في أمريكا أدخل نظام التأمين ضد الطلاق في عام 2005 ومنذ ذلك الحين أصبح الرجال والنساء يؤمنون علي أنفسهم ضد الطلاق بمجرد توقيع عقد الزواج. وتتكفل شركات التأمين في هذه الحالة بدفع رسوم ا لقضايا وأتعاب المحامين التي كان يتحملها الأزواج أو الزوجات.. ولا يدفع المطلقون شيئا حتي يتم الفصل في القضايا. وفي انجلترا أدخل هذا النظام أي التأمين ضد الطلاق أخيرا بقرار من الحكومة التي كانت تتحمل كل النفقات وذلك بالنسبة لأولئك الأزواج والزوجات الذين يقل دخلهم عن 3000 جنيه استرليني سنويا وهو يعتبر دخلا منخفضا. وبالنسبة لأولئك الذين يقل دخلهم عن 8000 جنيه سنويا فإن الدولة تتحمل رسوم التقاضي فحسب. وقد وجدت الحكومة البريطانية أن السفير يدفع من الضرائب مبلغ بليوني جنيه استرليني تكاليف قضايا الطلاق ولذلك أدخلت نظام التأمين ضد الطلاق حتي توفر الحكومة هذا المبلغ. ويدفع المتزوج الرجل أو المرأة لشركة التأمين قسطا شهريا قدره عشرة جنيهات شهريا مقابل التأمين ضد الطلاق وتتحمل شركة التأمين التكاليف في حدود 750 جنيها استرلينيا. وتسعي الحكومتان البريطانية والأمريكية إلي إقناع المطلقين بأن يوافقوا علي الوساطة فيما بينهما بدلا من اللجوء إلي المحاكم لتوفير النفقات. والهدف من القضاء تقسيم الثروة أو الدخل بين المطلقين عن طريق الوسيط وعادة يرفض المطلقان اللجوء إلي الوسيط فهما يفضلان القضاء باعتبار أنه سينصفهما أكثر أما الوسيط فالاثنان يعتقدان أنه سينصف أغني المطلقين أي أكثرهما ثروة ويعطيه مزيدا من الحقوق علي حساب الطرف الفقير. ويعتقدان أيضا أن الوسيط سينصف الطرف الأكثر نفوذا علي حساب الطرف الأقل نفوذا وتأثيرا. هنا في العالم العربي والإسلامي نصوص علي التحكيم بين الزوجين في حالة الخلاف للتهدئة والعودة للزواج. ولا يلجأ المطلقان عادة إلي التحكيم في حالة الطلاق بل يبعد كل منهما عن اللجوء للقضاء. ويمكن إدخال نظام التأمين ضد الطلاق. يبقي السؤال الحائر وهو: هل يضمن التأمين أن يستمر الزوجان في حالة حب وفي حالة زواج بعد التأمين ضد الطلاق. والجواب بطبيعة الحال: من المستحيل التأمين علي العواطف الإنسانية فالقلب قلب بضم القاف أي متقلب ولايمكن استقراره علي حال واحد. وإذا اختفي الحب فإنه لايمكن استعادته بقرار من شركة التأمين التي لا تتحمل إلا النفقات المادية وحدها. ولكن.. حتي نخفف عن القضاة ونمنع اللدد في الخصومة ونحمي أولاد المطلقين لابد أن نجعل التحكيم إجباريا قبل اللجوء إلي القضاء. والنص القائم حاليا هو أن يكون هناك حكم من أهل الزوج وحكم من أهل الزوجة. ولكن لابد من وجود هيئة تحكيم دائمة يضاف إليها في كل حالة الحكمان من أهل الزوج والزوجة. وهيئة التحكيم هذه أشبه بمحكمة ابتدائية لا تلزم أحكامها أحدا ولكن يجب النص علي وجودها قبل اللجوء إلي القضاء. وهذه الهيئة يمكن أن تجتمع أسبوعيا في مكان أو موقع ثابت ولها قلم كتاب كالمحاكم يحدد موعد الجلسات والقضايا وتحال إليها الخلافات الزوجية وتنظرها الهيئة بحضور الطرفين دون محامين، فالمحامون من مصلحتهم التمادي في الخصومة للحصول علي الأتعاب ومزيد منها. وقرار الهيئة يحال بعد ذلك إلي المحكمة المختصة وإن كان يهدف من التحكيم منع وصول الخلاف إلي المحاكم أو الحيلولة دون وصول الخلاف إلي المحاكم. ويمكن أن تتألف هيئة التحكيم من قضاة شرعيين سابقين أو رجال دين معروفين بحكمتهم وهدوئهم وعمق دراستهم ويستطيع هؤلاء الجلوس إلي الزوجين ومحاولة إقناعهم بأن الحل السلمي غير القانوني أفضل من الخلاف القانوني. والإقناع قد يفيد المطلقين ويمنع تدخل أفراد الأسرة للتمادي في الخصومة كما يمنع المحامين من الحرص علي زيادة حدة الخلاف. ومن الأفضل في بلادنا هذا النوع من التحكيم أو غيره من أنواع التحكيم إن وجد بدلا من أن نجعل القاضي ينظر مائة أو مائة وخمسين قضية في الجلسة الواحدة ويعطي المحامين فرصة لتأجيل القضية لسنوات وسنوات. إنهم في الخارج لجأوا إلي نظام آخر وهو تعيين قاض أهلي من المحامين والقضاة السابقين ينظرون في كل القضايا، لا قضايا الطلاق وحدها ويصدر أحكاما يقبلها الجميع للتخفيف عن القضاء الحكومي وعن المتقاضين ولابد أن نضع نحن حلولا تخفف عن الناس وعن القضاة!