ارتفاع قياسي في سعر الذهب اليوم الخميس 16-10-2025 عالميًا    أسعار الطماطم والبصل والفاكهة الخميس 16 أكتوبر 2025 في أسواق الشرقية    كلام مهم من مدبولي بشأن زيادة المرتبات السنوية    انخفاض سعر الحديد اليوم الخميس 16 اكتوبر 2025.. كم سجل طن عز الآن؟    لقاءات لوزير الخارجية مع الإعلام الأجنبى لاستعراض جهود مصر فى إنهاء حرب غزة    إسرائيل ترفض فتح معبر رفح.. وتوجه طلب عاجل ل حماس    وفد موسكو في فيينا: محاولة "إلغاء" روسيا أدت إلى مشاكل في الدول الغربية    اليوم.. بعثة الأهلي تطير إلى بوروندي لمواجهة إيجل نوار بدوري أبطال إفريقيا    أمطار غزيرة تضرب السواحل.. جدول نوات الشتاء في البحر المتوسط 2026    الفيديوهات لا تعمل.. عطل عالمي يضرب يوتيوب.. والمنصة: شكرا لصبركم    صبري فواز يعلن بدء تصوير مسلسل «عاليا» مع غادة عبدالرازق.. والعرض رمضان 2026    ترامب يعتزم لقاء مودي خلال قمة آسيان    تحويل مسار طائرة وزير الدفاع الأمريكي إلى بريطانيا بسبب تشقق الزجاج الأمامي    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 16كتوبر 2025    مدحت شلبي عن أزمة أرض أكتوبر: كرة القدم ما تنفعش من غير أهلي وزمالك    ارتفاع أسعار الذهب عالميًا في بداية تعاملات الخميس 16 أكتوبر    مادورو يستنكر انقلابات ال«سي آي أي» في أمريكا اللاتينية    قوات الاحتلال تعتقل شابًا خلال مداهمة في بلدة علار شمال طولكرم    امتداد لتاريخ من الحضور الوطني تحت القبة.. وجوه سياسية وفنية وإعلامية ضمن المعيّنين ب«الشيوخ»    محسن صالح: شخصية الخطيب ستتغير في الولاية المقبلة للأهلي    محافظ الغربية ووزير الاوقاف يشهدان احتفالية مولد السيد البدوي    أحمد حمدي يكتب: «إخوان 2025.. التحالفات العابرَة للأيديولوجيا» 8    أكمنة ثابتة ومتحركة| «التأمين العالي» سر اختيار شرم الشيخ لاستضافة «قمة السلام»    تجهيزات مسرح النافورة لفعاليات مهرجان «الموسيقى العربية» ال33    مهرجان الجونة السينمائي يعلن عن لجان تحكيم دورته الثامنة    عصام عطية يكتب: صناعة التاريخ    دوري المحترفين.. «وي» يواجه الترسانة في الجولة التاسعة    في العمرة.. سهر الصايغ تشارك جمهورها أحدث ظهور لها أمام الكعبة    ننشر أسماء مرشحي انتخابات النواب 2025 بالفيوم بعد غلق باب الترشح    عمرو محمود ياسين عن حالة زوجته: بنطمنكم لكن الطبيب منع الزيارة لحين استقرار الحالة    لماذا يجب الحصول على تطعيم الإنفلونزا الموسمية كل عام؟    كريم ذكري: شيكابالا اعتزل مجبرًا والزمالك لا يملك بديلًا لدوره    الأخبار السارة تأتي دائمًا من بعيد..    عمرو موسى: الضفة الغربية أمام خطر كبير.. ونتنياهو لا يفهم السلام    رسمياً.. حقيقة تعديل مواعيد الدراسة بعد بدء التوقيت الشتوي 2025 في مصر    وفاة شاب فى حادث تصادم دراجة بخارية بعربة كارو بحى المناخ فى بورسعيد    نجاة 3 أشخاص بعد سقوط سيارة في ترعة المريوطية بالهرم    السيطرة على حريق أتوبيس بالقناطر الخيرية بسبب ماس كهربائي    تحريات لكشف سرقة متعلقات مدربة خيول وجواز سفر خيل أحمد السقا بأبو النمرس    سد العجز في المعلمين 2025.. ضوابط العمل بنظام الحصة ومكافآت المستعان بهم    بعد استبعادها من القائمة الوطنية.. أمين