ملف يلا كورة.. أزمة عبد الله السعيد.. قرارات رابطة الأندية.. وهزيمة منتخب الشباب    مبابي في الصدارة.. تعرف على جدول ترتيب هدافي الدوري الإسباني    سرطان عدواني يصيب بايدن وينتشر إلى العظام.. معركة صحية في لحظة سياسية فارقة    ترامب يعرب عن حزنه بعد الإعلان عن إصابة بايدن بسرطان البروستاتا    سعر الريال السعودي اليوم الإثنين 19 مايو 2025 في البنوك    الأربعاء المقبل.. طرح كراسات شروط حجز 15 ألف شقة لمتوسطي الدخل بمشروع سكن لكل المصريين    مجدي عبدالغني يصدم بيراميدز بشأن رد المحكمة الرياضية الدولية    الانَ.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 بمحافظة المنيا ل الصف الثالث الابتدائي    محمد رمضان يعلق على زيارة فريق «big time fund» لفيلم «أسد».. ماذا قال؟    بعد إصابة بايدن.. ماذا تعرف عن سرطان البروستاتا؟    الكنائس الأرثوذكسية تحتفل بمرور 1700 سنة على مجمع نيقية- صور    إصابة شخصين في حادث تصادم على طريق مصر إسكندرية الزراعي بطوخ    أسطورة مانشستر يونايتد: صلاح يمتلك شخصية كبيرة..وكنت خائفا من رحيله عن ليفربول    رئيس الحكومة الليبية المكلفة: خطاب عبد الحميد الدبيبة إدانة لنفسه    151 شهيدا فى غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر الأحد    مصرع شابين غرقا أثناء الاستحمام داخل ترعة بقنا صور    لجنة الحج تعلن عن تيسيرات لحجاج بيت الله الحرام    تعرف على موعد صلاة عيد الأضحى 2025 فى مدن ومحافظات الجمهورية    موعد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    رجل الأعمال ماهر فودة يحضر العرض الخاص ل"المشروع X" بصحبة خالد صلاح وشريهان أبو الحسن    هل توجد زكاة على المال المدخر للحج؟.. عضوة الأزهر للفتوى تجيب    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    شيكابالا يتقدم ببلاغ رسمي ضد مرتضى منصور: اتهامات بالسب والقذف عبر الإنترنت (تفاصيل)    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    في أول زيارة رسمية لمصر.. كبير مستشاري الرئيس الأمريكي يزور المتحف المصري الكبير    رسميًا.. الحد الأقصى للسحب اليومي من البنوك وATM وإنستاباي بعد قرار المركزي الأخير    24 ساعة حذرة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «اتخذوا استعدادتكم»    القومى للاتصالات يعلن شراكة جديدة لتأهيل كوادر مصرفية رقمية على أحدث التقنيات    البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    مجمع السويس الطبي.. أول منشأة صحية معتمدة دوليًا بالمحافظة    حزب "مستقبل وطن" بسوهاج ينظم قافلة طبية مجانية بالبلابيش شملت الكشف والعلاج ل1630 مواطناً    بتول عرفة تدعم كارول سماحة بعد وفاة زوجها: «علمتيني يعنى ايه إنسان مسؤول»    أحمد العوضي يثير الجدل بصورة «شبيهه»: «اتخطفت سيكا.. شبيه جامد ده!»    أكرم القصاص: نتنياهو لم ينجح فى تحويل غزة لمكان غير صالح للحياة    ننشر مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025    من أجل علاقة مُحرمة مع طفل... كيف أنهت "نورهان" حياة والدتها في بورسعيد؟    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    دراما في بارما.. نابولي يصطدم بالقائم والفار ويؤجل الحسم للجولة الأخيرة    الشرطة الألمانية تبحث عن رجل أصاب 5 أشخاص بآلة حادة أمام حانة    رئيس لبنان: هل السلاح الفلسطيني الموجود بأحد المخيمات على أراضينا قادر على تحرير فلسطين؟    