غالبية أحكام الجنايات مقترنة بعقوبة قضائية مكملة للحكم، وهي "المراقبة الشرطية"، وتكون مدتها مساوية لمدة العقوبة وفيها تحدد المباحث الجنائية مكانا لمراقبة المتهم سواء في منزله أو في قسم الشرطة، لكن لا يتم وضع المتهم داخل قفص حديدي، وحال مخالفة المتهم لشروط هذه العقوبة يعود مجددا للسجن. حول آليات تنفيذ هذه العقوبة والهدف منها، يجيب رجال الأمن والقضاء عن عدة تساؤلات في هذا الشأن، في سياق التحقيق التالي. مستشار أبوليلة: مدتها مساوية لمدة العقوبة وتصدر في أغلب قضايا الجنايات لواء الدويك: تجنيد المصادر والمرشدين بالإكراه أبرز سلبياتها لواء شلبي: مراقبة المجرمين محددة المدة لكن متابعة المسجلين خطر دائمة عقيد منال عاطف: لا توجد آلية لمتابعة المتهمين في جرائم العنف ضد المرأة يقول نائب مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة اللواء خالد شلبي: المراقبة عقوبة تكميلية وردت في القانون وخاصة في الجرائم التي ينص القانون فيها علي تغليظ العقوبة عند العود، وهي عقوبة ينص عليها الحكم وأغلب الأحكام القضائية تصدر متضمنة هذه العقوبة التبعية بالنص علي أن المتهم يوضع تحت مراقبة الشرطة مدة تساوي مدة حكم السجن أو الحبس أي مدة مماثلة لمدة العقوبة وعلي سبيل المثال من حكم عليه بخمس سنين سجن يوضع لمدة خمس سنين أخري تحت مراقبة الشرطة، وفي حالة العود تضاف مدة الإفراج تحت مراقبة الشرطة للعقوبة الجديدة، فمثلاً إذا صدر ضده حكم مشدد وإرتكب نفس نوع الجريمة فإن مدة الخمس سنوات المراقبة الشرطية تضاف إلي الحكم الجديد المشدد فإذا كان حكم عليه بعشر سنوات سجن فإنه سيظل خلف القضبان لمدة 15 سنة نتيجة العود للجريمة. ويوضح اللواء شلبي أنه يتم الخلط اللغوي بين كلمتي الإفراج الشَرطي والشُرطي والصحيح بفتح حرف الشين وتعني أنه يتم الإفراج عن المتهم لكنه يمضي العقوبة التكميلية تحت مراقبة الشرطة، ووضع المفرج عنه تحت المراقبة نوعان الأول وهو المراقبة داخل ديوان المركز أو قسم الشرطة وتبدأ من غروب الشمس وحتي شروقها أي مراقبة ليلية، أما النوع الثاني فهو المراقبة في المنزل حيث يقوم ضابط الشرطة بالمرور عليه وبالمناداة عليه أو طرق الباب لابد أن يخرج لإظهار نفسه ومعه الدفتر الخاص بمرور المراقبة لإثبات تواجده، وفي الحالتين عندما لا يجد المتهم يقوم ضابط الشرطة الذي خول له القانون سلطة الضبطية القضائية بعمل محضر بكسر المفرج عنه شروط المراقبة ويحرر له محضرا برقم جنحة ويعرض علي النيابة، وتثبت هذه الجنحة في صحيفة الحالة الجنائية فور صدور الحكم فيها وذلك بناء علي نص قانون العقوبات. ويشير اللواء شلبي إلي أن متابعة أنشطة المسجلين خطر دائمة ومن خلالها يتم ضبط العديد من الجناة وإحباط العديد من العمليات العدائية، موضحاً أنه بالنسبة للمرضي النفسيين إذا تورطوا في أي جريمة يتم القبض عليهم وتقديمهم للنيابة وهي صاحبة القرار بعد التأكد مما يدعونه لكن لا يوجد مريض نفسي يحكم عليه وذلك وفقاً للقانون، مؤكداً أن المباحث الجنائية هي المعنية بتحديد مكان المراقبة وفقاً لخطورة المتهم. ويشير مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمني اللواء محمد ربيع الدويك إلي أن هذه العقوبة التبعية تساعد علي تحديد المجرمين العائدين إلي عالم الجريمة والأشقياء والخطرين من الأشخاص الذين تحسن واعتدل سلوكهم نتيجة تنفيذ العقوبة الأصلية، ولأن السجن دار تهذيب وتقويم وإصلاح فإنه يتم تدريب المسجونين علي حرف تمكنهم من تأدية عمل نافع للمجتمع بعد الخروج مثل النجارة والحدادة وصناعة الجلود والسجاد كل ذلك تحت إشراف إدارة التدريب بقطاع مصلحة السجون. ويكشف اللواء الدويك أن سلبيات المراقبة الشرطية تتمثل في أنها تستغل في تجنيد المصادر والمرشدين بالإكراه، حيث تتم المراقبة بمعرفة ضباط الشرطة دون أن يفرض القانون أي نوع من المتابعة القضائية، وجري العرف عملياً علي عدم متابعة النيابة العامة أو السلطة القضائية لهذه العقوبة التكميلية للمفرج عنهم تحت شرط وهذا في الجرائم العادية حيث يتم في بعض الأحيان إكراه المراقبين تحت الشرطة علي أعمال النظافة لديوان ومكاتب الأقسام والمراكز وإكراههم علي الإرشاد عن الجرائم التي تتم في دائرة القسم أو