مستقبل وطن بسوهاج تقدم استقالتها "مستند"    "بعد تكريمه من المحافظ".. عامل نظافة يحصل علي ماجيستير بالقانون ويترشح لانتخابات النواب في البحيرة (صور)    "الوطنية للانتخابات": ترشح 417 على المقاعد الفردية في اليوم الأخير لتقديم الأوراق بانتخابات مجلس النواب    أوسكار يجتمع مع حكام تقنية الفيديو بعد عودته من تشيلي    أحمد الجندي: هدفي ذهبية أولمبياد لوس أنجلوس.. وظروف طارئة منعتني من التواجد بقائمة أسامة أبوزيد في نادي الشمس    بعض المهام المتأخرة تراكمت عليك.. حظ برج الدلو اليوم 16 أكتوبر    أسعار التذاكر بعد حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    .. ورضي الله عن أعمال الصالحين الطيبين لاغير    مشكلة الميراث    شوقي غريب يرشح 6 لاعبين من منتخب الشباب ل حسام حسن    بعد تراجع الدولار.. هل تنخفض أسعار الدواء في مصر؟    بخطوات بسيطة.. حضري ألذ كيكة بصوص القهوة    نم جيدًا وتناول هذه الفيتامينات.. 6 طرق علمية لمقاومة نزلات البرد في الشتاء    إنقاذ حياة مريضة بمستشفى سوهاج العام بعد إصابتها بثلاث لدغات عقرب    خشية الفضيحة.. تقتل رضيعتها وتلقيها في صندوق قمامة والمحكمة تعاقبها بالمشدد    هل يجوز شراء شقة بنظام التمويل العقاري بقصد الاستثمار؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الألعاب الإلكترونية المدرة لأرباح مالية حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بمشاركة قبرص وتركيا
إسرائيل تنهب غاز مصر
نشر في الوفد يوم 21 - 09 - 2014

شهدت الفترة الماضية جدلاً واسعاً حول غموض الموقف المصرى والتهاون فى الحفاظ على آبار الغاز التى استولت عليها إسرائيل بمشاركة قبرصية، فيما وقفت الحكومة المصرية موقف المشاهد على المأساة.
فالاتفاق على ذلك يعنى نضوب حقول الغاز المصرية فيما يشبه التهديد للأمن القومى المصرى، حيث سيضع مصر تحت تصرف سوق الغاز الإسرائيلية لمدة 15 يوماً، ويسمح لإسرائيل بأن تكون شريكاً اقتصادياً ومحوراً للتمركز لأى مشروعات إقليمية يتم تنفيذها فى المنطقة، بما يستوجب دق ناقوس الخطر -حسبما يؤكد الخبراء فى مجال الطاقة- فى ظل التخوف من خلق صراعات جديدة أو اندلاع الحروب الإسرائيلية العربية، بعدما وصل الصراع الإسرائيلى على سرقة حقول الغاز أو استخراجه من المياه الإقليمية إلى أقصاه.
دخلت منطقة شرق البحر المتوسط بؤرة الاهتمام الإقليمى والعالمى فى مجال الطاقة بعد الاكتشافات اللافتة للنظر للغاز الطبيعى إلى حد حولت إسرائيل إلى دولة مصدرة للطاقة، كما يلوح الكيان الصهيونى بالتعاون مع قبرص وتركيا من دون موارية باستخدام سلاح الغاز ضد الشعوب العربية، وهو ما يرسم من جديد مناخ الحرب الباردة، بعد السيطرة على حيز مهم من سوق الطاقة، والمسعى الأمريكى لربط أمن الطاقة لدى الحلفاء بدبلوماسيتها ومظلتها الأمنية، وهما يمثلان نموذجين لأدوات الصراع بحالته الجديدة.
والجدير بالذكر أن الشركاء فى حقل تامار الإسرائيلى للغاز وشركة يونيون فينوسا جاس إس إيه الإسبانية والمعروفة ب (يو إف جي) قد وقعا مذكرة اتفاق تفاهم لتوريد الغاز الطبيعى المسال من تامار إلى مصانع الغاز التابعة ل«يو إفى جى» فى مصر، حسبما أكدت الإذاعة العامة الإسرائيلية منذ أيام قليلة.
