هل هلال رمضان وأعلن عن دخولنا شهر الصيام وعلق الجميع الفوانيس الرمضانية المميزة وتمتد السفرة الخاصة بالسحور والإفطار التي تعج بالأطباق العربية الخالصة التي تتنافس سيدات الأحياء علي إعدادها بمهارة.. إنه رمضان في البيوت والخيام الرمضانية.. التي تؤنس أهل الحي حتي خيوط الفجر الأولي إنه مشهد رمضان المعتاد.. أما مايحدث أمام مسجد السيدة نفيسة وفي الشوارع المحيطة - فهو عالم آخر حيث آلاف البشر يفترشون الأرصفة بعد أن اتخدوا من الشوارع مأوي لهم ونشاهد كما هائلا من البشر ينامون علي الأرصفة دون أن يزعجهم شيء وهذا الكم من البشر جاء زاحفا من كل محافظات مصر ليشهدوا أجمل الأيام الرمضانية التي تستمر فعالياتها طوال شهر رمضان. فقد احتشد أكثر من 50 ألف مصل لأداء صلاة المغرب منذ اليوم الأول وهم يتبركون بضريح السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه وقد جاء احتشادهم لأداء صلاة التراويح حيث الخشوع في الدعاء الذي اعتاد المسجد علي التهيئة له بحضور شيوخ كثير منهم الشيخ محمد جبريل ورمضان عبدالمعز، وقد أدي احتشاد المصلين إلي غلق الشوارع المحيطة بالمسجد.. وعقب انتهاء صلاة التراويح ألقي الشيخ عبد الحفيظ غزالي إمام مسجد الفتح برمسيس خطبة التراويح حيث طالب المصلين بالتسامح والعفو عن الآخرين كي يحصلوا علي العفو من الله مؤكدا أن التسامح يقضي علي الفساد، وقد استمر الدعاء لأكثر من ساعة - وعقب الصلاة تحولت ساحة المسجد لعرض ألعاب أطفال بمناسبة قرب حلول عيدالفطر المبارك ومستلزمات المدارس. وهناك في منطقة درب السباع سابقا السيدة نفيسة حاليا يمر المحبون والمجاذيب والمدعون والأولياء والشحاذون والنبلاء والعصاة والصالحون والزهاد والمنافقون والعارفون بالحقيقة والعارفون بالوهم علي الطريق المسمي بطريق «آل البيت» ليحيوا ليالي نفيسة العلوم تلك التي لاتطرد أحدا وتستقبل الجميع فمصر المحروسة ستظل كذلك لأن آل البيت هنا يكفلون لها خط الحماية الأخير من الموت، كما يعتقد محبو آل البيت. هنا لايوجد ثورجية أو فلول أو إسلاميون أو عسكر. لاخير مطلقا أو شر مطلقا.. هنا عالم آخر لا وجود لأطراف متصارعة علي مستقبل مجهول.. هنا طرفان فقط في المعادلة لايعرفان سوي الأخذ والعطاء مقام ومحبون للسيدة نفيسة، ومريدون خادمون لله يوزعون الطعام وجوعي واهبو فرح الاحتفال الرمضاني ومستقبلوه. ومن العتبة يتحرك عم شبل وهو عمره 50 عاما يحمل في عقله جدولا لليالي الرمضانية التي يذهب إليها في مختلف الأضرحة.. وعند المقام يحاول شبل البكاء فلا يستطيع فيقرأ الفاتحة - ويجلس في سلام حتي يأتي أحد الزبائن، ويتركه قليلا ثم يطلب سيجارة منه - ويقيس شبل مدي استجابته عن طريق إشارات يحفظها ويعرف من خلالها أن طلبه القادم لن يرفض خاصة بعد أن يكون شبل قد قام بشرب الشاي من الباعة المتواجدين هناك وبعدها يقول له ممكن تحاسبلي ع الشاي. وتحت لافته محمد عبد العظيم المرشح لعضوية مجلس الشعب التي تهنئ أهالي السيدة نفيسة - يغني جمال أبو الحسن أو الزعيم القادم من دار السلام مع فرقته بناء علي طلب أصدقاء له من أبناء المنطقة للمشاركة في أحياء الليالي الرمضانية.. كما أن هناك دي جي الزعيم وصديقه برشامة لم يتعود علي الغناء في احتفالية رمضانية - تلك هي المرة الأولي - ولم يتلق عنها أجرا علي عكس حفلاته في الأفراح. أمام الدي جي مباشرة يوجد كشك لبيع الأغاني الصوفية - صوت الدي جي العالي جذب رواد المكان الشباب والعائلات بينما لم يجد صوت ياسين التهامي بالكشك الصدي المطلوب وهو يروي قصة سيدنا إسماعيل وستنا هاجر أو تجمعا يليق بمكانة صوت الشيخ. وهناك في السيدة نفيسة لايوجد تعارض عند مستمعي الإنشاد الديني فهم أيضا جمهور الأغنية الشعبية لذا لا يجدون غرابة في أغاني الزعيم محمد عبدالعظيم وصديقه برشامة بدليل أنهم من طلبوهما للغناء. والطريف أن الزعيم ظل يغني ساعتين علي الدي. جي أغاني ياسين التهامي والدشناوي. وأثناء غنائه مر «عسكري» وشاور بإصبعين علي كتفه علامة أن هناك رتبة كبيرة ستمر وعليها غني الزعيم (ممنوع دخول .. أي مسطول) وعندما مر لواء الشرطة لم يجد الزعيم طريقة لتحيته سوي أن يغني بدون موسيقي «الجيش والشعب.. إيد واحدة». وعندما أذن الفجر.. أوقف الزعيم الغناء واستمر صارخا (الصلاة.. الصلاة). وعندما انتهت عاد الزعيم للغناء منها الناس لعودته بعبارة: «اللي يحب رسول الله يرفع إيده.. معايا ع السقفة». ولاشك أن الطقوس الدينية في شهر رمضان تجعل التنورة أكثر وجودا فالإنشاد المصاحب لعروض التنورة يدعو للتسامح والحب والتقرب إلي الله والأنبياء كما بدأت عروض التنورة تأخذ تشكيلات شعبية مصرية ويمزج فن التنورة بين العلم والفلسفة الدينية.. والمثير أن عروض التنورة أبهرت الزوار وخصوصا السائح الأجنبي وأصبحت تمثل عامل جذب فتزدحم بهم منطقة السيدة نفيسة طوال شهر رمضان.. ويذكر أنه حفاظا علي هذا الفن من الاندثار ثم إنشاء مدرسة لتعليم الأطفال التنورة الذي هو جزء من الفولكلور الشعبي والذي سيظل نابضا للحياة. ومن جانبها قالت الحاجة أميرة جلال إحدي الزائرت والتي تسكن بالقرب من مسجد السيدة نفيسة.. إن المسجد طوال تاريخه أدي الكثير من الوظائف منها إقامة الشعائر الدينية، وإقامة حلقات التدريس في أروقته حيث كانت تدرس العلوم المختلفة - وكذلك كان يحتوي علي بيت مال المسلمين ويشهد إجراء فض المنازعات وغيرها من الأمور.