إطلالات ساحرة.. لنجوم الفن على السجادة الحمراء لفيلم "المشروع X"    وزير المالية الكندي: معظم الرسوم الجمركية على الولايات المتحدة "لا تزال قائمة"    أسعار الذهب اليوم الإثنين 19 مايو محليا وعالميا بعد الارتفاع.. بكام عيار 21 الآن؟    المستشار القانوني للمستأجرين: هناك 3.5 ملايين أسرة معرضة للخروج من منازلهم    بحضور رئيس الجامعة، الباحث «أحمد بركات أحمد موسى» يحصل على رسالة الدكتوراه من إعلام الأزهر    تعيين 269 معيدًا في احتفال جامعة سوهاج بتخريج الدفعة 29 بكلية الطب    رئيس الأركان الإسرائيلي: لن نعود إلى ما قبل 7 أكتوبر    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    هل الرضاعة الطبيعية تنقص الوزن؟- خبيرة تغذية تجيب    البابا لاون الثالث عشر يصدر قرارًا بإعادة تأسيس الكرسي البطريركي المرقسي للأقباط الكاثوليك    أمين الفتوى: يجوز للمرأة الحج دون محرم.. لكن بشرط    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    9 وزارات تدعم الدورة الرابعة لمؤتمر CAISEC'25 للأمن السيبراني    تعليم الشيوخ تستكمل مناقشة مقترح تطوير التعليم الإلكتروني في مصر    رئيس «تعليم الشيوخ» يقترح خصم 200 جنيه من كل طالب سنويًا لإنشاء مدارس جديدة    أشرف العربى: تحسن ملموس فى مستوى التنمية فى مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بمشاركة قبرص وتركيا
إسرائيل تنهب غاز مصر
نشر في الوفد يوم 21 - 09 - 2014

شهدت الفترة الماضية جدلاً واسعاً حول غموض الموقف المصرى والتهاون فى الحفاظ على آبار الغاز التى استولت عليها إسرائيل بمشاركة قبرصية، فيما وقفت الحكومة المصرية موقف المشاهد على المأساة.
فالاتفاق على ذلك يعنى نضوب حقول الغاز المصرية فيما يشبه التهديد للأمن القومى المصرى، حيث سيضع مصر تحت تصرف سوق الغاز الإسرائيلية لمدة 15 يوماً، ويسمح لإسرائيل بأن تكون شريكاً اقتصادياً ومحوراً للتمركز لأى مشروعات إقليمية يتم تنفيذها فى المنطقة، بما يستوجب دق ناقوس الخطر -حسبما يؤكد الخبراء فى مجال الطاقة- فى ظل التخوف من خلق صراعات جديدة أو اندلاع الحروب الإسرائيلية العربية، بعدما وصل الصراع الإسرائيلى على سرقة حقول الغاز أو استخراجه من المياه الإقليمية إلى أقصاه.
دخلت منطقة شرق البحر المتوسط بؤرة الاهتمام الإقليمى والعالمى فى مجال الطاقة بعد الاكتشافات اللافتة للنظر للغاز الطبيعى إلى حد حولت إسرائيل إلى دولة مصدرة للطاقة، كما يلوح الكيان الصهيونى بالتعاون مع قبرص وتركيا من دون موارية باستخدام سلاح الغاز ضد الشعوب العربية، وهو ما يرسم من جديد مناخ الحرب الباردة، بعد السيطرة على حيز مهم من سوق الطاقة، والمسعى الأمريكى لربط أمن الطاقة لدى الحلفاء بدبلوماسيتها ومظلتها الأمنية، وهما يمثلان نموذجين لأدوات الصراع بحالته الجديدة.
والجدير بالذكر أن الشركاء فى حقل تامار الإسرائيلى للغاز وشركة يونيون فينوسا جاس إس إيه الإسبانية والمعروفة ب (يو إف جي) قد وقعا مذكرة اتفاق تفاهم لتوريد الغاز الطبيعى المسال من تامار إلى مصانع الغاز التابعة ل«يو إفى جى» فى مصر، حسبما أكدت الإذاعة العامة الإسرائيلية منذ أيام قليلة.
تحاول «الوفد» كشف حقيقة القضية وأبعادها وسر الموقف المصرى منها، كما يكشف التحقيق عن تطلعات المصريين للرئيس عبدالفتاح السيسى بأخذ زمام المبادرة والحفاظ على حقوقنا المهدرة، وهو ما كشف عنه الرئيس مؤخراً بقوله «لا نصدر ولا نستورد الغاز من إسرائيل».