تحاول «الوفد» كشف حقيقة القضية وأبعادها وسر الموقف المصرى منها، كما يكشف التحقيق عن تطلعات المصريين للرئيس عبدالفتاح السيسى بأخذ زمام المبادرة والحفاظ على حقوقنا المهدرة، وهو ما كشف عنه الرئيس مؤخراً بقوله «لا نصدر ولا نستورد الغاز من إسرائيل».
ففى البداية يقول الدكتور سلامة عبدالهادي، أستاذ نظم الطاقة بكلية الهندسة جامعة أسوان ووزير الطاقة والموارد الطبيعية بحكومة الوفد الموازية سابقاً، إن إسرائيل وتركيا وقبرص، تخلت على الأحقية المشتركة لسوريا ولبنان ومصر وفلسطين فى حقول الغاز المكتشفة حديثاً بشرق البحر المتوسط، وإنما يتمسك كل طرف بموقفه الذى يعززه بأن حدوده البحرية خط أحمر تندرج تحت طائلة السيادة الوطنية، لذا فعلينا كأصحاب حق تعترف به القوانين الدولية أن نلجأ إلى المحاكم الدولية لإثبات الحق العربى فى حقل تامار، بعدما استأثرت إسرائيل بمنتجات هذا الحقل وشجعها على ذلك سكوت زعماء الدول العربية عن هذا الأمر.
وأضاف: إذ ما سكتت الحكومات السابقة عن هذا الحق لتورطها فى علاقات مشبوهة مع الحكومة الإسرائيلية والتى أعلنت حزنها على نهايتها على يد ثورة 25 يناير، فعلى الحكومة الحالية أن تعلن تمسكها بحق الشعوب العربية فى تبعية هذا الحقل تاريخياً.
وتابع: كان لزاماً علينا وقف تصدير الغاز الطبيعى من الحقول المصرية إلى إسرائيل الذى كان يباع بهذا السعر المتدنى الذى قبله نظام المخلوع الفاسد إلى حسين سالم، بعد أن ثبت أنه ليس مصرياً طبقاً لما اتضح أثناء محاكمته فى إسبانيا بتهمة غسل الأموال، واعتبار أن تعاقد تلك الحكومة الفاسدة معه دون الرجوع لأصحاب الحق والمتمثلة فى مجالسها النيابية أى سلطتها التشريعية مخالف للقوانين المصرية، كما أنه يخالف كل الأعراف الدولية فى التصرف فى الثروات الطبيعية من البترول والغاز الطبيعي، لأى دولة والتى حددتها مواثيق الأمم المتحدة فى مجموعة من المبادئ يمكن الرجوع إليها، فهى تحرم على الحكومات إهدار الموارد الطبيعية المحدودة والقابلة للنضوب فيما لا يعود بالتنمية المستحقة والمستدامة أو المتواصلة لشعوبها دون موافقة مجلس الشعب، مع حق الشعب فى الحجر على تصرف هذه الحكومات، إذا كانت فاقدة لشرعية تصرفاتها حيال الموارد الطبيعية لشعوبها.
