاني من مشاكل عديدة خلال المرحلة الحالية لابد من إيجاد حلول لها، كما ساهمت القيود التي وضعها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مؤخرا علي استقبال شحنات التصدير المصرية الواردة علي طائرات الركاب في مزيد من الخسائر لصناعة الملابس الجاهزة. ووفقا للبيانات الرسمية فإن صادرات مصر من الملابس الجاهزة عبر شحنها بطائرات الركاب تقدر بنحو 10% من إجمالي حجم التصدير، وصدرت مصر نحو 14 ألف طن من الملابس الجاهزة خلال الأشهر العشرة الماضية. وبلغت صادرات مصر من الملابس الجاهزة خلال الأشهر التسعة الأولي من العام الحالي نحو 1.02 مليار دولار بما يعادل 7.8 مليار جنيه، منها 4.3 مليار جنيه بما يعادل 55% من إجمالي الصادرات للسوق الأمريكي، فيما بلغت قيمة الصادرات لدول الاتحاد الأوروبي نحو 2.2 مليار جنيه، وفقاً لإحصاءات هيئة الرقابة علي الصادرات والواردات. وقدّر المجلس التصديري للملابس الجاهزة- في تقريره- حجم الخسائر التي يمكن أن تلحق بالقطاع بنحو 100 مليون دولار، جراء القيود الجديدة علي التصدير، التي سترفع تكلفة المنتج المصري، وتقلِّل من تنافسيته في الأسواق الأوروبية والأمريكية. وتصدر مصر كميات كبيرة من الملابس الجاهزة إلي السوق الأمريكي، طبقاً لاتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة المعروفة باسم (الكويز) الموقعة في العام 2004 بين كل من مصر والولايات المتحدة، وتشترط لقبول صادرات مصر من الملابس الجاهزة، أن تستورد المصانع المصرية، المواد الخام من إسرائيل بنسبة تصل إلي 11.5%. الأمر الذي أثار استياء المصدرين في قطاع الملابس الجاهزة ودفعهم إلي اتخاذ إجراء فوري من خلال رفع مذكرة إلي طارق قابيل وزير الصناعة والتجارة، لإلغاء الإجراءات الأخيرة، في ظل الخسائر الكبيرة التي ستلحق بالصناعة في مصر. خسائر صناعة الملابس الجاهزة لا تقف فقط عند حد خسائر الصادرات، بل امتدت أيضا إلي تراجع مبيعات الملابس الجاهزة محلياً، وفي جولتنا بعدد من المحال التجارية اشتكي البائعون من تراجع مبيعات الملابس نتيجة ارتفاع الأسعار، مما ساهم في العزوف عن الشراء، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها. الحاج محمد، صاحب أحد المحال التجارية، قال إن هناك عزوفا كبيرا من قبل الزبائن علي شراء الملابس الجاهزة مما ساهم في حالة كساد كبيرة في الأسواق، حتي في فترة الأوكازيونات يكون الإقبال ضعيفا نظرا لاستمرار ارتفاع الأسعار. واتفق معه في الرأي كمال، تاجر ملابس، قائلاً إن الإقبال بات ضعيفا علي شراء الملابس الجاهزة، خاصة في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار وضعف القوة الشرائية لدي المصريين, موضحا أن حالة الكساد التي يعاني منها السوق تسببت في خسائر كبيرة لأصحاب المحال التجارية. ويؤكد أن مشكلة الملابس المهربة أبرز المشاكل التي يعاني منها القطاع نتيجة طول الإجراءات الحكومية، مما يجعل المصدرين يبحثون عن وسائل أخري لتفادي طول الإجراءات ومنها تهريب الملابس حتي لا تخضع للرسوم الجمركية، بالإضافة إلي الهروب من عدم جودة بعض المنتجات بالتهريب مما يجعل التهريب الملاذ الآمن للمستوردين. كما أكد أحد التجار بمنطقة مدينة نصر، أن هناك تراجعا كبيرا في الإقبال علي الشراء رغم التخفيضات الكبيرة التي يقدمها لجذب مزيد من الزبائن، موضحاً أن الإقبال مازال ضعيفا في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار مع ارتفاع أسعار الدولار.