منذ أيام، وقعت الحكومة الإسرائيلية اتفاقاً مع شركة نوبل الأمريكية للطاقة لاستخراج الغاز من سواحلها المطلة علي البحر المتوسط، والاتفاق التاريخي، كما وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سيعود بمئات المليارات من العملة الإسرائيلية "الشيكل"، وسيوفر علي الدولة العبرية تكلفة استيراد الغاز من بلدان مجاورة، بل وسيحقق لها تصديره للمرة الأولي لمصر وتركيا، كما أعلنوا منذ التوصل للاتفاق علي التنقيب علي مسافات تصل إلي ما بين 08 إلي 031 كيلو متراً أمام السواحل الإسرائيلية. السؤال هنا "ماذا يعني هذا الاتفاق لإسرائيل من جهة وللبلدان المجاورة لها والتي تقع علي سواحل البحر المتوسط من جهة أخري؟". علي الفور، عرض نتنياهو الاتفاق علي مجلس الوزراء الذي وافق عليه، رغم بعض الاعتراضات، من احتكار الشركة الأمريكية "نوبل انيرجي"، وشريكتها الإسرائيلية "مجموعة دبليك"، وليدخل الاتفاق حيز التنفيذ، وليبدأ علي الفور استخراج الغاز الطبيعي من سواحلها المطلة علي البحر المتوسط، وكانت إسرائيل قد استثمرت منذ عامين في حقل بتمارا للغاز الذي يقع علي بعد 08 كيلو مترا، أمام سواحل مدينة حيفا كما تستثمر في حقل بليفياتانا أكبر حقول الغاز في البحر المتوسط، الذي يقع علي مسافة 031 كيلو مترا.. أمام سواحل حيفا أيضا. والاتفاقية التي ستعرض علي الكنيست الإسرائيلي، بعد تصديق الحكومة الإسرائيلية عليها، ستسمح برفع إنتاج الغاز الطبيعي في 3 حقول في البحر المتوسط، كما سيسمح ببدء العمل باتفاقيات تم توقيعها بالفعل لتصدير الغاز الإسرائيلي لبلدان مجاورة بالإضافة لاتفاقيات متوقعة مع تركيا، تم الاتفاق عليها مبدئياً مؤخراً. والاتفاقية التي جاءت بعد شهور من الشد والجذب تسمح كذلك بالتنقيب عن الغاز قبالة السواحل القبرصية مع تسويقه وبيعه لقبرص كأولوية، ويأتي كذلك بعد معارضة لبنانية كما رصدت صحيفة الشرق الأوسط السعودية التي تقول إن الآبار التي تقوم إسرائيل بحفرها بمساعدة أمريكية تقع بمحاذاة المياه الاقتصادية اللبنانية والمتنازع عليها بين إسرائيل وعدة بلدان مجاورة وهنا رد نتنيناهو بأن هذه المزاعم غير صحيحة وأن المنظمات الدولية، أكدت أحقية إسرائيل في استخدامها والتنقيب فيها وأن كل ماتقوله لبنان أو غيرها عنها غير صحيح. ليس هذا فقط، فالاتفاق مازال يلاقي العديد من الانتقادات من داخل إسرائيل ذاتها فهناك اعتراضات حول أنه يعد بوليصة تأمين حكومية تعطي حقا لاحتكارات أمريكية وأنه رغم ماتروج له الحكومة كما تقول صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية من أنه سيوفر مليارات الشواكل للمواطن الإسرائيلي سنويا إلا أن سعر القدم للمتر المكعب من الغاز سيظل كما هو حاليا، وهو نحو 5 دولارات أمريكية مقابل أقل من دولارين للمواطن الأمريكي، كما أنه يعطي للشركات الاحتكارية فرصة للتحكم في كل مفاصل الدولة العبرية الاقتصادية مستقبلا خاصة مع اعتمادها علي نحو 07% من احتياجاتها مستقبلا من الطاقة علي الغاز الطبيعي في المقام الأول. الاتفاق أيضا أعاد للذاكرة قصة اكتشاف الغاز لأول مرة في إسرائيل في نهاية تسعينيات القرن الماضي فقط أمام سواحل غزة الفلسطينية ثم في 4 مواقع أخري منها بتمارا وبليفاتانا وعلي بعد نحو مائة كيلو متر من سواحل مدينة حيفا وتعد شركتا نوبل الأمريكية ومجموعة بذيلكا الإسرائيلية التي يملكها رجل الأعمال الإسرائيلي «إسحاق تشوڤ» هما أول من نقب عن البترول والغاز في إسرائيل ورغم ذلك لم تتقدم أي شركة أو مجموعة إسرائيلية أوحتي غربية أو أمريكية للتنقيب غيرهما، وبالفعل حصلتا معا علي22 امتيازا للبحث عن كل من: البترول والغاز حتي الآن. وهو مايعني تغطية نحو 06% كما تقول صحيفة الشرق الأوسط من المياه الاقتصادية الإسرائيلية المحتملة ومقابل نسب انتفاع تصل في بعض الأحيان إلي 58% ومع احتمالات شبه مؤكدة لاحتياطات قد تصل إلي 23 تريليون قدم متر مكعب للغاز مقابل نحو 21 مليون برميل من البترول فقط. والقصة هنا أن الاتفاق وما سيتلوه من اتفاقيات سوف تشكل مشكلة حقيقية لعدة بلدان مجاورة، ومطلة علي البحر المتوسط.. وتري لها حقوقا في مياهها الاقتصادية، علي البحر، ومع بدء تطبيق الاتفاق الثلاثي المشترك بين قبرص وإسرائيل واليونان لاستخراج الغاز الطبيعي من البحر المتوسط وإنشاء خط أنابيب لنقله من حقل أفروديت القبرصي ومن حقل ليفيا الإسرائيلي لمصنع لتسييل الغاز يتم إنشاؤه مع حلول العام 9102 وتتوقع الشركة الأمريكية نوبل للطاقة أن يمد هذا الخط وحده في شرق المتوسط كافة إمدادات أوروبا من الغاز ل 02 سنة قادمة.