ويضيف «عبدالهادى» أن الشعب فى ثورة 25 يناير أسقط الشرعية عن تلك الحكومة التى مارست الفساد، ثم تلاه الإفساد فى كل شىء أثناء حكم الإخوان، وحيث إن ضخ الغاز لإسرائيل بالسعر المتدنى فى فترة حكم المخلوع بتوقيع العقد إلى أجنبى ومنه إلى أجانب يعد خيانة عظمى يحاسب عليها القانون لكل من شارك فى توقيع هذا العقد ويعطى الشعب الحق فى أن يوقف استمرار العمل بهذا العقد، خاصة فى ظروف مصر الحالية من نقص موارد الطاقة التى لا تكفى حاجة محطاتها الحرارية التقليدية، وعجزها عن استخدام الطاقة النووية كبديل لمصادر الطاقة التى قاربت على النضوب فى المستقبل القريب، بسبب ما تفرضه الدول من حظر على تقنيات بناء محطات نووية فى مصر بجهود علمائها وتصنيع دورة الوقود بإمكانياتنا الذاتية كما حدث الآن فى إيران، بل تحاول أن تفرض علينا أن نشترى محطة بأغلى الأسعار دون أن يحق لنا تشغيلها منعاً لحدوث تلوث بها لأن إدارتها لن تكون مصرية، فإنه يحق لنا تأمين مستقبل أبنائنا بالأسلوب الذى نراه مناسباً، ونستطيع أن نمارس حقنا الطبيعى فى عدم تمديد اتفاقية الغاز، إلا بالشروط التى نراها مناسبة لظروفنا الحالية وما يسمى التعويض بالفرص البديلة، والتى تحتم ألا يقل سعر الوحدة المسماة فى العقد من الغاز الطبيعى عن 8 دولارات للوحدة كما هو مأخوذ به فى العقود المماثلة التى تم توقيعها فى الفترة ذاتها ودون أى عمولات يحصل عليها أى عميل باع وطنه، ومستقبل شعبه من أجل رفاهية شخصية لا يستحقها، وأن تخفض الكمية المتعاقد عليها إلى النصف للوفاء بمتطلبات المحطات المصرية الحرارية، وأن تعرض هذه الاتفاقية على مجلس الشعب القادم قبل اتخاذ أى قرار يخص الوطن وشعبه، باعتبار أن وقف ضخ الغاز كان من متطلبات الثورة، لأن من حق الشعب تحديد بنوده والموافقة عليه أو رفضه.
فيما انتقد رئيس جبهة الضمير المصرية وكيل وزارة الخارجية الأسبق السفير إبراهيم يسري، استيراد مصر الغاز الطبيعى من إسرائيل لإنهاء أزمة انقطاع الكهرباء.
ويتساءل: لماذا ولمصلحة من؟.. تسعى الإدارة المصرية من جديد للتعاون مع الكيان الصهيونى أو اليونان، بعد تلك التعديات الجمة على حقول الغاز المصرية فى البحر المتوسط؟!
وأوضح: إن مصر بهذه الخطوة ستستورد الغاز الذى صدرته إلى إسرائيل سابقاً بأضعاف ثمنه، وهو يعد «قراراً معيباً» - ينتقص من السيادة الوطنية ومصالح مصر، لأننا نقوم بالتفريط فى حقوقنا للغير، بعدما نهبت إسرائيل حقول الغاز والمواد البترولية الواقعة على الحدود الإقليمية، متسائلاً أم أن مصر تقبلت ثقافة الهزيمة؟
وتابع: تقدمت بعدد 8 بلاغات للنائب العام عقب ثورة يناير 2011 وحتى عام 2013، وكان آخرها البلاغ الذى يطالب بالتحقيق فى سرقة حقول الغاز المصرية فى البحر المتوسط، من قبل إسرائيل واليونان، ومطالباً بإلغاء وتعديل اتفاقية تقسيم المنطقة البحرية عقب سرقة هذه الحقول، كما طالبنا أيضاً بالتحقيق فى تقاعس السلطات المصرية عن التدخل لعودة الثروات الطبيعية المنهوبة، وإهدارها لصالح العدو الصهيونى المحتل واليونان، واللذين استوليا على 3 حقول كبرى للغاز الطبيعي، وذلك دون مقابل أو تدخل من قبل الجانب المصري.
مضيفاً إلى أن الانتهاكات الصهيونية للثروات المصرية بدأت منذ عام 2003، حيث إن حقلى الغاز المتلاصقين (لفياثان) الذى اكتشفه الصهاينة فى 2010، و(أفروديت) الذى اكتشفته قبرص فى 2011، يذخران باحتياطيات قيمتها 200 بليون دولار، وهما يمتدان إلى المياه الإقليمية المصرية على بعد 190 كيلو متراً شمال دمياط و235 كيلو متراً من حيفا و180 كيلو متراً من سيناء، إضافة إلى حقل (تامار) الذى يقع قبالة سواحل حيفا فى البحر والذى اكتشف فى عام 2009، كما تم حفر ثلاث آبار فى مصر بعمق 2448 متراً وفجأة انقطعت أخبار حفريات الغاز فى شمال شرق البحر المتوسط وذلك فى مطلع عام 2004.
