نوال دهيس عنوان لطول مدة التقاضي في القانون(1) لسنة2000 الشهير ب( الخلع) والذي كان من المنتظر عند صدوره أن ينهي مرحلة التقاضي نهائيا في مدة لا تزيد علي ستة أشهر, ولكن نوال كغيرها من نساء كثيرات أصبح لها عامان من التردد علي محكمة الأحوال الشخصية بالقاهرة بسبب قضايا خلع ونفقة وحضانة ومصاريف ورؤية وكل وهو ما يعني الكثير من المصاريف والوقت وشحن النفوس بين الطرفين وأولادهما, تقول نوال فبدلا من الذهاب الي عملي أصبحت مشاويري بين المحامين والمحكمة, وتضيف عزة الطوخي مدرسة بأنها لا تستطيع الوجود في المحكمة إلا في هذا الوقت لأنه وقت الاجازة من الدراسة والمشكلة أنه كذلك أجازة قضائية, ولهذا السبب استمرت قضيتي سنتين ونصف السنة في المحاكم, فيما تؤكد أن الخلع أصبح بيزنس للمحامين فالزوج كان قد إتفق مع أماني التي مازالت في سنتها الأولي من الزواج علي مبلغ محدد نظير الخلع, وعمرها الزوجي لا يتعدي ثمانية أشهر ولكن تسرعها جعلها تقدم علي الزواج من ابن أمه لتقف أمام والدته في المحكمة, وخوفا من تعرضها لذلك كان عليها اللجوء الي المحامي, ولكن المحامي كان يجبرها علي الحضور وقت الجلسات حيث فوجئت بوجود والدة زوجها, وفي كل مرة, مما جعلها تكتشف أن محاميها علي صلة بمحامي زوجا بها ويطلع علي التطورات أولا بأول.وفي مكتب التسوية بمحكمة مصر الجديدة للأسرة وصل زوجان الي مرحله التشابك بالأيدي ما دفع العاملين بالمكتب للتدخل وأصبحوا في حالة توتر شديد, ولم ينفع معهما المهدئات من المشروبات.وأوضح الزوج( حسين عبد القادر) أن سبب انفلات أعصابه هو أن زوجته تريد تحويل أولاده الثلاثة من المدرسة الخاصة الي المدرسة البريطانية والمطلوب منه دفع ثلاثمائة ألف جنيه نظير مصاريف مدرسة بخلاف النفقة, فيما قالت الزوجة نهال إنها جاءت الي مكتب التسوية علي أمل الوصول معه الي حل, وتضيف نهال بصراحة المكاتب دي وهم كبير, ويعقب أحد الحاضرين إزاي ح يحلوا مشاكلهم والدنيا حر ولعة, ونفسيته كل منهما غائرة وعقب رجل مسن جاء ليرفع قضية رؤية كحقه الشرعي في رؤية حفيده الذي منعته من رؤيته زوجة ابنه وأنا مالي؟! ابني ومراتي زعلانين, أنا ذنبي إيه؟ فين حقي في حفيدي, ويوضح بأن من الطبيعي أن تكون نفسية الرجال مشحونة بسبب اللوحة الموجودة في الريسبشن مدخل المحكمة نحن في خدمة المرأة. ويضيف بالزمة مش المفروض نحن في خدمة الأسرة مش دي محكمة أسرة؟! وتعترض هانم علي للمساواة بين قضايا الخلع لحالات زواج دام20 سنة فيما أكثر مثل حالتها مع قضايا الخلع لحالات الزواج الأقل عمرا هي فهي متزوجة منذ22 سنة وعمرها53 سنة, وحالات الخلع الحديثة لأزواج حديثي الزواج متهورين فمعظم قضايا الخلع لأزواج حديثي الزواج وأكثرهم عشر سنين, مؤكدة بأن الحكم علي أي زواج وأي طرف علي آخر لا يأتي إلا بعد خمس سنوات علي الأقل لاختلاف بيئة كل طرف منهما, وعن سبب رفعها لقضية الخلع قالت إنها مع تطور الزمن وجدت أنها أصبح لها أكثر من ضرة إشي كمبيوتر وإشي موبايل وإيشي جرايد, ومع الوقت وكبر الأولاد وانشغال كل منهما بحاله أصبح كل منا في حالة صمت تام داخل المنزل, أنا أراقبه وهو يراقب ويعاشر أصدقائه الجدد, وحينما طلبت من الطلاق إعتقد إني غيرانة واتهمني بالجهل لعدم معرفتي بتكنولوجيا العصر, فقررت اللجوء الي الخلع برغم أن هذا بغير رضا أولادي, لكني لا أريد منه شيئا, ولا منهما,. وتضيف الطبيبة سلوي18 سنة زواج بأننا أجبرنا علي الخلع لأننا بصراجة لجأنا الي الخلع للضرر, وتؤكد أن قضيتنا مازالت قائمة منذ سنتين وثلاثة أشهر ولم يتم فيها شيء والسبب إجازة قضائية, وعدم وجود الزوج وعدم وجود المحامين, ويقول تقولي خلع ولا تقولي