في الوقت الذي تشهد البلاد موجة طقس حار كسرت حاجز الأربعين درجة مئوية مطلع الأسبوع الجاري، وبينما لقي نحو 80 مواطناً مصرعهم متأثرين بارتفاع الحرارة، فإن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد بل إن خبراء علم النفس يؤكدون أن الطقس ذا الحرارة المرتفعة والرطوبة الزائدة، يؤثر سلباً علي الحالة النفسية والمزاجية للإنسان، في السياق نصائح مهمة لضبط النفس وتجنب انفجار عناقيد الغضب. تقول استشاري الصحة النفسية وتطوير الذات رنا العايدي: ترتبط الحالة المزاجية إلي حد كبير بالتغييرات المناخية المرتبطة بفصول السنة، وثبت علمياً أن الجو الحار الرطب يرتبط ارتباطاً مباشراً باضطراب الحالة العقلية، فالشخص العادي يصبح أكثر قابلية للتوتر وتسهل استثارته إذا كان الجو من حوله حاراً ورطباً. لذلك يُلاحَظ أن الكثير من المشاكل تظهر في الوقت الذي تزيد فيه درجة الحرارة وارتفاع الرطوبة، حيث يصعب علي الأشخاص السيطرة علي انفعالاتهم وينفد صبرهم سريعاً، ومن الملاحظ أيضاً أن الرطوبة الزائدة تدفع إلي الشعور بالخمول والكسل وتحد من النشاط، وهذا ما نجده في البلدان الحارة، علي النقيض من دول العالم الأخري التي تنخفض فيها درجات الحرارة ما يجعلها تتسم بالنشاط والحركة وزيادة معدلات الإنتاج، وعلي الرغم من هذا لا يجب أن نتخذ من الطقس السيئ سبباً لتبرير الكسل. تتابع: من المعروف من الناحية الطبية أن المرضي الذين يعانون من الحمي وارتفاع درجة الحرارة، تظهر لديهم أعراض عقلية في صورة تخاريف وهلاوس وتتحسن بمجرد العودة إلي الوضع الطبيعي، ومن اللافت أن أعداد المرضي العقليين المترددين علي العيادات والمصحات النفسية تزيد أرقامها خلال الشهور التي ترتفع فيها درجة الحرارة ونسبة الرطوبة. ورغم أن الصيف هو موسم الإجازات من العمل والدراسة، إلا أنه يتميز بحالة من الفوضي تسود خلال الإجازة كما تتضاعف متطلبات الأسرة وعدم الالتزام بالمواعيد، فيسهر الكثيرون طوال الليل وينامون نهاراً والآباء أيضاً يعانون مشكلات فراغ الأبناء، وكلها عوامل تؤدي إلي حدوث اضطراب في أجواء الأسرة. تواصل: للصيف إيجابيات أهمها أنه يمثل فترة الإجازة السنوية وهي فترة للترويح عن النفس والانطلاق والاستمتاع وتجديد النشاط، ومن إيجابيات الصيف أيضاً أن التعرض لضوء الشمس يفيد في تنظيم وتحسين الصحة الجسدية والنفسية ونوعية الحياة، حيث يشعرك النهار بالسعي والعمل، خاصة أن الشمس تشرق في وقت مبكر، لذا يكون بين يديك يوم ونهار طويل لإنجاز مهام كثيرة. وبحسب دراسات أعدها علماء متخصصون فإن معدل استهلاك السعرات يكون أقل لأن زيادة درجة حرارة الجسم تضعف الشهية للأطعمة الدهنية والسكريات، علي عكس فصل الشتاء، حيث يزيد الإقبال علي تناولها طلباً للشعور بالدفء، وبالتالي هو وقت مناسب لمتابعة حمية غذائية. المفاجأة التي تلفت إليها رنا هي أن الخلافات الزوجية تزيد خلال فصل الصيف بنسبة 65 % عنها في فصل الشتاء، وهو ما كشفت عنه دراسة أجريت في هذا الإطار، شملت عينة قوامها 1700 أسرة، وُجد أن سبب الطلاق فيها هو الحالة المزاجية السيئة التي تسببها الحرارة الزائدة. تضيف: الطقش شديد الحرارة يؤدي إلي اضطراب المزاج والشعور بالعنف وصعوبة التحمل وقلة الصبر والتركيز، ما يؤدي إلي الاندفاعية والعصبية الزائدة، ثم العنف لأي مثير حتي لو كان بسيطاً. دراسات علمية أخري بينت أن نسبة المشاحنات والعنف بين السجناء تكون أقل عند وضعهم في طقس معتدل منه عند وضعهم في طقس حار، وكذلك الحال بالنسبة لتلاميذ المدارس، حيث يظهر العنف الشديد تجاه بعضهم البعض أو تجاه المعلمين بشكل كبير، بالإضافة إلي تدني معدلات التركيز والاستيعاب وضعف التحصيل الدراسي، مقارنة بباقي فصول السنة. ومن المجالات الأخري التي يمكن أن تؤثر عليها درجة الحرارة بشدة، قيادة السيارات، وما ينتج عنها من حوادث وتتمثل في الخمس نواحي التالية: 1 - إعاقة مرونة العضلات، سواء عند التعرض لدرجات الحرارة العالية أو المنخفضة، حيث تقلل من إحكام قبضة اليد علي مقود السيارة، وبالتالي يضعف التحكم فيه أو الفرملة. 2 - قلة التمييز الحسي بسبب ارتفاع درجة الحرارة وقلة التنقس وتباعد ذرات الأكسجين، وبالتالي عدم الإدراك الكامل من قبل قائد السيارة للطريق. 3 - قلة حذر قائد السيارة ويقظته لأنه يريد أن ينهي مشواره ويصل إلي المكان المراد الوصول إليه سريعاً، ما يؤدي إلي سوء تقدير الأخطاء المحتملة أو إدراك علامات المرور. 4 - تعريض قائد السيارة للانفعال والسلوك العدواني، قد يسبب الاختلال في درجات الحرارة وخاصة المرتفعة اضطراباً أو تهيجاً لقائد السيارة، ما يجعله يسلك سلوكاً عدوانياً به مغامرة كبيرة كمحاولة التجاوز واختصار الطرق بتهور.