واستطرد: إنه بالعودة إلى الوراء قليلاً، نجد أن مصر كانت قد وقعت عام 2005 اتفاقاً مع إسرائيل لتصدير 1.7 متر مكعب من الغاز سنوياً، بحيث يتم بيع الغاز المصرى لتل أبيب بسعر أقل من 1.5 دولار للمليون وحدة حرارية، وكان أقل بكثير من السعر العالمي، وقد أثارت هذه الاتفاقية بين مصر وإسرائيل احتجاجات واسعة فى الشارع المصرى إبان حكم المخلوع حسنى مبارك، حيث يمتد خط أنابيب الغاز بطول مائة كيلو متر من العريش فى سيناء إلى نقطة على ساحل مدينة عسقلان جنوب السواحل الإسرائيلية على البحر المتوسط، وشركة غاز شرق المتوسط هى المسئولة عن تنفيذ الاتفاقية وقتها وكانت عبارة عن شراكة بين كل من حسين سالم الذى يمتلك أغلب أسهم الشركة ومجموعة ميرهاف الإسرائيلية وشركة (أمبال) الأمريكية الإسرائيلية وشركة (بى تى تي) التايلندية ورجل الأعمال الأمريكى سام زيل. مطالباً السلطات المصرية بسرعة التدخل لعودة الثروات الطبيعية المنهوبة، خاصة بعدما تركت مصر الفرصة سانحة لإسرائيل وقبرص تنهبان خيرات الوطن بسبب فساد وزارة البترول فى عهد نظام المخلوع «مبارك» وحتى عام 2012.
أما الدكتور سعيد اللاوندي، الخبير فى العلاقات السياسية والدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فيؤكد أن لكل دولة حدودها الإقليمية بموجب القانون الدولى المتعارف عليه، وهذه الحدود تفرض بسط سيادة الدولة عليها، وهى تمتد من اليابسة إلى خارج حدود مياه البحر الأبيض المتوسط، ورغم أننا حذرنا كثيراً من الممارسات الصهيونية التى تسعى دائماً للاستيلاء على ثرواتنا البترولية فى مياهنا العميقة بالبحر المتوسط، إلا أننا فى واقع الأمر كان هناك تخاذل بشع من الجانب المصرى تجاه استغلال ثروات مصر المنهوبة، وهو ما يستلزم رفع ملف الطاقة المنهوبة إلى الأمم المتحدة للحصول على الحقوق المصرية والفلسطينية أيضاً، حتى تدفع الدول التى أخلت بالاتفاق تعويضاً عن كل المكاسب التى تكسبتها ثمناً باهظاً عن سرقة الثروات الطبيعية وفقاً للقواعد القانونية.
فيما يؤكد الدكتور أبوالعلا النمر، أستاذ القانون الدولي، أن حقول الغاز والنفط المكتشفة فى البحر المتوسط ليست حقاً مكتسباً لإسرائيل أو قبرص، وإنما للمنطقة العربية وعلى رأسها مصر.
واستنكر الدكتور «النمر» هذا التصريح الذى يهدر حق مصر فى الحقول المكتشفة – على حد قوله، داعياً الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى اتخاذ «قرار وطني» حاسم يماثل قرار الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس، لاسيما أن خطوط الإمداد من الحقول المكتشفة إلى إسرائيل ستمر بأراض مصرية.
وأشار إلى أن مصر دولة منتجة ومصدرة للمواد البترولية، ولكن فى ظل ارتفاع درجة احتياجاتنا من الغاز والمواد البترولية، فلابد من إعادة النظر بموضوعية فى طبيعة عمليات الاستخراج وتحديد السعر المناسب لكل عملية، حيث تأتى أهمية الغاز الطبيعى المكتشف من كونه يحتل مكانة مهمة وحساسة بين إسرائيل واليونان وتركيا، مثلما تحتاجه مصر ولبنان وغيرهما، ولا ننسى القرب الجغرافى من أوروبا المتعطشة لموارد الطاقة.
مشدداً على أهمية إدخال بعض التعديلات فى الاتفاقيات المتعلقة بالبحث والتنقيب عن الغاز فى المياه العميقة لتشجيع الاستثمار فى هذه المناطق، حيث إن صعوبة البحث وارتفاع التكلفة والمخاطرة يؤديان إلى ارتفاع نفقات عمليات الاستكشاف، كما أن نموذج تقاسم الإنتاج المعتاد إبرامه مع الشركاء الأجانب طبقاً للاتفاقيات البترولية – «غير جيد» – ونحن لسنا قادرين على تلبية احتياجات البلاد من البترول والغاز بسبب جمود الفكر.