ففى البداية يقول الدكتور سلامة عبدالهادي، أستاذ نظم الطاقة بكلية الهندسة جامعة أسوان ووزير الطاقة والموارد الطبيعية بحكومة الوفد الموازية سابقاً، إن إسرائيل وتركيا وقبرص، تخلت على الأحقية المشتركة لسوريا ولبنان ومصر وفلسطين فى حقول الغاز المكتشفة حديثاً بشرق البحر المتوسط، وإنما يتمسك كل طرف بموقفه الذى يعززه بأن حدوده البحرية خط أحمر تندرج تحت طائلة السيادة الوطنية، لذا فعلينا كأصحاب حق تعترف به القوانين الدولية أن نلجأ إلى المحاكم الدولية لإثبات الحق العربى فى حقل تامار، بعدما استأثرت إسرائيل بمنتجات هذا الحقل وشجعها على ذلك سكوت زعماء الدول العربية عن هذا الأمر.
وأضاف: إذ ما سكتت الحكومات السابقة عن هذا الحق لتورطها فى علاقات مشبوهة مع الحكومة الإسرائيلية والتى أعلنت حزنها على نهايتها على يد ثورة 25 يناير، فعلى الحكومة الحالية أن تعلن تمسكها بحق الشعوب العربية فى تبعية هذا الحقل تاريخياً.
وتابع: كان لزاماً علينا وقف تصدير الغاز الطبيعى من الحقول المصرية إلى إسرائيل الذى كان يباع بهذا السعر المتدنى الذى قبله نظام المخلوع الفاسد إلى حسين سالم، بعد أن ثبت أنه ليس مصرياً طبقاً لما اتضح أثناء محاكمته فى إسبانيا بتهمة غسل الأموال، واعتبار أن تعاقد تلك الحكومة الفاسدة معه دون الرجوع لأصحاب الحق والمتمثلة فى مجالسها النيابية أى سلطتها التشريعية مخالف للقوانين المصرية، كما أنه يخالف كل الأعراف الدولية فى التصرف فى الثروات الطبيعية من البترول والغاز الطبيعي، لأى دولة والتى حددتها مواثيق الأمم المتحدة فى مجموعة من المبادئ يمكن الرجوع إليها، فهى تحرم على الحكومات إهدار الموارد الطبيعية المحدودة والقابلة للنضوب فيما لا يعود بالتنمية المستحقة والمستدامة أو المتواصلة لشعوبها دون موافقة مجلس الشعب، مع حق الشعب فى الحجر على تصرف هذه الحكومات، إذا كانت فاقدة لشرعية تصرفاتها حيال الموارد الطبيعية لشعوبها.
ويضيف «عبدالهادى» أن الشعب فى ثورة 25 يناير أسقط الشرعية عن تلك الحكومة التى مارست الفساد، ثم تلاه الإفساد فى كل شىء أثناء حكم الإخوان، وحيث إن ضخ الغاز لإسرائيل بالسعر المتدنى فى فترة حكم المخلوع بتوقيع العقد إلى أجنبى ومنه إلى أجانب يعد خيانة عظمى يحاسب عليها القانون لكل من شارك فى توقيع هذا العقد ويعطى الشعب الحق فى أن يوقف استمرار العمل بهذا العقد، خاصة فى ظروف مصر الحالية من نقص موارد الطاقة التى لا تكفى حاجة محطاتها الحرارية التقليدية، وعجزها عن استخدام الطاقة النووية كبديل لمصادر الطاقة التى قاربت على النضوب فى المستقبل القريب، بسبب ما تفرضه الدول من حظر على تقنيات بناء محطات نووية فى مصر بجهود علمائها وتصنيع دورة الوقود بإمكانياتنا الذاتية كما حدث الآن فى إيران، بل تحاول أن تفرض علينا أن نشترى محطة بأغلى الأسعار دون أن يحق لنا تشغيلها منعاً لحدوث تلوث بها لأن إدارتها لن تكون مصرية، فإنه يحق لنا تأمين مستقبل أبنائنا بالأسلوب الذى نراه مناسباً، ونستطيع أن نمارس حقنا الطبيعى فى عدم تمديد اتفاقية الغاز، إلا بالشروط التى نراها مناسبة لظروفنا الحالية وما يسمى التعويض بالفرص البديلة، والتى تحتم ألا يقل سعر الوحدة المسماة فى العقد من الغاز الطبيعى عن 8 دولارات للوحدة كما هو مأخوذ به فى العقود المماثلة التى تم توقيعها فى الفترة ذاتها ودون أى عمولات يحصل عليها أى عميل باع وطنه، ومستقبل شعبه من أجل رفاهية شخصية لا يستحقها، وأن تخفض الكمية المتعاقد عليها إلى النصف للوفاء بمتطلبات المحطات المصرية الحرارية، وأن تعرض هذه الاتفاقية على مجلس الشعب القادم قبل اتخاذ أى قرار يخص الوطن وشعبه، باعتبار أن وقف ضخ الغاز كان من متطلبات الثورة، لأن من حق الشعب تحديد بنوده والموافقة عليه أو رفضه.
