علاقة وثيقة بين أجواء الربيع والحالة النفسية للإنسان, وقد شغلت العلاقة بين الحالة النفسية والتغييرات الجوية الأذهان منذ زمن طويل, حين لاحظ الانسان ارتباط حالة الطقس في فصول السنة مع حالة المزاج كما يظهر ذلك في تراث الأدب والشعر والفنون, فنسمات الربيع تنفس النفس وتبعث العواطف الانسانية الرقيقة, بينما حرارة الصيف وبرد الشتاء حالات ترتبط بالانفعالات النفسية الحادة, والخريف مرتبط في الأذهان بالذبول والهدوء والسكون, وجاء العلم الحديث ليؤكد وجود علاقة بين حالة النفس من حيث الاتزان الانفعالي, والمزاج في اعتداله واضطرابه وسلوك الإنسان, وبين التغييرات الجوية من خلال تأثيرات كهربائية ومغناطيسية كونية يتفاعل معها عقل الانسان والجهاز العصبي, وتكون المحصلة النهائية تغييرات بيولوجية في جسم الانسان مع حرارة الصيف وبرد الشتاء وكذلك تغييرات نفسية في عقله تبدو في صورة اعتدال أو اضطراب في المزاج وتوتر أو استرخاء في الانفعال والسلوك.. وشرح هذه المعادلة النفسية الدكتور لطفي الشربيني استشاري الطب النفسي. ثبت علميا أن الجو الحار الرطب يرتبط ارتباطا مباشرا باضطراب الحالة العقلية, فالشخص العادي يصبح أكثر قابلية للتوتر وتسهل استثارته إذا كان موجودا في طقس حار مشبع بالرطوبة, وكثير من الناس يفقدون السيطرة علي انفعالاتهم وينفد صبرهم في هذا الطقس الذي يتميز به الصيف في بلادنا, كما أن الجو الحار ونسبة الرطوبة الزائدة تدفع غالبا إلي الكسل وتحد من النشاط. ومن المعلومات الطبية المعروفة أن حرارة جسم الانسان الطبيعية ثابتة نحو37 درجة مئوية, وفي الجهاز العصبي للإنسان وغيره من الحيوانات مراكز تقوم بضبط حرارة الجسم في مستوي ثابت بتحقيق اتزان بين إنتاج الحرارة من عملية احتراق المواد الغذائية التي تتناولها وبين فقد الحرارة من سطح الجسم. ومن المعروف أن المرضي الذين يعانون من الحمي وارتفاع درجة الحرارة تبدأ لديهم أعراض عقلية في صورة تخاريف وهلاوس, وتتحسن حالتهم وتعود قواهم العقلية للوضع الطبيعي بمجرد انخفاض درجة الحرارة, وفي المقابل فإن العلاج عن طريق رفع درجة الحرارة أو العلاج بالحمي لمن يعانون من بعض الأمراض العقلية المستعصية حتي يصاب المريض بحمي متقطعة ثم يعالجهم بعقار الكينين فتتحسن حالتهم, كما أن العلاج يخفض درجة الحرارة أو التبريد قد استخدم في بعض الحالات العضوية والعقلية علي حد سواء.