ومن جانبه، يشير الدكتور يحيى القزاز، أستاذ الجيولوجيا بجامعة حلوان، إلى أن هناك تقسيماً محدداً يوضح حدود المياه فى البحار لتبدأ من البحر الإقليمى والمنطقة المجاورة له والمنطقة الاقتصادية الخالصة.
وأوضح: أن مصر هى أول دولة على الساحل الشرقى للمتوسط بدأت بالاكتشافات البحرية وبلغ حجم إنتاج الغاز 65 مليار متر مكعب خلال عامى (2010 و2011)، والغاز المسيل بنحو 21 مليار متر مكعب فى العامين المذكورين سابقاً، وتختلف مصادر الغاز فى مصر: فهناك الغاز الحر من خليج السويس والصحراء الغربية من البحر المتوسط الذى يشكل 40% من إنتاج الغاز المصري، وإنما تمكنت إسرائيل من اكتشاف حقلين مهمين خلال السنوات الماضية فى المياه الإقليمية هما حقل (تامار للغاز) الذى يقع قبالة سواحل حيفا فى البحر والذى اكتشف فى عام 2009 وتقدر سعة احتياطيه بحوالى 3.5 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعى ويعتقد «القزاز» أن هذه الكمية تكفى إسرائيل لمدة 25 عاماً، وتتقاسم ملكيته لكل من شركة نوبل إنيرجى للطاقة الموجودة فى تكساس بنسبة 36%، ومجموعة ديليك الإسرائيلية بنسبة 31.25%، ويسرامكو بنسبة 28.75%، ودورجاز بنسبة 4%، إما حقل (لفياثان) الكبير المكتشف قبالة الساحل اللبنانى الفلسطينى الذى يحتوى على حوالى 3 مليارات براميل من النفط الخام أى حوالى 16 تريلون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، وتقدر القيمة الكلية لاحتياطات الغاز المكتشف بحوالى 400 مليار دولار، ناهيك عن اكتشاف حقل (مارين) الذى يقع على بعد حوالى 30 كيلو متراً من شاطئ مدينة غزة والتى تحتوى على حوالى 1 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، كما يحتوى حقل (تانن) على 34 بليون متر مكعب، بخلاف التراكيب الجيولوجية فى المياه الإقليمية الإسرائيلية واللبنانية التى تؤكد بإغنائهم بالنفط والغاز الطبيعي، وكل هذه الاكتشافات التى حصلت فى شرق المتوسط قد ترفع احتياطات الدول العبرية من الغاز الطبيعى إلى حوالى تريليون متر مكعب كحد أقصي.
منوهاً بأن إسرائيل نهبت حقول غاز مصرية، وهذا نوع من التفريط من قبل أنظمة الحكم السابقة فى مياهنا الإقليمية، وأيضاً يعتبر تفريط فى السيادة الوطنية على حدود الوطن بأكمله. مؤكداً أنه لم يكن يفعل الكيان الصهيونى هذا الفعل لولا رأى المناخ يسمح بذلك، وهذا يعد احتلالاً صهيونياً لجزء أصيل من الدولة المصرية بالاستيلاء على ثرواتها البترولية المكتشفة على أراضيها.. والتى لا نزال فى أشد الاحتياج إليها.
بينما يلقى الدكتور فرج عبد الفتاح، أستاذ الاقتصاد جامعة القاهرة والخبير بمعهد الدراسات الإفريقية، الضوء على حقيقة نتجاهلها فى سياق التحليلات التى نتناولها وهى تتصل بمفهوم الأمن القومي، فلا يجب أن يتم تناول ملف الطاقة بمنأى عن اعتبارات الأمن القومي، أى أمن الطاقة أو ما يسمى «وقود المستقبل» الذى يمثل ركيزة أساسية لمجالات الحياة المختلفة. محذراً من خطورة اتجاه مصر لحضن إسرائيل مرة ثانية، وبالتالى فالأمر هنا معقد بين دول المتوسط حول مناطق الغاز، فى ظل اكتشافات الغاز المتتالية للدول المطلة على السواحل الشرقية للبحر المتوسط التى ترسم صورة واضحة لحجم الثروات المهدرة، ومن هنا، فالتوقعات تشير إلى الحرب المقبلة فى المنطقة.