فيما انتقد رئيس جبهة الضمير المصرية وكيل وزارة الخارجية الأسبق السفير إبراهيم يسري، استيراد مصر الغاز الطبيعى من إسرائيل لإنهاء أزمة انقطاع الكهرباء.
ويتساءل: لماذا ولمصلحة من؟.. تسعى الإدارة المصرية من جديد للتعاون مع الكيان الصهيونى أو اليونان، بعد تلك التعديات الجمة على حقول الغاز المصرية فى البحر المتوسط؟!
وأوضح: إن مصر بهذه الخطوة ستستورد الغاز الذى صدرته إلى إسرائيل سابقاً بأضعاف ثمنه، وهو يعد «قراراً معيباً» - ينتقص من السيادة الوطنية ومصالح مصر، لأننا نقوم بالتفريط فى حقوقنا للغير، بعدما نهبت إسرائيل حقول الغاز والمواد البترولية الواقعة على الحدود الإقليمية، متسائلاً أم أن مصر تقبلت ثقافة الهزيمة؟
وتابع: تقدمت بعدد 8 بلاغات للنائب العام عقب ثورة يناير 2011 وحتى عام 2013، وكان آخرها البلاغ الذى يطالب بالتحقيق فى سرقة حقول الغاز المصرية فى البحر المتوسط، من قبل إسرائيل واليونان، ومطالباً بإلغاء وتعديل اتفاقية تقسيم المنطقة البحرية عقب سرقة هذه الحقول، كما طالبنا أيضاً بالتحقيق فى تقاعس السلطات المصرية عن التدخل لعودة الثروات الطبيعية المنهوبة، وإهدارها لصالح العدو الصهيونى المحتل واليونان، واللذين استوليا على 3 حقول كبرى للغاز الطبيعي، وذلك دون مقابل أو تدخل من قبل الجانب المصري.
مضيفاً إلى أن الانتهاكات الصهيونية للثروات المصرية بدأت منذ عام 2003، حيث إن حقلى الغاز المتلاصقين (لفياثان) الذى اكتشفه الصهاينة فى 2010، و(أفروديت) الذى اكتشفته قبرص فى 2011، يذخران باحتياطيات قيمتها 200 بليون دولار، وهما يمتدان إلى المياه الإقليمية المصرية على بعد 190 كيلو متراً شمال دمياط و235 كيلو متراً من حيفا و180 كيلو متراً من سيناء، إضافة إلى حقل (تامار) الذى يقع قبالة سواحل حيفا فى البحر والذى اكتشف فى عام 2009، كما تم حفر ثلاث آبار فى مصر بعمق 2448 متراً وفجأة انقطعت أخبار حفريات الغاز فى شمال شرق البحر المتوسط وذلك فى مطلع عام 2004.