المركز، وقد ينزلقون إلي تلفيق القضايا إلي المواطنين الأبرياء بدس الأسلحة أو المخدرات أو متحصلات جريمة في ملحقات مساكن المواطنين الأبرياء لينالوا رضا الأجهزة الأمنية نتيجة عمليات الإرشاد. ويتابع: هذا جانب أما الجانب الآخر وهو أن المفرج عنهن في جرائم الآداب العامة وخاصة جرائم شبكات الدعارة والبغاء عند مرور الضابط النوبتجي حديث التخرج عليهن لمتابعة تواجدهن بمنازلهن فإنهن يخرجن لإثبات وجودهن في منازلهن بملابس النوم وفي هيئة مثيرة للغرائز مما يدعو إلي حدوث حالات من الانحراف للسلوك البشري السوي لضباط وأفراد الشرطة. ويقترح اللواء الدويك أن تكون مواعيد المرور علي المراقبين غير محددة أو نمطية حتي تتحقق المفاجأة وأيضاً للتأكد من عدم كسر المراقبة، ولابد أن تقوم النيابة العامة بمتابعة هذا الإجراء من جانبها، لأن هذا الإجراء من التدابير العقابية الناجزة والمفيدة إذا طبقت بدقة وأمانة وهي متبعة في معظم دول العالم. وعن دور الكاميرات الموجودة بالميادين وإشارات المرور في مراقبة المجرمين يشير مدير الإدارة العامة لمرور الجيزة اللواء مجدي إسماعيل إلي أن هذه الكاميرات تساهم بشكل كبير في الحد من الحوادث والجرائم ولها دور كبير في تحديد الجناة والمشتبه فيهم عند تفريغ الكاميرات المتواجدة بنطاق الحادث ومن خلالها تم تحديد وضبط العديد من الجناة، وحول استعانة قطاعي الأمن العام والوطني بالكاميرات المتواجدة في الشوارع يوضح اللواء إسماعيل أن هناك تنسيقا دائما بين جميع قطاعات وزارة الداخلية وذلك في إطار الدور التكاملي للأجهزة الأمنية، مشيراً إلي أنه رغم أن تركيب كاميرات إلكترونية بالشوارع والميادين لرصد الحالة الأمنية والمرورية مكلف إلا أن وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار لم يبخل بشيء علي إدارات المرور ولديه خطة للتوسع في منظومة الكاميرات الإلكترونية لتوفير أقصي درجات الأمان للمواطنين ولمتابعة الحالة الأمنية علي مدار الساعة ولسرعة تحديد وضبط المجرمين، وأيضاً لتقليل الاعتماد علي العنصر البشري من أفراد الشرطة لتفادي الصدام مع المواطن. ويوضح رئيس محكمة جنايات شمال القاهرة الأسبق المستشار عبدالراضي أبوليلة المقصود بظرف العود قائلاً: العود يعني عودة المتهم إلي ارتكاب جريمة من صنف الجريمة الأولي التي عوقب عليها وله شروط أن يتم أو أن يرتكب المتهم الجريمة في مدة محددة من تاريخ ارتكاب الجريمة الأولي وهي محددة في قانون العقوبات الجنائية أما في الجنح فيطبق هذا الظرف في حالة ارتكاب المتهم للجريمة خلال الثلاث سنوات من ارتكاب الجريمة الأولي، حيث يعتبرعائداً كل من حكم عليه بالحبس مدة سنة أو أكثر وثبت أنه ارتكب جنحة قبل مضي خمس سنين من تاريخ انقضاء هذه العقوبة أو من تاريخ سقوطها بمضي المدة. ويشير المستشار أبوليلة إلي أن المراقبة الشرطية هي عقوبة قضائية تكميلية تصدر مع أغلب الجنايات وتكون لمدة مساوية لمدة العقوبة أو أقل وتصدر أيضاً مع بعض الجنح التي يحددها القانون وتراها المحكمة، موضحاً أنه وفقاً للمادة 50 من قانون العقوبات أنه يجوز للقاضي في حال العود أن يحكم بأكثر من الحد الأقصي المقرر قانوناً للجريمة بشرط عدم تجاوز ضعف هذا الحد. وعن دور إدارة متابعة جرائم العنف ضد المرأة بوزارة الداخلية تقول الضابط مدير بالإدارة العقيد منال عاطف ليس دورنا مراقبة المتحرشين لكن دورنا قائم علي محورين الأول التوعية والثاني تقديم الوعي المجتمعي للمجني عليهن، والمحور الأول نقوم به من خلال مشاركة قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية في فعاليات وورش عمل ومؤتمرات خاصة بمجال مكافحة جرائم العنف ضد المرأة وذلك بالاشتراك مع المجالس القومية المعنية بهذا الشأن مثل المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للأمومة والطفولة. وتوضح العقيد منال أن المحور الثاني من دورنا يكون بعد حدوث الواقعة سواء كان أسرياً أو مجتمعياً، وهناك حالات صارخة تستلزم زيارة للمجني عليهن لتقديم الوعي المجتمعي والدعم النفسي وتبصيرهن بحقوقهن القانونية حيث نحثهن علي عدم الإحجام عن الإبلاغ لأن كثيرا منهن يتعرضن إلي تهديدات، وأشارت إلي أنه لا توجد آلية لمتابعة المتهمين في وقائع العنف ضد المرأة.