واستطرد: لابد من موافقة قطاع البترول والحكومة المصرية على استيراد الغاز من إسرائيل، خاصة أنه قرار سيادي، وأنه فى حالة الموافقة عليه سيكون التعاقد ثلاثياً بين شركة (إيجاس) المصرية للغاز الطبيعى والجانب الإسرائيلي، ثم بيع الغاز لمصنع الإسالة، خاصة مع وجود اتفاق بين الشركة الإسبانية ومصر للحصول على كميات من الغاز وتسييلها، ثم تصديرها خارج البلاد.
مضيفاً أن الغاز الطبيعى مصدر من مصادر الطاقة الناضبة الذى يخرج من باطن الأرض ومن أعماق البحار، ولا تزال منطقة الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط أهم مطامع القوى الكبرى ودول الجوار، فمنذ استعادة مصر حقولها البترولية بسيناء وتوقيع اتفاقية السلام وأحلام إسرائيل وأمنياتها لا تتوقف للحصول على جزء من الموارد البترولية داخل الحدود الإقليمية.
أما الدكتور حسن أبو سعدة، الخبير الاقتصادى ورئيس حكومة الوفد الموازية سابقاً، فقال: فى ضوء ما نقلته وزارة البترول المصرية بشأن خطاب النوايا الذى تم توقيعه بين شركتى «نوبل إنرجى الأمريكية» و«يونيون فينوسا الإسبانية» لاستيراد الغاز من الحقول الإسرائيلية لمشروعها فى دمياط لإسالة وتصدير الغاز فهو «يصعب تفعيله»، إلا بموافقة السلطات المصرية المختصة وبما يحقق المصلحة القومية لمصر وحل جميع قضايا التحكيم التجارية المعلقة.
ويضيف: إن الحكومة المصرية لديها حق فى حقول الغاز الموجودة فى النقطة الاقتصادية رقم 18 والتى تسيطر عليها قبرص وإسرائيل، حيث إنها تمتلئ بمخزون من الغاز الطبيعى من شأنه سد احتياجات مصر لسنوات طويلة ويصل مخزونه إلى 200 تريليون متر مكعب غاز، موضحاً أن إسرائيل تهيمن حتى الآن على تلك المناطق الواقعة فى آخر حدود مصر فى المياه الإقليمية، على الرغم أننا فى أمس الحاجة للغاز الطبيعى لتعويض العجز الموجود فى تزويد المصانع ومشروعات البنية التحتية. مقترحاً استيراد الغاز من الدول العربية كالجزائر وليبيا، لافتاً إلى أن أسعار الغاز فى الدول العربية أرخص بكثير من الدول الأجنبية، ومن ثم هذه الاتفاقيات والسياسات القديمة تحتاج لإعادة نظر مرة أخري، بالإضافة إلى ضرورة عودة شركات التنقيب للعمل بمصر، لكى نتخلص من عملية استيراد الغاز من الكيان الصهيوني.
ويفسر عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية وأستاذ العلوم الاستراتيجية بأكاديمية ناصر، اللواء أحمد عبد الحليم، أن استخدام الغاز آلية لربط الدولتين مصر وإسرائيل ببعض.. بالقول: «عندما تكون المصالح مشتركة حتى بين عدوين ويوافقان على كيفية تبادل المصالح، فإن كليهما يستفيد، وهذا أمر مقبول -فى عالم السياسة- ولكن تظل الشكوك تجاه الجانب الصهيونى باقية لدى المصريين، خاصة أن الشركات الإسرائيلية تعتزم تصدير الغاز من حقلى (تامار) و(لوثيان) إلى محطات تسييل فى ميناء دمياط المصرى ومدينة إدكو بمحافظة البحيرة، التى يمكن أن تستخدم نقطة انطلاق نحو التصدير إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية.
وأضاف أنه «لن تتم الموافقة على ذلك، إلا إذا كانت هذه الصفقة تحقق قيمة مضافة مرتفعة للاقتصاد المصري، ونحن نثق جيداً فى قرارات الإدارة المصرية الحالية. مشيراً إلى أن المذكرة المرسلة لمصر تنص على عقد مدته 15 عاماً ومبيعات إجمالية تصل إلى 2.5 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعى يومياً خلال الفترة المذكورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.