واستطرد: إنه بالعودة إلى الوراء قليلاً، نجد أن مصر كانت قد وقعت عام 2005 اتفاقاً مع إسرائيل لتصدير 1.7 متر مكعب من الغاز سنوياً، بحيث يتم بيع الغاز المصرى لتل أبيب بسعر أقل من 1.5 دولار للمليون وحدة حرارية، وكان أقل بكثير من السعر العالمي، وقد أثارت هذه الاتفاقية بين مصر وإسرائيل احتجاجات واسعة فى الشارع المصرى إبان حكم المخلوع حسنى مبارك، حيث يمتد خط أنابيب الغاز بطول مائة كيلو متر من العريش فى سيناء إلى نقطة على ساحل مدينة عسقلان جنوب السواحل الإسرائيلية على البحر المتوسط، وشركة غاز شرق المتوسط هى المسئولة عن تنفيذ الاتفاقية وقتها وكانت عبارة عن شراكة بين كل من حسين سالم الذى يمتلك أغلب أسهم الشركة ومجموعة ميرهاف الإسرائيلية وشركة (أمبال) الأمريكية الإسرائيلية وشركة (بى تى تي) التايلندية ورجل الأعمال الأمريكى سام زيل. مطالباً السلطات المصرية بسرعة التدخل لعودة الثروات الطبيعية المنهوبة، خاصة بعدما تركت مصر الفرصة سانحة لإسرائيل وقبرص تنهبان خيرات الوطن بسبب فساد وزارة البترول فى عهد نظام المخلوع «مبارك» وحتى عام 2012.
أما الدكتور سعيد اللاوندي، الخبير فى العلاقات السياسية والدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فيؤكد أن لكل دولة حدودها الإقليمية بموجب القانون الدولى المتعارف عليه، وهذه الحدود تفرض بسط سيادة الدولة عليها، وهى تمتد من اليابسة إلى خارج حدود مياه البحر الأبيض المتوسط، ورغم أننا حذرنا كثيراً من الممارسات الصهيونية التى تسعى دائماً للاستيلاء على ثرواتنا البترولية فى مياهنا العميقة بالبحر المتوسط، إلا أننا فى واقع الأمر كان هناك تخاذل بشع من الجانب المصرى تجاه استغلال ثروات مصر المنهوبة، وهو ما يستلزم رفع ملف الطاقة المنهوبة إلى الأمم المتحدة للحصول على الحقوق المصرية والفلسطينية أيضاً، حتى تدفع الدول التى أخلت بالاتفاق تعويضاً عن كل المكاسب التى تكسبتها ثمناً باهظاً عن سرقة الثروات الطبيعية وفقاً للقواعد القانونية.
فيما يؤكد الدكتور أبوالعلا النمر، أستاذ القانون الدولي، أن حقول الغاز والنفط المكتشفة فى البحر المتوسط ليست حقاً مكتسباً لإسرائيل أو قبرص، وإنما للمنطقة العربية وعلى رأسها مصر.
واستنكر الدكتور «النمر» هذا التصريح الذى يهدر حق مصر فى الحقول المكتشفة – على حد قوله، داعياً الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى اتخاذ «قرار وطني» حاسم يماثل قرار الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس، لاسيما أن خطوط الإمداد من الحقول المكتشفة إلى إسرائيل ستمر بأراض مصرية.
وأشار إلى أن مصر دولة منتجة ومصدرة للمواد البترولية، ولكن فى ظل ارتفاع درجة احتياجاتنا من الغاز والمواد البترولية، فلابد من إعادة النظر بموضوعية فى طبيعة عمليات الاستخراج وتحديد السعر المناسب لكل عملية، حيث تأتى أهمية الغاز الطبيعى المكتشف من كونه يحتل مكانة مهمة وحساسة بين إسرائيل واليونان وتركيا، مثلما تحتاجه مصر ولبنان وغيرهما، ولا ننسى القرب الجغرافى من أوروبا المتعطشة لموارد الطاقة.
مشدداً على أهمية إدخال بعض التعديلات فى الاتفاقيات المتعلقة بالبحث والتنقيب عن الغاز فى المياه العميقة لتشجيع الاستثمار فى هذه المناطق، حيث إن صعوبة البحث وارتفاع التكلفة والمخاطرة يؤديان إلى ارتفاع نفقات عمليات الاستكشاف، كما أن نموذج تقاسم الإنتاج المعتاد إبرامه مع الشركاء الأجانب طبقاً للاتفاقيات البترولية – «غير جيد» – ونحن لسنا قادرين على تلبية احتياجات البلاد من البترول والغاز بسبب جمود الفكر.