طلاق كله زي بعضه فعلا أيام المحكمة بسنة وخاصة في قوانين الأحوال الشخصية. ومن جانبه يؤكد الدكتور يوسف صبري المستشار بالمركز القومي للبحوث بأن الخلع لغة أصابت الرجال ليس في خسارتهم لأسرتهم وهدم الكيان الأسري فقط ولكن ليظلوا بعد هذا الزواج عزابا ومن خلال دراسة للمركز القومي للبحوث الإجتماعي ثبت أن62% من النساء من عينة من ألفي سيدة وفتاة يرفضن الزواج بالرجل المخلوع, ولكنهم يوافقن علي صداقته والسبب أنه بالنسبة إليهن رجل فقد كرامته لأنه تمسك بإمرأة رفضته وأجبرها علي تطليقه خلعا, وإما أنه رجل بخيل وخاف أن يخسر كل شيء فأجبر زوجته للجوء للخلع وخاصة أن الأسباب الحقيقية للخلع لا تكون معلنة, فهن خفن من الأسباب الخفية, في حين وافقت31% بالزواج به سواء كان هو( المطلق) أو( المخلوع) مؤكدين بأن كل طرف من الزوجين يريد الانفصال بأقل الخسائر الممكنة لأنه أصبح خسارة قائمة علي المصلحة, ولكن هناك إجماعا علي أن15% من النسبة رفض الزواج بالرجل المطلق بصفة عامة لأنه غالبا سوف يجعل الزوجة الجديدة تدفع الثمن فواتير قديمة هي غير مسئولة عنها وهذا الزواج سيظل تحت الاختبار مدة طويلة وسيحكم عليه بالفشل وهنا تكون العنوسة للفتاة أفضل من زواج علي فاتورة حساب قديمة. وكان لجمعية سي السيد التي تضم450 رجلا مخلوعا رأي آخر فهم يرون أن الخلع المصري ليس خلعا إسلاميا ولكنه خلع علي الطريقة المصرية. حيث أعطي الخلع الإسلامي حق التطليق للرجل حينما قال الرسول صلي الله عليه وسلم لثابت بن قيس خذ منها الحديقة وطلقها تطليقة, وكان الأجدر به وهو رسول الله, والقاضي في كل الأمور أن يأمر بطلاقها علي لسانه وليس علي لسان الزوج. ويضيف المستشار ماجد الشربيني عضو اللجنة التشريعية بالمجلس القومي للمرأة أن هناك تراجعا في عدد حالات الخلع ومن أسباب إجرائية حيث أصبحت تأخذ القضايا الكثير من الوقت والإجراءات الروتينية في المحاكم وكذلك خسرت المرأة كثيرا بلجوئها للخلع فالرجل ليس الخاسر الوحيد فلا يجب إنكار أن كثيرا من الرجال يحجمون عن الزواج بإمرأة خالعة لأنهم يعتبرونها عنصرا للقوة والهيمنة بسبب معرفتها بحقوقها القانونية, والرجل يحب المرأة الضعيفة الخاضعة في كل الأصوال فقد تستهويه المرأة التي طلقت وهي مغلوبة علي أمرها أكثر من امرأة طلقت خلعا ويضيف الدكتور نبيل السما لوطي أستاذ الاجتماع بجامعة الأزهر بأن هناك تراجعا في الإقدام علي الخلع لأن المقدم عليها هي المرأة وبذلك وصل نسبة الطلاق في مصر الي42% حسب تقرير التنمية البشرية, وهذا الا يدل علي عنفوان المرأة ولا علي دليل تحررها ولكن يدل علي أن الأسرة المصرية مفككة وكذلك المجتمع, لأن42% من حالات الطلاق50% منها خلعا, وكثيرات حاولوا التراجع عن هذا الخلع بعد فوات الأوان والتسرع في طلب الطلاق فمثلما تضرر الرجل تضررت المرأة الخالعة لأنها أصبحت في نظر الرجال ليست محل ثقة أو اطمئنان, وتضرر المجتمع نفسه لأن الرجل أصبح يحجم عن الزواج بصفة عامة خوفا من خوض تجربة الخلع فالمتضرر هو المجتمع الذي زاد فيه عدد العنوسة, وزادت فيه نسبة الطلاق, والعنوسة المقصود بها الجنسان في حين تري المستشارة والمحامية نازلي الشربيني المحامية بالنقض بأن الإحجام إن كان صحيحا فهو راجع إلي قصور الإجراءات الخاصة بإنشاء محاكم الأسرة ومكاتب التسوية والمنازعات حول النفقة والتي يسهم فيها بنك ناصر بشكل كبير, إلا أنها تري أن لا تراجع في الإتجاه إلي الخلع فقد أصبحت المحاكم تشهد خمسمائة قضية خلع يوميا بعد أن كان عدد حالات الخلع كلها عام2002(6605) قضايا فقط وهو مازال مكسبا وقتيا وزمنيا للمرأة فهو يغنيها عن سنتي إستئناف, وبالطبع مكسب مادي