ومن جانبه، يشير الدكتور يحيى القزاز، أستاذ الجيولوجيا بجامعة حلوان، إلى أن هناك تقسيماً محدداً يوضح حدود المياه فى البحار لتبدأ من البحر الإقليمى والمنطقة المجاورة له والمنطقة الاقتصادية الخالصة.
وأوضح: أن مصر هى أول دولة على الساحل الشرقى للمتوسط بدأت بالاكتشافات البحرية وبلغ حجم إنتاج الغاز 65 مليار متر مكعب خلال عامى (2010 و2011)، والغاز المسيل بنحو 21 مليار متر مكعب فى العامين المذكورين سابقاً، وتختلف مصادر الغاز فى مصر: فهناك الغاز الحر من خليج السويس والصحراء الغربية من البحر المتوسط الذى يشكل 40% من إنتاج الغاز المصري، وإنما تمكنت إسرائيل من اكتشاف حقلين مهمين خلال السنوات الماضية فى المياه الإقليمية هما حقل (تامار للغاز) الذى يقع قبالة سواحل حيفا فى البحر والذى اكتشف فى عام 2009 وتقدر سعة احتياطيه بحوالى 3.5 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعى ويعتقد «القزاز» أن هذه الكمية تكفى إسرائيل لمدة 25 عاماً، وتتقاسم ملكيته لكل من شركة نوبل إنيرجى للطاقة الموجودة فى تكساس بنسبة 36%، ومجموعة ديليك الإسرائيلية بنسبة 31.25%، ويسرامكو بنسبة 28.75%، ودورجاز بنسبة 4%، إما حقل (لفياثان) الكبير المكتشف قبالة الساحل اللبنانى الفلسطينى الذى يحتوى على حوالى 3 مليارات براميل من النفط الخام أى حوالى 16 تريلون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، وتقدر القيمة الكلية لاحتياطات الغاز المكتشف بحوالى 400 مليار دولار، ناهيك عن اكتشاف حقل (مارين) الذى يقع على بعد حوالى 30 كيلو متراً من شاطئ مدينة غزة والتى تحتوى على حوالى 1 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، كما يحتوى حقل (تانن) على 34 بليون متر مكعب، بخلاف التراكيب الجيولوجية فى المياه الإقليمية الإسرائيلية واللبنانية التى تؤكد بإغنائهم بالنفط والغاز الطبيعي، وكل هذه الاكتشافات التى حصلت فى شرق المتوسط قد ترفع احتياطات الدول العبرية من الغاز الطبيعى إلى حوالى تريليون متر مكعب كحد أقصي.
منوهاً بأن إسرائيل نهبت حقول غاز مصرية، وهذا نوع من التفريط من قبل أنظمة الحكم السابقة فى مياهنا الإقليمية، وأيضاً يعتبر تفريط فى السيادة الوطنية على حدود الوطن بأكمله. مؤكداً أنه لم يكن يفعل الكيان الصهيونى هذا الفعل لولا رأى المناخ يسمح بذلك، وهذا يعد احتلالاً صهيونياً لجزء أصيل من الدولة المصرية بالاستيلاء على ثرواتها البترولية المكتشفة على أراضيها.. والتى لا نزال فى أشد الاحتياج إليها.
بينما يلقى الدكتور فرج عبد الفتاح، أستاذ الاقتصاد جامعة القاهرة والخبير بمعهد الدراسات الإفريقية، الضوء على حقيقة نتجاهلها فى سياق التحليلات التى نتناولها وهى تتصل بمفهوم الأمن القومي، فلا يجب أن يتم تناول ملف الطاقة بمنأى عن اعتبارات الأمن القومي، أى أمن الطاقة أو ما يسمى «وقود المستقبل» الذى يمثل ركيزة أساسية لمجالات الحياة المختلفة. محذراً من خطورة اتجاه مصر لحضن إسرائيل مرة ثانية، وبالتالى فالأمر هنا معقد بين دول المتوسط حول مناطق الغاز، فى ظل اكتشافات الغاز المتتالية للدول المطلة على السواحل الشرقية للبحر المتوسط التى ترسم صورة واضحة لحجم الثروات المهدرة، ومن هنا، فالتوقعات تشير إلى الحرب المقبلة فى المنطقة.
واستطرد: لابد من موافقة قطاع البترول والحكومة المصرية على استيراد الغاز من إسرائيل، خاصة أنه قرار سيادي، وأنه فى حالة الموافقة عليه سيكون التعاقد ثلاثياً بين شركة (إيجاس) المصرية للغاز الطبيعى والجانب الإسرائيلي، ثم بيع الغاز لمصنع الإسالة، خاصة مع وجود اتفاق بين الشركة الإسبانية ومصر للحصول على كميات من الغاز وتسييلها، ثم تصديرها خارج البلاد.
مضيفاً أن الغاز الطبيعى مصدر من مصادر الطاقة الناضبة الذى يخرج من باطن الأرض ومن أعماق البحار، ولا تزال منطقة الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط أهم مطامع القوى الكبرى ودول الجوار، فمنذ استعادة مصر حقولها البترولية بسيناء وتوقيع اتفاقية السلام وأحلام إسرائيل وأمنياتها لا تتوقف للحصول على جزء من الموارد البترولية داخل الحدود الإقليمية.
أما الدكتور حسن أبو سعدة، الخبير الاقتصادى ورئيس حكومة الوفد الموازية سابقاً، فقال: فى ضوء ما نقلته وزارة البترول المصرية بشأن خطاب النوايا الذى تم توقيعه بين شركتى «نوبل إنرجى الأمريكية» و«يونيون فينوسا الإسبانية» لاستيراد الغاز من الحقول الإسرائيلية لمشروعها فى دمياط لإسالة وتصدير الغاز فهو «يصعب تفعيله»، إلا بموافقة السلطات المصرية المختصة وبما يحقق المصلحة القومية لمصر وحل جميع قضايا التحكيم التجارية المعلقة.
ويضيف: إن الحكومة المصرية لديها حق فى حقول الغاز الموجودة فى النقطة الاقتصادية رقم 18 والتى تسيطر عليها قبرص وإسرائيل، حيث إنها تمتلئ بمخزون من الغاز الطبيعى من شأنه سد احتياجات مصر لسنوات طويلة ويصل مخزونه إلى 200 تريليون متر مكعب غاز، موضحاً أن إسرائيل تهيمن حتى الآن على تلك المناطق الواقعة فى آخر حدود مصر فى المياه الإقليمية، على الرغم أننا فى أمس الحاجة للغاز الطبيعى لتعويض العجز الموجود فى تزويد المصانع ومشروعات البنية التحتية. مقترحاً استيراد الغاز من الدول العربية كالجزائر وليبيا، لافتاً إلى أن أسعار الغاز فى الدول العربية أرخص بكثير من الدول الأجنبية، ومن ثم هذه الاتفاقيات والسياسات القديمة تحتاج لإعادة نظر مرة أخري، بالإضافة إلى ضرورة عودة شركات التنقيب للعمل بمصر، لكى نتخلص من عملية استيراد الغاز من الكيان الصهيوني.
ويفسر عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية وأستاذ العلوم الاستراتيجية بأكاديمية ناصر، اللواء أحمد عبد الحليم، أن استخدام الغاز آلية لربط الدولتين مصر وإسرائيل ببعض.. بالقول: «عندما تكون المصالح مشتركة حتى بين عدوين ويوافقان على كيفية تبادل المصالح، فإن كليهما يستفيد، وهذا أمر مقبول -فى عالم السياسة- ولكن تظل الشكوك تجاه الجانب الصهيونى باقية لدى المصريين، خاصة أن الشركات الإسرائيلية تعتزم تصدير الغاز من حقلى (تامار) و(لوثيان) إلى محطات تسييل فى ميناء دمياط المصرى ومدينة إدكو بمحافظة البحيرة، التى يمكن أن تستخدم نقطة انطلاق نحو التصدير إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية.
وأضاف أنه «لن تتم الموافقة على ذلك، إلا إذا كانت هذه الصفقة تحقق قيمة مضافة مرتفعة للاقتصاد المصري، ونحن نثق جيداً فى قرارات الإدارة المصرية الحالية. مشيراً إلى أن المذكرة المرسلة لمصر تنص على عقد مدته 15 عاماً ومبيعات إجمالية تصل إلى 2.5 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعى يومياً خلال الفترة المذكورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.