للرجل, بالعكس أصبح الإقبال من الرجال لاجبار زوجاتهم عليه. ودافع عاطف النجمي المحامي عن المحامين في أنهم السبب في تباطؤ إجراءات التقاضي وطول مدة الخلع مؤكدا أن الأسباب تعود إلي مكاتب التسوية حيث يتم عرض الأطراف للصلح ويأخذ مدة طويلة للتحكيم أو عرض القضية علي الأزهر وغالبا ما يكون إجراء صوريا100% فلم نسمع عن قضية تم حلها نهائيا من مكاتب التسوية إلا وعادت مرة أخري للمحكمة لأن الطرفين يكونان قد وصلا إلي النهاية, والسبب الثاني الذي يوضحه النجمي هم القضاة أنفسهم لأن عدد مقارنة عددهم بعدد القضايا نجد أن عدد القضايا تفوق عدد القضاة بمراحل والسبب الثالث في إطالة مدة التقاضي هو قيمة المهر الصوري الذي يضيعه العروسان في نشوة الفرح ولا يتعدي(1) جنيه وعند الخلع يحضر كل منهما ما يثبت أن المهر صحيح أو غير صحيح المدون بالعقد ويستجيب القاضي لشهود كل منها وهذا يستوجب وقتا طويلا جدا. ويضيف أحمد الحرجاوي القانوني البارز بأن التأخير سببه التحايل علي القانون وليس علي المرأة إلا إنه لم ينف أن يكون السبب راجعا إلي المحامين بنسبة20% وأن50% تقع علي عاتق القضاة الذين يستجيبون لشهود كل من الطرفين هذا بخلاف الأجازة القضائية التي تستمر ثلاثة أشهر, وجزء يقع علي المحضرين الذين يتلاعبون مع المحامين في العناوين والتحايل علي وصول المحضر إلي صاحبه من عدمه, ويعود الحرجاوي ليرمي الكرة في سلة القضاة مؤكدا أن ما يقوله القاضي واجب النفاذ وهو الذي يرجح الخطأ أو الصحيح, والدليل علي ذلك أنه صدر حكم طلاق في السعودية خلال38 يوما, والأغرب هو صدور أحكام طلاق ونفقة ورؤية لزوجين مصريين في أمريكا خلال63 يوما فقط, ويتهم الحرجاوي القضاة بأن الأحكام لدي بعض القضاة تعود إلي أهوائهم يفيد بأن الأحكام لدي بعض القضاة تعود إلي أهوائهم بغير اجتهاد والدليل علي ذلك إصدار حكم نفقة لزوجة صيدلانية قيمتها مائة جنيه فقط من طليقها الطبيب الجراح, في حين صدر حكم آخر في دائرة أخري لحلاق بنفقة مستحقة لزوجته قيمتها ألف جنيه, وحكم ثالث بمطالبة زوجة بدد مهرها بما قيمته عشرة آلاف جنيه غير مستندين علي مثيلاتها من بنات العائلة مثلا أو غيرهن من أقرانها. في حين يري المستشار خليل مصطفي خليل رئيس المحكمة الأسرة بأن العيب ليس في النفوس ولكن في النصوص, فالعيب ليس في المحامين ولا القضاة ولكن في نص القانون, فالمطلوب إصدار نص واف في موضوع المقدم تحديدا بأنه يجب الأخذ بما هو منصوص عليه في عقد الزواج من قيمته, وعلي المتضرر اللجوء إلي القضاء العادي علي ألا يعطل ذلك إجراءات الخلع مؤكدا أن من يقول إن الخلع في تراجع فهو مخطئ لأنه كان في عام2005 ثمانة آلاف قضية في المحاكم المصرية وصلت إلي265 ألف قضية في عام2008 ووصلت الآن إلي أكثر من ذلك كثيرا, لأنها مازالت تمثل الحكم المضمون بالانفصال للمرأة, وكذلك يستعيد بها الرجل حقوقه إلا أن طول مدة التقاضي أبطلت بهجة المرأة بسرعة الانفصال ولم تعد سلاحا علي رقبة الزوج يتم تهديده به فحينما تهدد الزوجة زوجها بأنها سوف تخلعه أصبح يعلم أن القضية سوف تستمر في المحاكم لعدة سنوات. إلا أن الدكتورة مديحة حسن والتي ترأس مكتب تسوية المنازعات ترفض أن يتهم الوقت الذي تقوم فيه بفض المنازعات بين الأزواج بأنه وقت مهدر, وعن المشاكل التي ترد إلي المكتب أكدت أن20% منها بسبب هروب الزوج, و22% من الدعاوي بسبب تدخل الأقارب, وتوضح الدكتورة مديحة بأن المكتب ينظر إلي قضية نفقة و14 قضية خلع,11 قضية نفقة متجمدة, وتسع قضايا رؤية و8 قضايا طلاق للضرر وأربعة قضايا إثبات نسب وقضيتين نشوز وقضيتين متعة. وآخر مهمة قام بها المكتب كان إنقاذ زوجين وثلاثة أطفال.